في يومه العالمي.. هكذا خلقت الرقابة سوق سوداء للكتاب

يحتفل العالم اليوم، باليوم العالمي للكتاب، وهو اليوم الذي اعتمدته منظمة اليونسكو في مثل هذا اليوم من عام 1995، وما يتضمنه من الاحتفال بالكتاب وحقوق التأليف والنشر، وحرية الإبداع والتعبير.

على أن لقصة الكتاب وتاريخه جوانب مظلمة، تلك التي تتعلق بالرقابة على الكتب وحظرها ومنعها بل وإبادتها. 

وفي كتابه “الكتب الممنوعة”، يشير مؤلفه الإيطالي ماريو إنفليزي كيف أن ظهور الرقابة على الكتب وتشديد المحاذير عليها ومنع تداول العديد منها، خلق سوقا سوداء للكتاب.

يذكر “إنفليزي” أن توطيد أركان رقابة الدولة، إلى إنعاش سوق غير شرعية خصبة، فعادة ما تأتي قرارات الحظر معها بالسعي إلى البحث عن قنوات للإنتاج والتوزيع، مغايرة لتلك الشرعية، لذا شهدت أوروبا بين القرنين الـ 17 والـ 18 قيام شبكة بديلة، وحمل وطبع وتوزيع كتب ممنوعة في طياته أخطارا جسيمة، لم يكن كبار الناشرين يميلون إلى التعرض لها، فقد سمح نظام الامتيازات بازدهار أعمالهم، مقللا من حجم المخاطر إلى أقصى حد، لقد كان من العسير أن يشعروا بالحاجة إلي المجازفة، في عالم تحدد قواعد المصادفة البحتة، وتغيرها بشكل دائم. لكن وضع الناشرين الصغار كان مختلفا تماما، حيث كان الكتاب الممنوع يشكل لهم أيضا رهانا قادرا علي انتشالهم من البؤس، كانوا يقومون في مطابع صغيرة، مخبأة في المدن ذات الصلة القديمة بالطباعة، التي تقاسي تدهور الأحوال مثل ليون، أو في أخري خاضعة لحكم أجنبي، مثل أفينيون التي يسيطر عليها البابا، أو في الخارج مثل هولندا، وجنيف أو دوقية بوليون الصغيرة، أو إمارة نيوشاتل، وإصدار الكتب التي تحظرها الرقابة الملكية، إضافة إلي العديد من المقلدات.     

ــ حجم السوق غير الشرعية للكتاب

ويلفت مؤلف “الكتب الممنوعة” ماريو إنفليزي، إلى أن حجم أعمال السوق غير الشرعية للكتاب لم يكن يختلف كثيرا عن مثيله الرسمي، كان حشد من الأشخاص يعملون في خدمة المنتجين، ويقتاتون من عمليات التهريب المماثلة.

ويذكر "إنفليزي" نماذج للأعمال الفكرية والأدبية التي تناولت قضية سوق الكتب السوداء نتيجة الرقابة الصارمة، مشيرا إلى قص روبارد دارنتون في العديد من مؤلفاته مغامرات العديد من هؤلاء الوكلاء غير المعروفين، الذين عملوا في توزيع الكتب لصالح شركة نيوشاتل للطباعة، وهي إحدي المراكز الأساسية لنشر الكتب المحظورة في ذلك العصر.

اتسم نظام الإمداد غير الشرعي بتشابكه وتشعبه في الأراضي الفرنسية بشكل خاص، فكان يوجد عملاء يجمعون المعلومات حول خصائص السوق الأدنى، وأذواق الجمهور، وأعمال الكتاب، ورحالة متجولون يراقبون السوق الريفي، ويقيمون سلوك السلطات القائمة علي الرقابة، والرقباء، وكان هناك بالأخص باعة كتب جوالون، علي علم تام بكافة المشترين المحتملين، يجولون في أنحاء أوروبا، متوائمين تماما مع أذواق ومتطلبات جمهور متفاوت بدرجة كبيرة.

ــ هؤلاء جذبتهم تجارة الكتب الممنوعة

ويذهب "إنفليزي" إلي أن بائع الكتب المتجول يعتبر إحدى الشخصيات التقليدية في مشهد الطباعة في أوروبا في العصر الحديث، وهي شخصية متوارية، ولكنها أساسية لإدراك قدرة العديد من الطباعين الأوروبيين ــ الذين كانوا يثقون ببراعتهم الاستثنائية في التكيف مع أكثر المواقف تنوعا، وأشد الأفكار السياسية اختلافا ــ علي الانتشار ما بين المستعمرات الإسبانية في أمريكا إلي أراضي الإمبراطورية الروسية الأكثر بعدا.

ولم يكن الجميع يتخصصون في الكتب غير المصرح بها، فقد كان استعدادهم في ذلك المجال يتناسب بشكل مباشر مع حالة اليأس، والنزوع إلي مواجهة المخاطر. وكلما كانت المخاطر عظيمة، كان احتمال الثراء السريع أعظم. 

جذبت تجارة الكتب الممنوعة في المقام الأول مغامرين، وبائعي كتب مفلسين وأولئك الذين دفعتهم الحاجة الملحة أو الطموح الشديد. ولم ينخرط التجار الراسخون فيها إلا نادرا، وتحديدا عندما يعتقدون في عدم وجود ما يشكل خطرا عليهم. 

تاريخ الخبر: 2023-04-23 15:21:52
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

انهيار صفقة الاستحواذ على «التلغراف» و«سبيكتاتور» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-01 03:23:38
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية