كيف يتحول التعليم المجاني إلي تعليم بمصروفات
كيف يتحول التعليم المجاني إلي تعليم بمصروفات
شهر سبتمبر.. مهم في كل بيت, فالإجازات تنتهي فيه, والأسر تعود في نهايته من المصايف, لتستعد لدخول المدارس, والمشكلة أن شهر سبتمبر يعقب شهور الصيف التي تكتسح معها ميزانية ضخمة تحتاج إليها الأسرة في الاستعداد للعام الدراسي القادم.
ولابد أن تستعد كل أسرة لمواجهة نفقات واحتياجات الأولاد لدخول المدارس, ورغم مجانية التعليم, فإن الأسرة تواجه نفقات قد تبدو بسيطة وهي منفردة, ولكنها تتجمع لتكون في النهاية عبئا حقيقيا, وتواجه الأسرة في الحقيقة عدة مشكلات يجب أن تجد حلا.
المشكلة الأولي: مشكلة الزي المدرسي.. والمدارس الحكومية لا تطلب سوي المرايل العادية البسيطة, ورغم كذلك فإن هذه المرايل تختفي بمجرد أن تظهر في محل من محلات القطاع العام, وفي أغلب الأحوال لا يشتريها الآباء, والأمهات, وإنما تصل إلي أيدي تجار يعيدون بيعها بثمن أعلي من سعرها الأصلي, وفرق الثمن يمثل ربحا لهذا التاجر, وعبئا علي الأسر.
والمشكلة الثانية: مشكلة المدارس الخاصة, التي تشترط زيا معينا ومواصفات معينة, ونوعا معينا من القماش, وتطلب من أولياء الأمور دفع قيمة معينة لهذا الزي الذي تسلمه هي للتلميذ, وعادة تحدد المدرسة هذه القيمة, ولا يملك الآباء والأمهات سوي الدفع, وقليل من المدارس تترك الفرصة لأولياء الأمور لشراء هذا الزي, وتشترط عددا معينا من المرايل مبالغا فيه يكلف كثيرا, والغريب أن بعض المدارس الخاصة تغير مواصفات زيها كل عام عن العام السابق, مما يضطر الأسر إلي شراء الزي الجديد كل عام.
والمشكلة الثالثة: الرسوم المختلفة التي تتفنن المدارس الخاصة في فرضها علي التلاميذ, وهي رسوم مجالس الآباء ورسوم الاشتراك في الأنشطة المختلفة الرياضية, واللجان العلمية, ورسوم العربات الخاصة, حتي ورق الامتحانات الذي تطبع عليه أسئلة الأمتحان تقرر له رسوما يدفعها التلاميذ, وهي رسوم لا نعرف إذا كانت تخضع للرقابة والتنظيم وتؤخذ من التلاميذ بموافقة وزارة التربية والتعليم, باعتبار أن جميع المدارس الخاصة تخضع لإشراف الوزارة, أم أن هذه الرسوم فيها نوع من الاستغلال لأولياء الأمور, وتهرب من الرقابة والحساب والضرائب!
والمشكلة الرابعة: مشكلة مطالب كل مدرس ومدرسة, حتي المدارس الحكومية تعود كل مدرس فيها أن يطلب من الطالب نوعا معينا ولونا معينا من ورق التجليد, فمدرس اللغة العربية يريد تجليد الكراريس باللون البني, ومدرس الحساب يريد اللون الأحمر, ومدرس العلوم يريد لونا مزركشا.. إلخ.. ويضطر التلميذ إلي شراء عدة ألوان ليرضي جميع المدرسين, إلي جانب المغالاة في طلب الكراريس والكشاكيل لتلخيص القصص والأنشطة المختلفة والمجهود الشخصي, والواجب المنزلي, مما يضطر التلاميذ إلي شراء ما يزيد علي خمسين كراسة وكشكولا في الأسبوع الأول وحده من دخول المدارس, فإذا كان في الأسرة ثلاثة أو أربعة تلاميذ فإن العبء يكون ثقيلا علي الأسرة.
والمشكلة الأخيرة: التي لم يوضع لها حد إلي الآن, هي مشكلة الدروس الخصوصية, التي تكاد تكون مفروضة علي التلاميذ في شكل مجموعات تقوية يشترك فيها تلاميذ الفصل, ويقوم مدرس الفصل بالتدريس فيها نظير اشتراك معين, وعادة تختلف معاملة التلميذ الذي يشترك في هذه المجموعات عن معاملة التلميذ الذي لا تمكنه إمكانياته المادية من الاشتراك فيها, الأول يلقي عناية ورعاية وفرصا للشرح الوافي ودرجات مرتفعة في امتحانات منتصف السنة وأعمال السنة, والثاني يحرم من كل ذلك!
إن كل هذه المشكلات تواجه كل أسرة.. وتظهر بشكل أشد وأقوي في هذا الشهر بالذات, وهي تحتاج إلي تدخل المسئولين وتنظيمهم لوضع حدود لهذه المبالغات العديدة التي تحول التعليم من تعليم مجاني, إلي تعليم باهظ التكاليف.