بقلوب مليئة بالأسى والحزن، ودّع أبناء جمعية النهضة العلمية والثقافية «جزويت القاهرة»، أمس، أباهم الروحى ومعلمهم الأب وليم سيدهم اليسوعى، رئيس مجلس إدارة الجمعية، الذى رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء لإعلاء قيمة الثقافة والفنون فى مصر.

ونعت الجمعية الأب وليم سيدهم اليسوعى، قائلة: «صاحب رحلة كبيرة من العطاء المخلص والمؤثر، وقدم كامل حياته لخدمة الثقافة والفنون وإتاحتها لأبناء الوطن بكل الحب والتفانى والقناعة.. كان الأب الروحى لآلاف الشباب من أجيال عديدة، مادًا ذراعه ليساعدهم فى تحقيق ذواتهم فى كل مجالات الفنون، إيمانًا منه بحق جميع البشر فى التعلم.. رحلة هى النموذج المتجلى لمعنى العطاء والحب والجمال».

ولد الأب وليم سيدهم عام ١٩٤٧، فى قرية جراجوس بقنا، وحصل على الشهادة الابتدائية بمدرسة الكاثوليك بالقرية، تحت إشراف الآباء اليسوعيين، والتحق بكلية الآداب قسم فلسفة وعلم نفس، وتخرج فيها عام ١٩٧١، ليبدأ مشواره مع الرهبنة اليسوعية وخدمة المجتمع.

التحق وليم سيدهم بالرهبنة اليسوعية بالقاهرة، ثم تدرب سنتين فى ألمانيا، وبعدها سافر إلى فرنسا لدراسة علم اللاهوت لمدة ٤ سنوات، وحصل على درجة الماجستير بالفلسفة فى كتاب ابن رشد، بعنوان «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال».

أصبح كاهنًا فى سن ٣٤ عامًا، وجرى تعيينه فى جمعية الصعيد للتنمية، التابعة للرهبنة اليسوعية، والتى من خلالها نظم الكثير من الجولات فى القرى والمدن لخدمة وتنمية أبناء مجتمعه.

وفى الذكرى الخمسين لرهبنة الأب وليم سيدهم اليسوعى قال عنه الكاتب سليمان شفيق: «لا يمكن كتابة شهادة عن الأب وليم سيدهم اليسوعى دون ربط الراهب الثائر والمثقف العضوى والزاهد بما أنتج من ممارسة وفكر واستنباط للاهوت التحرير وتمصيره».

وكتب الأب وليم فى الماضى عن ارتباطه بالكنيسة والفن: «توجد كتابات كثيرة عن الإيمان المسيحى توضح أن الله جل جلاله أبدع فسوى القرآن الكريم.. أتفق فى ذلك.. وعندما خلق الكون خلقه جميلًا جمالًا، وبالتالى فالفن من أول ما ظهر الإنسان، وبدأ يعبر عن نفسه وبدأ يرسم على الكهوف والمغارات، ولو تصور العصور الوسطى كل الكنائس فى أوروبا كلها كانت تماثيل وفنون ونحت».

بدأ فى الكتابة عام ١٩٨٨، بمقالات فى عدد من المجلات الثقافية، ثم ترجم أول كتاب وثائقى له عن الفاتيكان فى عام ١٩٨٩، وتوالت أعماله حتى وصلت إلى واحد وعشرين كتابًا عن لاهوت التحرير.

وكتابه الأكثر شهرة «جراجوس»، عن تلك القرية فى صعيد مصر، التى يتنمى إليها، إذ استعان بأرشيف جمعية الجزويت فى إصدار هذا الكتاب، موثقًا بقلمه حياة أبناء قرية جراجوس التى كانت تمتاز بصناعة الخزف والنسيج.