كشف المفكر والخبير الاقتصادي الدولي، منجي علي بدر، عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، عن مدى اتساق سياسات مصر مع المعايير الجديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وأكد في حواره مع «الوطن»، قدرة مصر على تلبية متطلبات جذب الاستثمار، وأهمية دور القطاع الخاص الوطني في الترويج للاستثمار في مصر.

* في البداية، كيف ترى جهود مصر لجذب الاستثمارات الأجنبية؟

- فى الواقع، تبذل مصر جهوداً مضنية لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، كما تشجع القطاع الخاص المصري للاستثمار المباشر في القطاعات الإنتاجية، بجانب قطاع الخدمات، حيث عقد الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وأصدر 22 قراراً لتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار، وتشجيع الاستثمارات بأنواعها، وبالأمس القريب يوم 25 مايو الجاري، وخلال افتتاح مجمع العين السخنة للكوارتز، تعهد الرئيس بإزالة أية معوقات بيروقراطية أمام الاستثمار الخاص، وتقديم كافة أشكال الدعم للاستثمار الخاص فى القطاعات الإنتاجية، ورحب الرئيس بالدخول في مشاركات مع القطاع الخاص، سواء في مشروعات قائمة أو مشروعات جديدة إن رغب.

* ما متطلبات جذب الاستثمارات الأجنبية؟

الدلائل تؤكد أن توجهات مصر الحالية لجذب الاستثمارات بأنواعها، والبداية من توفير بيئة مناسبة تتماشى مع المتطلبات الجديدة لوسائل جذب الاستثمار، حيث أصبحت المعطيات القديمة والمتشابهة بين معظم الدول، لا تجذب استثمار بالقدر الكافي، وتمثل الشرط اللازم فقط، وتبدأ القصة دوماً مع الدول المصدرة لرأس المال، حيث أن الشرط اللازم لجذب الاستثمار لم يعد له أثر كبير في قرار الاستثمار، وتتشابه الدول في منح المزايا، والتي تتمثل في سرعة إنهاء إجراءات تأسيس الشركات، وتقليص البيروقراطية، ومنح حوافز ضريبية، وتقديم الأراضي للمستثمرين بأسعار مخفضة أو بنظام حق الانتفاع، وتوفير بنية تحتية.

* وما أهم العناصر في مجال جذب الاستثمار؟

- في الوقت الراهن، أصبحت المقارنات بين الدول وتصنيفها فى مجال جذب الاستثمار في مجالات لا علاقة لها بالمؤشرات القديمة أو الإجراءات التي تحقق الشرط اللازم، وإنما دخلت عناصر جديدة، أهمها جودة ومستوى التعليم الجامعي والفني، وتوافر قوة العمل المدربة والمؤهلة لجذب الاستثمار، ومستوى تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصالات، ومدى توافر البنية التحتية الخاصة بهذا القطاع، بما فيها العنصر البشري، ومدى توافر البنية التحتية الحديثة من طرق وجسور وموانئ وطاقة بتكلفة مناسبة وتخزين، وتوافر طلب في السوق المحلى والسوق الخارجى، ودرجة استقرار القوانين وشفافيتها، وفاعلية نظم ومحاكم فض النزاعات وخاصة المحاكم الاقتصادية، ومدى قدرة قطاعي الزراعة والصناعة على التحول للإنتاج الداعم والمحافظ على البيئة والاقتصاد الأخضر.

* ما السياسات التي يمكن اتباعها لجذب مزيد من الاستثمارات؟

الحكومة المصرية أسست سياساتها على جذب مزيد من الاستثمارات، لزيادة الطاقة الإنتاجية فى قطاعي الزراعة والصناعة، والاستفادة من قدرات المجتمع في مجال تكنولوجيا المعلومات على وجه الخصوص، فلابد من تبني سياسات حكومية ومجتمعية مختلفة وحديثة لمخاطبة المستثمر الوطني والأجنبي، وتقنعهم بأن مصر مقبلة على  تأسيس اقتصاد تنافسي، تتوافر فيه الشروط اللازمة والكافية، ويتوافر فيه عمالة مدربة بأعداد مناسبة، ومستوى أجور مناسب، لا يسبب أي ضغوط على التكاليف الجارية للمشروع، واحترام تام للقوانين والعقود، ومحكمة اقتصادية سريعة فى فض المنازعات، ومراعاة قوانين الحفاظ على البيئة والمناخ، ولعل قمة المناخ (COP 27) في شرم الشيخ في نوفمبر 2022، خير شاهد على التزام مصر بذلك، وتواجد نظام ضريبي عادل ومحفز ورسوم ثابتة ومحددة، وبنية تحتية حديثة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبنية تحتية حديثة في كل المجالات، وسياسة مالية ونقدية وتجارية مشجعة للاستثمار.

* هل مصر قادة على المنافسة عالمياً في جذب الاستثمارات؟ 

- من حسن الطالع أن مصر يتوافر بها الشرط اللازم حالياً بالشكل المناسب، وأن أغلب عناصر الشرط الكافي موجودة بدرجة تسمح بالانطلاق للغد، ولا يتبقى سوى ثقافة مجتمعية تتقبل التحدي، وتكون قادرة على المنافسة محلياً ودولياً، وأهمية رفع سقف الطموحات المجتمعية، لكي تكون مصر عنصراً فاعلاً في النظام العالمي الجديد.