أمراض القلب قد تجبر الكثير من اللاعبين على الاعتزال مبكرا و لكن مع مامين حدثت المعجزة قائلا سعيد جداً لأنني على قيد الحياة.

تحدث الفيفا مع الظهير الأيمن الجامبي، مامين سانيانج، الذي يخوض كأس العالم تحت ٢٠ سنة مع منتخب بلاده، حيث استحضر سانيانج الطريق الطويل والشاق الذي سلكته جامبيا للوصول إلى الأرجنتين.

وصل لاعب بايرن ميونخ إلى ألمانيا في سنّ العاشرة
عانى من اضطراب في القلب كان من الممكن أن ينهي مسيرته الاحترافية.

في سنّ العشرين فقط، تعلم مامين سانيانج كيف يعيش الحياة على أكمل وجه.

ففي حياته الشخصية والاحترافية داخل الملاعب، نجح الظهير الأيمن، الذي يمكنه أيضًا اللعب على اليسار وكجناح، في تخطي العديد من العقبات للوصول إلى ما هو عليه اليوم. وها هو يستعد اليوم لخوض كأس العالم تحت ٢٠ سنة الأرجنتين ٢٠٢٣، بألوان غامبيا.

قبل خمس سنوات فقط، كان لا يزال يعتقد أنه لن يتمكن من اللعب مرة أخرى. والأسوأ من ذلك، أنه قد يموت.

وفي يوم من الأيام في عام ٢٠١٣، انقلبت حياته رأساً على عقب. فبعد مرض والدته، قررت عائلته التنقل إلى ألمانيا حيث يعيش أحد أعمامه. كان سانيانج آنذاك يبلغ من العمر ١٠ سنوات فقط.

متحدثاً لميكروفون الفيفا تذكر سانيانج، الذي لم يعد حتى الآن إلى مسقط رأسه، قائلاً: “عشية مغادرتنا إلى ألمانيا، كنت ألعب في الخارج مع أصدقائي. وفي اليوم التالي، رحلنا إلى الخارج. قال لي والداي: “نحن ذاهبون إلى ألمانيا”. أجبتهما: “ماذا؟ ألمانيا؟ في أوروبا؟ “، مضيفاً “لم تتح لي الفرصة للتحدث إلى رفاقي، لذا لم أستطع توديعهم”.

وتابع اللاعب الذي يتقن اللغة الألمانية أفضل من الإنجليزية قائلاً: “عندما وصلت إلى ألمانيا، كان كل شيء صعبًا”، مشيراً إلى أن “البيئة والثقافة كانتا مختلفتين. الطعام كان مختلفاً، والطقس أيضاً. كان الثلج يتساقط باستمرار”.

وبعد استيعاب صدمة الانتقال المفاجئ إلى أرض مجهولة بالنسبة له، وجد سانيانج ضالته: كرة القدم. حيث ارتدى سانيانج، الذي يصف نفسه كلاعب معروف بسرعته، ومراوغاته، وحيويته وتسديداته، على غرار ساديو ماني، وفينيسيوس جونيور، وألفونسو ديفيس”، أولاً قميص إف سي هايدنهاين قبل أن يجذبه نادي هوفنهايم ١٨٩٩ عام ٢٠١٨ ثم ينتقل إلى بايرن ميونخ في ٢٠٢٠، للعب مع فريق تحت ١٩ سنة.

اليوم، كلاعب للفريق الثاني للعملاق البافاري، أتيحت الفرصة لسانيانج لتحقيق أحد أحلامه: “بايرن أعطاني الفرصة للتدرب مع الفريق الأول ،” مضيفاً “لقد تابعت عن كثب مدى احترافيتهم، وكيف يلعبون ويتدربون. كما تحدث ساديو ماني معي وقدم لي بعض النصائح”.

وأوضح قائلاً: “ساديو هو أحد أفضل اللاعبين في العالم. إنه شخص متواضع وقدوة لي. كان من الرائع الجلوس بجانبه والتحدث معه باللغة المندنكوية لأنه يتحدث لغتي. لقد أوضح لي الكثير من الأشياء: كيف أكون محترفاً، وكيف أتطور على أرض الملعب. كنت مثل طفل. وكان ذلك مثل حلم يتحقق”.

بيد أن الطريق للتحدث مع ساديو ماني أثناء التدريب لم يكن مفروشاً بالورود بالنسبة لسانيانج. فلاعب هوفنهايم آنذاك مرض، عندما كان على وشك الصعود إلى فئة تحت ١٦ سنة، وعانى من الصداع النصفي.

وطلب منه النادي العودة إلى المنزل لأخذ قسط من الراحة. وعندما عاد بعد أسبوع، استأنف التدريب لكنه سرعان ما عانى من آلام في الصدر. وبعد اجتياز تخطيط كهربية القلب، أخبره الأطباء بأنه يعاني من حالة التهاب تصيب عضلة القلب.

هذا الاضطراب، الذي يمكن أن يسبب الموت المفاجئ للرياضيين رفيعي المستوى، أجبر سانيانج على قضاء ١٤ يومًا في العناية المركزة بالمستشفى ثم أسبوعين إضافيين.

وفي نهاية هذه الفترة التي مرّت عليه بسرعة البرق – “كأنني نمت وفي اليوم التالي غادرت المستشفى” – جاء القرار: يجب أن يخضع للراحة لفترة طويلة.

وأضاف اللاعب الشاب، الذي كان عمره آنذاك ١٥ عاماَ، ولكنه كان يعرف كيف يتعامل مع الأمر بسعة صدر، قائلاً: “الأشهر الستة أو الاثني عشر التي خضعت فيها للراحة كانت صعبة للغاية حقًا لأن كرة القدم لا تتوقف، بينما تقع أنت في طي النسيان. فلا أحد يهتم لمرضك. عندما لا تلعب، لا يمكن لأحد رؤية موهبتك”.

وتابع بالقول: “في نهاية المطاف، يجب أن أكون سعيدًا لأن بعض الأطباء كانوا يقولون إنني قد لا ألعب مرة أخرى أبداً. لقد كنت محظوظًا لأنني لو تأخرت يومًا واحداً، كان من الممكن أن أفقد قلبي. اليوم، بعون الله، أنا هنا. سأشارك في كأس العالم، لذا أنا سعيد جدًا لأنني نجوت. كان من الممكن أن تكون الأمور أسوأ مما كانت. كان من الممكن أن أفقد كل شيء”.

الآن في العشرين من العمر، يقول اللاعب الشاب إنه بصحة جيدة، مثل والدته التي “هي بخير اليوم”. لقد أدرك البافاري أنه تفادى الموت ويريد الآن الاستفادة من كل لحظة يعيشها.

وأكد اللاعب الذي ارتدى أيضًا قميص منتخب ألمانيا تحت ١٩ سنة قبل أن يختار بلده الأصلي: “اللعب في نهائيات كأس العالم أمر رائع بالنسبة لي لأن قلة من اللاعبين في سني لديهم فرصة خوض كأس العالم”، مضيفاً “أشعر بالارتياح وأنا سعيد لوجودي هنا، إنه لشرف كبير بالنسبة لي. لقد وثق الاتحاد والمدرب بي وأريد أن أعيد لهم هذه الثقة برفع علم بلادي عالياً”.

وهكذا تستمر حياة سانيانج على أكمل وجه.