أثنى خبراء من الهند على زيارة رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى إلى مصر، مؤكدين أن نيودلهى والقاهرة تبادران باستمرار إلى اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين، وسط تطلعات لإعطاء المزيد من الزخم للشراكة الحضارية والمتعددة الأوجه.

«باتكى»: سيكون التركيز على قضايا التعاون فى التعليم والاقتصاد والانضمام لـ«البريكس»

من جهته قال المحلل السياسى الهندى، أشوتوش باتكى، إن الهند ومصر تبادران باستمرار إلى اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين، وستعزز الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الوزراء الهندى لمصر هذه الجهود، حيث الموقف الدبلوماسى والاقتصادى الحالى لهذه الدول يكمل أيضاً المصالح الجيوسياسية لبعضها البعض.

وأضاف «باتكى»، لـ«الوطن»: «نظراً لأن الهند تطمح لأن تكون صوت الجنوب العالمى، فإن التعاون مع دول مثل مصر يصبح مهماً بالنسبة لها، حيث تلعب الدولة الواقعة فى غرب آسيا أيضاً دور الميسر والموصل للأسواق الأفريقية وغرب آسيا والأوروبية، ومن ناحية أخرى، فإن استعداد مصر لإعطاء الأولوية لتقليل اعتمادها على الدولار جعلها أقرب إلى منتديات مثل مجموعة البريكس».

وتابع: «خلال هذه الزيارة التى يقوم بها رئيس الوزراء الهندى سيكون التركيز على طلب الدولة للانضمام إلى هذا المنتدى، كما ستغطى المناقشة القضايا المتعلقة بالتعاون فى مجالات الدفاع والتعليم والاقتصاد»، مشيراً إلى أنه مع وجود الاستعداد السياسى من كلا الجانبين فإن العديد من السبل للتعاون فى المستقبل ستفتح فى الأيام المقبلة.

وأوضح المحلل السياسى الهندى أن هناك عدة آليات للحوار المؤسسى الثنائى بين الهند ومصر على مستويات مختلفة، حيث عقدت الجولة الحادية عشرة من مشاورات وزارة الخارجية فى نيودلهى ديسمبر 2015، وعقدت أول مجموعة عمل مشتركة حول القضايا الإلكترونية ديسمبر 2016، وعقد الاجتماع الرابع للجنة المشتركة حول العلوم والتكنولوجيا أبريل 2017، والجلسة الثانية عقدت ISRO-NARSS JWG بالقاهرة فى نوفمبر 2017، وعقدت الجولة السابعة من اجتماع اللجنة المشتركة (JCM) فى مارس 2018 فى نيودلهى، وشارك فيها وفد مصرى بقيادة وزير الخارجية سامح شكرى، كما عقدت لجنة الدفاع المشتركة الثامنة (JDC) فى نيودلهى فى الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر 2018، وعقدت الدورة التاسعة للجنة الدفاع المشتركة بالقاهرة فى الفترة من 5 إلى 7 نوفمبر 2019.

وقال «باتكى»: «عقدت ورش العمل الهندية المصرية حول الزراعة والتكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو فى شيلونج فى سبتمبر 2018 ومومباى فى يناير 2019 على التوالى، وبعد فجوة استمرت أكثر من عام بسبب جائحة كورونا، أعيد تشغيل الآليات الثنائية فى 3 مارس 2021 مع عقد JWG للتجارة والاستثمار عن طريق الفيديو، كما عقد الاجتماع الخامس للجنة المشتركة حول العلوم والتكنولوجيا فى الخامس من أكتوبر 2021 فى الوضع الافتراضى، مع التركيز على الزراعة وتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا الحيوية والطاقة المتجددة».

وأشار إلى أنه تم عقد JWG الأول حول الأدوية والمستحضرات الصيدلانية فى 14 مارس 2022 وفى 11 أبريل 2022، تم عقد أول JWG حول الصحة والطب، وعقدت اللجنة التجارية المشتركة الخامسة ومجلس الأعمال المشترك فى القاهرة يومى 25 و26 يوليو 2022 على التوالى، بعد فجوة استمرت عدة سنوات، موضحاً أنه فى 25 أكتوبر 2022 عُقد أول JWG حول تربية الحيوانات والألبان ومصايد الأسماك، إضافة إلى عقد الاجتماع الثالث لمجموعة العمل المشتركة بين الهند ومصر بشأن مكافحة الإرهاب فى نيودلهى فى فبراير 2023.

