أحد توما
أحد توما
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بهذا اليوم المبارك وتسميه أحد توما أو الأحد الجديد وهواليوم الثامن من القيامة المجيدة وهو الأحد الذي ظهر فيه المخلص للتلاميذ وتوما معهم, وتعده من الأعياد السيدية الصغري.
في هذا اليوم العظيم ظهر السيد المسيح له المجد للتلاميذ الأطهار فابتهجوا كما وفرحوا كما أعلن ذاته لتوما وثبت إيمانه وقوي ضعفه وغرض الكنيسة من الاحتفاء بهذا اليوم هو أن تحثنا علي ضرورة الثقة بالحقائق الإيمانية والمواعيد الإلهية لننال بذلك النعم والبركات من رب المجد. دخل المخلص علي تلاميذه في هاتين المرتين وهم مجتمعون والأبواب مغلقة عليهم بسبب الخوف من اليهود ووقف في وسطهم وقالسلام لكم وقد آراهم يديه وجنبه ففرحوا إذ رأوا الرب وكان هذا الفرح إتماما لوعده الإلهيسأراكم أيضا فتفرح قلوبكم ولا يتنزع أحد فرحكم منكم ( يو 22:16).
إن الفادي عندما دخل علي التلاميذ طمأنهم بقوله سلام لكم قصد بذلك عن شفقته وعطفه – لاسيما وأنه لم يوبخهم علي تركهم له وقت المحاكمة والصلب -كما ثبت إيمانهم وجدد ثقتهم وأزال مخاوفهم وأعطاهم طمأنينة السلام في أنفسهم.. إلا نتعلم من ذلك ضرورة دخول المخلص في قلوبنا ليهبنا السلام الكامل.
وفي المرة الثانية أظهر الرب ذاته إلي التلاميذ في العلية و كان توما معهم قال يسوع لتوما الرسول وعاتبه عتابا لطيفا وألزمه أن يضع أصبعه في أثرالمسامير, فقال له يا توما هات أصبعك هنا وابصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولاتكن غير مؤمن بل مؤمنا-وقد وشح المخلص تلاميذه بقوة روحية أرسلهم لتدبير الكنيسة كسفراء له ينادون بكلمة الخلاص, وعندما نفخ في وجوههم وهبهم الحياة الروحية وقال لهمأقبلوا الروح القدس حتي بقوة عمله فيكم أن يتوب عنها ويتركها نهائيا, وبقوله أمسكتم خطاياه أمسكتيبين أن من أصر علي خطاياه ولم يرجع إلي الله بالتوبة النقية لا تغفر خطاياه – وهذا القول الإلهي يثبت سر التوبة الاعتراف في الكنيسة, وبما أن غفران الخطايا ومسكها من أعمال الرب فالرسل كانوا في حاجة إلي موهبة الروح القدس لمنحهم حق التوسط لدي الرب في غفران خطايا المعترفين – لاشك أن التلاميذ قد نالوا قبل ذلك موهبة الروح القدس في المعمودية وسر الافخارستيا, ولكن السلطان علي مغفرة الخطايا, لم يكن قد أعطي لهم – كما أنهم حصلوا فيما بعد علي حلول الروح القدس بالتمام وفي يوم الخمسين كما وعدهم المخلص. إن توما كان ملوما في شكه لأنه تجاوز الحد المعقول في تمسكه ببراهين أكثر من اللازم, القديس يوحنا الحبيب حينما رأي الأكفان آمن بقيامته, وكذلك التلاميذ آمنوا عندما أخبرهم رفقاؤهم والنساء أنهم رأوه.
أما توما الرسول الذي سمع بتلك الأخبار كما سمع بنوع خاص بظهور المخلص الأخير للتلاميذ جميعا, ومع ذلك لم يؤمن واحد علي البرهان الحي الملموس, وقد أدعي بذلك أنه يستطيع أن يميز بين الحق والباطل أكثر من غيره من التلاميذ كما أظهر إعجابه بنفسه ومع هذا كله تنازل الفادي وأحبه وشفق عليه فوهبه قوة إيمان وأزال شكوكه وسمح له أن يضع يده في جنبه ويلمس أثر المسامير مما جعله يطرح نفسه عند قدميه يصرخ ويقول له ربي وإلهي فقال له يسوع لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبي للذين آمنوا ولم يروا (يو20:26). ونلاحظ هنا عندما عاتب السيد المسيح توما ذاك العتاب الودي والمحبة والعطف – وبهذه الكلمات البسيطة صحح مسيرة توما, لأنه ليس أحد يأتي إلي الآب إلا بي (يو 14:19) وهذا التطويب هو نصيب جميع المؤمنين الذين صدقوا الإنجيل, وآمنوا بتسليم وبساطة قلب.. فالشكوك التي تحاربنا في طريق لابد أن نشكوها للمسيح فهو يدعم إيماننا.. لأنه مدخلنا للسماء فهو الحق الإلهي وهو الفعلمن يفعل الحق يسير في النور ويقبله, فالمسيح هو الطريق والحياة.. لتكن عيوننا علي المسيح كهدف نهائي.