القهوة: الحبة التي يمكن أن تغير مذاق المشروب الأول في العالم

  • لورا هايتون جين
  • مراسلة بي بي سي لشؤون المال والأعمال

صدر الصورة، Martin Kinyua

التعليق على الصورة،

مارتن كينيوا يزرع البن في مقاطعة كيرينياغا ، كينيا

على المنحدرات الخصبة لجبل كيني يضم بركاناً خامداً، قرر مزارع البنّ مارتن كينيوا، عدم زراعة شتلات شجيرات بن جديدة.

ويقول إن الشتلات ببساطة ستموت من شدة الحرارة.

ويوضح قائلاً: "بات موسم الجفاف لدينا طويلاً، لقد اعتدنا على موسمين ماطرين، أحدهما قصير والآخر طويل، لكنفي الوقت الحالي، لا يمكنك تخمين موعد هطول الأمطار".

ويضيف كينيوا، وهو عضو في تعاونية موتيرا للمزارعين في مقاطعة كيرينياغا في كينيا، أن درجات الحرارة المرتفعة تخلق المزيد من الآفات والحشرات الضارة بالمحاصيل، مما يرفع من تكلفة وقاية الموسم.

وعندما سُئل عما إذا كان قد شعر في أي وقت مضى بأنه يواجه خطر عدم جني ما يكفي من المال، أجاب بشكل لا لبس فيه: "نعم، لقد شعرت بذلك مرات عديدة".

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • ما الذي يجعل مطار شانغي السنغافوري الأفضل على مستوى العالم؟
  • هل العالم على شفا حرب باردة ثانية؟ - الإندبندنت
  • وسائل التواصل الاجتماعي: هل يمكن أن تكون الدردشات عبر الإنترنت مفيدة للمراهقين؟
  • كيف يمكن تجنب هدر الطعام خلال شهر رمضان؟

قصص مقترحة نهاية

ما يحدث في مزرعة مارتن هو مثال على الخطر المحدق بإنتاج البن.

صنف أرابيكا هو نوع البن الذي يزرعه مارتن، وهو الأكثر تداولاً عالمياً ويمثل نحو 70 في المئة من القهوة المستهلكة في العالم، لكنه شديد الحساسية للتغيرات في كل من درجة الحرارة والرطوبة.

على مدى العامين الماضيين، فشل الإنتاج العالمي في تلبية الطلب.

تعلق صناعة القهوة حالياً الآمال على صنف آخر من البن لسد الفجوة في الإنتاج وهو صنف ليبيريكا.

موطنه غرب ووسط إفريقيا، تتركز زراعة هذا الصنف على المستوى التجاري حالياً في الفلبين، ويمثل حالياً 2 في المئة فقط من إنتاج البن عالمياً.

حبته أكثر صلابة وأصعب من ناحية التحضير ويعتقد أن مذاقه غير مستحب كما يجب.

وتجدد الإهتمام بصنف ليبيريكا في الوقت الحالي بسبب مقاومته للتغير المناخي.

نصيحة لمن تخطى الخمسين، ابتعد "عن القهوة بعد وجبة الغداء" حتى تنام جيدا

دراسة: تناول 3 أكواب من القهوة يومياً "تغنيك عن زيارة الطبيب"

ما مخاطر إعداد القهوة العربية؟

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

في بيت بلاستيكي حار ورطب، يقوم الدكتور آرون ديفيس، بإبعاد أغصان شجيرة نحيلة ليكشف عن مجموعة من الحبوب الحمراء الداكنة.

هذا البيت البلاستيكي هو بالم هاوس في الحدائق النباتية الملكية، في كيو بلندن وتشبه الظروف فيه المناخ الاستوائي.

الحبوب الحمراء تحوي حبات البن التي تُحضر وتحمص لصنع المشروب الذي يحبه العالم بأجمعه.

اكتسب عمل ديفيس المزيد من الأهمية وبات أكثر إلحاحاً خلال السنوات الأخيرة.

تشير نتائج دراسة صدرت مؤخراً إلى أنه إذا ارتفعت درجات حرارة كوكبنا بمقدار درجتين مئويتين، فإن البلدان التي تنتج ربع كمية بن أرابيكا في العالم، ستعاني من تراجع انتاجها من البن. أما إذا ارتفعت الحرارة أكثر من 2.5 درجة مئوية سيبلغ العجز في المعروض العالمي من القهوة نحو 75 في المئة.

يقول ديفيس: "نحن بحاجة إلى أصناف إضافية من حبوب البن التي باستطاعتها النمو في ظل ظروف جديدة، وما نراه هو أن صنف ليبيريكا أكثر مقاومة للمناخ من أرابيكا".

ويوضح أنه إذا لم يتكيف سوق البن مع المتغيرات الجديدة: "سنحصل على كمية أقل من البن وبأسعار مرتفعة، لكن الضربة الحقيقية والخطر الأكبر سيكون من نصيب المزارعين".

التعليق على الصورة،

يدير كريس جوزيف كافيتيريا في لندن تقدم قهوة باراكو

قد تكون نتيجة كل هذا أن مذاق ما سنحتسيه في فناجين القهوة مستقبلاً سيكون مختلفاً .

رومولو ، مقهى فلبيني في غرب لندن، يقدم قهوة باراكو المصنوعة من مزيج من صنفي ليبيريا وأرابيكا. إنها مشروب تقليدي في الفليبين.

