صحفي متدرب-مصطفى منجم
لم تخفي النائبة البرلمانية المغربية عن فيدرالية اليسار فاطمة الزهراء التامني، مواقفها وصراحتها في حوارها مع “الأيام 24″، بل حاولت رسم المشهد الاقتصادي والاجتماعي المغربي بأمكن العبارات التي تليق بالوضعية الحالية، في أجواء “مشحونة”.
-تواجه المملكة المغربية وضعية اقتصادية غير مسبوقة، فكيف تقييمون أداء الحكومة في مواجهة هذه الظرفية الاستثنائية ؟
نعرف جيدا أن الاقتصاد الوطني يعيش مشاكل بنيوية وهيكلية، التي جعلته بالأساس اقتصاد ريعي غير قادر على تحقيق نمو مستمر وتوزيع الثروة بشكل عادل، في هذه الفترة بالذات نلاحظ أن الأزمة الاقتصادية تتفاقم، مقرونة بالغلاء الفاحش الذي شاب جل المواد الغذائية والبترولية، وايضا حتى قطاع الخدمات الذي نخره هذا الورم الخبيث.
هذه الأزمة خلفت وراءها استياء كبير في صفوف المواطنين، حيث نتج عنها احتقان اجتماعي، كما أن الطبقة المتوسطة التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني بدأت تعاني من تداعيات هذه الأزمة، علما أن مليوني أسرة مغربية وضعت قدمها في مربع الفقر، وبالتالي يمكن أن نستنتج من هذه الأحداث الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة، أن السياسات التي تنهجها الحكومة المغربية هي سياسات فاشلة، وأنها لم تحسن التعامل مع هذا الظرفية العصيبة التي زادت من حدة الظواهر الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة.
وفي الوقت الذي وجب على حكومة عزيز أخنوش اتخاذ التدابير اللازمة والاجراءات الاستباقية كتخفيض من مؤشر الضريبة والزيادة في الاجور لوقف هذا النزيف، نجد انها فشلت فشلا ذريعا في تجاوز هذه المحنة، كما أنها أصبحت تخضع لـ”لوبيات” الريعية المسيطرة، التي تتماهى مع املاءات المؤسسات المالية الدولية.
كما أن معدل الفقر المطلق ارتفع من 1.7 في المئة في 2019 إلى 3 في المائة خلال 2021 على المستوى الوطني، ومن 3,9 في المائة إلى 6,8 في المائة في المناطق القروية، ومن 0,5 في المائة إلى 1 في المائة في المناطق الحضرية، حسب معطيات المندوبية، كما أن حوالي 46 في المائة من المغاربة يعيشون حرمان شديد.
-ماهو السبب في ذلك ؟
السبب هو هناك مركزة للسلطات وزواج المال بالسلطة، الشيء الذي جعل السياسات تأخذ بعدا أخر بعيدا على ماهو اجتماعي، والتي تخدم الرأسمال الريعي الذي يدفع ضريبتها المواطن المغربي.
هناك اعترافات رسمية على الاختلالات الموجودة حاليا، كفشل النموذج التنموي ومخطط المغرب الأخضر الذي يدخل في صلب السياسات القطاعية التي وضعتها الدولة بهدف تحقيق اقلاع اقتصادي واجتماعي، وان هذه الأوضاع المزرية مسجلة بارقام وتقارير تبين مدى خطورتها وفشلها في تدبير الأزمة. وأن الخيارات التي رسمتها الدولة منذ الاستقلال لم تحقق الأهداف المرجوة، بل انعكست سلبيا على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
-فيما يتعلق بالموارد المائية للمغرب، ماهو السبب الذي جعل المملكة تعيش موجة جفاف سابقة عن غيرها ؟
يعرف الجميع أن الماء يعد من بين الثروات المشتركة التي تعيش على واقع عدة اكراهات من بينها العوامل المناخية المتجلية في قلة الأمطار، وأيضا هناك عوامل أخرى مرتبطة بما هو بشري، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالاستغلال المفرط للماء.
المغرب يعتمد على قطاع الفلاحة كأول مصدر للاقتصاد الوطني، لكونه أساسي وفعال، لكن اتجهت الدولة إلى الاعتماد على زراعات مستنزفة للمياه مثال (افوكادو ، بطيخ …)، علما الفلاحة تستغل 85 في المائة من العرض المائي، وأن اغلب المستفيدين من الفرشة المائية هم كبار الفلاحين.
في حين أن الحكومة لم تتجه إلى إحداث استراتيجيات جدية تتماشى مع الوضع الحالي، كمعالجة المياه العادمة وعدم تشجيع البحث العلمي، لذلك وجب خلق سياسة مائية جديدة من أجل ترشيد العرض المائي وانسجامه مع السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية العامة.
-قال المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي في اخر خرجاته الإعلامية أن المغرب ينتظره “مستقبل اسود” ماهو تفسيركم لهذا التصريح الخطير ؟
فالسؤال اولا وجب توجيهه إلى احمد الحليمي لمعرفة ماذا يقصد بهذه العبارة، وما هي الجهة التي يخاطبها، هل هو يخاطب رئيس الحكومة من خلال اختيارتها وتوجيهتها، ام يسائل السياسات المتعاقبة، لانه الحكومة مستمرة على منوال السياسات السابقة، بل تم تعميقها اكثر ما كان عليه الحال سابقا.
– هل يوجد هناك صراع بين رئيس الحكومة عزيز اخنوش ووالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري ؟
اظن اننا نتعامل على ماهو معلن وواضح في الاوراق الرسمية، لم يتبين الى حد الان أنه هناك صراع بين الطرفين، فإذا كانت هناك صراعات فالمشكل موجود في الديمقراطية والعلاقات مع المؤسسات، وعلاقة ايضا النفوذ بالسلطة، هناك تضارب في المصالح وزواج المال بالسلطة بشكل واضح وسافر.
-هل تتفقون مع الاجراءات والقرارات التي يأخذها بنك المغرب في هذه الظرفية الاقتصادية العصيبة ؟
كانت هناك العديد من البلاغات في يونيو وشتنبر ونونبر، في البلاغ الذي اصدر في شهر يونيو قد أكد عبد اللطيف الجواهري أنه لم يكن رفع نسبة الفائدة بهدف تناغم مع الابناك الدولية، الشيء الذي جعل هناك تناقض في البلاغات، لذلك وجب رفع هذا التساؤل الى والي بنك المغرب من أجل الإجابة عليه واعطاء توضيحات حول هذا الموضوع.
بالنسبة لرئيس الحكومة كان من الممكن تنزيل مجموعة من الإجراءات، بخصوص التضخم والغلاء الحاصل، كتسقيط الاسعار ودعم السعر في صندوق المقاصة، لمواجهة هذه المشاكل الاقتصادية. فهناك مشكل اخر يتعلق بالتصدير كان على الحكومة تقنين هذه العملية، حيث لا يعقل ان المغرب لا يتوفر على الاكتفاء الذاتي ويقوم بتصدير الخضر والفواكه لعدة واجهات الأوروبية والافريقية. كما أن الحكومة قامت بهذا الاجراء حتى شاب الغلاء في جميع المواد وتمكن من ضبط مقعدا في جيوب المغاربة، في الوقت الذي إستفادت من هذه المرحلة بعض الجهات وحققت ارباحا مهولة على ظهر المواطنين.
ماهو موقفكم بخصوص مصادقة الحكومة على مشروع قانون يقضي ب”إحداث لجنة مؤقتة لتسير شؤون الصحافة” ؟
هذا القانون مجانب لقواعد الديمقراطية، كما يعتبر سطوا فادح لأن الحكومة من المفروض أن تضمن شروط إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، ليختار الصحافيين الشخص المناسب. كما أن هذه الخطوة التي اتخذتها الحكومة والتي تعتبر غير ديمقراطية بتاتا وغير مقبولة، لانها تصدر قرارات وفق مقايسها تتبعا لأجندة خاصة بها تكتسي نوعا من الغموض.
-هل المعارضة تمارس اختصاصاتها الدستورية بشكل عادي أم هناك مضايقات من طرف الأغلبية ؟
أنا شخصيا اشتغل في ظروف غير ملائمة، لا توجد أدنى شروط الاشتغال وسط هذه المؤسسة الدستورية، قد عبرنا في عديد من المرات عن رأينا لأننا لا نتوفر على مكتب في غياب واضح لظروف العمل. وبعد أخذ ورد تقدمنا بطلب حصل قبوله، حيث تم وضع موظف رهن إشارة النواب غير المنتسبين بالإضافة إلى مكتب بمساحة 10 متر مربع، بمعنى آخر أنه نتوفر على شروط غير لائقة للعمل.
أما بخصوص المضايقات، فأنا اتابع الخط السياسي الذي انتمي إليه والمواقف التي اتبنها، هناك من لا يروق له هذه المواقف رغم الاستفزازات التي اتلقها من طرف الأغلبية والتي لا اعيرها اهتمام.
