شدد ممثلو النقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدنى والأهلى على أهمية الحوار الوطنى، سواء فى حل مختلف المشاكل والأزمات التى تواجه الوطن بصفة عامة، أو فى مناقشة التحديات التى تواجه هذه النقابات والمؤسسات وتقديم حلول فعالة لها. 

وتوافق ممثلو النقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدنى والأهلى، خلال استضافتهم فى ندوة «الدستور»، على ضرورة أن تكون النقابات المهنية هى الاستشارى الأول للدولة، بما تضمه من خبرات وكفاءات مهنية، وخلال كلمته فى الندوة، نبه الدكتور محمد الباز، رئيس مجلسى إدارة وتحرير «الدستور»، إلى ضرورة البحث عن حلول واقعية لمشكلات النقابات المهنية، خاصة أن هذه النقابات تمثل جزءًا واسعًا من المجتمع.

وقال «الباز»: «فى ندواتنا داخل (الدستور)، اتفقنا أن يكون النقاش مفتوحًا، ولا يوجد هدف معين أو تصور متفق عليه، فطالما أنه حوار للجميع أن يقول ما يشاء، وهذه هى الفكرة الأساسية فى ندواتنا أو فى الحوار الوطنى».

وأضاف: «على مدار سنوات طويلة فى أى ندوات أو لقاءات، نجد أن الأطراف الموجودة لديها تصور وتوصيف كامل للمشكلة، وكذلك للحلول، لكن الحلقة المفقودة هى تطبيق هذه الحلول بشكل يُحدث فارقًا ويواجه تلك المشكلات، أو بمعنى آخر ما الذى يمنع تطبيق الحلول المتفق على جدواها فى حل المشكلات؟».

وشرح: «لا يجب أن نستعرض المشكلات والحلول فقط، لكن يجب البحث عن الحلقة المفقودة التى تحول هذا الإدراك إلى برنامج عمل يتحقق على أرض الواقع، وهذا ما نحتاجه من الحوار الوطنى، حتى لا يتحول إلى كلام فقط أو تفريغ طاقة البعض فى الحديث».

«المهندسين»: تشكيل مجلس أعلى للنقابات برئاسة رئيس الوزراء 

قال المهندس طارق النبراوى، نقيب المهندسين، إن الحوار الوطنى جاء فى توقيت حساس للغاية، لذا من أول يوم أعلن الجميع عن دعمه هذه الفكرة المهمة جدًا.

وأضاف «النبراوى»، لـ«الدستور»: «تأخرنا قليلًا، لكن الجلسة الافتتاحية كانت فى الحقيقة معبرة عن كل التيارات وأطياف الشعب، وهذا أمر أعطانا إحساسًا وثقة فى إتمام الأمر بشكل يحقق المأمول منه».

وتمنى أن يكون الحوار مفتوحًا، وتطرح فيه مشكلات هذا الوطن كلها، مشيرًا إلى أن أى حوار شهدته البلاد على مدار تاريخها الطويل، أسهم فى إحداث تقدم ما.

وأعرب نقيب المهندسين عن ثقته فى قدرة الحوار الوطنى على أن يكون دافعًا إلى الأمام، مضيفًا: «قد لا نستطيع تحقيق كل شىء، لكن التحرك من موقف ثابت هو أمر إيجابى نستطيع أن نبنى عليه لاحقًا».

ورأى أن الحوار الوطنى يفتح آفاقًا لتفاعل مجتمعى مع كل القضايا الوطنية، وهو ما يعكس أن مصر دائمًا تتسع لكل أبنائها تحت مظلة وطنية جامعة تصب فى مصلحة ورفعة الوطن. وكشف عن هدف نقابة المهندسين من المشاركة، وهو تعزيز التواصل بين المجتمع من خلال النقابات المهنية، والدولة بمختلف أجهزتها، مشيرًا إلى أن النقابة عقدت سلسلة لقاءات داخلية وأخرى مع العديد من النقابات، لتحديد رؤيتها التى ستشارك بها فى الحوار الوطنى.

وأضاف: «هذه المناقشات انتهت إلى رؤية مكونة من ٦ نقاط، تم تقديمها إلى مجلس أمناء الحوار الوطنى، وستكون محور مشاركة النقابة فى جلسات اللجان المعنية بالعمل النقابى، بهدف أساسى وهو دعم حركة النقابات المهنية، خاصة أن هذه النقابات تمثل ٤٠٪ من المجتمع».

وأوضح أن هذه الرؤية تضمنت تأكيد أن النقابات المهنية- ومنها المهندسين- هى «الاستشارى الأول للدولة»، بما تضمه من خبرات مهنية فى كل التخصصات، وما يترتب على ذلك من تعاون بين الحكومة وأجهزة الدولة مع النقابات، مضيفًا: «لا بد من الاستعانة بالنقابات من قبل الحكومة، كل فى مجال اختصاصه».

وشدد على أهمية دعم الدولة لدور النقابات المهنية، من أجل المساهمة فى حل مشكلات وأزمات أعضائها وتحسين أوضاعهم، وتفعيل دور النقابات فى البحث العلمى، وخَلْق كوادر جديدة من الشباب ذوى العلم والفكر.

