صفقة عقارية غامضة "تهدد" وجود الأرمن في القدس

  • يولاند نيل
  • بي بي سي نيوز – القدس
التعليق على الصورة،

لطالما كان للجالية الأرمنية وجود في القدس منذ قرون

يسير موكب من الكهنة الأرمن، مرتدين أغطية رأس سوداء وملابس طويلة، على طول الشوارع الحجرية في البلدة القديمة في القدس، يقودهم رجلان يرتديان الطربوش ويمسكان بعصي المشي الاحتفالية.

إنهم يصطفون بهدوء، بصرف النظر عن صوت نقر العصي، لدخول كنيسة القيامة للصلاة.

  • مسيرة الأعلام الإسرائيلية: صراع سيادة على مدينة القدس
  • محمد صلاح: من هو الجندي المصري منفذ "الهجوم" على الحدود مع إسرائيل؟

في الوقت الحاضر، القدس هي جوهر الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لكن الأرمن موجودين هنا منذ القرن الرابع الميلادي، عندما كانت بلادهم أول من اعتنق المسيحية كدين وطني.

لدى الأرمن نصيب في أقدس المواقع المسيحية في المدينة القديمة، وحيهم الخاص المختبئ بعيدا في الزاوية الجنوبية الغربية موطن لحوالي 2000 أرمني.

لكن الجالية الأرمنية هنا تشعر الآن بالتهديد بسبب صفقة عقارية غامضة قام بها زعماء كنيستهم. وسط احتجاجات غاضبة، أخفى البطريرك الأرمني نفسه، وفر كاهن سيئ السمعة، ينفي ارتكاب أي مخالفة، إلى كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • من يقف وراء الهجوم الأوكراني المضاد؟
  • آيفون: لماذا قررت شركة فوكسكون المصنعة للهواتف الذكية التحول إلى صناعة السيارات الكهربائية؟
  • مدينة أمريتسار الهندية التي لا يجوع فيها أحد

قصص مقترحة نهاية

يشرح الناشط المجتمعي هاكوب جيرنازيان : "هذا الأمر مثل اللغز. أعني، نحن نحاول معرفة ما حدث ومتى حدث وكيف".

ما ظهر هو أن حوالي 25 في المئة من مساحة الحي الأرمني قد تم بيعه، بموجب عقد إيجار لمدة 99 عاما، لرجل أعمال يهودي أسترالي غامض من أجل عملية تطوير فاخرة.

تشمل الأرض المؤجرة على منطقة كبيرة لوقوف السيارات - وهي إحدى المناطق القليلة من الأراضي المفتوحة داخل أسوار المدينة القديمة - والتي استحوذت عليها شركته بالفعل.

كان العديد من الأرمن يأملون في إمكانية استخدام الموقع لبناء مساكن ميسورة التكلفة، للأزواج الشباب من مجتمعهم الصغير المتقلص.

وفقا للخطط التي شاهدها هاكوب وآخرون بشكل غير رسمي، فإن مبنى من الحقبة العثمانية تقطنه خمس أسر أرمنية ويضم مطعما ومتاجر ومدرسة دينية كلها جزء من عملية البيع. يخشى الكثير من أن هذا قد يؤثر على قابلية العيش في الحي على المدى الطويل.

لكن الجدل يمتد على نطاق أوسع بكثير.

يقول هاكوب: "إنها أرض تاريخية نمتلكها منذ 700 عام. فقدانها بتوقيع واحد سيؤثر على حياتنا الثقافية اليومية، لكنه سيغير أيضا صورة القدس. سيغير الوضع الراهن، فسيفساء القدس بأكملها".

تغيير طابع المدينة

مع الاحتفال بعيد الفصح الأرثوذكسي في أبريل/ نيسان الماضي، انتشر الذعر بين الأرمن. اعترف البطريرك الأرمني "نورهان مانوغيان" أنه وقع على عقد تأجير الأرض لكنه قال إنه خُدع من قِبل كاهن محلي يعمل لديه.

تم تجريد ذلك الكاهن من رتبته، وفي وقت لاحق كانت هناك مشاهد ساخنة حيث تم إبعاده من الحي الأرمني، وتم اصطحابه بعيدا تحت حماية الشرطة الإسرائيلية بينما كان السكان يصرخون "خائن".

التعليق على الصورة،

من المتوقع أن يتم بناء عقار رئيسي على موقف السيارات الواسع

في الآونة الأخيرة انضم العديد من الأرمن إلى الاحتجاجات الأسبوعية، إذ يمسكون أذرع بعضهم البعض ويغنون أغاني قومية أسفل نافذة البطريرك، الذي يقيم الآن في غرف في الدير ويطالبونه بإلغاء صفقة الأرض.

وسط تصاعد في الآونة الأخيرة في الهجمات من قبل اليهود المتطرفين، التي تستهدف المسيحيين في القدس، يرى بعض الأرمن أن البيع بمثابة ضرر تم إلحاقه بالوجود المسيحي هنا.

تقول أردا، التي تعيش في البلدة القديمة وتشكو من أن القوميين المتدينين (اليهود) يشعرون بالفعل بالاستقواء، بسبب انجراف السياسة الإسرائيلية: "شكل المدينة وطابعها يتغير كثيرا".

وتضيف: "الكهنة يمشون في الشوارع يجدون المستوطنين يبصقون عليهم، ويقول الناس إنهم لا يريدون رؤية أشجار عيد الميلاد في المدينة، والمطاعم تتعرض للهجوم بلا سبب. كل هذا يسير في اتجاه معين."

التعليق على الصورة،

يعيش البطريرك الأرمني نورهان مانوغيان منعزلا الآن في الدير

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

احتلت إسرائيل القدس الشرقية - بما في ذلك البلدة القديمة - من الأردن في حرب عام 1967 في الشرق الأوسط، ومضت في احتلالها وضمها في خطوة غير معترف بها دوليا.

في العقود التي تلت ذلك، كانت المدينة في قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتي يقول كلا الجانبين إنها عاصمته. هناك نزاع شرس على قطع الأراضي هنا.

هناك ما يُذكِّر بذلك بالقرب من الحي الأرمني، عند بوابة يافا - المدخل الأيقوني للحي المسيحي.

هنا تم بيع فندقين بارزين، يديرهما فلسطينيون سرا لشركات أجنبية تعمل كواجهات لمجموعة مستوطنين يهودية متطرفة.

خسرت الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية معركة استمرت عقدين من الزمان في المحاكم الإسرائيلية لإلغاء الصفقة، وانتقل المستوطنون العام الماضي إلى جزء من أحد الفنادق.

يقول شيوخ أرمن إنه في الماضي، كانت هناك محاولات متكررة من قبل المستوطنين الراغبين في شراء أرض في حيهم، وزيادة الوجود اليهودي في القدس الشرقية. يقع الحي الأرمني بجوار الحي اليهودي، ما يجعله مرغوبا بشكل خاص.

ومع ذلك، قال متحدث باسم مجموعة المستوطنين التي اشترت عقارات بوابة يافا لبي بي سي إنه لا علم له ببيع الأراضي الأرمنية.

تعليق الاعتراف بالبطريرك

في غضون ذلك، في مقابلات أجريت في الولايات المتحدة رفض الكاهن المطرود، باريت يريتسيان، فكرة أن مشتري عقد إيجار الأرض - المسمى داني روثمان ولكن أيضا دانيال روبنشتاين في بعض الوثائق - مدفوع بالأيديولوجية.

ومع ذلك، يقول قادة فلسطينيون مسيحيون إن الصفقة لها تداعيات سياسية.

يقول ديميتري ديلياني، رئيس الائتلاف الوطني المسيحي في الأرض المقدسة: "هذا يقوض أي حل سياسي مستقبلي للقدس". وأضاف "وفقا للقانون الدولي فإنها (قطعة الأرض) تقع على أرض محتلة تخضع للمفاوضات، وهذا التصرف يعزز الوجود الاستيطاني غير الشرعي في القدس الشرقية الفلسطينية".

التعليق على الصورة،

يقول ديميتري ديلياني إن البيع "يقوض أي حل سياسي مستقبلي لوضع القدس"

وهو يعتقد أن "تنوع" القدس سيتأثر بشدة أيضا.

وفي تسليط للضوء على أهمية تصرفات الكنيسة الأرمنية، علق كل من الرئيس الفلسطيني والملك الأردني عبد الله الثاني - الوصي على الأماكن المقدسة المسيحية في القدس - الاعتراف بالبطريرك.

يؤثر هذا على قدرته على حضور الاحتفالات والتوقيع على أعمال الكنيسة الرسمية.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها على علم بصفقة البطريرك الأرمني، لكنها تحجم عن التعليق عليها بسبب الحساسية السياسية.

في هذه الأثناء في باحات دير سانت جيمس المسورة (دير الأرمن) - التي هي موطن للعديد من العائلات الأرمنية منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، وتضم أندية ومدرسة ومكتبة خاصة بها وحتى ملعب كرة قدم - لا يدور الحديث في الوقت الحاضر عن شيء آخر.

لقد توترت العلاقات بين السكان ورجال الدين الذين يعملون هنا كسلطة دينية ومدنية. وتجمع العشرات من الأرمن المقدسيين يوم الجمعة الماضي، للاستماع إلى مجموعة من المحامين الأرمن الدوليين، الذين يزورون الحي ووافقوا على وضع توصيات حول كيفية التعامل مع القضية.

التعليق على الصورة،

قالت مجموعة من المحامين الدوليين إنهم سيقدمون توصيات بشأن ما يمكن فعله بشأن القضية

في مكان قريب، في متجر السيراميك الخاص به يرسم "غارو ساندروني" بطلاء شبيه بالزجاج على وعاء مزخرف، متسائلا عما سيحمله المستقبل.

إنه ينتمي إلى إحدى العائلات التي جلبت تقليد الفخار الأرمني الملون إلى القدس قبل قرن من الزمان، عندما فروا مما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه إبادة جماعية من قبل الأتراك.

يقول إن الأرمن تبرعوا تاريخيا بالمال لشراء أرض في هذه المدينة المقدسة - وطنهم الروحي - وليس للكنيسة الحق في بيعها.

قال لي: "هذا ما يثير غضبنا. هذه الأراضي ملك للأمة الأرمنية، وليس ملكا للبطريركية الأرمنية في القدس".

"البطريركية الأرمنية في القدس يجب عليها الاعتناء بهذه الأراضي، والحفاظ عليها وحمايتها".