لحن “باتشويس إيسوس بخريستوس” (٢)


بقلم: م. منــير وصـــفي بطـــــرس

باحث في موسيقى الألحان القبـطية

مـــدرس مــــادة اللــــحن الكنـــسي

بمعــــهـــد الرعـــــاية والتـــــربيــة

اللحن طقسياً:

يُقال هذا اللحن في عيد القيامة المجيد قبل لحن الثلاثة التقديسات وفي الفترة السابقة لأوشية الإنجيل وقراءة الإنجيل المقدس، ويَتَكَوَّن من مجموعة من الأرباع التي تُقال في مناسبات كنسية عديدة، بحيث يكون الرُبع الأول مُتَغَيِّر في كلماته تبعاً للمناسبة الطقسية التي تَمُر بها الكنيسة، أما الرُبعان التاليان فهما ثابتان في كل المناسبات (الشاروبيم والسارافيم ……. / صارخين قائلين المجد لله……..).

وهذا اللحن له ارتباط بلحن الثلاثة تقديسات، حيث يَتَّفِقان في نَفسِ الموضوع وهو تمجيد الطغمات السمائية لله، كما سَمِعَهم النبي إشعياء وقت ظهور مجد الله (أش 6: 2، 3)،كما يَذكُر التاريخ أن ذلك هو نفسه ما سَمِعَهُ القديسان يوسف ونيقوديموس أثناء تكفين جسد السيد المسيح والملائكة يسبحون الله الكلمة المتجسد، فكلا اللحنين يُوَضِّحان تمجيد الملائكة للإلهَ المتجسد الذي وُلِدَ، والذي صُلِبَ وقبر وقام،ولذلك يُقال لحن (المحَيَّر) في المُناسبات السَيِّدية وخاصةًفي عيد القيامة محور موضوعِنا.

وحسب قول إشعياء يُقال اللحن بالتَناوب بين خورسَين وهم واقفين، ولأن هذا اللحن يُعَبِّرعن التسبيح؛ فلذلك يُستَخدَم فيهِ آلتي الإيقاع الناقوس والمثلث.

لحن محَيَّر القيامة من الناحية الموسيقية:

من ناحية تَسمِيَة اللحن (المحَيَّر) طقسياً وموسيقياً معناهأنه لحن مابين التطويل النغمي (الميليسما) والأسلوب الدمج (سيلاباتيك)، أي أن النغمات تطول بِعَدَد محدود، أي كل حرف لفظي مُتَحَرِّك تُقابِله ثلاث أو أربع نغمات، وهذا الأسلوب في الموسيقى أَقرب إلى أسلوب (نيوماتيك)، ولذلك فاللحن وكأنه تَحَيَّرَ مابين اللحن الطويل المُمتَد (مثل لحن ال القربان) ومابين اللحن السريع المَليىء بِضَخ كلمات كثيرة فيه (مثل الهوس الأول)؛ ولذلك فإن لحن محير القيامة يتبع هذا النوع الأوسط من الصياغة الموسيقية.

التركيب اللحني:

اللحن عبارة عن فكرة موسيقية مُكَرَّرَة سِتَّ مراتٍ، كل مرتَين يُكَوِّنوا رُبعاً واحداً من اللحن، وهذه الفكرة الموسيقية تَنقَسِم إلى جُملتَين، الأولى (8 موازير) أصغر من الثانية (12 مازورة).

نَجِد أن هذا اللحن يَمتاز بالإيقاع الواضح في وزن ثنائي،يُعَبِّرعن النشاط والحيوية، و يَموجُ بالحركة في مَوجاتٍمُتتالية من الصعود والهبوط النغمي، التي لا تخلو من القَفَزَات اللَّحنية دَلِيل على الفَرحة والبَهجة والتَواصُل،وربما هذا يُذَكِّرنا بِحركة الملائكة صعوداً وهبوطاً من السماء إلى الأرض والعكس كما ظهروا لأبينا يعقوب على سُلم ما بين السماء والأرض، ويُذَكِّرنا بقول القديس بولس الرسول “أليس جميعُهُم أرواحاً خادِمةً مُرسَلِة للخدمة لأجل العَتيدين أن يَرِثوا الخلاص” (عب1: 14)، ويُذَكِّرنا كذلك بما قاله الكتاب أيضاً عن المُصالحة مابين السمائيين والأرضيين، وعن فرحةِ الملائكة بخاطىءٍ واحد يتوب، وكل هذا كان بفِعل القيامة المجيدة التي حققت الصُلح وفَتَحَت بابَالفردوس.

وكَمِثل باقي ألحان الطقس الفرايحي فقد خصصت الكنيسة القبطية الأورثوذكسية مقام البياتي للتعبير عن الفرح الروحي (كما ذكرنا في مقال سابق)، والذي يؤَكِّد إحساس الفرح والنشاط الإيقاع الثنائي مع سرعة اللحن (حوالي 110 نبضة في الدقيقة) وهي متوسطة السرعة، ويؤهلنا هذا النشاط الروحي أن نشتاق للتلاقي مع ربنا يسوع المسيح في كلماتِه المُحيِيَة من خلال الإنجيل المقدس، ويؤكد هذا الإحساس وجود آلتي الإيقاع الكنسيتين (الناقوس والتريانتو).

أما من حيث الركوزات اللحنية في نهاية الجُمَل الموسيقية فالمقام (البياتي) ركوزه الأساسي على (رى)، وكما ذَكرتُ أن هذا اللحن عبارة عن فكرة واحدة مكونة من جُملتَين موسيقيتَين، أولهما تنتهي على الدرجة الثانية (مي سيكة) في المقام، والجُملة الثانية ترتكز على الدرجة الثالثة من المقام (فا)، وهذه الرُكوزات الغَريبة تُعطي حالة من الإندهاش من عظمة الله والحالة الروحية التي ندخل فيها، لنحاول أن نَتَرَجَّى ما لايُرَى ولايُسمَع بالحواس البشرية (كما رأى القديس بولس الرسول)، وكما اندهش النبي القديس إشعياء وهو يسمع الطغمات السمائية وهي تسبح الله قائلة: “قدوس قدوس قدوس”، واللحن حين يُعَبِّر عن حالة البهجة والفرح والنَشوة بهذه الحالة الروحية العجيبة والفريدة نشترك مع السمائيين في تسبيح الله أمام عرشه العظيم.

إن هذا اللحن يؤهلنا في القداس الإلهي أن نتلاقى مع تسابيح الملائكة والطغمات السمائية، وكما يقول القداس الغريغوري “الذي أعطى الذين على الأرض تسبيح السارافيم”، نتعلم منهم التسبيح ونتعلم كيف نُرَتِّل بنشاط وتهليل، ونتعلم منهم أيضاً كيف نَتَهَيَّأ ونَستَعِد للقاء ربِّالمجد بالوقار والإجلال المطلوب، ونتعلم منهم كيف نَعيش حالة الفرح المُقَدَّس بكل أعماله الخلاصية، وخاصة ونحن في عيد القيامة المجيدة نتذكر قيامتَهُ التي أعطتنا الخلاص،وأعطتنا جِدَّة الحياة، وأعطتنا عُربون القيامة العامة بأجساد مُمَجَّدة نورانية.

رابط لحن محير عيد القيامة المجيدة (باتشويس إيسوس بي خريستوس) مع لحن آجيوس الفرايحي أداء خوروس معهد الدراسات القبطية

تاريخ الخبر: 2023-05-04 09:21:43
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:12
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:30
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية