محمد الباز يكتب: إمام التفكير.. قبضة الرحايا.. نصر أبوزيد بين سهام الجامعة وأنياب الصحافة

- عبدالصبور شاهين استعان بالكاتب «الغامض» فهمى هويدى فى الحرب على نصر أبوزيد

 

سقطت كرة النار فى حجر جامعة القاهرة إذن. 

لجنة الترقيات العلمية رفعت تقريرها الذى يرفض ترقية نصر أبوزيد. 

وتقرير قسم اللغة العربية يرفض تقرير لجنة الترقيات، ويقر بأحقية نصر فى الترقية، وهو ما دعمه مجلس كلية الآداب. 

أدرك عبدالصبور شاهين أن المعركة ستكون صعبة، فكلية الآداب كلها تقف وراء باحثها، بعد أن تأكدت من تعرضه للظلم، وأدرك كذلك أن المعركة لو ظلت داخل المكاتب المغلقة فى الجامعة فربما خسرها دون أن يحقق منها أى شىء. 

سرَّب عبدالصبور شاهين تفاصيل ما يجرى مشفوعًا بالطبع بوجهة نظره ورأيه إلى فهمى هويدى، الكاتب الذى لعب أدوارًا غريبة ومريبة فى حياتنا السياسية والفكرية، فبدأت رصاصات الصحافة تتوجه إلى قلب نصر. 

كانت الإشارة الأولى من فهمى هويدى فى مقاله الذى نشره فى جريدة الأهرام فى ٨ ديسمبر ١٩٩٢، أى- بعد اجتماع قسم اللغة العربية وقبل اجتماع مجلس الجامعة– واتهم فيه نصر بأنه يعانى حساسية شديدة إزاء الإسلام ذاته، ويعادى الظاهرة الإسلامية بشكل عام، وأنه يرفض أى فهم وأى تفاهم، ويعتبر الإسلام تاريخًا أقرب إلى الفولكلور الذى انتهى زمانه.

لم يجعل هويدى مواجهته مع نصر أبوزيد مباشرة. 

هاجمه من وراء ستار عرضه لكتاب لـ«فرانسوا بورجا». 

لكن ما علاقة نصر أبوزيد بـ«بورجا» وكتابه؟ 

الإجابة عند نصر، يقول: كنت قد كتبت تقديمًا للطبعة العربية لكتاب الكاتب الفرنسى «فرانسوا بورجا» الذى صدر بالفرنسية سنة ١٩٨٩، ونشر بعنوان «الإسلام السياسى صوت الجنوب»، ونشر تقديمى فى مجلة «العربى» الكويتية، كمقال فى شهر أكتوبر عدد أكتوبر ١٩٩٢، وعددت فيه مميزات الكتاب الذى كتبه مراقب غربى محايد، ركز على ظاهرة الإسلام السياسى فى المغرب العربى، ولم يكن بحثًا فى الأيديولوجيا والمفاهيم النظرية، بل الفاعلية السياسية والاجتماعية، واعتماده على شهادات زعماء الحركات. 

كان نصر واضحًا فى الخلاصة التى خرج بها من الكتاب. 

يقول: ينتهى قارئ الكتاب إلى نتيجة مهمة وجوهرية مدرجة فى ثناياه وهى أن الإسلام فى النصوص المقدسة، ليس وحده المولد لظاهرة الإسلام السياسى، كما يحلو لزعماء الاتجاهات الإسلامية أن يقولوا، بل الظاهرة متولدة من واقع مركب، لكن الكتاب مكتوب للقارئ الفرنسى، ويدخل فى سجال مع الصورة السائدة فى الإعلام الفرنسى من هجوم على الإسلام السياسى، فيأخذ موقفًا دفاعيًا جعله يتبنى كثيرًا من أطروحات الإسلام السياسى دون فحص دقيق لمدى مطابقة هذه الأطروحات للواقع، مثل علمانية المشروع القومى، وقضية المرأة وعلاقتها بالإسلام السياسى، وأكدت أن المرأة التى لا يعاقبها الإسلام السياسى هى المرأة المنخرطة فى نشاطه، والمندرجة بزيها وهيئتها ومفاهيمها فى أيديولوجيته. 

أيقن نصر أن هجوم فهمى هويدى عليه فى هذا التوقيت، ليس إلا إشارة لبدء معركة، فقرر أن يكتب ويرد، وكما قرر خصومه أن يخرجوا بالمعركة من الجامعة فلا بد أن يطاردهم هو أيضًا فى كل مكان. 

جلس نصر إلى مكتبه، وكتب ردًا على مقال فهمى هويدى- بالأدق على اتهاماته- وكان واضحًا من عنوان مقاله «خطاب الإسلام السياسى والعنف المستتر» أنه يدين هويدى بشكل كامل. 

يقول نصر فى مقاله: لم يذكر هويدى ميزة للكتاب لم أذكرها، لكن خطاب هويدى أنه لا يقبل أقل من الاتفاق التام ومن التسليم المذعن لأطروحاته دون نقاش، فالعنف ظاهر فى مقاله، فيصفنى بالحساسية تجاه الإسلام، والعداء الشديد للظاهرة الإسلامية، فهو لم يناقش أيًا من الأفكار التى اختلفت فيها مع «فرانسوا بورجا»، مكتفيًا بالأوصاف الموهمة بالانحراف الفكرى والزندقة والكفر والإلحاد، وتصورت ذلك لخلفيته الأزهرية. 

لم تنشر الأهرام رد نصر أبوزيد إلا بعد شهر من وصوله إليها. 

نشرته بالتحديد فى ٢٤ يناير ١٩٩٣. 

لكنها لم تتأخر فى نشر رد هويدى على الرد الذى كتبه نصر، ففى ٢٦ يناير ١٩٩٣ نشر مقالًا قال فيه عن نصر: حساسيته إزاء الإسلام ذاته هى التى تحتاج إلى وقفة، فالرجل مشغول منذ سنوات بمسألة تأويل النص القرآنى التى هى فى جوهرها عبث بالنصوص وتعطيل لها، وهو القائل فى كتابات عديدة بتاريخية النص القرآنى، وهى فكرة تتعارض فى منطقها مع مقتضى الإيمان الدينى، لما قرأت هذا الكلام رثيت للرجل وفهمت لماذا رفضت اللجنة العلمية ترقيته من أستاذ مساعد إلى أستاذ. 

الخبر كان عند هويدى إذن، كان يعرف أن نصر لم تتم ترقيته، كان يعرف الحكاية كلها، وهو ما جعله يغمز ويلمز بها، رغم أن القرار النهائى للجامعة لم يكن قد صدر بعد، وأعتقد أن إشارته هذه كان لها تأثير كبير على مجلس الجامعة الذى كان مهتزًا وخائفًا من مواجهة المجتمع والصحافة أيضًا. 

جلس نصر مرة أخرى إلى مكتبه ليكتب ردًا على مقال هويدى، وفيه أشار إلى العنف المستتر الذى حلله فى خطابه الذى يبدو أنه قرر أن يتخلى عنه، فبدأ يمارس إرهابه فى العلن، وأكد نصر: لا أقبل منه التلميح المغرض بشأن جامعى لم يصدر به قرار، ولم يتحول بعد إلى أن يكون شأنًا عامًا، وهو تلميح أخطر ما فيه السعى إلى التأثير فى القرار بسلطة الإعلام المخولة له، وبالصفحة الأسبوعية التى يستخدمها استخدامًا شخصيًا، ويعلم هويدى جيدًا- كما تعلم المصادر التى زودته بالمعلومة- أن القرار النهائى كان وما زال هو قرار الجامعة. 

سعت الجامعة إلى حلحلة الموقف الملتبس الذى وجدت نفسها فيها، فبدأت تتحرك على أكثر من مستوى. 

المستوى الأول كان التواصل المباشر مع نصر الباحث الذى يقف فى بؤرة الأزمة بالنسبة لها. 

فى ٢٢ فبراير ١٩٩٣، وتصادف أن كان اليوم الأول من رمضان، دعا د. مأمون سلامة، رئيس الجامعة، نصر إلى لقائه، فذهب إليه وكان معه صديقه الدكتور أحمد مرسى، الأستاذ بقسم اللغة العربية ورئيس القسم بعد ذلك. 

يقول نصر: جلست إلى رئيس الجامعة المشهور بورعه ومجاورته الدائمة لمقام السيدة نفيسة، وبدأت عملية المواءمة، كل تفكيره كان منحصرًا فى الترقية والتقدم مرة أخرى، وفى حموة الحديث، تساءل رئيس الجامعة: إيه علاقة قسم اللغة العربية بالإمام الشافعى؟ عملكم هو دراسة اللغة والأدب فقط، فلماذا تكتب كتابًا عن «الإمام الشافعى»؟ 

ويضيف نصر: دار فكرى كيف لأستاذ دكتور رئيس جامعة أن يتصور أن الإمام الشافعى مجرد فقيه لا يدرسه إلا متخصصو الشريعة. 

تدخل الدكتور أحمد مرسى فى الحوار، وبدأ يشرح لرئيس الجامعة ما استغلق عليه، قال له: شغل قسم اللغة العربية هو تحليل الكلام، وما كتبه الإمام الشافعى كلام يهمنا تحليله، وهذا التحليل يندرج تحت مفهوم علم تحليل الخطاب، وهذا لا يتعارض مع دراسات من زوايا أخرى لنفس الكلام. 

كان الدكتور محمد الجوهرى، عالم الاجتماع الشهير، حاضرًا الاجتماع، وكان معروفًا عنه المرح والمزاح الدائم، وقد فاجأ نصر بأنه يرى أن الخطر على نصر يأتى فى موافقة الجامعة على ترقيته وليس العكس، قال له: ما الفائدة يا د. نصر إذا تمت ترقيتك ثم اغتالك واحد من إياهم؟ هتنتهى المسألة بجنازة شعبية ومسيرات تندد بالإرهاب وتصبح بطلًا شهيدًا لفترة من الفترات وتخلدك الأغانى والشعارات. 

كان منطق الدكتور الجوهرى غريبًا وصادمًا بالنسبة لنصر، رأى أمامه موظفًا كبيرًا كل ما يشغله هو الحفاظ على المكاسب التى يمكن أن توفرها وظيفته أو وضعه، بعيدًا عن المعانى الكبيرة التى كان يشغل نصر نفسه بها، ولم يكن غريبًا أن يختم الجوهرى كلامه بضحكة عالية، تشى بأنه كان معجبًا بنفسه، ومندهشًا مما اعتبره سذاجة نصر. 

ما لم يدركه رئيس الجامعة ونائبه- كما يرى نصر- أن موافقة الجامعة على تقرير التكفير سيعطى للقتلة فرصة ذهبية للذبح الشرعى، وهو ما حدث بالفعل. 

فى ٨ مارس ١٩٩٣ عقد مجلس قسم اللغة العربية اجتماعه برئاسة الدكتور أحمد مرسى بعد أن أصبح الدكتور جابر عصفور أمينًا للمجلس الأعلى للثقافة، وأثناء انعقاد المجلس وجد نصر من يستدعيه للقاء الدكتور حسن حنفى فى مكتبه، ولما خرج إليه، وجده قلقًا متوترًا، ودار بينهما هذا الحوار: 

حنفى: كانت هناك اجتماعات ومشاورات، ليس مهمًا أن تعرف تفاصيلها، المهم ما أفضت إليه من نتائج. 

نصر: كلى آذان صاغية. 

حنفى: أمامنا ثلاثة اختيارات، الأول تكتب شكوى إلى رئيس الجامعة فى الاتهامات التى يتضمنها التقرير، ويقوم هو بدوره بتحويل المسألة للتحقيق. 

نصر: سبق ورفضت اقتراح الدكتور مأمون سلامة فى لقائى به من أسبوعين، هو إيه موضوع التحقيق إلا أنى أحاول أن أثبت أو أنفى الاتهامات، وكأننا فى محاكم تفتيش، وأنا أرفض ذلك داخل الجامعة. 

حنفى: الحل الثانى، نظرًا لموقف كلية دار العلوم المتشدد، وتهديد رجالها بتحريض الطلاب، نرى من الأفضل أن يكون القرار بعدم الترقية مع وعد أكيد من رئيس الجامعة ومن رجال دار العلوم أن ترقى فى المرة القادمة.

نصر: وما الضامن ألا يحدث مثل ما حدث الآن؟ 

حنفى: كلمة شرف. 

نصر: كلمة شرف؟ أنا لا أثق فى أى منهم. 

حنفى: يوقع رئيس الجامعة على قرار ترقية بتاريخ قادم، يكون ضمانه أن أضعه فى جيبى. 

نصر: وما الاختيار الثالث؟

حنفى: الرفض والمقاومة وترك الموضوع للرأى العام يكتب ما يشاء، لكن عليك أن تكون مدركًا للعواقب الوخيمة التى يمكن أن تحدث. 

عزَّ على نصر أن يكون أستاذه وسيطًا بينه وبين الجامعة، يحمل إليه ثلاثة حلول، لم يرتح لأى منها، بل كان يرى أنها جميعًا إهانة له. 

كان حسن حنفى يميل بالطبع إلى أن يخضع نصر للريح حتى تمر، وبعدها يمكن أن يحصل على ترقيته ويواصل عمله كما يشاء، بدلًا من أن تطير رقبته، وعندما شعر بخيبة الأمل تكسو ملامح نصر، حاول التخفيف عنه، وقال له: أيًا كان الاختيار الذى تختاره، فأنا معك ولست بحاجة لتأكيد ذلك، أنت تلميذى وبعض غرسى، ولن أدعهم يدوسون ما غرست. 

فى مقدمة كتاب «القول المفيد فى قضية أبوزيد» يضيف نصر تفاصيل جديدة إلى هذه الواقعة. 

يقول: تأملت وجه حسن حنفى مليًا، وقلت الاختيار الأول مرفوض طبعًا لأن الجامعة يجب أن تعلن رأيها فى التكفير، ولن أشكو من رأى اللجنة ما دام أن الرأى النهائى للجامعة، هذا بالإضافة إلى أن التحقيق ليس أسلوبًا علميًا أكاديميًا فى التعامل مع مسائل الفكر، ولست أحب بالقطع أن أعرِّض نفسى للفصل من الجامعة أو القتل، فاسمح لنا أن نتأمل الاختيار الثانى وأتساءل: ما الضمان الذى يقدمه رجال دار العلوم لكى لا يحجبوا عنى الترقية مرة أخرى؟ سكت حنفى قليلًا ثم قال: لا ضمان سوى وعد الشرف، قلت: شرف من؟ رجال دار العلوم أم رئيس الجامعة أم نائبه؟ 

كان السؤال فيما يبدو محرجًا، فأراد نصر أن يخفف عن حسن حنفى درامية الموقف، فقال له: أنا مستعد لقبول كلمة الشرف بشرط أن يوقع رئيس الجامعة قرارًا بترقيتى وعليه خاتم الجمهورية بأى تاريخ يراه، وليكن شهر أكتوبر ١٩٩٣ أو مارس ١٩٩٤، وسأحتفظ بهذا القرار كنوع من الضمان، لأنى لا أثق فى وعود رجال دار العلوم. 

أراد نصر أن يؤكد المعنى الذى يريده، قال: فوجئ حسن حنفى وابتسم ابتسامة لا معنى لها، فأردت أن أخفف عنه، قلت يا دكتور حسن الكلام كله فارغ مع احترامى الشديد لكل جهود الوساطة، لأن الجميع ركز على مسألة الترقية التى أرى أنها مسألة لا قيمة لها فى الموضوع كله، أكاديميًا وعلميًا حصلت على لقب «أستاذ» بموجب رأى قسم اللغة العربية وكلية الآداب، واسمح لى أن أقول إننى لا أثق فى أى من هذه الوعود، لا فى وعود رئيس الجامعة ولا فى وعود نائبه، واسمح إلى أن أقول إنه ما كان ينبغى أن تتحمل عناء هذا العرض الذى تعرضه علىّ، لأنه عرض يجب أن ترفضه أنت. 

كان نصر يعرف حقيقة حسن حنفى، يدرك حدود خريطته النفسية جيدًا، ولذلك لم أتعجب عندما قرأت رأيه الذى يلخص موقف حسن حنفى منه. 

يقول: كان هاجس الدكتور حسن حنفى الدائم: ألم يكن من الأفضل أن نختار الحل الثانى؟ ورغم أنه هاجس يعبر عن قلق على حياتى ومستقبلى، فقد كان يسبب لى إزعاجًا.

فيما بعد كتب حسن حنفى بحثًا مطولًا جدًا عن إنتاجه العلمى كله نشر فى مجلة «الاجتهاد» التى تصدر فى بيروت «ربيع عام ١٩٩٤» تحت عنوان «علوم التأويل بين الخاصة والعامة: قراءة فى بعض أعمال نصر حامد أبوزيد»، فى هذا البحث محاولة لاحظها كثير من القراء للتبرؤ من نصر حامد أبوزيد وفكره، لكنه تبرؤ على طريقة حسن حنفى التى استفادها من التاريخ، طريقة «الذم فيما يشبه المدح». 

فى ١٨ مارس ١٩٩٣ اجتمع مجلس الجامعة، ووضع موضوع ترقية نصر تحت بند ما يستجد من أعمال، وتم عرض موضوعات مشابهة من حيث الشكل، وتم التنبيه على أن مسألة مخالفة قرارات اللجان العلمية أصبحت ظاهرة فى قرارات الجامعة، ويجب عدم إهدار تقارير اللجان العلمية، وعرض موضوع أبوزيد وأعضاء المجلس منهمكون، وقد غادر الكثير منهم الاجتماع لانتهاء الموضوع الأساسى، فينتبه أحد العمداء، ويقول: إن هذا الموضوع ليس كالموضوعات السابقة، وعلينا أن نتريث للاطلاع على الأوراق، لكن الإدارة تذكر بالقاعدة التى وضعتها منذ دقائق، وتتم الموافقة على تقرير عبدالصبور شاهين بعد الترقية. 

فى نفس اليوم قرر نصر أن يرفع قضية على الجامعة أمام القضاء الإدارى. 

بعد أربعة أيام وفى ٢٢ مارس ١٩٩٣، قابل نصر عميد كلية الآداب الدكتور حسنين ربيع ووكيليه د. حمدى إبراهيم ود. محمود فهمى حجازى، وحاولوا إقناعه ببساطة الأمر، وأنه يجب أن يجهز أوراقه للتقدم للترقية مرة ثانية خلال أشهر قليلة، فلا يحتاج للانتظار عامًا، لتأخر اللجنة ستة أشهر فى تقديم تقريرها، وأخبره بحرص رئيس الجامعة على أن يتابع بنفسه مسألة حصوله على الترقية فى الدورة الثانية. 

وبعد أيام، قابل نصر الدكتور شوقى ضيف فقال له: لماذا لا تتقدم للترقية مرة أخرى يا دكتور نصر؟ 

فرد عليه نصر: إن شاء الله. 

وهنا يمكن أن ندخل إلى مساحة أعتقد أنها مهمة، وهى موقف د. شوقى ضيف، فرغم أنه كان أحد أساتذة قسم اللغة العربية فإنه وقف فى صف عبدالصبور شاهين وتقريره، وهو ما صرح به شاهين نفسه فى حوار أجرته معه جريدة الأخبار فى ٧ أبريل ١٩٩٣. 

يقول نصر: هل كان عبدالصبور شاهين صادقًا فى زعمه بأن الدكتور شوقى ضيف صوت فى صالح تقريره، أم أنه يدعى كالعادة؟ وربما يكون السؤال لا أهمية له بالنسبة للموضوع، لكنه مهم بالنسبة لمكانة الدكتور شوقى ضيف. 

ويضيف: ومما يجعل طرح السؤال مسألة حيوية ما قاله عبدالصبور شاهين فى إحدى الصحف العربية أن هناك من مارسوا ضغطًا على الدكتور شوقى ضيف لكى ينسحب من اللجنة الثلاثية لفحص إنتاجى، فهل هذا الزعم صحيح؟ ومَنْ هم هؤلاء الذين مارسوا هذا الضغط، وكيف قبل الدكتور شوقى ضيف- وهو مقرر اللجنة- أن يخضع للضغط، أيًا كانت الجهة أو الأشخاص الذين يغمزهم عبدالصبور شاهين؟ إن موقع الجميع فيما نعلم من شوقى ضيف هو موقع التلاميذ من الأستاذ، إن أكاديميًا وعلميًا، وإن فى أهم مؤسسات الثقافة العربية «مجمع اللغة العربية» فكيف خضع الأستاذ لضغط أو ضغوط من بعض تلاميذه؟ 

لم يعرف نصر مَن ضغط على شوقى ضيف ولا كيف ولا لماذا قبل هذا الضغط، لكنه تحدث عما يعرفه، يقول: كل ما لدىّ من معلومات أن الدكتور شوقى ضيف كان عضوًا فى اللجنة الثلاثية التى اختارتها اللجنة العلمية الدائمة فى اجتماعها الأول بعد تقدمى لها، وذلك يوم ٢٨ مايو ١٩٩٢، وكنت سعيدًا جدًا أن الأستاذ الجليل قد منحنى هذا الشرف رغم كثرة أعبائه ومتاعبه الصحية خاصة ضعف البصر، وقد عبّر عن سعادته بذلك حين تقابلنا بعد ذلك فى الكلية، قال بالحرف الواحد: أنا مبسوط يا نصر لأنى سأقرأ إنتاجك، وأنا مشوق لقراءة ما كتبت عن الإمام الشافعى، لأننى كنت شافعيًا أثناء دراستى بالأزهر، قلت له: هذا فخر لى يا أستاذنا، وشرف تغمرنى به، كان الدكتور شوقى خلال السنوات الأخيرة كلما قابلنى ابتسم وقال: فى كل مكان أسمع فيه مديحًا لكتبك أحب أن أعلن للناس أنك تلميذى. 

كان يمكن لنصر أن يعترض على وجود عبدالصبور شاهين فى اللجنة لأسباب كثيرة منها تعرضه بالنقد للذين كانوا يصدرون الفتاوى لشركات توظيف الأموال خداعًا لجمهور المسلمين، بما يعنى أنه خصم له، لكنه لم يفعل ذلك لاطمئنانه لوجود الدكتور شوقى فى اللجنة، وهو الاطمئنان الذى لم يكن فى محله. 

فى الجلسة الثالثة للجنة التى عقدت فى ٢٢ أكتوبر ١٩٩٢، اعتذر الدكتور شوقى ضيف عن عدم الاستمرار، ويقول نصر: كان هذا الاعتذار فى ذاته شهادة إيجابية على الإنتاج، لكن ها هو عبدالصبور شاهين يثير الشكوك حول ذلك كله بل ويؤكد تأكيدًا جازمًا أنه كان فى صف تقريره الركيك وصوّت إلى جانبه. 

ويضيف نصر: ليس أمامى لحسم الأمر إلا أن نسمع رأى الدكتور شوقى ضيف، فمن الواضح أن شاهين يتاجر بصمت الرجل معتمدًا على أن حياء الابن سيمنعنى من السؤال المباشر للدكتور شوقى ضيف، لأن مجرد السؤال سيكون تشكيكًا فى تاريخ الرجل وفى سمعته العلمية، بل وفى أستاذيته التى من أهم سماتها تأكيد حق الاختلاف كما علمنا، ومع ذلك فإن قراءة كثير من العلامات فى تعامل الأستاذ الأب معى بعد قرار اللجنة ينفى كل تخرصات شاهين، ويلقى بها فى سلة الدعاوى والأقاويل المغرضة. 

فى ٢٧ مايو ١٩٩٣ تقدم محمد صميدة عبدالصمد، وهو مستشار سابق بمجلس الدولة، ومجموعة من المحامين هم عبدالفتاح عبدالسلام الشاهد وأحمد عبدالفتاح أحمد وهشام مصطفى حمزة وأسامة السيد بيومى وعبدالمطلب محمد أحمد والمرسى المرسى الحميدى، بدعوى حسبة للتفريق بين نصر أبوزيد وزوجته د. ابتهال يونس بدعوى أنه خارج عن الإسلام، ولا يجوز زواجه من مسلمة أو غير مسلمة. 

غدًا.. كيف رد نصر أبوزيد على دعوى التفريق بينه وزوجته؟ 

تاريخ الخبر: 2023-04-16 00:21:48
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية