خميس العهد هو فرحة وسط الأحزان


حينما يحل خميس العهد نحتفل بعيد سيدي وسط آلام أسبوع البصخة. يبدأ اليوم بصلاة باكر التي يمتزج فيها الحزن مع الفرح، وتنطلق الكنيسة في موكب مضاد لتنشد في مرارة الحزن الشديد لحن يهوذا الخائن”، ثم تقيم الكنيسة قداس اللقان غسل الأرجل”، يليه قداس الإفخارستيا لنتمتع بجسد الرب ودمه. تعود الكنيسة إلى طقس الحزن لترافق مسيحها في البستان ثم في محاكماته.
إنه طقس عجيب يكشف عن عمل الله الذي يحمل أحزاننا، ليقيم من أحزانه وليمة إلهية تشتهي الملائكة أن تطلع عليها.

– إن كان خميس العهد هو عيد سيدي كبير، فالعيد بكل بهجته لا ينسينا خيانة يهوذا، ليس سخرية بيهوذا، ولكن تحذيرًا لأنفسنا. فرحنا بعمل الله الخلاصي يجب أن يرتبط بالحذر من ضعفناء لئلا نسقط ليمتزج فرحنا بنعمة الله الفائقة ورجاؤنا في الميراث الأبدي بمراجعة النفس واكتشاف أعماقها بعمل الله الناري حتى لا ننحرف! إننا لن نيأس قط، لكن ليس في استهانة أو تراخ.

– خيانة يهوذا تمثل ما حل بطبيعتنا من جحود عوض الشكر لله الذي خلقنا وأوجد العالم كله لأجلنا، وأعطانا سلطانا على الأرض وما تحت الأرض من موارد، وعلى البحار وما في أعماقها وجلد السماء، حتى الفضاء فصار الإنسان ينتقل بين الكواكب الخ، كثيراً ما نجحد نعمته علينا ونتذمر عليه ولا نقبل إرادته.

– إن كنت تشكو من الجحود أو الجفاف الروحي أو الفتور فأنت تحتاج إلى يدي المخلص نفسه الذي يشتاق أن يتزر كعبد لأجلك كي تمد قدميك اللتين اتسختا فيغسلهما بنفسه.
* ماذا يفعل المخلص بهاتين القدمين المتسختين؟
– إذ يتلامس معهما يحولهما إلى قدميه ناسباً كل أعضاء جسدك إليه (1 كو ١٥:٦).
– إذ يغسلهما بيديه ينتقلا من الطريق الترابي إلى الطريق الملوكي ليرتفع المؤمن كما إلى السماء.
– إنه يهتم بنفسه بقدميك، يفك أربطتهما الترابية ليهبهما أجنحة الروح فتطير بشوق نحو الأبديات
– إذ يعلن اهتمامه بقدميك يخرجهما من الفخ المنصوب لهما ، فتقول: “الفخ انكسر ونحن انفلتنا” مز (٧:١٢٤)

– بالغسل ينقلنا ربنا من الطبيعة الجاحدة (يهوذا) لنتقبل الطبيعة الشاكرة بشركتنا في سر الشكر.

ولكن لم يبال يهوذا بإنحناء السيد أمامه ليغسل قدميه ولم ينشغل بالتمتع بالجسد والدم المبذولين معه. إنما أسرع نحو القيادات الشريرة ليحقق معهم خطتهم لقتل المسيا وتدمير كل أعماله. أما السيد المسيح فلا يكف عن تكريس كل الطاقات لجذب النفوس إلى موكب النصرة المبهج.

يا للخيانة، لأن ما فعله يهوذا الاسخريوطي في مثل هذا اليوم متشاوراً مع القيادات اليهودية لتسليم سيده يكاد يغطي على كل الأحداث، لكنه لا يشوه صور العينات المخلصة والأمينة لعريسها السماوي، إن كانت الخيانة تشبه الأوراق، فالحب يشبه الثمر، وغالباً ما يختفي الثمر وراء الأوراق، والحنطة بين القش!

من خلال قراءات هذا اليوم نلخص سر الخيانة في الآتي
– طلب مجد العالم وغناه؛ كما فعلت القيادات اليهودية بعدما التفت الجموع حول السيد المسيح إذ حسبوا أن لا موضع لهم بعد، إذ يفقدون مراكزهم وإمكانياتهم. لذا اتهموه بالخيانة الوطنية (يو ٤٦:١١) وأنه يقيم نفسه ملكا ضد قيصر، حينما يخون الإنسان الله يتهم الآخرين بالخيانة.

– الخداع:
ركزت أغلب القراءات على خيانة يهوذا الذي قدم كلاماً ألين من الزيت، وكان قلبه في داخله سيفاً قاتلاً مز (٢١:٥٥) ليس أشر من الخداع، فليس من إتحاد مع العريس الحق بروح الخداع الباطل.

– ضغط الغير:
التقت القيادات اليهودية المتضاربة والمتنافرة معاً ضد المسيح بقلب شرير واحدٍ وتعاهدوا معاً مز (٥:٨٣) حتى الجماهير اتفقت معهم على صلبه. يجد من يريد أن يكون مخلصاً له في حبه، يجد نفسه معزولاً ليس من أحد يسنده، فيتشكك، قائلاً في نفسه: هل يُعقل أن يكون الكل مخطئاً وأنا بمفردي على حق ؟! الذين يرفضون الاتحاد مع الله بالحب يتحدون معا في تحقيق البغضة، والذين يخونون العهد مع السماوي يتعاهدون معاً على الشر.
*المخلص وموكب الخيانة:
تضافرت قوى الشر معاً ضد المخلص، لكن المخلص لا يقابل الخيانة بالبغضة، بل يشتهي خلاص الكل. إنه دائم العمل ليسحب كل عضو من موكب الخيانة والظلمة إلى موكب النور.

تاريخ الخبر: 2023-04-13 12:22:50
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية