دفع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بأنه غير مذنب في التهم التاريخية ضده بإساءة التعامل مع ملفات حساسة، في محكمة فيدرالية في مدينة ميامي بولاية فلوريدا.

وتعد هذه الاتهامات تاريخية لأن ترامب أول رئيس أمريكي، حالي أو سابق، يواجه اتهامات جنائية فيدرالية.

ظهر ترامب في المحكمة الثلاثاء، كئيبا ومستسلما، وكان جالسا مرتديا بدلة داكنة وربطة عنق حمراء وذراعيه متقاطعتان.

كانت هذه هي المرة الثانية التي يمثل فيها ترامب أمام المحكمة هذا العام، لكن القضية الأخيرة التي تم النظر فيها يوم الثلاثاء كانت أكثر خطورة.

في قاعة المحكمة في الطابق الثالث عشر، قدم محامي ترامب مذكرة للمحكمة أكد فيه براءة موكله من 37 تهمة تتعلق بالاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانوني وعرقلة جهود الحكومة لاستعادتها.

وقال المحامي تود بلانش، للقاضي "نحن بالتأكيد ندفع بالبراءة (من الاتهامات)".

تهم محتملة جديدة ضد ترامب بشأن وثائق سرية

دونالد ترامب يواجه سبع تهم جديدة تتعلق بوثائق سرية

اف بي آي صادر وثائق سرية للغاية من مقر إقامة ترامب

ضمت القضية أيضا بجانب ترامب مساعده المقرب والت ناوتا، المتهم بست تهم جنائية، وكان جالسا على نفس طاولة الرئيس السابق. لم يخاطب ترامب القاضي مباشرة، وكان يميل جانبا أحيانا للتحدث إلى أحد محاميه.

على الجانب الآخر من الغرفة جلس فريق الادعاء بأكمله، بما في ذلك المستشار الخاص جاك سميث، الذي أعلن لائحة الاتهام الأسبوع الماضي.

سُمح للرئيس السابق ترامب، 76 عاما، بمغادرة المحكمة دون أي قيود على السفر داخليا أو خارجيا.

وقال ممثلو الادعاء للقاضي جوناثان غودمان، إن المدعى عليه لا يمثل خطرا لوجوده على متن طائرة (حتى لا يتم منعه من السفر).

لكن لن يُسمح لترامب بمناقشة القضية مع ناوتا.

وبعد جلسة الاستماع، رفع الرئيس الجمهوري السابق إبهامه لتحية أنصاره بينما كان موكبه يبتعد عن قاعة المحكمة.

وتوجه ترامب وفريقه الأمني مباشرة إلى فرساي، وهو مطعم كوبي شهير في ليتل هافانا في ميامي، حيث استقبله حشد من المؤيدين الذين اصطفوا لالتقاط الصور معه.

ظهر ترامب يشارك في صلاة مع بعض رعاة الكنيسة، يوم الأربعاء، وتلقى تحية من الجوقة لتهنئته بعيد ميلاده وغنت له "عيد ميلاد سعيد"، قبيل احتفاله بعيد ميلاده رقم 77.

حضر المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 2024، إلى المحكمة بموكب من منتجع ترامب ناشيونال دورال حيث أمضى الليل. وكان برفقته أحد أبنائه، إريك ترامب.

خلال الطريق نحو المحكمة، نُشرت عدة رسائل على حسابه على منصة التواصل الاجتماعي تروث سوشيال، من بينها رسالة مكتوبة بأحرف كبيرة تقول: "من أتعس الأيام في تاريخ بلدنا. نحن أمة في حالة انحدار!!!".

كررت ألينا هابا، محامية ترامب، مزاعم الرئيس السابق بأن التهم الموجهة إليه كانت ذات دوافع سياسية، وذلك في تصريحات لوسائل إعلام خارج المحكمة.

وقالت للصحفيين "نحن عند نقطة تحول في تاريخ أمتنا.. استهداف خصم سياسي بارز بمحاكمة قضائية هو الشيء الذي تراه في دكتاتوريات مثل كوبا وفنزويلا."

وأضافت أن "ما يحدث للرئيس ترامب يجب أن يثير ذعر كل مواطني هذا البلد".

قبل الجلسة، قال مسؤولو المحكمة إن ترامب لن يخضع لعملية تصوير للوجه (مثل المجرمين)، ولكن سيتم أخذ بصمات أصابعه رقميا ويطلب منه تقديم عينة من الحمض النووي عن طريق عمل مسحة له.

لم يتم تحديد موعد المحاكمة حتى الآن، على الرغم من أن القضية لا تزال مخصصة لأيلين كانون، قاضية محلية اتحادية في جنوب فلوريدا عينها ترامب.

ومن المتوقع أن يعود الرئيس السابق، الذي نفى مرارا وتكرارا ارتكاب أي مخالفات، إلى منتجع الغولف الخاص به في بيدمينستر، نيو جيرسي، حيث سيدلي بتصريحات لوسائل الإعلام.

تجمعت حشود صغيرة من أنصار ترامب والمتظاهرين المعارضين له خارج المحكمة.

واستعدت سلطات المدينة لاضطرابات محتملة، لكن عمدة المدينة فرانسيس سواريز قال للصحفيين بعد ظهر الثلاثاء إنه لم تكن هناك أي مشاكل أمنية.

جاءت الاتهامات، التي تم الإعلان عنها يوم الجمعة، بعد أن عثر عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي على أكثر من 100 وثيقة تحمل علامة (سري) في منزل ترامب الخاص (مار أيه لاغو) بولاية فلوريدا في أغسطس/آب الماضي.

وزُعم أنها تحتوي على معلومات حول القدرات الدفاعية والأسلحة لكل من الولايات المتحدة والدول الأجنبية، فضلا عن خطط الانتقام المحتمل ردا على هجوم أجنبي.

يتهمه المدعون بتكديس الملفات، وتخزين بعضها في قاعة رقص وفي حمام، والتورط في مؤامرة مع أحد مساعديه لعرقلة تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي.

يبدو أن مشاكل ترامب القانونية لم تقلل من دعمه بين الناخبين الجمهوريين.

أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة سي بي إس، الأمريكية الشريكة لهيئة الإذاعة البريطانية أن 76 في المئة من الناخبين الجمهوريين الأساسيين المحتملين قلقين بشدة من كون لائحة الاتهام ضد ترامب ذات دوافع سياسية، أكثر من قلقهم من الوثائق التي تشكل خطرًا على الأمن القومي.

في مقابلة مع برنامج إذاعي باللغة الإسبانية يوم الاثنين، اتهم ترامب إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، باستخدام وكالات إنفاذ القانون كسلاح ضده.

ينص البروتوكول على أن وزارة العدل، وهي الوكالة الفيدرالية التي تطبق القانون الأمريكي، يجب أن تعمل بشكل مستقل عن البيت الأبيض. قال الرئيس جو بايدن الأسبوع الماضي: "لم أقترح لمرة، ولا حتى مرة واحدة، على وزارة العدل ما ينبغي عليها فعله".

ويقول خبراء قانونيون إن التهم الجنائية قد تؤدي إلى فترة سجن طويلة إذا ما تمت إدانة ترامب. لكنه تعهد بمواصلة حملته الانتخابية مهما كان الحكم ضده.

وجاء مثول ترامب الأخير في المحكمة بمثابة الظهور الثاني له في أقل من ثلاثة أشهر. تم استدعاؤه في أبريل/نيسان في نيويورك بتهمة تزوير سجلات تجارية لدفع مبلغ نقدي لممثلة أفلام إباحية لشراء صمتها قبل انتخابات عام 2016.