روعة الهدوء
روعة الهدوء
تقر شعوب العالم الغربي بأن الضغط النفسي هو أكثر الأمراض شيوعا وانتشارا في بلادهم, وبالقطع تعاني شعوبنا العربية أيضا من نفس الأمراض, وأضرار الضغط النفسي في منتهي الخطورة لأنها تجلب أمراضا وآلاما أخري أكثر خطورة علي حياة البشر, وبالتالي علي المجتمع كله, لذلك وجد العلماء أنه من الضروري أن تبدأ المجتمعات في توعية أفرادها وحثهم نحو الإبطاء من سرعة الحياة والاهتمام بالهدوء والاسترخاء وممارسة رياضات روحية نفسية مختلفة كالتأمل والصمت, وذلك من أجل صحة الإنسان العقلية والجسدية والنفسية, الاعتناء الشديد بالنفس له مفهوم دوائي نحن في أمس الحاجة إليه في عالمنا الحالي المشحون بالعمل, علي الإنسان أن يقدر كل ما يفعله, كما يهتم بتقدير وقت العمل لابد أن يهتم بتقدير وقت الراحة, إن الراحة مطلب أساسي للحياة, الراحة إنجاز, بدونها لا نستطيع أن نستمر أو ننتج كما ينبغي, لنتأمل كلمة راحة لنجدها الأحرف الأولي من أربعة كلمات راحة واسترخاء وحوار داخلي وتأمل.
راحة: إن الوصول إلي الحكمة بأسهل الطرق هو أن تمنح عقلك إجازة, وأن تمنح نفسك إجازة, تأكد من أن الانقطاع عن العمل لن يقتلك, في حين أن سعيك الدائم نحو العمل المستمر قد يفعل ذلك, تعلم كيف تبني لنفسك أوقاتا للراحة تلتقط فيها أنفاسك وتعتني بنفسك خلال أكثر الأوقات المشحونة بالالتزامات, ولا تنتظر حتي تمرض فتضطر للتوقف, تذكر دائما عبارة اعتن بنفسك.
استرخاء: بمجرد أن تتعلم وتتعود كيفية قضاء مزيد من الوقت في حالة استرخاء وهدوء, ستتزايد قدرتك علي التخيل والوصول إلي الحكمة في طرفة عين, عندما تهتم بالاسترخاء وتتمتع به ستتضاعف قدرتك علي الإنتاج, إن فن الاسترخاء هو فن التأمل البسيط المباشر الذي يعزز بشكل مثير طريقتك في التفكير والشعور والمعيشة.
حوار داخلي: كل منا في حوار داخلي مستمر معظم اليوم, المهم هو نوعية هذا الحوار, هل هو حوار بناء أم غير ذلك؟ ما هي نوعية الأسئلة التي أسألها لنفسي كل يوم؟ وما هو تأثيرها علي حياتي وتحقيق أهدافي؟ إن طرح السؤال فن ومهارة, إذا أردت أن تغير من خامة حياتك لابد أن تغير من نوعية الأسئلة التي تطرحها علي نفسك, أوجد حوارا إيجابيا مع نفسك, ركز علي ما حققته, تعلم من أخطائك لكن لا تتوقف عندها, أقض بعض الوقت للثناء علي ما حققته, احتفل بنجاحك, اعتن بنفسك وعامل نفسك بشيء من التقدير, عند الاعتناء الشديد بنفسك ستغلف نفسك بإطار من الطاقة قادر علي تحقيق المعجزات بحياتك وحياة من حولك.
تأمل: التأمل هو عبارة عن وسائل للارتقاء بالعقل, التأمل باختصار يدور حول من تكون؟ وليس علي ماذا تفعل؟ من أروع الأوقات تلك التي تقضيها في التأمل بحياتك, التأمل في الطبيعة, في الكون, مدربو فنون التأمل يؤكدون علي أنك عندما تغمض بعينيك سوف تري بوضوح, وعندما تكف عن الإنصات سوف تسمع الحقيقة, التأمل يؤدي بك إلي الهدوء, لاحظ وقتها ضربات قلبك, تنفسك, راحة جسدك, التأمل هو التركيز علي نشاط واحد في لحظة واحدة تفرغ فيها عقلك من كل شيء إلا الشيء التي تتأمل فيه, أثناء لحظات التأمل والاسترخاء يهبك عقلك أفكارا جديدة وحلولا لمشاكلك لم تكن ستخطر علي بالك وأنت مشغول وفي إيقاع الحياة السريعة التي تعيشها, إننا بالاستمتاع بروعة الهدوء وبالراحة والاسترخاء وحوارنا الداخلي الإيجابي والتأمل نستمتع أكثر بحياتنا, ويكون يومنا حلوا وجميلا, وبنعمة ربنا بكرة أحلي.
د.ميلاد فايز موسي
مؤسس المركز الهولندي للتنمية البشرية بهولندا
Facebook. dr milad moussa