حاولت «مزنة» الإستراحة من شدة التعب والإرهاق إلا أن أصوات الاسلحة الثقيلة بدأت على مسامع أذنيها الأمر الذي جعلها في حالة من الهلع والخوف على نفسها وعلى الأطفال و كان التساؤل ماذا يحدث بالخارج؟.
التغيير: الأبيض: فتح الرحمن حمودة
بعد أكثر من 20 يوما من الاشتباكات التي وقعت بين الجيش و قوات الدعم السريع في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان غرب السودان، تحكي الممرضة «مزنة» قصة الأطفال الذين كانت اجنحتهم سلاما عليها ومن معها لحظات إطلاق النار.
في صبيحة 21 أبريل الماضي، تجددت الاشتباكات بين الأطراف المتقاتلة وسط المدينة حيث كانت الممرضة العشرينية من العمر في ذات التوقيت تشرف على طفلين من فاقدى السند داخل حضانة الأطفال بمستشفى الأبيض التعليمي.
و قبل أيام من تجدد الاشتباكات بالمدينة ظلت «مزنة» على تواصل مع متحري يتبع للشرطة كان قد أتى بأحد من الأطفال إلى «الحضانة» فطلبت منه في ذلك الإتصال نقل جميع الأطفال المتواجدين إلى مؤسسة الرعاية المختصة بالاطفال فاقدي السند لكنهم لم يحركوا ساكنا.
تقول لـ «التغيير» تحدثت مع المتحري من أجل حمل الأطفال، لكنه كان يبرر بأنهم لم يستطيعوا التواصل مع مديرة الرعاية.
يومان من العمل
وظلت «مزنة» على وردية العناية بالأطفال على مدار يومين متتالين ولم يأت أحد من زملاؤها للتناوب معها على خلفية اعتقادهم بأن «الحضانة» فارغة وليس بها أطفال.
ولم يكن في ذلك اليوم حليب للأطفال داخل «الحضانة» كما كانت هنالك طفلة مصابة بحالة التهابية لتبدأ “مزنة” وزميلتها بعلاجها ومواصلة ما تبقى من اليوم حتى صباح اليوم التالي.
وأوضحت: “الاطفال ما كان ما عندهم شئ، بدلت الوردية ما عدا البنت صاحبت الحالة الالتهابية، بدأنا لها علاج جديد وواصلت معهم بقية اليوم وفي الصباح اتصلت للمتحري بالمساء و لم يرد على”.
وتضيف: “واصلت لليوم الثاني مع زميلتي الإشراف على الأطفال، ولم نبعد عنهم حتى الصبح و أنا في نفس الوقت كنت مريضة واتناول العلاج، وفي اليوم الثالث ذهبت زميلتي، لكني لم استطيع الذهاب حتى أواصل علاج الطفلة و تجهيز رضعات بقية الاطفال”.
بداية القصف
حاولت «مزنة» الإستراحة من شدة التعب والإرهاق إلا أن أصوات الاسلحة الثقيلة بدأت على مسامع أذنيها الأمر الذي جعلها في حالة من الهلع والخوف على نفسها وعلى الأطفال و كان التساؤل ماذا يحدث بالخارج؟.
قالت:” كنت اتطلع للعودة للنوم، لكن بدأت أسمع أصوات الأسلحة الثقيلة، اصواتها كانت قوية، حتى اهتزت الأرض و انشق حائط الحضانة”.
وتتابع: “بات الضرب شديد والناس تجري وتصرخ اضطررت للعودة للأطفال خاصة وأنهم كانوا يبكون بشكل متصل ولا ينامون ساعتين متصلتين، لكن وجدتهم يغطون في نوم عميق”.
وأشارت إلى سقوط القذيفة الأولى في إستراحة الأطباء غربي الحضانة، بينما بدأ الزجاج يتحطم عند سقوط القذيفة الأخرى، حتى بدأت في الصراخ و انا وحدي بالداخل لم يكن معى سوى حرس وأحد”.
وتقول: “بدأ الزجاج يتحطم بسبب أصوات الأسلحة الثقيلة ولم تستطيع الوصول إلى اطفالها وبدأت بعد ذلك بالصراخ و لم يكن بجوارها أحد”.
بدأت” مزنة” بالحديث مع أحدهم بغرض ان يحضر لها الأطفال و قالت له «نزل لي أولادي انا بعيدة منهم»، وكان يقول لها إن الأطفال نايمون.
ثم قالت بعد ذلك للرجل أنها لا تستطيع نطق الشهادة إلا اذا تم احضار لها الأطفال الذين تم احضارهم لها لاحقا وظلوا في احضانها حتى توقف الاشتباك بين الأطراف المتقاتلة.
قرار التبني
قالت مزنة لـ “لتغيير” إنها كانت خائفة من هذه المشهد الذي حدث لها لأول مرة في حياتها واتصلت لاحقا لتطمئن اسرتها أنها بخير هي واطفالها.
و قالت لوالدتها إنها قادمة إلى المنزل مع الأطفال وسوف تتبناهم من ذلك اليوم وكان رد والدتها قائلة «مافي سبب تخليهم وراك و ترجعي تعالي بيهم».
وطالبت “مزنة” لاحقا السلطات بانها سوف تتبني الأطفال و قالت لهم: :كل الدايرة منكم الأطفال ديل يلزموني ارعاهم بخلو طرف منكم، وقال لي خلاص يطلع ليك ورق رسمي بعد الأوضاع تروق و بعد ده كلوا لم يسأل من صحتهم”.
