بقلم: م. منــير وصـــفي بطـــــرس

باحثٌ في مُوسيقَى الأَلحانِ القِبـطِيَةِ

مُـــدَرِّس مــــادَةِ اللَّــــحنِ الكَنَـــسيّ

بِمَعــــهَـــدِ الرِّعـــــايةِ والتَـــــربِيَــةِ

أَوَدُّ في بداية هذا المقال أن أهنئكم قُرَّاء وَطني الأعِزَّاء بعيد القيامة المجيد، الذي تستمر أفراحُهُ خمسينَ يوماً، وفي هذا الموضوع أُحاول أن أُلقي الضَوء على لحن من ألحان كنيستنا القبطية المُمَيَّزة، وهو يُسَمَّى طقسياً (المحَيَّر)،لحن “باتشويس إيسوس بخريستوس”، وفي وقتنا الحالي يقال مباشرةً قبل لحن الثلاثة تقديسات في “ليتورجيا”القداس الإلهي.

كلمات اللحن مع الترجمة الحرفية:

الرُبع الأول (موضوع القيامة):

“باتشويس إيسوس بي خريستوس – فيئيتافتونف إيفول خين ني إثموؤوت – خين بي إهوؤو إمماه شومت –إكئِتونوونوستين خين تيك جوم”

(ياربي يسوع المسيح – الذي قام من بين المائتين – في اليوم الثالث – أنت يقيناً تُقيمُنا (تُنهضنا) بقوتك)

الرُبع الثاني (حلول الطَغمات السمائية):

“ني شيروبيم نيم ني سيرافيم – ني أنجيلوس نيم ني أرشي أنجيلوس – ني ستراتيا نيم ني كسوسيا – ني ثرونوس نيم ميت تشويس ني جوم”

(الكاروبيم والسارافيم – الملائكة ورؤساء الملائكة – العساكر (الجنود) والسلاطين – العُروش (الكراسي) والرُبوبيات والقوات)

الربع الثالث (رجوع إلى حَدَث الميلاد):

“إفئوش إيفول إيفجو إمموس – جى أووأوأوو إم إفنوتي خين ني إتتشوسي – نيم أووهيريني هيجين بي كاهي – نيم أووتيماتي خين ني رومي”

(هم دائماً يصرخون (يَصيحون) – هم دائماً يقولون – إن مجدَ الله في الأعالي – وسلام على الأرض – وسرور (مَسَرَّة) في البشر (الناس))

ويتميز هذا اللحن الجميل بالكلام عن الطغمات السمائية وعلاقتها بتمجيد الله، ومن المُلاحَظ في أعياد الكنيسة الكبيرة التي تَخُصُّ ظهور ربنا يسوع المسيح في الجسد،سواء في ميلادِهِ أو قيامتِهِ أو في صُعودِهِ، نَجِد ظهورالملائكة البَهِيّ للبشر مُرسَلينَ بمهامٍ واضحةٍ ليُبَشِّروابأعمال المسيح الخلاصية لأجل الإنسان، فنجد ظهور الملائكة في ميلادِهِ بدايةً من بِشارة الملاك غبريال (جبرائيل) للعذراء،ثم ظهور الملاك للقديس يوسف النجار يؤكد له أن حَبَل العذراء هو بفعل الروح القدس، ثم ظهور جَمعٌ من الملائكة للرعاة يبشروهم بميلاد المخلص، ثم نَجِد ظهور الملائكة أيضاًفي حَدَث القيامة المجيدة، حيث دَحرَجَ الملاك (ميخائيل) الحجر عن باب القبر مُعلِناً القيامة، وظهور الملاكان للمريماتِيُبَشِّراهُنَّ بالقيامة، كذلك لمريم المجدلية لإرسالها للتلاميذ لتُبَشِّرهم، ونَجِد كذلك في بداية سفر الأعمال ظهور ملاكَينِ للتلاميذ يُبَشِّرانهم بأن يسوع المسيح سيأتي مرةًأخرى نهاية العالم كما صَعِد هكذا، وتبعاً لدراسة لقُدسِأبينا القمص أثناسيوس فهمي نَجِد أن ملاكاً (الملاك سوريال) سَيُبَوِّق ببوقٍ عظيم عند قيامة الأموات، لكي تَجمَع الملائكةُ المختارين من الأربع رِياح الأرض لِيَقِفوا أمام عرش الديان، ويُحيط رَبَوات الملائكة بالعَرش ليُخبِروا بأعمال الناس وإحساناتِهِم أمام حضرة الله.

كل هذا الحَشد الكبير من الملائكة يجعلنا نَتَعايش مع هذا اللحن الرائع، الذي يُصَوِّر لنا كل فئات وطَغمات السمائيين وهي تُسبح ملكَ المجدِ الذي قام من الأموات مُنتصراً على الشيطان، وصنع الخلاص للبشرية، وانتصر على الموت وأعطانا الحياة، وهم يُعتَبَروا مثلاً لنا حتى نتعلم كيف نُسَبِّح ونُمَجِّد الله ونُحِس بالرَهبة أمامَهُ، خاصةً أنه يُقال مع الثلاثة تقديسات تحضيراً لقراءة الإنجيل المقدس، الذي تُعطي له الكنيسة مقداراً كبيراً من التَبجيل والاحترام وأهمية خاصة حيث أنه يمثل حضور الله في كلمته.

كما نَجِد في هذا اللحن ربطاً مابين ميلاد السيد المسيح وقيامته، وكأن الكنيسة تقول أن كلمة الله المُتَجَسِّد وُلِدَ من العذراء في مِلِء الزمان (غل4:4)، لكي يَقوم مُعطياً الخلاص لكل العالم، ولذلك يُرجِعنا باللحن إلى كلمات الملائكة للرعاة وقت الميلاد قائلين: “المجد لله في الأعالي وعلى الأرضِالسلام وبالناسِ المسرة” (لو2: 14)، فالله نزل إلى تواضعنا وَوُلِدَ لكي يقوم بعد موته ليخلصنا.

اللحن طقسياً:

يُقال هذا اللحن في عيد القيامة المجيد قبل لحن الثلاثة التقديسات، وفي الفترة السابقة لأوشية الإنجيل وقراءة الإنجيل المقدس، ويتَكَوَّن من مجموعة من الأرباع التي تُقال في مناسباتٍ كنسيةٍ عديدةٍ بحيث يكون الرُبع الأول مُتَغَيِّر في كلماته تبعاً للمناسبة الطقسية التي تَ