يقول مالك المقهى كريس جوزيف: "عندما نشأت في الفلبين، كان احتساء النسكافيه يرمز للمكانة الاجتماعية العالية وكنا نحن نحتسي قهوة باراكو".

نثر جوزيف أمامه مزيجاً من حبوب أرابيكا وليبريكا على طبق. يبلغ حجم حبة ليبيريكا ضعف أرابيكا تقريباً، وطولها حوالي سنتيمتر واحد وهي أكثر تجانساً من الناحية الجمالية من أرابيكا.

لكن ماذا عن المذاق؟

يقول جوزيف: "بالنسبة لي ليبيريكا رائعة. وربما أقرب إلى مذاق الجوز أيضاً".

كان بن ليبيريكا في الماضي يعتبر محصولاً أقل جودة من أرابيكا. يصعب حصاد وإعداد حبوبه الكبيرة بسبب قشرته السميكة، كما يُنظر إلى مذاقه على نطاق واسع على أنه أكثر مرارة.

ومثل بن روبوستا، ثاني أكثر أصناف البن تداولاً في العالم، يعتبر صنفاً ثانوياً أكثر من كونه أساسياً.

لكن الباحثين يركزون على صنف فرعي من ليبيريكا له حبة أصغر ويسمى "إكسيلسا" ويعتقدون أن له نكهة أفضل.

بكل الأحوال قد لا يكون انتشار بن ليبيريكا له علاقة بشعبيته بل ضرورة لا بد منها.

تجار البن والسماسرة الذين يربطون المزارع بتجار التجزئة، يتعرضون لضغوط هائلة لتلبية الطلب المتزايد.

فولكافيه، واحدة من أكبر الشركات التجارية في العالم، حيث تتعامل مع ما يقرب من 600 مليون كيلوغرام من البن سنوياً.

تقول حنا رزقي، رئيسة الأبحاث العالمية في الشركة: "لقد شهدنا زيادة في الاستهلاك العالمي للقهوة بشكل عام في العقد الماضي بمعدل 2 في المئة سنوياً".

تجارة عالمية

تتوقع شركة فولكافيه أن العام المقبل سيكون هو "الثالث على التوالي الذي يعجر فيه الإنتاج عن سد الطلب".

توضح رزقي: "كان العرض أقل من الطلب، وعندما يحدث ذلك، يتراجع المخزون العالمي. نتوقع أن يستمر تراجع المخزونات".

وفيما يتعلق باحتمال سد ليبيريكا العجز في المعروض، تعتقد رزقي أن هناك "إمكانات هائلة" لهذا الصنف.

"إنها مهمة يجب أن تتولاها الحكومات وتروج لأصناف مختلفة، وعلى المزارعين معرفة الأصناف التي يزرعونها".

عادة، يحتاج نبات البن إلى أربع سنوات حتى يبلغ مرحلة الإثمار، وهذا يتطلب الكثير من الوقت والمال من المزارعين الجدد المقبلين على زراعة هذا النوع، إضافة إىل مخاطر عدم إثمار شجرات هذا الصنف.

لكن منظمة البن الدولية، وهي الهيئة الحكومية الدولية الرئيسية للبن، تتبنى زارعة ليبيريكا بالفعل في إطار جهودها لتعزيز صناعة البن.

تقول المديرة التنفيذية في المنظمة فانوسيا نوغيرا، التي نشأت في مزرعة بن صغيرة في البرازيل، إن نكهة القهوة ستتغير على الأرجح مع إضافة بن ليبيريكا حتى تتمكن الصناعة من تلبية الطلب.

التعليق على الصورة،

يحتوي هذا الطبق على مزيج من حبوب أرابيكا وحبوب ليبيريكا التي تتميز بكبر حجمها وطولها

هم نوغيرا الأساسي هو ضمان سبل معيشة المزارعين، لأن انعدام الأمن الاقتصادي "مشكلة قائمة".

"هناك العديد من اللاعبين في هذا المجال. يحاول المشترون إدارة السوق لأنهم يعتقدون أن ذلك سيكون مفيداً لهم، لكن ستختفي هذه التجارة إن لم يكن هناك منتجون للبن".

عند سؤالها عن الطريقة التي تدفع بها شركة فولكافيه للمزارعين، قالت حنا رزقي إنهم "يحاولون التوصل إلى اتفاقيات طويلة الأمد مع المزارعين أو الموردين. أحياناً بالحد الأدنى من السعر وأحياناً أخرى يتم تحديده مقابل السعر القياسي العالمي للبن".

وشددت على أن فولكافيه تدرك أن لها دوراً في دعم المزارعين.

"إنه استثمار طويل الأجل للمزارع، لكن علينا أيضاً تشجيع هذا الإنتاج ومنح المزارعين حافزاً مالياً لتجربة الأصناف الجديدة".

وتضيف: "بدون المزارعين، ليس لن يكون لدينا فنجان من القهوة فحسب، بل ولن تكون هناك تجارة في هذا المجال".

بالعودة إلى مقاطعة كيرينياغا، يقول كينيوا إن الأسعار المنخفضة والمتقلبة تركته غير واثق من مستقبله في مجال زراعة البن.

"أنا حساس فيما يتعلق بالسعر، لماذا لا أحصل على سعر مناسب يضمن استمرار إنتاجي بشكل منتظم وبالتالي المحافظة على السوق؟".