رائد فن”الواو”.. ضيفًا على الصالون الثقافي بنقابة الصحفيين


استضاف الصالون الثقافي بنقابة الصحفيين، أمس السبت، الشاعر الكبير عبد الستار سليم، والذي يُعد رائداً لفن”الواو”.
وعلى حد قول الشاعر، هو فن شعري شعبي شفاهي غير مدون أنشئ إبان حكم المماليك والأتراك منذ أكثر من ٥٠٠ عام، وظل يتناقل عبر الأجيال دون أن ينسوه رغم كونهم أميين لقوته ورسوخه في أذهانهم فيقول:” والأمية هنا ليست عيبًا، فأغلب شعراء الجاهلية كانوا كذلك وكانت أشعارهم تنتقل عبر شخص يُدعى “الراوي” الذي اعتبروه توثيقًا، كما نعتبر نحن الصحف هذه الأيام، ولو أن هناك راويًا يقرأ ويكتب لا يعتمدون أشعاره فربما تدخل في النص بمعرفته.

ويضيف الشاعر:” انتشر فن الواو في الجنوب أكثر من شمال مصر أو “المحروسة” كما كانت تُسمى، وذلك لثلاثة أهداف إما الشكوى من الزمان أو غدر الخلان (الأصحاب) أو لسرد بعض الحكم والأمثال، ولا يعتبر موال أو زجل لأن له قافية وشعر مختلفين عبارة عن مقطوعات مكونة من ٤ شطرات تسمى مربع تُصاغ جميعها على بحر الشعر المسمى “المُجتث” المكون من ٣ تفعيلات، ولابد أن تكون كلماته دارجة تراثية عامية ليس بها فصحى أو كلمات مستحدثة، وأما عن القافية فكانت تُقفى بشكل معين يتشابه فيه الشطر الأول مع الثالث، وكذلك الثاني مع الرابع وهي حالة وصفتها اللغة العربية ب”الجناس التام” مثلما قال “ابن عروس”:

لابد من يوم معلوم .. تترد فيه المظالم
أبيض على كل مظلوم .. أسود على كل ظالم

وكذلك حينما قال أيضًا:

مسكين مين يطبخ الفاس… ويريد مَرَج(مَرَق) من حديده
مسكين من يصحب الناس..ويريد من لا يريده”

أو كما قال “بيرم” مادحًا “غاندي”:

السلام ليك والسلامة..من هنا ليوم الجيامة ( القيامة)
ياللي أظهرت الكرامة.. بعد عهد المرسلين
الإنجليز عايشين في لذة..عندهم أسطول وعِزة
وأنت تضربهم بمِعزة..سودة بنت أربع سنين

وهو مايسمى بالمربع الزجلي الذي أدخله لنا”صفى الدين الحِلّي”

وهناك أيضا:
طبيب الطبابا أسالمن*
والعَجل(العقل) مني جناين*
شوف صَجع طوبة* أسالمن*
.تلف تمرها* والجناين*

*أسالمن(أسأل من).
* جناين(أصابه الجنون)
*صحه طوبة(صقيع شهر طوبة)
*أسالمن (أسال المَن وهو الندى الحارق)
*تمرها (ثمارها)
*الجناين (الحدائق)

وهو تناغم جميل ولعب بالمترادفات في جناس تام وحقيقي وجاذب جدًا للمستمع طمس فيه حرف الألف لسهولة النطق، مثلما قال أحمد شوقي: “سلو قلبي” ولم يقل اسألوا قلبي

ثم ذكر من شعره الخاص به:

يوم ما نابليون أتانا.. جوم عشان يبلفنا أسلم
واشترى م السوق أتانة(صغير الحمار).. وجال(قال) أهو نركبها أسلم(أفضل)

وسرد أيضًا:
عيني رأت سرب غزلان..
فيهم غزالة شريدة..
والجلب ( القلب)لما اتنغز لان
شاور لي وقالي شاري ده..

وأوضح الشاعر، أن فن الواو أحد أبناء فن التربيع أو الشعر المنظم في مربعات رباعية مثل رباعيات چاهين عندما قال:

ايه ياحبيبتي مابيننا دايما سفر..
ده البُعد ذنب كبير لا يُغتفر..
ليه ياحبيبتي مابيننا دايما بحور..
اعدي بحر ألاقي غيره اتحفر..

وكذلك فن “العدودة” التي كانت تقدمه قديما في الصعيد امرأة تظهر في حالات الوفاة تنظم شعرًا ترثي فيه المتوفى، وكذلك فن “النميم” المميزة به مثلا أغلب أغنيات الفنان الجنوبي”محمد منير”.

واستطرد:”أما الموال فقد استحدثت منه مصر أنواع أخرى خاصة بها مثل الموال الخماسي أو ( الأعرج) ، الموال السداسي أو (المرصع)، الموال القصصي أو ( الحر) مثل موال حسن ونعيمة أو شفيقة ومتولي وحتى كلمة موال نفسها تمصير لكلمة (موالية) وهو حالة أو برزخ بين ثلاثة أنواع شعرية فصحى مشعر القريض والموشح وثلاثة أخرى عامية كالزجل وقد ورد أغلبها من الأندلس والعباسيين، ويتشابه فن الواو المصري مع الأبوزية العراقي والرَوْزنة الفلسطيني وكل بلد عربي ستجد نظير له ولكن تميز فن الواو بسرده لأسماء القرى في الصعيد وموقعها الجغرافي وأهم القصص والسير الذاتية القديمة مثل الملحمة الهلالية والتي قُدمت بطريقتي المربع السباعي التي اندثرت مع الوقت وطريقة الواو التي خلدت الملحمة حتى الآن”.

أما عن إضافة شاعرنا الكبير”عبد الستار سليم”لفن الواو فذكر أنه أدخل ما يعرف القصيدة الواوية والمكونة من عدد من المربعات الشعرية كل منها مستقل بذاته يروي قصة تختلف عن سابقه ولاحقة فاختلف بذلك عن فن “الجِنزيخ”، والذي اتسم بوحدة القصة التي تُروى في جميع المربعات.

الندوة كانت أكثر من رائعة شعرت وكأني سافرت عبر الزمن للخلف كثيراً وشاهدت بخيالي كل كلمة نظمت شعرا بفن الواو، ذلك الفن الجديد على مسامعي القديم قدم آبائي وأجدادي.

تاريخ الخبر: 2023-06-11 09:21:48
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية