«لم تعد التضحية هذا العام مُناسبة لنا».. قالها طارق معوض، 65 عامًا، مصري اعتاد أن يُضحي كل عام صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك، إلا أن غلاء أسعار اللحوم أعاقه من أداء السُنة لهذا العام: «على مدار 20 عامًا أذبح أنا وأبنائي بعد صلاة العيد مباشرة خروف ونقوم بتقسيمه على الشريعة الإسلامية، إلا العام الحالي مختلفًا».

يقول: «أسعار اللحوم أصبحت جنونية، ومع اقتراب العيد وجدت أن أسعار الخراف تضاعفت لثلاثة أثمانها السابقة، فمن كان سعره 5 آلاف جنيه أصبح يتخطى 10 آلاف جنيه، وبعض التجار زادوا في الأسعار عن الحد المعقول، لذلك لم أستطع الوفاء بأضحية كاملة بشكل منفرد».

بلغ معدل التضخم السنوي في مصر 31.5% خلال أبريل الماضي، وزاد الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية إلى 169.9 نقطة خلال الشهر نفسه بنسبة ارتفاع 1.8% عن مارس السابق له، وفقًا لتقرير التضخم للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

تجدد الأمل لدى طارق في ألا يمر العام الحالي دون أداء سنة حين رأى إعلانات لبعض الجمعيات تعلن عن توفير أضاحي بالتقسيط، يتم الشراكة فيها بين أكثر من شخص وتقسيم اللحم بينهم على أن يتم تقسيط المبلغ بفوائد رمزية كربح للجهد الذي تقوم به الجمعية إلا أنه لا يعرف مدى إجازة تقسيط الأضحية في الشريعة الإسلامية.

في أواخر مايو الماضي، أجابت دار الإفتاء المصرية على تساؤل طارق عبر فتوى إلكترونية لها، قالت فيها: «إن شراء صك الأضحية بالتقسيط جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، ولا يؤثر ذلك في قبولها عند الله تعالى ولا في حصول الأجر والثواب عليها، وقد ورد في السنة نحو ذلك فيما أخرجه الدارقطني في «سننه» عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ».

اشترك طارق في عجل مع إحدى الجمعيات الخيرية التي توفر تقسيط الأضحية يقول: «الجمعية تعطي كل فرد 9 كيلو لحم بلدي صافي يقوم بتقسيمه على الشريعة الإسلامية كما معتاد جزء للبيت وجزء للأهل والأقارب وجزء للفقراء، ويمكن أن يتنازل المضحي لجزء الفقراء للجمعية تقوم هي بتوزيعه على المستحقين في أي مكان داخل مصر».

سيجري طارق سنة الأضحية لكنه حُرم من بهجة الذبح -كما يصف- ومشاهدته مع أطفاله وهي أحد مظاهر عيد الأضحى المحببة لديهم، إلا أنه لم يجد حلًا آخر سوى ذلك بعدما ارتفعت أسعار اللحوم في مصر لا سيما الضاني والبلدي: «باتت الأضحية المنفردة ككل عام أمر صعبًا للغاية».

ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء في مصر خلال عام بنسبة 100%، حيث كان سعر كيلو جرام اللحم الحي للعجول البقري الفاخر (وزن 400 كجم) 69 جنيهًا خلال مايو العام 2022 وأصبح خلال مايو العام 2023 بسعر 127 جنيهًا، وهي النسبة نفسها التي ارتفع بها سعر كيلو اللحم البقري القائم (الحي) فكان 70 جنيهًا وأصبح 115 جنيهًا.

حيلة أخرى لجأ إليها حسن الأمين، 52 عامًا، والذي كان يضحي بشكل منفرد كل عام، إلا أنه لم يستطع هذا العام بسبب الارتفاع الذي حدث في أسعار اللحوم فلجأ إلى مشاركة جاره في خروف من أجل تقسيم اللحم عليهما وفي الوقت نفسه تقسيم سعر الأضحية حتى يكونوا قادرين.

يقول: «ثمن الخروف تضاعف مرتين عن ثمنه خلال الأعوام السابقة، ولا يقل أصغر خروف عن 10 آلاف جنيه، لذلك لم أستطع التضحية منفردًا، ولم أرغب في الجمعيات بسبب كثرة الأفراد في الأضحية الواحدة مما ينتج عنها مشاكل وأزمات وقت التقسيم، لذلك لجأت إلى جاري».

عانى جار حسن من نفس الأزمة المالية التي كانت عائقًا أمامه في شراء أضحية بمفرده فاضطر إلى الشراكة معه: «دار الإفتاء أجازت التقسيط والشراكة في التضحية بسبب علمها بضيق الحال على كثير من المصريين وعدم قدرتهم على التضحية بشكل منفرد، فيؤدون السنة وفي الوقت نفسه لا يضيق عليهم الحال».

قبيل عيد الأضحى أعلنت وزارة الزراعة استيراد 170 ألف رأس ماشية جديدة، وذلك بخلاف دفعات سابقة تم استيرادها بالفعل بواقع 180 ألف رأس ماشية، في وقت تستورد فيه مصر 60% من احتياجاتها من اللحوم الحمراء، بينما انخفض استهلاك الأسر المصرية من اللحوم بنسبة 93.1%، وفقًا لدراسة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.