نورة امرأة صعيدية تحمل جينات الصعيدي في شق الصعاب وتحويل المستحيل إلى ممكن، فمع ظروف الحياة الصعبة ومحاولة كل الأسر المصرية في تحسين دخلها، اختارت نورة، الخروج عن المألوف والابتعاد عن النمطية التي تحصر الأم في أدوار محددة للعمل، واتجهت لتعلم قيادة سيارات المعدات الثقيلة، في محاولة منها لكتابة صفحة جديدة، لإنجازات وقدراتها على تحدي الصعاب وتخطي المستحيل، وفتح الطريق أمام باقي الفتيات والسيدات للعمل في أي مجال يفضلنه مهما كان حكرا على الرجال.

في البداية تقول نورة جمال طه محمد، 36 عامًا، ابنة أسيوط إنها متزوجة ولديها 3 أطفال وأن فكرة تعلم قيادة المعدات الثقيلة كانت هواية خاصة أننا نمتلك أرض زراعية وأقوم بقيادة الجرار الزراعي لخدمة الأرض ولكن منذ أن أطلق الرئيس السيسي مبادرة حياة كريمة حضرت إلة المركز مع مجموعة من المستفيدات ببرنامج حياة كريمة لتعلم الحرف اليدوية وشاهدتهم يقومون بتعليم الشباب قيادة المعدات الثقيلة فقررت أن أخوض التجربه.

وأوضحت نورة أن زوجها لم يعترض نهائياً على فكرة تعلم قيادة اللوادر واستخراج رخصة قيادة فمنذ الوهلة الأولي وجدت منه ترحيب قوي وفوجئت بقوله "سأدعمك في قرارك وأتمني أن تكوني قدر المسئولية" أما عن أهلي فكنوا متخوفين الأمر في البداية ولكن رحبوا بالفكرة وشجعوني علي خوض التجربة.

أضافت نورة "عندما رأيت رفض العديد من الأشخاص فكرة قيادة سيدة لمعدة ثقيلة وخاصة اللودر ونظرات الفشل المسبقة في أعينهم قررت أن أخوض التحدي وأثبت أن المرأة قادرة علي صنع المستحيل حتي في مهن الرجال.

وأوضحت أنه عقب استلام رخصة القيادة سأسعى إلي إيجاد فرصة عمل حقيقية داخل إحدى الشركات التي تقدر عمل المرأة خاصة وأنني أسعي إلي تطوير حياتي إلي الأفضل.

وأشارت نورة في البداية “كان الأمر هواية وحب تجربة ولكن مع كثير من التفكير وجدت أنها من الممكن أن تحسن من مستوي دخلي وحياتي المعيشية، خاصة أن سيدات الصعيد اعتدن علي العمل منذ صغرهم سواء في مهام المنزل أو الزراعة وغيرها ولكني دائماً أنظر إلي النجاح ولا أسعي إلي الفشل نهائياً”.

وأكدت نورة أنه على الجميع أن ينظر إلى قدراته ولا يترك أراء الأخري تؤثر به سلباً خاصة وأن الأخرين لا ينتظرون تطوير ذاتك أو تحسين مستوي دخلت ولكن عليك وحدك أن تسعي إلي تطوير المعيشة الخاصة بك.

وأشارت نورة تدربت علي قيادة المعدة طوال 30 يوماً متواصلة حتي أنني وصلت إلي مرحلة التمكن في القيادة حيث خضعت إلي تعليم الأساسيات ثم التدريب النظري يعقبه التدريب العملي الذي أثقلني بخبرات أكاديمية وعملية في قيادة وإستخدام المعدة ومن أصعب الأشياء التي تعلمتها خلال تعلم قيادة اللودر هي التسوية لأنها من المهام الصعبة التي توكل إلي قائدي اللودر ومن أفضل الأعمال هي ملئ أو تفريغ حمولة.

وأوضحت نورة إنه عقب حصولي علي رخصة القيادة سوف أسعي جاهدة إلي إيجاد فرصة عمل حقيقية.

ووجهت نورة رسالة إلي أولياء الأمور والأزواج أعضوا النساء فرصة حقيقية لتجربة الأعمال التي تفضلها خاصة وأن السيدة هي ركيزة قوية داخل المنزل وتحتاج إلي دعم بشكل مستمر وأن التحفيذ خاصة من أسرتها هوا أكبر داعم لأي سيدة، وأنصح السيدة بأن لا يخضعن إلي الخوف فهو هادم لكل الأحلام والطموحات.

بيما يقول نور الدين أحمد مصطفي درويش مدرب معدات ثقيلة بمركز تدريب أسيوط التابع لجهاز التعمير إن المركز يقدم الخدمات التدريبية لعدد من المعدات والحرف منها تدريب المعدات علي اللوادر والحفار وغيرها من المعدات الثقيلة حيث يخضع المتدرب لفترة تدريب نظري وعملي لإكتساب المزيد من الخبرات العملية والعلمية ثم يخضع إلي إمتحانات شفهي وتحريري وعملي وعقب إجتيازه يحصل علي رخصة قيادة وشهادة خبرة معتمدة من المركز.

وأوضح نور الدين أن السيدة "نورة" هي أول فتاة صعيدية تدخل مجال قيادة المعدات الثقيلة من خلال المركز وخضعت إلي فترة تدريب قاسية كباقي المتدربين حتي تخرج بصورة تليق بإسم المركز والمستوي العلمي الذي يتم تقديمه.

وأضاف نور الدين إن نورة محبة لقيادة اللودر بشكل عام وهوا ما دفعها إلي خوض هذه التجربة وعندما يكون الشخص راضي عن المهنة التي سيعمل بها سيفوق فيها ويحقق الكثير من النجاحات بها أكثر ممن يسعون إلي الحصول عليها كمصدر رزق فقط.

وأشار نور الدين إنه منذ قدوم السيدة نورة إلي المركز لتلقي الدورة التدريبية كانت متخوفة من الرفض ولكنها فوجئت بمزيد من الترحيب والتشجيع وهذا ما دفعها إلي خوض التجربة.

وكشف نور الدين أن السيدة نورة أظهرت تفوق منذ اللحظة الأولي خاصة وأنها محبة إلي قيادة هذا النوع من المعدات الثقيلة وأظهرة براعة في سرعة تلقي المعلومة وخوض التجربة دون خوف أو تردد ولم تواجهني أي صعوبات في تدريبها إلا في البداية فقط لكونها سيدة تخوض تجربة ضخمة كقيادة معدة ثقيلة لأول مرة ولكنها تفوقت بعد ذلك.

وأكد نور الدين إن تجربة قيادة سيدة لمعدة ثقيلة ناجحة حتي الأن لأنها تمكنت من إستيعاب كم كبير من المعلومات  وقدمت أداء رائع طول فترة التدريب ولكن الأمر الأن إلي مدي إستقبال سوق العمل لها فهل ستتمكن من الحصول علي فرصة حقيقية من عدمه هذا متروك للسوق الخارجي.

وأوضح نورالدين أن زملائها الشباب كانوا في حالة إستغراب من الأمر في البداية ولكن مع الإنضباط الإداري وتدخل المدربين تقبلوا الأمر حتي إنخرطت معهم في العمل بشكل لا يفرق بين رجل وسيدة في هذا العمل.

وأشار نور الدين إن السيدة نورة أصبحت من أفضل سائقي المعدات الثقيلة الأن بل وتعتبر أفضل من كثير من السائقين الذي يعملون في المجال منذ فترة طويلة خاصة وأنها أصبحت تمتلك الخبرة العلمية والعملية.

فيما قال سمير حسن فهمي مدير منطقة جنوب ووسط الصعيد بجهاز التدريب التدريب علي حرف التشييد والبناء والمعدات الثقيلة إن المركز يقوم بتدريب الأشخاص علي المعدات الثقيلة مثل اللودر والحفار والبلدوزر والونش هذا بالإضافة إلي بعض حرف التشييد.

وأوضح سمير حسن إن المركز بقيادة اللواء هشام فوزي البارودي قام في الفترة الأخير بتطوير المعامل سواء معمل تحليل التربة والخرسانة والأسفلت بمحافظة أسيوط ويخدم علي مستوي الصعيد وتطوير.

وأضاف سمير حسن إن المركز يقدم برنامج تدريبي ضمن برنامج "حياة كريمة" الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية سواء في أعمال المهن المعمارية مثل المباني ونجارة العمارة والسباكة والدهانات والكهرباء طوال شهر ونصف يحصد خلالها المتدرب علي منحة يومية تصل إلي 40 جنيه وعقب إنتهاء الدورة يحصل علي شهادتي خبرة الأولي من وزارة الهجرة والثانية من جهاز التدريب علي التشييد والبناء.

وعن السيدة نورة كشف سمير حسن أننا فوجئت بطلب لتدريبها علي قيادة اللودر فتم قبول الطلب بشكل طبيعي وبالعكس شهدة ترحيب وتشجيع من البعض خاصة وأنها أول سيدة تقدم علي هذه التجربة، لكن مع إصرارها علي خوض التجربة تم تدريبها وتم تقديم كافة المعلومات اللازمة لها وكنت أتابع العمل معها كل فترة لأتبين مدي قبولها للتدريب ولاحظت تفوقها في أعمال التدريب بشكل ملحوظ.

واختتم سمير حسن حديثه “نتمنى أن يستقبل سوق العمل “نورة” بصدر رحب وأن تجد فرصة عمل حقيقية خاصة أنها أظهرت تميز في التدريب طوال الفترة الماضية”.