مساع لاجهاض محاولات نسف اتفاق السلام في مالي: الجزائر تتحرك دبلوماسيا وأمنيا لمواجهة التهديدات في الجنوب

عطاف يسلّم رسالة رئيس الجمهورية إلى نظيره النيجري
 كثفت الجزائر جهودها الدبلوماسية والأمنية لمواجهة التهديدات على الحدود الجنوبية، لإجهاض محاولات نسف التفاهمات القائمة بين الأطراف المتنازعة في مالي والتي أفضت إلى إبرام اتفاق المصالحة المالية برعاية جزائرية، كما امتدت المساعي نحو النيجر في إطار مبادرة مشتركة تهدف إلى تعزيز التفاهمات السياسية والأمنية وهي الخطوات التي توجت بالاتفاق على تسيير دوريات عسكرية حدودية مشتركة لمواجهة “التهديدات الأمنية”.
تسعى الجزائر لإجهاض كل المحاولات التي ترمي إلى إفشال مساعي إحلال السلم والأمن في مالي خاصة بعد العمليات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت مراكز أمنية في مالي، ومحاولات لضرب اتفاق المصالحة بين الفرقاء الماليين، وحث بعض الأطراف على التنصل من الاتفاق والعودة بالبلاد لنقطة الصفر، وهو ما دفع مجلس الأمن الدولي لدعوة الأطراف المالية إلى ضرورة التطبيق “السريع والكامل” لاتفاق الجزائر” مؤكدا أنه سيظل حجر الزاوية لسلام واستقرار دائم في مالي.
وفي سياق المساعي التي تبذلها الجزائر لإجهاض تلك المحاولات، جاءت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية أحمد عطاف إلى العاصمة المالية باماكو، يومي الأربعاء الخميس، تأكيدا لوقوف الجزائر إلى جانب الشعب المالي، والتأكيد على تثبيت اتفاق السلام الموقّع في الجزائر في ماي 2015، بين الحكومة المركزية في باماكو وحركات الأزواد  وتعزيز الثقة بين الطرفين، مع العمل على رفع كل عوامل التوتر بين الطرفين، والتي يمكن أن تؤدي إلى صدامات مسلحة بين الإطراف في مالي.
وقد أعلنت الجزائر ومالي رغبتهما في زيادة التنسيق لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة في جوارهما المشترك، مع الحرص على إزالة العقبات التي تحول دون تنفيذ بنود اتفاق الجزائر للتوصل لحل الأزمة بين الأطراف المالية. وخلال استقبال لوزير الخارجية أحمد عطاف من قبل رئيس مالي ورئيس المرحلة الانتقالية، العقيد عاصيمي غويتا، ناقش الطرفان، سبل تفعيل أطر التعاون، سواء الثنائية ذات المضمون الأمني أو متعددة الأطراف على غرار لجنة الأركان العملياتية المشتركة (تضم الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر)، في مواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة وتوسع رقعة الجريمة الدولية المنظمة في جوارهما المشترك.
كما تناول الجانبان آفاق تجاوز الصعوبات التي تعترض حاليا مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر. وفي هذا السياق، أعرب الرئيس عاصيمي غويتا عن بالغ تقديره للمساعي التي بادر بها الرئيس عبد المجيد تبون في سبيل دعم جهود التنمية في مالي، كما ثمّن عاليا، حسب نفس المصدر، جهوده الرامية للدفع بمسار السلم والمصالحة وتعزيز الثقة بين الأطراف المالية الموقعة على اتفاق الجزائر.
إعادة تكييف إطار التعاون الأمني متعدد الأطراف
و بخصوص الوضع الأمني في منطقة الساحل, صرح عطاف أنه "يتقاسم" الانشغال والتحاليل والأفكار ذاتها حول خطورة الوضع الأمني في منطقة الساحل، علماً أنّ هناك بيننا تعاون ثنائي فعال بشكل خاص قائم". كما أشار عطاف إلى أنّ "هناك أيضا لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC) التي نتناقش بشأنها مع أصدقائنا و أشقائنا الماليين من أجل إعادة تكييف إطار التعاون متعدد الأطراف للتعاون و مكافحة انعدام الأمن و اللااستقرار في منطقة الساحل". و خلص إلى القول "أغادر مالي متفائلاً بشكل خاص بكل ما سمعته من المسؤولين الماليين الرئيسيين و هذا يشجعنا أيضا على التفكير في المستقبل بتفاؤل كبير".
في هذا السياق أكد عطاف أن الجزائر "لن تدخر جهدا في دعم استعادة الأمن والسلم في جمهورية مالي انطلاقا من قناعتها الراسخة أن استقرار البلدين يظل كلا غير قابل للتجزئة".
التزام الجميع باتفاق الجزائر
وفي سياق الجهود التي تبذلها الجزائر بحكم توليها قيادة الوساطة الدولية ورئاسة لجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، أجرى وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، في باماكو، لقاءات عديدة شملت ممثلي الحركات المالية الموقعة على الاتفاق وكذا أعضاء مجموعة الوساطة الدولية، إلى جانب الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة في مالي، السيد وان القاسم.
وقد شكلت هذه اللقاءات التي جاءت في أعقاب المباحثات التي أجراها رئيس الدبلوماسية الجزائرية مع السلطات المالية، فرصة لتكثيف المشاورات وتبادل الآراء والتحاليل مع الأطراف المالية ومع الشركاء الدوليين حول سبل وآفاق تجاوز العقبات الحالية التي تعترض استكمال مسار السلم والمصالحة في هذا البلد الشقيق.
توجت هذه اللقاءات سواء مع الجانب الحكومي أو الحركات الموقعة على تأكيد التزام الجميع باتفاق الجزائر واستعدادهم للانخراط بكل جدية في المساعي التي تبذلها الجزائر بهدف بناء وتعزيز الثقة بين الأطراف المالية وضمان الاستئناف السريع والتوافقي لأنشطة آليات متابعة تنفيذ الاتفاق.
وأبدى أعضاء الوساطة الدولية وممثل الأمم المتحدة دعمهم التام للجهود التي ما فتئت تبذلها الجزائر تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون لدعم أمن واستقرار جمهورية مالي، معربين في ذات السياق عن “تطلعهم لمواصلة العمل تحت قيادة الجزائر للدفع بأهداف السلم والمصالحة والتنمية المستدامة في هذا البلد وهو ما من شأنه أن يسهم في إرساء دعائم الأمن في المنطقة برمتها”.
وبعد مالي، توجه وزير الشؤون الخارجية إلى النيجر، حيث سلم رسالة خطية من رئيس الجمهورية، إلى نظيره النيجري محمد بازوم، حسب بيان للوزارة. التي أكدت بان الوزير عطاف حظي خلال هذه الزيارة بمقابلة الرئيس محمد بازوم، حيث سلمه رسالة خطية من أخيه رئيس الجمهورية وأبلغه تحياته الأخوية والتزامه التام بمواصلة العمل معه لتجسيد طموحهما المشترك في تقوية الروابط التاريخية بين الجزائر والنيجر وبناء شراكة اقتصادية تعود بالنفع على الجانبين وعلى المنطقة برمتها".
في هذا السياق، "تم التأكيد على الأهمية والعناية التي يوليها الرئيسان لتجسيد برامج التضامن التي تشرف عليها الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي لفائدة سكان شمال النيجر تحديدا منطقة أغاداز وكذا مشاريع التعاون الاقتصادي، سواء ذات الطابع الثنائي في قطاع المحروقات، أو متعدد الأطراف على غرار مشروعي الطريق وخط الألياف البصرية العابرين للصحراء ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا-الجزائر مرورا بالنيجر".
أطلع الوزير الرئيس محمد بازوم على واقع العلاقات في المنطقة وكذا على الجهود التي تبذلها الجزائر من أجل إزاحة العقبات التي تعترض مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي، وهي المساعي التي أكد الرئيس محمد بازوم دعمه التام لها في إطار عضوية النيجر للجنة الوساطة الدولية تحت رئاسة الجزائر".
كما عقد وزير الشؤون الخارجية، جلسة عمل مع نظيره النيجيري، السيد حاسومي مسعودو، حيث أكد الطرفان على تطابق مواقف البلدين حول سبل مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في منطقة الساحل والصحراء، حيث أشادا بمستوى التنسيق بين البلدين سواء على الصعيد الثنائي عبر آليات التعاون الأمني، أو على المستوى متعدد الأطراف من خلال لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC).
دوريات مشتركة على الحدود بين الجزائر والنيجر
وتزامنت المساعي الدبلوماسية، مع الإعلان عن تدابير أمنية جديدة لمواجهة التهديدات الإرهابية على الحدود المشتركة بين الجزائر والنيجر، وذلك بمناسبة زيارة العميد إبراهيم عيسى بولاما، نائب رئيس أركان القوات المسلحة النيجرية، إلى الناحية العسكرية السادسة يوم 25 أفريل 2023، على رأس وفد عسكري، حيث استقبل من طرف اللواء محمد عجرود قائد الناحية العسكرية السادسة.
وخلال هذه الزيارة، ترأس اللواء محمد عجرود اجتماعا تنسيقيا مع الوفد النيجيري، تباحث فيه الطرفان سبل التجسيد الميداني للمقاربة الأمنية التي تتبناها القيادة العليا لجيشي البلدين في مجال مجابهة مختلف أشكال التهديدات الأمنية على رأسها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود وكذا الهجرة غير الشرعية، في هذا الصدد تم الاتفاق على ضرورة تكثيف التنسيق العملياتي الميداني ببرمجة دوريات مشتركة على كامل الشريط الحدودي الفاصل بين الجزائر والنيجر.
خلال هذا الاجتماع أكد العميد إبراهيم عيسى بولاما، على تطابق رؤى وتحاليل قيادتي البلدين بخصوص القضايا الأمنية الراهنة كما اغتنم السانحة ليؤكد أن بلاده على استعداد تام لتعزيز أواصر التعاون العسكري الثنائي. في ختام اللقاء، أمضى الطرفان على محضر الاجتماع وتبادلا هدايا رمزية، ليوقع بعدها نائب رئيس أركان القوات المسلحة النيجيرية على السجل الذهبي للناحية العسكرية السادسة.                                  
ع سمير

تاريخ الخبر: 2023-04-29 03:25:04
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية