التنوع: المابان وسنقو والعرفة زمن الحرب..!


التنوع: المابان وسنقو والعرفة زمن الحرب..!

محمد بدوي

في أحد التصريحات المرتبطة بالاشتباك بين طرفي الحرب توقفت بالأمس 12 يونيو 2023 على منشور بوسائل التواصل الاجتماعي غير منسوب لمصدر أشار إلى أن قائد متحرك الجيش القادم للخرطوم للإسناد في الاشتباكات التي أعقبت نهاية هدنة الـ(24) 11 يونيو 2023 والتي كانت ساحتها ضواحي مدينة الخرطوم بحري تمت الإشارة إليه برتبة العقيد بالانتماء إلى قبيلة الهوسا برفقة العشرات من ذات القبيلة من النيل الأزرق، استوقفني الخبر باعتبار الإشارة إلى الانتماء الإثني ترادف بلا سبب مع كونه ضابط بالجيش، أيضاً الإشارة إلى النيل الأزرق لكون الأحداث التي شهدها الاقليم من 15 يونيو 2022 إلى آخر حدث بين مجموعات من الفونج والهوسا ارتفعت بعض الأصوات من الهوسا في لوم لغياب الحماية من القوات النظامية فدفعني إلى محاولة التقصي حول المعلومة التي وفقاً لمصادر موثوقة بأنه غير دقيق فليست هنالك مجموعة من الهوسا من النيل الأزرق مع أي من طرفي النزاع، فأخذت في البحث إلى أن استوقفني خبر نشرته وكالة السودان للأنباء “سونا” وهو قافلة إسناد من إمارة الهوسا في 15 مايو 2023 لمساندة الجيش، دفع بي ذلك إلى سؤال التحولات فالهوسا مجموعة زراعية تقطن في مناطق كثيرة من السودان لكن سودانيين ليس لديهم مزاج تاريخي مشترك مع القوات النظامية، مثلها مثل مجموعات أخرى مثل الطوارق “الكنين” بشمال دارفور الذين ظلوا تاريخياً يخارفون الاحتطاب كمهنة رئيسية إلى جانب مهن يدوية أخرى الذين كانوا على ذات المزاج في القطيعة مع القوات النظامية إلى 2004 بعد اندلاع حرب دارفور حيث أقبلت مجموعات منهم للانخراط في سلك قوات الشرطة وبشكل غالب الوحدات المرتبطة بالهجرة والجنسية.

هذين الحدثين في تقديري ارتبطا بسؤال المواطنة، فرغم أن السودان من الدول التي تشكلت إلى حد كبير من الهجرات السكانية إلى أن استقر على راهنه لكن سؤال التمييز ظل مرتبط بسياقات سالبة كثيرة، وعقبات ارتبطت بالذهنية التي تفتقد لشمول النظر إلى الواقع والتنوع ومسار التكوين المرتبط بعلاقات تاريخية مختلفة، لكن حالتي الهوسا والطوارق “الكنين” يبدو أنها تدفع بسؤال انخراط الجيل الجديد من هذه المجموعات في القوات المسلحة في كسر للمزاج التاريخي واقتراب أكثر بفكرة السلطة التي رسخ لها تاريخ وممارسة القوات النظامية سواء عبر الانقلابات، أو التمييز الذي يتيح ميزات تفضيلية في الفضاء العام فرضتها دون سند ممارسة القوات النظامية، أي جانب الاقتراب من انتزاع الحقوق المرتبطة بالمواطنة دون عقبات مثل الأوراق الثبوتية التي ظلت مسورة بسؤال القبيلة وبذهنية الأصيل والدخيل، فهاهي حالتان تعيدان سؤال قومية القوات النظامية والمواطنة، على صلة بالسياق فقد شكل تناقض حملات الخدمة الإلزامية في الشوارع العامة بالمدن الكبيرة بالسودان مدخلاً لإجبار على القتال لسيئ الحظ بما عرف بـ”القتال المرفوض ضميرياً” لكن من جانب آخر ببرز التناقض في حالة خروج بعض الأفراد ليتم القبض عليهم على سبيل المثال بعض المنحدرة أصولهم من القرعان ويتم ترحيلهم للتدريب الأمر الذي يوفر لهم لاحقاً ميزة استخراج الأوراق بالرسمية للالتحاق بالجيش لاحقاً.

. سألني صديق عن ماهية القوات التي أطلقت على نفسها أسود النيل الأزرق؟ لمعرفته باهتمامي بتواريخ المليشيات في الدولة السودانية، أتت إجابتي بأنهم مجموعة عرفت بـ”مليشيا كوبجي” تكونت في 2011 من جنود سابقين في القوات المسلحة للقتال إلى جانب الجيش في مواجهة الحركة الشعبية شمال في 2011، لابد من الإشارة إلى أن بعضهم كان تحت عضوية التحالف السوداني بقيادة العميد عبد العزيز خالد أثناء فترة التجمع الوطني الديمقراطي، وبعضهم دلف إلى معسكرات التدريب الخاصة بالدعم السريع في النيل الأزرق قبل اسبوع ونيف من 15 ابريل 2023، إلا أن الجيش أطلق سراحهم بعد وقت قصير من السيطرة والتغلب على الدعم السريع الدمازين في الساعات الأولى للحرب في يومها الأول، وهم من مجموعتين الوطاويط، البرتا والفازوغليين نسبة إلى جبال فازوغلي والبرون وهؤلاء ينتمون لمجموعة الفونج ويعتبر ذوي انتماء مشترك بين أعالي النيل والنيل الأزرق بعضهم نزحته الحرب في السبعينات واستقروا بالنيل الأزرق لكن عقب انفصال الجنوب أسقطت عنهم السلطات السودانية الجنسية، المجموعة الثانية هي من القمز- بني شنقول بالنيل الأزرق، أضفت أن القمز يتناصفون الانتماء بين النيل الأزرق والإقليم الإثيوبي السابع “بني شنقول”، كنتاج للقوميات وترسيم الحدود بين الدول، وتتعدد النماذج في الراهن الذي اختلط فيه الحابل بالنابل لتجد من هو من منطقة سنقو بجنوب دارفور على الحدود مع أفريقيا الوسطى على سبيل المثال لا الحصر منتمياً لإحدى القوات النظامية لكن معرفتنا ببعض كشعب ظلمها سوء إدارة التنوع وذهنية الإحلال وليست الإضافة.

تاريخ الخبر: 2023-06-16 18:23:45
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية