تحل اليوم ذكرى ميلاد الناشطة النسوية هدى شعراوي التي عاشت حياتها للنضال في سبيل تحسين أحوال نساء مصر، فسعت إلى التأكيد على حق المرأة في التعلم والعمل، وطالبت بسَن القوانين التي تحمي المرأة؛ كتحديد سِن مناسب للزواج وتقييد تعدد الزوجات، كما أنها شاركت في التوعية السياسية للنساء، وتقدمت أولى المظاهرات النسائية خلال ثورة 1919م.

ولم تكن تلك المسيرة النضالية من فراغ، ولكنها كانت نتاج وعي تشكل منذ الطفولة لدى شعراوي بمظالم النساء بعد أن عانت هي من التمييز وتفضيل الأخ الأصغر عليها، وبعد أن خاضت تجربة الزواج من رجل يكبرها بأربعين عامًا، وعانت من تقييد حريتها. 

التمييز بين الرجل والمرأة 

روت شعراوي في مذكراتها فصولًا من التمييز الذي عانته بتفضيل أخيها الأصغر عليها والذي كان سببًا لغيرتها المستمرة منه، فتشير إلى أن الأسرة كانت تفضل الأخ على اعتبار أنه هو الذي سيحمل لقب العائلة رغم كونه الأصغر. 

روت شعراوي بعض المواقف التي عانت فيها من التمييز، فحينما  أشار الطبيب الذي كان يعالج أخيها بأن يشتروا له مهرًا صغيرًا  ليتعلم ركوب الخيل في السابعة من عمره، طلبت أن يشتروا لها مهرًا لتركب مثله، لكنهم رفضوا لأن ركوب الخيل لا يليق بالبنات.  

آمنت شعراوي بأن اختلاط الجنسين له تأثير حسن في تربية الأطفال وعن ذلك قالت: من كثرة اختلاطي بالصبيان ولعبي معهم، تطبعت بطباعهم وشبت عليها، وهنا أقرر أن اختلاط الجنسين ليس من ورائه الضرر الذي يحدث من الاختلاط في أدوار المراهقة وما بعدها؛ لأن اختلاط الأطفال يجعلهم يشبون على عدم الفوارق، وتربطهم الصداقة البريئة ومن كثرة تعود بعضهم على بعض يصبحون كأنهم إخوة.

وأضافت في هذا الصدد: أؤكد أن كثيرًا من الفتيات اللاتي تآخين منذ الصغر مع زملائهن من الفتيان؛ كن أقل علمًا بكثير من الأمور التي عرفها أترابهن ممن تعارفن في سن كبيرة، فالاختلاط منذ الصغر وبين أولاد من طبقة متساوية تربوا على أساس من الحشمة والاحترام، قليل الشوائب والأخطاء.

جوانب من النبوغ

سردت شعراوي في سيرتها عن تعلقها الشديد بالكتب والشعر، كما ذكرت أنها في التاسعة من عمري ختمت القرآن الكريم، كما أنها تعلمت اللغة التركية فتعلمت قواعدها والخط الرقعة والنسخ، مما أفادها بالنسبة للغة العربية نظرًا لتماثل حروف اللغتين.

كما تحدثت شعراوي عن اطلاعها الواسع على العديد من الكتب التي كانت تحصل عليها من الباعة ثم من مكتبة والدها العامرة، ذاكرة أنها كانت محبة للشعر بدرجة كبيرة ووجدت في مكتبة الوالد الكثير مما يشبع نهمها للقراءة. 

الزواج المبكر

كان لزواج شعراوي المبكر من ابن عمها الذي يكبرها بأربعين عامًا أثر في استشعارها المبكر بخطورة الزواج المبكر للفتيات وأثره في تقييد حريتهن ووأد طفولتهن.

انفصلت شعراوي عن زوجها في عمر الرابعة عشر؛ لتعيش في منزل والدها لمدة سبع سنوات، بعد أن اكتشفت أنه عاد لزوجته السابقة، ولكن تلك التجربة كانت ملهمة لها في وقت لاحق لتطالب بسن قوانين تحفظ حقوق المرأة وحريتها.