متغيرات الحرب


الرأي اليوم

متغيرات الحرب

صلاح جلال

* ونحن نرحب بتمديد هدنة جدة بالمملكة العربية السعودية لمصلحة حماية المدنيين ونسعى مع الساعين في الداخل ومع الأصدقاء والأشقاء والمنظمات لتطويرها لوقف دائم لإطلاق النار ووضع القدم على استعادة العملية السياسية ومواصلة الجهد لإكمال الانتقال للوصول للشرعية المنتخبة، من الحاجات الغريبة في فقه الحروب عبر الحقب أنها تنتهي في الغالب لغير الأهداف الظاهرة التي اندلعت بسببها حقيقة تستحق التأمل وحرب السودان لا تختلف عنها

لابد من الاجتهاد لمعرفة مآلات هذه الحرب اللعينة خلف سطورها ويومياتها المؤلمة.

* الحقيقة الثانية استمرار الحرب وما يلازمها من فرز وتفاعلات اقتصادية واجتماعية تقود لبلورة برامج وأهداف لم تكن مذكورة لحظة بداية الحرب

فقد ملئت هذه الحرب أشرعة قضايا التهميش وسبب الحروب المعلنة والخفية، فقد طرحت الحرب بإلحاح حاجة البلاد لعقد اجتماعى جديد بعد انهيار عقد دولة ونجت التي ورثناها بعد الاستقلال فقد أصبحت عنوان لنقص الجغرافيا لا يجب الاعتماد عليه لكل متأمل رشيد

رحم الله جون قرنق فقد تنبأ بأحداث تغير السودان للأبد في سياق طرحه للسودان الجديد وبذات المضمون طرح ابن السودان النبيل الذي نفتقده في هذه المدلهمة الإمام الصادق المهدي وطرحه للسودان المتجدد.

* الحقيقة الثالثة الحرب تعرف بأنها هي احتكار السياسة للعنف وبالتالي إعادة رسم السوق السياسي وتغييب العمل السياسي المدني الناعم بأدواته المتعارف عليها الذي يظهر في ظروف الحرب كتابع للوردات الحرب وأهدافهم وبرامجهم، ويدفع لجاج السياسيين للاصطفاف بين خطوط النزاع الجيش والدعم السريع ولا يقبل منطق الطريق الثالث لا للحرب ولازم تقيف، فقط قصورهم يصور لهم قسمة الساحة إما داعم للجيش أو دعامي.

* الحقيقة الرابعة العمل السياسي المدني في الغالب يتم في إطار الشرعية للدولة لكن الحرب والعنف أول ضحاياها تنازع الشرعية وتآكل الدولة وهو ملمح واضح الآن القيادة العامة تتحدث عن تحرير حائطها المجاور وبعض الكباري والدعم السريع يدعي الانتشار في كل أنحاء المدينة والطرف الثالث يجتهد في سرقة لسان الدولة ويصدر قرارات وفق تصوره وأجندته، والدولة في حقيقتها في حالة انهيار وغيبوبة تامة غير قادرة على حماية بقالة في حي سكني في الخرطوم وتقف كمجير أم عامر أمام مولودها من رحمها الدعم السريع وهو يمثل قوات مسلحة وفق الدستور والقانون لمن يصنفون الاصطفاف زوراً بين جيش وطني ومليشيا، بينما الحقيقة القانونية والدستورية التي اعتمدها العالم الخلاف بين جيشين منقسمين من أصل واحد  الانحياز لأى منهما لا يشكل أساس للوطنية أو الخيانة إذا تركنا بروبقندا الجانبين جانباً ودعاة بل بس من المدن البعيدة، بينما لا يجد المريض الدواء والطفل الحليب والتلميذ المدرسة والأسرة الأمان ويخر السقف على رأسها وسارة تحلق لتنتقي الأرواح الدنية التي يجب أن تصعد لبارئها في كل طلعة وبعض المخابيل يصفقون وهم يتابعون الحرب من Playstation war.

* الحقيقة الخامسة الحرب الحالية في السودان بقصد أو دونه ستنتهي لتغييرات جذرية هامة في بنية السلطة المركزية (الأقلية المتحكمة) بسبب الشرخ الذي أحدثته في القرص الصلب للسلطة المركزية مما يستدعي حسم الكثير من القضايا المعلقة منذ الاستقلال وفتح الطريق لبداية مختلفة.

* الحقيقة السادسة الحياة العامة أعني الحزبية لن تعود للسطر الذي انطلقت في لحظته الحرب (الاتفاق الإطاري) لابد من سطر جديد يحمل معاني وأهداف الإطاري ويختلف في المباني لاستصحاب متغيرات الحرب، وهو ما يجب تكييفه ورسم ملامحه الآن بوضع بعض التفاصيل في تقديري مثلاً يجب استعجال المؤتمر الدستوري متزامن مع العملية السياسية تقديم عملية السلام الشامل لتكون جزء من مؤسسات الحل الانتقالي وغيرها من القضايا المؤجلة.

* الحقيقة السابعة المؤتمر الوطني المحلول دقس بدعمه لخيار الحرب لاعتقاده أنها ستكون قصيرة وخاطفة تعيد رسم الساحة السياسية فوجدها لقمة كبيرة على البلع فصار الخيار إما تخنقه ويكون ضحية طمعه في السلطة أو يتفها راجعة ويكتفي من الغنيمة بالخسارة الساحقة الماحقة فقد صارت هذه الحرب آخر اختبار لقوته الصلبة التي كان يساوم بها من تحت الطاولة، بعد أن أسقطت الثورة سلطته الناعمة Software ممثلاً في رأس السلطة السياسية وتركت سلطته الخشنة كما هي من وجود معتبر في المؤسسات العسكرية وتكويناته الأمنية الموازية Hardware من خلال هذه الحرب اتضح ضعفها وعدم تماسكها وعدم قدرتها على قلب الطاولة، عصاة عز تنكشف إذا ضربت بها، ورطوا الجيش في حرب تحت وعد لم يتحقق مثل انتظار المدفعية عطبرة التي أصبحت نكتة يتداولها الجمهور لانتظار المستحيل.

* الحقيقة الثامنة مئات الحروب حول العالم لم تحدث 5% منها التحول الديمقراطي بل أسست لشموليات كانت نواة لحروب مستقبلية وكان قادة الحروب رصيد للسلطوية وعلى خصومة مع الحكم المدني الديمقراطي هناك دراسة لمنظمة راند الأمريكية حول النزاعات المسلحة التي درست خمسة وسبعين نزاع حول العالم وصلت لهذه الخلاصة وقالت إذا لم تعالج الأسباب الجذرية للنزاعات هناك احتمال كبير للعودة للحرب بصورة أكثر عنف وضراوة من سابقتها.

* الخلاصة الأحزاب السياسية لا يجب أن تتعلق بمن سيأتي لها بالحريات عبر الحرب من أطراف النزاع

لكن يجب أن يكون همها وهدفها إنهاء الحرب لتعود السياسة لطبيعتها وتعود الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني لتأكل من خشاش الأرض في بيئة ديمقراطية وتقوم بواجبها بأدوات السياسة المعروفة لتكييف الواقع وصناعة البدائل بدل الانشغال بالفارغات من يصطف مع من وضد من وتوزيع صكوك الخيانة والوطنية على هذا الاعتقاد الضرير.

** ختامة

هذه رؤوس أقلام لطرح البدائل وفرز الخيارات أمام الحركة الجماهيرية وهي تحت الحصار والحرب ومعاناتها، للعصف الذهني وتلمس الطريق في الظلام حتى لا نزيد السوء دغس على إبالة.

#لاللحرب

#لازم_تقيف

30 مايو 2023م

تاريخ الخبر: 2023-06-01 03:23:02
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

واشنطن تعلّق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب "مخاوف" بشأن رفح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 12:26:05
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 57%

الدار البيضاء تستعد لتنظيم "أيام التراث" في نسختها 13

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 12:25:46
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

الدار البيضاء تستعد لتنظيم "أيام التراث" في نسختها 13

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 12:25:52
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

واشنطن تعلّق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب "مخاوف" بشأن رفح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 12:26:11
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية