ماذا يحدث لأجهزتنا التكنولوجية القديمة؟


كل عام يتم شحن نحو 30 ألف طن من النفايات الإلكترونية بشكل غير قانوني خارج بريطانيا. يذهب كثير منها إلى البلدان النامية ليصهرها عمال يتقاضون أجورا متدنية في ظروف غير آمنة لحد كبير أو أن تتسرب المواد السامة من أماكن رمي النفايات.
ويقدر أن هناك 87 ألف طن أخرى يتم نقلها أو توجيهها إلى مواقع نفايات غير قانونية منتشرة في جميع أنحاء إنجلترا.
ومع ذلك، يصر كل بائع تجزئة ومجلس محلي وشركة إعادة تدوير على أنهم يفعلون الشيء الصحيح بأجهزة التكنولوجيا القديمة التي نعهد بها إليهم. إذن كيف تختفي بالضبط أجهزة الحاسوب المحمولة والشاشات وأجهزة التلفاز غير المرغوب فيها في عالم الجريمة المنظمة الغامض، الذي يمثل تجارة النفايات غير الرسمية؟
قررت "فاينانشيال تايمز" معرفة ذلك، لذا قمنا بتركيب أجهزة تعقب في الحواسيب المحمولة القديمة المعطوبة لـ"فاينانشيال تايمز" -بعد إزالة البيانات منها- وأعطيناها لأبرز ستة تجار تجزئة في المملكة المتحدة، والذين هم ملزمون قانونا باستعادة البضائع القديمة من العملاء الذين يشترون بضائع جديدة.
على مدى الأشهر الستة التالية، أخذتنا أجهزة التعقب في جولة غريبة في بريطانيا، مع وقفات عند شاطئ نورفول، وعنوانين سكنيين في مدينة سلاو ومستودع في ريف ويلز.
وقد فتحت أعيننا على صناعة تعاني موطن ضعف يسمى "التسرب" -حيث تفلت البضائع من أيدي الجهات الرسمية القائمة على إعادة التدوير إلى أيدي جهات فاعلة أخرى يحتمل أن تكون مشكوكة فيها.
وعد جميع تجار التجزئة بأنهم "سيعيدون تدوير" أجهزة الحاسوب المحمولة، ولكن أحد الحاسوبين اللذين أعطيناهما لشركة جون لويس تمت سرقته مرتين من سلسلة التوريد الخاصة بإعادة التدوير. وفي الوقت نفسه، باعت شركة آرجوس الحاسوبين اللذين سلمناهما لها لبائع على موقع إي باي.
لم يتم التصدير بشكل غير قانوني لأي من أجهزة الحاسوب المحمولة، التي ظللنا نرصدها، لكن بعضها انزلقت في مسارات كان من الممكن أن تذهب في ذلك الاتجاه.
قالت وكالة البيئة في المملكة المتحدة لـ"فاينانشيال تايمز" ردا على طلب حرية المعلومات إن هناك طرقا متعددة يمكن أن تجد بها التكنولوجيا القديمة طريقها إلى السفن المتجهة للتصدير غير القانوني. وقالت الوكالة إن المتاجر الخيرية قد تعطي الإلكترونيات التي تم التبرع بها لمصدري المنسوجات إلى جانب الملابس غير القابلة للبيع، أو قد يرسل المشغلون من "الوحدات الصناعية الصغيرة" النفايات إلى "بلدان غرب إفريقيا".
أضافت أن ذلك طريقا آخر محتملا هو عندما يعيد العملاء الأجهزة الإلكترونية إلى تجار التجزئة لأنه "يشتبه بشكل معقول أنها معيبة أو تالفة، وبالتالي يتم بيع النفايات بكميات كبيرة بالمزاد" إما من قبل تجار التجزئة أنفسهم أو الشركات التي تشتري منهم.
تشير البيانات، التي تم الحصول عليها من خلال طلب حرية المعلومات إلى أن وكالة البيئة غير مجهزة لوقف مثل هذه التسريبات، مع انخفاض إجراءات الإنفاذ في الأعوام الأخيرة.
فيما قال مسؤول كبير من فريق تصدير النفايات غير القانونية التابع للوكالة إن "الفريق صغير نسبيا بالنسبة لحجم المشكلة"، وإنهم "يكافحون الحرائق". وقال المسؤول إن المجرمين يستهدفون الموانئ التي يعتقدون أن الوكالة لا تقوم بتفتيشها بانتظام.
لصوص النفايات
بعد ستة أشهر من نشر أجهزة الحاسوب المحمولة الـ 14، اتضح أن عشرة منها أعيد تدويرها بالشكل الصحيح.
حيث تم إرسال ثلاثة منها مع شركة أمازون، واثنين مع شركة ديل، وواحد مع شركة كاريز وآخر مع شركة جون لويس إلى مصانع إعادة التدوير المعتمدة. وقالت شركة إعادة التدوير، التي تسلمت أجهزة الحاسوب المحمولة الثلاثة التي أعطيناها لشركة أبل إنه تمت إعادة تدويرها.
قال بائع التجزئة إن الحاسوب المحمول مع شركة كاريز كان لا يزال قابعا في موقع شركة إعادة التدوير ليتم جمعه للتصليح.
ثم أصبح جهاز التعقب لا يعمل، ما يعني أنه أصبح من غير الواضح أين ذهب جهاز الحاسوب المحمول بعد ذلك.
وأشار سايرز إلى أن "حقيقة حدوث ذلك مرتين قد يكون مجرد سوء حظ، أو أنها تؤكد حقيقة أن الأشياء تتسرب".
بينما قال جاستن جريناواي، المدير التجاري في سويب كوساكوسكي، وهو مصنع لإعادة تدوير الإلكترونيات في مدينة كينت، إن مراكز إعادة تدوير النفايات المنزلية تستهدف بانتظام من قبل المجرمين و"إذا سرقت النفايات الإلكترونية فغالبا ما يكون مصيرها التصدير".
قال مجلس بلدة سلاو، الذي يدير مركز إعادة التدوير، إن محيط دقة أجهزة التعقب يعني أنه لا يمكن إثبات دخول جهاز الحاسوب المحمول إلى موقعه، ولكن "إذا أراد شخص ما سرقة شيء ما (...) فيمكن أن يحدث ذلك دون أن يلاحظه أحد".
أصرت شركة ويست كير على أن السرقة من عملياتها كانت "نادرة" الحدوث، حيث يتم تقليلها من خلال أنظمة المراقبة بالكاميرا والكاميرات في الموقع على مدار الساعة في سياراتها، وقالت إنها تعمل "على وضع تدابير إضافية لتجنب تكرار حدوثها". وقالت شركة جون لويس إنها تراجع عملياتها لمنع حدوث ذلك مرة أخرى.
إن نحو 114 ألف طن من الإلكترونيات يتم فقدانها من نظام إعادة التدوير في المملكة المتحدة بسبب السرقات كل عام، وفقا لتقرير صادر عن منظمة ماتيريال فوكاس غير الربحية المختصة بإعادة تدوير الكهربائيات.
كانت خمسة من 39 جهاز حاسوب وشاشات وطابعات معطلة تركتها مجموعة بازل أكشن نيتورك الأمريكية في مراكز إعادة التدوير في جميع أنحاء المملكة المتحدة في 2017، قد انتهى الأمر بها بالتصدير إلى البلدان النامية. يكاد يكون من غير القانوني دائما تصدير الإلكترونيات المعطلة من المملكة المتحدة وأوروبا، ووجدت مجموعة بازل أكشن نيتورك أن المملكة المتحدة لديها أسوأ معدل تصدير من بين عشر دول أوروبية خضعت للاختبار.
إن تصدير الأجهزة الإلكترونية، التي تعمل بشكل كامل مسموح، لكن عديدا من السلع، التي يدعي المصدرون أنها تعمل ليست كذلك، وغالبا ما تفتقر قنوات النفايات في البلدان المستوردة، مثل غانا ونيجيريا وباكستان، إلى القدرة على إعادة تدويرها. كما يتعرض العمال في أماكن المعالجة صغيرة الحجم للمواد الضارة عند حرق البلاستيك من أجل الوصول إلى النحاس والمعادن الأخرى.
ذكرت مجموعة بازل أكشن نيتورك في دراسة أن الشخص البالغ الذي يأكل بيضة يضعها الدجاج في حي أجبوجبلوشي الفقير في غانا، الشهير بمعالجة النفايات الإلكترونية في أوروبا بشكل غير رسمي، سيتجاوز حدود هيئة سلامة الأغذية الأوروبية الخاصة لمادة سامة واحدة بشكل خاص بمقدار 220 ضعفا.
وجد النواب البريطانيون في تحقيق أجري في 2020 أن وكالة البيئة لم تكن تضيق الخناق بشكل فعال على صادرات النفايات الإلكترونية غير القانونية. ووفقا لبيانات طلب حرية المعلومات التي حصلت عليها "فاينانشيال تايمز"، انخفض عدد عمليات تفتيش الموانئ في إنجلترا بحثا عن صادرات النفايات الإلكترونية غير القانونية المشتبه بها كل عام تقريبا منذ 2016، من 172 إلى 33 في العام الماضي.
حيث لم تقدم الوكالة سوى 14 إخطارا لمنع صادرات النفايات الإلكترونية غير القانونية المشتبه بها العام الماضي، بانخفاض عن 50 في 2016، ولم تكن هناك ملاحقات قضائية تتعلق بهذه المسألة منذ 2017. هذه الأرقام هي جزء من اتجاه تنازلي أوسع نطاقا يتعلق بإنفاذ القانون ضد الشحنات غير القانونية لجميع أنواع النفايات.
قالت وكالة البيئة: "يجب على الشركات ضمان نقل النفايات الكهربائية ومعالجتها من قبل مراكز إعادة التدوير المناسبة، بما يتماشى مع واجبها في مسؤوليات الرعاية، الشركات التي لا تمتثل يمكن أن تواجه المقاضاة".
شفافية تجار التجزئة
أكد مدير يعمل لدى البائع على موقع إي باي أنهم يشترون الأجهزة المرتجعة من عديد من تجار التجزئة بما فيهم شركة آرجوس من أجل إصلاحها ثم إعادة بيعها.
ولم يشر موقع شركة آرجوس على الإنترنت إلى أنه يعيد بيع البضائع، مكتفيا بالإشارة فقط إلى أنه سيتم "إعادة تدوير" الأجهزة. فيما عدلت شركة آرجوس، المملوكة لشركة سينبوريز، الصياغة بعد أن اتصلت بها "فاينانشيال تايمز" وقالت: "من أجل مساعدة عملائنا وكوكبنا على حد سواء، نقدم خدمة استرجاع (...) وتماشيا مع التسلسل الهرمي للنفايات الذي أوصت به الحكومة، سيتم إعادة تدوير كل منتج أو تجديده أو إعادة بيعه بطريقة آمنة".
قال سكوت بتلر، المدير التنفيذي لمنظمة ماتيريال فوكاس، إن إبقاء المنتجات تعمل لفترة أطول يعد أمرا جيدا، "ولكن إذا قال تجار التجزئة إن شيئا ما سيتم إعادة تدويره، فيجب إعادة تدويره".
تورد صفحة المالك على موقع لينكد إن قوائم بكميات كبيرة من أجهزة التلفاز وأجهزة الحاسوب المحمولة وأجهزة الحاسوب المكتبية، بعضها مخصص "للتصدير".
أشار الخبراء الذين ألقوا نظرة على المنشورات إلى أن الأجهزة قد تكون مغلفة بشكل سيئ للغاية بحيث لا يمكن إعادة استخدامها في الخارج، لذلك قد لا تعمل جميعها.
قالت شركة تيس-أمم لـ"فاينانشيال تايمز" إنها أعادت تدوير أجهزة الحاسوب المحمولة واكتشفت أجهزة التعقب. وقالت إنها وضعت عن طريق الخطأ أجهزة التعقب في منصة البضائع التي تعمل، التي كانت تبيعها للمصدر لكن المصدر أعادها.
وأكد المصدر أقوال شركة تيس-أمم وقال إن موقعه على الإنترنت "لم يتم تحديثه"، وأنه على الرغم من حصولهم على الترخيص لإعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات، "فإننا نفضل التمسك بالشراء والبيع فقط".
أضافت الشركة: "نحن لا نصدر أجهزة الحاسوب المحمولة إلى أي دولة". لكن التعليقات على بعض المنشورات على موقع لينكد إن للإعلان عن أجهزة الحاسوب المحمولة تظهر أنها ترسل قوائم الأسعار والمخزون إلى العملاء المقيمين في الهند وباكستان وتايوان. لكن المصدر لم يرد على مزيد من الأسئلة.
وحول علاقتها بالمصدر، قالت شركة تيس-أمم: "هناك عديد من الوسطاء للمعدات التي تعمل والذين يتوقون لشراء منتجاتنا (...) بالنسبة لنا، هم مشترون غير منتظمون للمعدات التي يتم تجديدها".
في المتوسط، أنتج كل شخص في المملكة المتحدة 24 كجم من النفايات الإلكترونية في 2019.
قال الموظف الذي يعمل لدى البائع على موقع إي باي، والذي يشتري من شركة آرجوس: "يتم إصدار أحدث الهواتف المحمولة كل عام، ونحن نحصل على هاتف جديد ونتخلص من القديم".
من المتفق عليه على نطاق واسع أن تحقيق اقتصاد موسمي بالكامل هو الأمل الوحيد للبلاد لتغذية عادتها الاستهلاكية مع معالجة تغير المناخ بنجاح في الوقت نفسه. لكن في الوقت الحالي، يعد التسرب أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل الأمر بعيد المنال.
وأضاف البائع على موقع إي باي: "إن البيئة تنهار بشكل أسرع مما يمكننا مواكبته. إننا بريطانيا المبددة".

تاريخ الخبر: 2023-06-21 03:23:05
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 38%
الأهمية: 49%

آخر الأخبار حول العالم

اختطاف مغاربة بالتايلاند يسائل بوريطة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:30
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

الاتحاد الفرنسي يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:42
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

يورغن كلوب يؤكد انتهاء أزمته مع صلاح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:27
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

بطولة ألمانيا.. رويس يعلن رحيله عن دورتموند بعد 12 عاما

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:45
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 65%

يورغن كلوب يؤكد انتهاء أزمته مع صلاح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:23
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

الاتحاد الفرنسي يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:37
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 58%

اختطاف مغاربة بالتايلاند يسائل بوريطة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:36
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

بطولة ألمانيا.. رويس يعلن رحيله عن دورتموند بعد 12 عاما

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:49
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية