لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها بموته(فيلبي3:10)
لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها بموته(فيلبي3:10)
قيامة السيد المسيح من الأموات كانت الحدث الأكبر الذي هز كيان اليهود, فحاولوا أن يقاوموه بكل الطرق حتي أنهم قالوا عن القيامة إن هذه الضلالة الأخيرة ستكون أقوي من الضلالة الأولي التي هي كرازة المسيح(مت27:64). لقد بشر السيد المسيح بقيامته قبل أن يصلب كما جاء في(مت20:17-18) أنهسيصلب ويموت ويقوم فإن ضعفوا ساعة صلبه سيتقوي إيمانهم بعد قيامته, سيرون في قيامته قوته كما يرون فيها صدقه,والقيامة ستثبت الإيمان به وبخاصة لأنه قام وحده بدون قوة خارجية تقيمه, لذلك كان زعماء اليهود يخشون هذه القيامة ويريدون تعطيلها بجميع الطرق حتي لايثبت طريق المسيح الذي حاربوه ولايزالوا يحاربونه,ذهبوا إلي بيلاطس وطلبوا منه أن يختم القبر ويحرسه الحراس لئلا يأتي التلاميذ ويسرقوه ويدعوا أنه قام(مت27:64).
وإذ بالإجراءات التي اتخذت ضد القيامة أصبحت دليلا عليها وشاهدا لها وإثباتا لصحتها,فوجود الختم علي القبر ووجود الحراس علي القبر الفارغ كلها كانت إثباتات لقيامة المسيح وخروجه من القبر وهو مغلق وجال التلاميذ في كل مكان يبشرون بقيامته المقدسة, فكانت القيامة دليلا علي أنه أقوي من الموت وبالتالي فهو أقوي من كل قوي البشر التي تقتل وتميت, فقد كان أقوي من ظلم الأشرار ومن كل مؤامراتهم وسلطتهم, عملوا كل مايستطيعون حتي حكموا عليه وسمروه علي الصليب وتحدوه مستهزئين به وظنوا أنهم قد انتصروا, وبخاصة لأن المسيح طول فترة محاكمته ظل صامتا:كشاة تساق إلي الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها(إش53:7), لكن القيامة دلت علي أن صمت المسيح لم يكن ضعفا,فقوة القيامة أقوي رد علي من يتهمون المسيح بالضعف أو من يظنون صلب المسيح دليلا علي عجزه.
بالقيامة ثبت أن صمت المسيح كان له أهدافه السامية, فقد صمت لأنه كان يريد أن يبذل نفسه عنا فلو تكلم لأفحم سامعيه ولو دافع عن نفسه لكان سيكسب القضية بلا شك لأنه كان بلا ذنب وذلك بشهادة بيلاطس الذي قاللم أجد فيه علة للصلب,فالكل شهد علي قوة كلامه منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره والشعب الذي سمعه كثيرا شهد علي أنه كان يتكلم بسلطان (لوقا14:32), بل وأكثر من ذلك شهد الملاك عنه قبل ولادته وقالالروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك(لو1:35) وتقول السيدة العذراء في تسبيحتها صنع قوة بذراعيه(لو1:51) ويقول بلسانه الطاهرتكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكملويقول الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح(2تي1:7) وفي ظل أسبوع الآلام الذي ينظر إليه البعض أنه علامات ضعف أو عجز أو هزيمة يقول الكاهن في طلبه المساءأيها المدبر القوي المؤدب الشافي طبيب الأرواح والأجساد.
وفي تسبحة البصخة المقدسة نردد كل ساعةلك القوة والمجد والعزة إلي الأبد آمين, ويضاف ليلة الجمعة العظيمة عبارةقوتي وتسبحتي هو الربوبعد كل مرة نقول الصلاة الربانية التي في ختامهالأن لك الملك والقوة والمجد إلي الأبد آمين.
وليلة أبو غالمسيس نقرأ سفر الرؤيا الذي فيه تكرر عبارةالرب الإله القادر علي كل شيء(رؤ1:8-رؤ4:8-رؤ9:6-رؤ11:7-رؤ16:7-رؤ16:14-رؤ19:15-رؤ21:22).
أما ليلة عيد القيامة وبالتحديد في طقس تمثيلية القيامة نقولالرب العزيز القوي الجبار القاهر في الحروب هو ملك المجد هذه الصلوات وغيرها نرددها في أسبوع الآلام بالذات لكي نعلن للعالم كله أن المصلوب علي الصليب ليس إلها ضعيفا ولكنه قويكلمة الصليب عند الهالكين جهالة أما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله وإن كان الصليب ضعيفا في مظهره, ولكن في جوهره قوي بدليل أنه في النهاية انتصر الرب علي أكبر عدو للإنسان الذي هو الموت وقالأين شوكتك يا موت وأين غلبتك يا هاوية؟آخر عدو يبطل هو الموت, فلا شك أنه إله قوي فهو الذي وقف أمام حماة سمعان وانتهر الحمي فتركتها وفي الحال قامت وخدمتهم(مر4:39) وهو الذي شفي الأبرص بقوته وذلك بشهادة الأبرص نفسه الذي قالياسيد أن أردت تقدر أن تطهرني فمد المسيح يده ولمسه وللوقت ذهب عنه البرص(لو5:12), لذلك قيل عنهلأن قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع(لو6:19). وقيل أيضادعي التلاميذ الاثني عشر وأعطاهم قوة وسلطان(لو9:1).
وهو الذي حينما هاجمت الرياح قام وانتهرها فصار هدوء عظيم هذه القوة التي للمسيح هي التي لفتت أنظار اليهود وكانوا يخاطبون بعضهم بعض قائلينإنه بسلطان وقوة يأمر الأرواح النجسة فتخرج وبالإجماع نستطيع أن نقول إن القيامة كانت نقطة تحول في تاريخ المسيحية فحولت خوف التلاميذ إلي جراءة وشجاعة,واستطاع بطرس بعد القيامة أن يقول:ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس(أع5:29) إذ شعروا أنهم في ظل إله قوي بيده مفاتيح الهاوية والموت(رؤ1:18)وفيه كانت الحياة(يو1:4) بل هو القيامة والحياة:من آمن به ولو مات فسيحيا(يو11:25) والقيامة أعطت المسيحيين رجاء في العالم الآخر فركزوا فيه كل رغباتهم وزهدوا هذا العالم فكل من نشرته المسيحية من حياة النسك والزهد وحياة الرهبنة والموت عن العالم, هذا كله مبني علي الإيمان بالقيامة والتعلق بالعالم الآخر الذي تصغر أمامه كل رغبة أرضية وهكذا تردد الكنيسة علي مسامعنا في كل قداس قول الرسول: لاتحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم لأن العالم يبيد وشهوته معه (1يو2:15), وهكذا صارت القيامة وسيلة للحياة مع الرب والتمتع به في فرح دائم لا ينطق به ومجيد مع مصاف ملائكته وقديسيه, وأصبحت القيامة شهوة الكل وإيمان الكل كطريق يوصل للأبدية مع الله التي هي هدف حياتنا علي الأرض فهذا يعطينا فكرة عن جمال الحياة الأخري وروحانياتها وبهجة الانطلاق من المادة وقيودها.
وكل عام وأنتم في فرح وبهجة القيامة