هذه دلالات توقيف وزير سابق ومتابعته قضائيا


ما دلالات توقيف البرلماني الحركي والوزير الأسبق محمد مبدع في الظرفية الحالية؟ صحيح أن وضع النائب البرلماني قيد الاعتقال الاحتياطي جاء بعد سيرورة قضائية طويلة وتحقيقات أمنية استوفت كل شروطها، لكن من المؤكد أن هذا القرار له كثير من الدلالات في السياق الحالي الذي تعيشه بلادنا. إنه رسالة إنجاز وحزم جديدة ينبغي لنا الانتباه إليها كثيرا لاستخلاص الدروس والعبر. قضية محمد مبديع ستأخذ مسارها في القضاء وسيظل الرجل بريئا طبعا حتى تثبت إدانته، لكن الرسائل السياسية التي تنبعث من مثل هذه القضايا لا تقل أهمية عن الرسائل القضائية والجنائية. وأهم رسالة يمكن أن نستهل بها هي أنه لا أحد فوق القانون.

فقبل بضع سنوات أطلق الملك محمد السادس شعارا بدأت ملامح تنزيله منذ فترة ويتعلق الأمر بربط المسؤولية بالمحاسبة. لقد كان محمد مبديع منتخبا محليا وبرلمانيا ووزيرا وتقلد الكثير من المسؤوليات بما في ذلك مسؤوليات الأمر بالصرف وتدبير المال العام. ومن المفيد في الوقت الذي تعيش فيه بلادنا طفرة من الأوراش الإصلاحية وخصوصا في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، عبر برامج من قبيل تعميم الحماية الاجتماعية أو تأهيل مناخ الاستثمار، أن تشكل الحرب على الفساد بكل أشكاله نمطا إداريا عاديا وطبيعيا في مجتمع بنى الكثير من المؤسسات وكرّس بعمق ثقافة حقوق الإنسان وثبت قواعد الديمقراطية.

تثبيت هذه القواعد وتكريس تلك الثقافة يؤدي بشكل آلي إلى اصطياد كل من تسول له نفسه التلاعب بالمال العام أو استغلال النفوذ أو التفريط والتقصير في أداء مسؤولياته التي أوكلت له. ومن هنا فإن فتح ملفات الفساد وإنهاء التحقيقات الجارية في الكثير من القضايا يمثل إشارة مهمة لأولئك المستثمرين الذين تريد بلادنا أيضا استقطابهم واستقطاب رؤوس أموالهم الهائلة من أجل خلق دينامية اقتصادية وتنموية جديدة وتوفير فرص الشغل وإنتاج الثروة. عندما تصبح محاربة الفساد ثقافة راسخة وركنا ركينا من أسس النظام العام فإن هذا الأمر يخلق جوا من الطمأنينة والإحساس بالأمن والأمان بالنسبة لرؤوس الأموال ويشجع أصحابها على الاستقرار والاستثمار أيضا.

هناك مخاطَب آخر بهذه القرارات الخاصة بمحاربة الفساد ومتابعة المفسدين. إنهم المسؤولون والمنتخبون والوزراء الذين يتحملون المسؤولية في الوقت الراهن. عندما يُعتقل مسؤول سابق أو حالي ويُودَع السجن ويفتح ملف متابعته قضائيا فهذه رسالة بليغة إلى كل هؤلاء المسؤولين من أجل الانضباط واحترام القانون وتحصين للمال العام من التعرض للنهب أو الاختلاس، خصوصا في زمن الأزمة الاقتصادية وارتفاع مستويات التضخم وتأثر القدرة الشرائية للمواطن البسيط. لا أحد إذاً يمكن أن يفلت من سطوة القانون ورقابة العدالة، وهذه ثقافة سياسية يجب أن يستوعبها أولا وقبل كل شيء من انبروا للعمل السياسي وللمسؤوليات وبحثوا عنها وعضّوا عليها بالنواجذ.

فالرغبة في تحقيق الطموح الشخصي عبر تسلق هرم المسؤوليات السياسية أو الإدارية ينبغي أن يوازيه أيضا التزام حقيقي بقواعد الشفافية والمعايير القانونية وبما تفرضه المصلحة الوطنية قبل أي شيء آخر. لم يعد أبدا من المقبول أن تتحول السياسة إلى مصدر للاغتناء والتربّح لأي كان، لأنها في الأصل ليست كذلك، إنها أداة لخدمة الناس وتعزيز القدرة الاقتراحية من أجل حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وكذا لتدبير الخلافات السياسية والفكرية بطريقة سلمية. هذا هو الدور الأصيل للسياسة، وهذا هو الدور يجب أن يؤمن به رجالها والمسؤولون ممن كتب لهم أن يجدوا أنفسهم في مواقع المسؤولية. لقد ولّى ذلك الزمن الذي كان فيه العمل السياسي شرفا لصاحبه يمنحه مرتبة اجتماعية وطبقية معينة، وأضحى الموقع والمنصب اليوم مسؤولية محفوفة بالكثير من التبعات والأعباء.

تاريخ الخبر: 2023-04-29 09:25:25
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:06
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

رسميا.. انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:04
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

عاجل.. تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:10
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

رسميا.. انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:25:56
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية