أشاد عدد من أساتذة العلوم السياسية لـ«الوطن» بالجلسات الأولى للحوار الوطنى، على مدار الأسبوعين الماضيين، مؤكدين أن جلوس جميع التيارات على طاولة حوار واحدة مكسب كبير غير مسبوق، والمناقشات تؤسس لمبادئ الجمهورية الجديدة بالطريقة الصحيحة.

«هلال»: هدفنا بناء دولة ديمقراطية.. والمحور السياسي الأهم

وقال الدكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية، المقرر العام للمحور السياسى بالحوار الوطنى، إن هدف الحوار محدد ومعروف وهو بناء دولة ديمقراطية حديثة، مؤكداً أنه يجب ألا يعتقد المواطنون أن الحوار الوطنى لن تقابله أى مشكلات أو معوقات، لأن الحوار الوطنى ليس طريقاً ممهداً بالورود ولكن يعتقد أن الإرادة الوطنية الحقيقية والجهود المخلصة ستساهمان فى نجاح الحوار بشكل كبير.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن جميع المحاور الخاصة بالحوار السياسى مهمة سواء الملف الاقتصادى أو الاجتماعى ولكنه يعتقد أن المحور السياسى هو الأكثر أهمية نظراً لأنه يتعلق بنظام الحكم فى مصر وكيفية صنع القرار داخل الدولة، فضلاً عن السياسات العامة للحكم، بالإضافة إلى أن المحور السياسى يتمثل فى تنظيم النظام السياسى للشعب ومعرفة احتياجاته والعمل على تلبيتها وتنفيذها بالشكل الذى يخدم الوطن والمواطنين، مشدداً على دعم الدولة للأحزاب والقوى السياسية، وضرورة أن تكون لدينا عملية الحوكمة داخل الأحزاب لضمان النزاهة والشفافية داخل الحياة السياسية.

«فهمى»: لا بد من الاتفاق على ضرورة إحياء دور الأحزاب السياسية

وقال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، إن تجربة الحوار غير مسبوقة على هذا النحو والتنوع الكبير، وهى نقلة هامة فى الحياة السياسية والعامة فى مصر، ويجب استثمارها كفرصة كبيرة، وأهم النقاط الرئيسية فى الحوار الوطنى داخل المحور السياسى حتى الآن تتمثل فى النقاش حول النظام الانتخابى الأفضل لمصر فى الوقت الحالى، واختلاف الأحزاب حول العمل بالقائمة المطلقة وليس القائمة النسبية يأتى فى إطار حرص كل طرف من الأطراف المشاركة على أن يكون لكل منهم مرجعية رئيسية فى هذا الإطار، فضلاً عن أن المعارضة والأحزاب بالمجتمع المدنى قد قدمت الكثير من الأفكار والرؤى حول النظام الانتخابى الأمثل لمصر.

وأضاف «فهمى» أن الإشكالية الرئيسية فى الإطار الخاص باختيار النظام الانتخابى الأمثل مرتبطة بطبيعة الحال بما يمكن أن ينفذ من خلال الرؤية السياسية الجمعية، والتفاعل بين الآراء والرؤى المختلفة، بالإضافة إلى أن المشاركين فى الحوار الوطنى يجب أن يتفقوا على ضرورة إحياء دور الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية لتقوم بدورها الإيجابى المرجو منها وتؤثر بشكل كبير فى الحياة السياسية بمصر.

وأوضح أن مشاركة القوى السياسية والمجتمعية حول الرؤى والمقاربات المختلفة سيكون لها أثر إيجابى، ومن أهم ثمارها الحقيقية هو عودة تحريك المياه الراكدة بالحياة السياسية، وعودة الحوار السياسى داخل المجتمع المصرى بصورة أو أخرى، وهذا الأمر سوف يؤدى إلى نتائج إيجابية على كافة المستويات.

وشدد على أن أهم الطلبات التى يتمنى أن يلبيها الحوار الوطنى هو عودة الأحزاب السياسية للعمل وتطوير دورها وأن يكون لها برامج جديدة وألا تكتفى بالبرامج القديمة التى انتهى توقيتها، وأن يعاد تقييم الأحزاب ولا نقول شطبها أو غيره ولكن أتمنى أن تندمج الأحزاب ذات الأفكار والرؤى الواحدة وتتحد فى صورة واحدة وهذا أمر مهم للغاية للأحزاب ومهم أيضاً لتقوية مؤسسات الدولة الضابطة.

وأشار إلى أنه يتمنى أن تكون هناك حكومة ظل الفترة المقبلة، لأن حكومة الظل مهمة للغاية، لأنها من الممكن أن تُتابع وتراقب عمل الحكومة، ويكون هناك تمثيل للقوى الحزبية، فضلاً عن عودة الصحافة الحرة والمقصود من ذلك تنشيط الصحافة والإعلام لكى يراقب ويتابع، بجانب تفعيل دور مجلس النواب فى الفترة المقبلة وعدم الاكتفاء بأن يكون هناك لجان خاصة تدرس الموضوعات المختلفة، وعودة بث جلسات مجلسى النواب والشيوخ على الهواء مباشرة.

وطالب بتفعيل دور مجلس الوزراء وإيجاد روابط بينه وبين مؤسسات وأجهزة الدولة بصورة أو بأخرى، وضرورة الانفتاح على خبرات الدول الأكثر عراقة فى الفكر البرلمانى، وأن يتعمق الشعور فى إطار علاقة السلطات بين بعضها البعض، وضرورة إحياء دور مؤسسات المجتمع المدنى لأنه غاب من فترة عن ممارسة الدور والذى بالتأكيد يسهم فى منع الفساد، وأن تكون هناك متابعة جيدة مع جميع الجهات الموجودة داخل الدولة لما يطرح فى الحوار الوطنى، وأن يكون هناك فكر أولويات داخل أجهزة الدولة المعنية وأن يكون فكر الأولويات متجهاً إلى الموضوعات الاقتصادية، خاصة فى هذا التوقيت الذى تعانى مصر من خلاله فى أزمة اقتصادية عالمية.

وأوضح أن الهدف الرئيسى من مخرجات الحوار هو أن يكون هناك عقد اجتماعى وسياسى جديد للدولة، يمكن أن يمثل جدول أعمال للوطن بأكمله، وهذا الجدول الوطنى المشترك يتطلب أن يكون هناك عقد متفق عليه بين الجميع، ويجب أن يرتبط هذا الأمر بركائز وفكر الجمهورية الجديدة التى تستوعب كل الأطياف السياسية وكل الرؤى والمقاربات من أجل بناء وطن يكون فيه قدر كبير من التوافق.