وأشار إلى تقديم مقترح بتشكيل «مجلس أعلى للنقابات»، برئاسة رئيس الوزراء، لبحث السياسات والاقتراحات وإيجاد حلول لأى من مشكلات المجتمع.

«الصحفيين»: تعديل التشريعات المنظمة للصحافة.. وتحسين الأجور

وصف الكاتب الصحفى جمال عبدالرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين، دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى بأنها مهمة للغاية، مشيرًا إلى أنه على مدى عام عُقدت سلسلة من الندوات واللقاءات، حتى الوصول إلى افتتاح ضخم ومحترم، ضم كل الأطراف من حكومة ومعارضة وفئات الشعب المختلفة.

وأضاف «عبدالرحيم»: «شهد الافتتاح كذلك كلمات دقيقة ومحترمة من المتحدثين، وأتمنى أن تلبى نتائج الحوار آمال المواطنين والفئات المشاركة، وأن يتسع صدر المنظمين للاستماع إلى كل الفئات، حتى نصل لنتيجة عادلة تحقق ما ينتظره المواطن فى الشارع من الحوار».

وفيما يتعلق بنقابة الصحفيين، قال «عبدالرحيم»: «مجلس نقابة الصحفيين حرص على عقد جلسات نقاشية للاستماع إلى رؤية أعضاء الجمعية العمومية بشأن المشاركة فى الحوار الوطنى، وعُقدت جلسات مثمرة للغاية تم الانتهاء منها إلى عدة بنود ستكون موضع مداخلاتنا فى جلسات الحوار».

وأضاف: «نأمل فى تخصيص بعض الجلسات لمناقشة الأزمات التى تواجه صناعة الصحافة والإعلام»، مشيرًا إلى أنه على رأس مطالب النقابة إطلاق سراح الصحفيين المحبوسين، والإفراج عن سجناء الرأى الذين لم يتورطوا فى ممارسة العنف أو التحريض عليه، وتعديل مواد الحبس الاحتياطى فى قانون الإجراءات الجنائية.

وأضاف: «نطالب كذلك بتعديل التشريعات المنظمة للصحافة والإعلام، بما يرسخ استقلال المؤسسات الصحفية، ويسهل أداء الصحفيين لواجبهم المهنى، ويرفع القيود التى فرضتها بعض مواد تلك القوانين على حرية الرأى والتعبير، ويحسن أجور العاملين فى المهنة، بما يتناسب مع طبيعة الواجب الملقى على عاتقهم ومعدلات التضخم الأخيرة».

وشدد على إصدار قانون حرية تداول المعلومات، إنفاذًا للمادة ٦٨ من الدستور، على أن تكون النقابة حاضرة ومشاركة وطرفًا فى المناقشات التى تسبق إصدار هذا القانون، لأن هذا الأمر لا يخص الصحفيين فقط، لكنه مهم كذلك لرجل الشارع العادى ولكل الفئات.

كما طالب بضرورة إلغاء العقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر والعلانية، إنفاذًا للمادة ٧١ من الدستور، وتيسير إجراءات إصدار الصحف والمواقع، ففى الوقت الذى تحدث فيه الدستور عن «الترخيص بالإخطار»، تم وضع الكثير من العراقيل فى القانون، من بينها اشتراط دفع مبالغ باهظة للغاية مقابل إصدار الصحف.

ونبه أيضًا إلى ضرورة دعم صناعة الصحافة، وتدخل الدولة لتخفيف الأعباء عن المؤسسات الصحفية.

«المحامين»: حلول لمشكلة الضرائب والرسوم القضائية 

أكد ناصر العمرى، عضو مجلس النقابة العامة للمحامين، أن النقابة تشارك فى الحوار الوطنى بعد وضع رؤية واضحة تتضمن حلولًا جذرية للمشكلات والأزمات التى تواجهها، مؤكدًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يبذل جهودًا كبيرة حتى تصبح مصر فى مقدمة بلدان العالم.

وطالب «العمرى» بأن يسهم الحوار الوطنى فى إعادة الدور الرئيسى للنقابات الذى غاب سنوات طويلة، مضيفًا: «وضعنا فى نقابة المحامين رؤية للمشاركة تحل كل مشكلات العمل النقابى وتدعم خطط الدولة نحو التنمية وتحقق حياة كريمة للمواطنين».

وأشار إلى أن رؤية النقابة تتضمن حلولًا لمشكلة الضرائب والرسوم القضائية مع وزارة المالية، وأيضًا تطوير العمل داخل المحاكم، ومنع المشكلات التى تحدث نتيجة عدم اتباع الموظفين للنظم الحديثة.

وقال «العمرى» إن النقابة تسعى لحل أزمة الفاتورة الإلكترونية، مطالبًا بتخفيض الرسوم المطلوبة من الأعضاء فى فواتير الكهرباء وغيرها من الخدمات.

وشدد على ضرورة اتباع آليات سريعة ومستدامة للتواصل مع جهات الدولة المختلفة بهدف خلق آليات وتفاهمات مشتركة فى المستقبل لحل الأزمات والمشكلات وإيجاد حلول واقعية لها.

كما أشار إلى ضرورة دعم النقابات المهنية من قبل الجهات الحكومية فى سياسة التطور والتحول الرقمى، وأن يتم هذا الأمر بدرجة كبيرة من الدقة والتأهيل حتى يتحقق المرجو منه، وأن تكون النقابات على نفس درجة التطوير الذى يجرى فى المؤسسات الحكومية. وأشار إلى أن مصر الآن فى حاجة ماسة لهذا الحوار فى مختلف القطاعات، قائلًا: «نقابات المحامين جزء لا يتجزأ من ضمير الأمة وكيان الوطن، ونأمل أن ينتهى الحوار إلى نتائج إيجابية تحقق الرضا بين الفئات وعموم الناس».

«مجلس الشباب المصرى»:الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان مرجعيتنا 

أوضح محمد ممدوح، رئيس مجلس الشباب المصرى، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن مشهد انطلاق الحوار الوطنى، فى ٣ مايو، الذى رآه الجميع، يجيب عن سؤال: «لماذا تأخر انطلاق الحوار الوطنى؟»، فقد استغرق الإعداد له نحو عام حتى الوصول لهذا المشهد المشرف فى الجلسة الافتتاحية. وأوضح «ممدوح»: «حرصت الدولة بكل قطاعاتها على إشراك جميع فئات الشعب المصرى فى الحوار الوطنى، وفى سبيل ذلك عقد مجلس الأمناء ٢٣ جلسة على مدار العام الماضى، إضافة إلى اللقاءات التى عقدت مع عدد من منظمات المجتمع المدنى، التى شارك فيها مجلس الشباب المصرى». وأضاف: «الجميع كانت لديه تطلعات حول الحوار الوطنى، وما رأيناه هو أن كل فئات الشعب المصرى مؤمنة بضرورة الحوار، فلم يكن هناك رافض واحد فى الدولة لأهمية التحاور، ولكن هناك رغبة فى معرفة كيفية استثماره بأفضل طريقة ممكنة، ليقدم حلولًا حقيقية وواقعية لمشكلات الشعب المصرى». وأشار إلى أن ما سنراه خلال الفترة المقبلة هو فرصة لتعزيز المشاركة فى الشأن العام، بما يشمل إشراك النقابات والمجتمع المدنى فى عملية صنع القرار، مؤكدًا: «المرجعية هى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى تمثل طفرة فى هذا الملف، وتعبر عن الدولة التى عملت عليها».

وتطرق «ممدوح» إلى الحديث عن القوانين والتشريعات، قائلًا: «هناك ما يزيد على ٥٣ ألف تشريع سارٍ ينظم حياة المصريين، منها تشريعات عمرها أكثر من ١٠٠ عام، ومنها ما جرى تعديله، وأصبح التعاطى مع بعض التشريعات غير مناسب للوقت الحالى».

«المصرية للحقوق الاقتصادية»:زيادة الموارد وحل مشكلات الجمعيات الأهلية

أشارت زينب خير، رئيس الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عضو لجنة النقابات والمجتمع المدنى فى الحوار الوطنى، إلى أن الجلسة الافتتاحية كانت قفزة للأمام وتعطى رسالة طمأنة. وأوضحت «زينب»: «حضر الجلسة جميع الفئات من مختلف التيارات السياسية، فرأيت الجميع خلال رحلتى فى العمل العام التى تقارب الـ٣٠ عامًا»، مؤكدة أن تأخر الجلسة الافتتاحية سببه الحرص على مشاركة الجميع، وكان المشهد رائعًا وأكد أن هناك رؤية وإرادة من الجميع لإحداث حالة من التقدم. وأضافت أن تواجد المجتمع المدنى بهذه الصورة القوية فى الجلسة الافتتاحية، خاصة بعد صراع ظل لفترات طويلة، خطوة قوية ويجب الاستفادة منها والوصول لنتائج، فالحوار ليس تفاوضًا، بل هو لتقريب وجهات النظر، والوجود على طاولة واحدة، للخروج بنتائج قوية يتم العمل عليها.

وأشارت إلى أنه فيما يخص العمل الأهلى داخل اللجنة فى الحوار، فهناك جزئيتان، الأولى خاصة بالعاملين فى المجتمع المدنى «الموظفين»، والثانية تخص المعوقات التى تقف فى طريق العمل الفعلى، موضحة: «هناك مشكلة حول العاملين فى قطاع العمل الأهلى بشكل عام، والمجتمع المدنى، والنقابة التى ينتمى إليها العاملون فى الجمعيات الأهلية، فقانون النقابات يضمهم ضمن نقابة العاملين فى الخدمات الإدارية وهى نقابة تضم ٥٦ مهنة». وأكدت: «المجتمع المدنى أول من يتأثر بالاقتصاد الرقمى، فيحدث نقص فى الموارد، سواء من المتبرعين أو الشركات الداعمة للجمعيات، وهو ما تجب دراسته وزيادة موارد المؤسسات الأهلية، كذلك دور المجتمع الخاص وعلاقته بالمجتمع المدنى».