اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي عبد الرحمان مكاوي أن تركيا في عهد أردوغان ستستمر في بناء توازن حَذِرٍ في علاقتها مع المغرب والجزائر، وأضاف في تصريح لـ”الأيام”: “رغم ارتباط أنقرة باستثمارات ضخمة مع الجزائر نظرا للعلاقات التاريخية بينهما، والتي يفسرها استعمارها ما يقارب خمسة قرون، فإنها تراهن على المغرب بحدة، خاصة لغزو الأسواق الإفريقية، وإزاحة فرنسا من العديد من دول القارة، خاصة السينغال والكوت ديفوار وغينيا والكونغو الديمقراطية وغيرها”.
وأوضح المتحدث أنه رغم الخلاف الحاصل بين الرباط وأنقر حول التدخل التركي في ليبيا بمساعدة جزائرية وتونسية، فإن تركيا حريصة على تمتين علاقتها مع المغرب، ويعزز ذلك حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتطور العلاقات العسكرية بعد اقتناء القوات المسلحة الملكية عددا من الطائرات التركية بدون طيار من نوع “برقدار تي بي 2” التي أظهرت كفاءة قتالية عالية في ليبيا وأوكرانيا وسوريا، ولجوء تركيا إلى الاستثمار في قطاع التصنيع الحربي الذي دشنه المغرب أخيرا.
وشدد مكاوي على أن أحد عوامل تعزيز التقارب بين البلدين، التزام تركيا بموقف إيجابي في قضية الوحدة الترابية، رغم الانزعاج الذي ما فتئ يعبر عنه الجيران، ولجوئهم في أحيان عديدة إلى خيار الاحتجاج بمختلف الطرق، خاصة بعد بيع أنقرة الرباط الطائرات بدون طيار التي تستعملها القوات المسلحة الملكية في الصحراء.
ورغم علاقاتها القوية مع الجزائر التي تعود إلى قرون خلت، حيث خضعت الجزائر لأزيد من خمسمائة عام لحكم الإمبراطورية العثمانية، والتي تتجلى في كون الجزائر واحدة من مصدري الغاز إلى الاقتصاد التركي وفقا لعقود تستمر إلى العام 2024، وأيضا شريكها التجاري الأكبر –بعد مصر- في القارة الإفريقية بحجم مبادلات سنوية تعادل 4 مليارات دولار، فإن أنقرة لم تحِد عن موقف دعم الوحدة الترابية للمملكة، رغم السعي الحثيث لقصر المرادية لدفعها إلى تغيير موقفها.
وتحرص أنقرة في كل اللقاءات الرفيعة التي تجمعها مع المسؤولين المغاربة على التعبير عن دعم السيادة المغربية للصحراء، آخرها اللقاء الذي جمع جاويش مولود أوغلو وزير خارجيتها مع نظيره ناصر بوريطة، على هامش اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” المنعقد في مراكش في ماي 2022، والذي قال فيه: “أريد أن أؤكد مرة أخرى لأخي ناصر دعمنا وحدة أراضي وحدود المغرب وسيادته كما كان دائما”.