فيما قال وحيد باهات، الكاتب الصحفى الهندى، إنه بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم مصر فى يونيو 2014، قام وزير الشئون الخارجية الهندى بزيارة إلى القاهرة فى أغسطس 2015، كما التقى رئيس الوزراء ناريندرا مودى بالرئيس السيسى على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك فى سبتمبر 2015، وزار الرئيس السيسى الهند من أجل قمة منتدى الهند وأفريقيا الثالثة فى نيودلهى فى أكتوبر 2015، وعقدت اجتماعات مع الرئيس براناب موخيرجى ورئيس الوزراء مودى، كما قام الرئيس السيسى بزيارة دولة إلى الهند فى سبتمبر 2016».

وأضاف «باهات»، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»: «صدر بيان مشترك يحدد الركائز الثلاث للتعاون السياسى والأمنى والمشاركة الاقتصادية والتعاون العلمى والعلاقات الثقافية والشعبية كأساس لشراكة جديدة من أجل عهد جديد، وفى سبتمبر 2017، التقى الرئيس السيسى برئيس الوزراء مودى على هامش قمة البريكس التاسعة فى شيامن».

فيما قالت الباحثة الاقتصادية الهندية ديفيا كومار، إن مصر تعد تاريخياً أحد أهم شركاء الهند التجاريين فى القارة الأفريقية، حيث دخلت اتفاقية التجارة الثنائية بين الهند ومصر حيز التنفيذ منذ مارس 1978، وتستند إلى بند الدولة الأولى بالرعاية، وزادت التجارة الثنائية أكثر من 5 مرات فى السنوات العشر الماضية، وبلغت التجارة الثنائية فى «2018 - 2019» 4.55 مليار دولار، على الرغم من جائحة كورونا، انخفض حجم التجارة بشكل هامشى فقط إلى 4.5 مليار دولار فى 2019-20 وإلى 4.15 مليار دولار فى 2020-2021.

وأضافت «كومار»، لـ«الوطن»: «توجد آليات ثنائية عديدة لتسهيل العلاقات التجارية والاقتصادية بين الهند ومصر، كما تساعد البعثة الدبلوماسية الهندية فى القاهرة فى تنظيم منتديات مختلفة للتعاون التجارى، ومنذ عام 2020، وبسبب فيروس كورونا المستجد، عقدت معظم الاجتماعات الثنائية، وهناك الكثير من الفعاليات البارزة التى تم عقدها مؤخراً تشمل مؤتمرات خاصة بالأغذية الزراعية والمعالجة وصادراتها بالتعاون مع هيئة تنمية صادرات المنتجات الزراعية والغذائية المصنعة فى الهند APEDA فى يونيو 2021، ومؤتمر 3P Africa International Expo فى شهر يوليو 2021، حيث أعلنت نيودلهى عن ترويج الأعمال بين الهند وأفريقيا».

وتابعت: «نجحت مصر فى توفير تسهيلات من أجل عبور الطائرات الخاصة بالمساعدات خلال جائحة كورونا وعمليات الإنقاذ الأخيرة التى نفذتها الهند فى الزلزال الذى ضرب تركيا وسوريا، قدمت السلطات المصرية دعماً استثنائياً وسهلت عبور طائرات القوات الجوية الهندية حتى فى وقت قصير، وهذا يعكس مدى التعاون الثنائى القوى الذى ينعكس على الاقتصاد بين البلدين».

وقال ديباك شارما، الباحث فى العلاقات الدولية، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى نجح فى تدشين عهد جديد من العلاقات المصرية - الهندية، التى تتسم بالعمق والأصالة، لا سيما أن البلدين بينهما علاقات عمرها أكثر من 75 عاماً، منذ زيارته الأولى للهند رفقة كبار رجال الدولة ورجال الأعمال، التى بحث خلالها التعاون المشترك وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وجذب الاستثمارات الهندية إلى مصر.

وأضاف «شارما»، لـ«الوطن»: «السياسة المتوازنة لمصر والهند، ودورهما المحورى فى القضايا الدولية، محل اعتبار وتقدير من مختلف دول العالم الكبرى، فضلاً عن أن الزيارة تعزز من العلاقات التاريخية، وتعزز من التعاون الاقتصادى، وترفع مستوى العلاقات إلى درجة العلاقات الاستراتيجية فى كافة المجالات، كما أن التفاهم بين البلدين وصل لمرحلة متقدمة وغير مسبوقة، ما سيعود بالنفع على الدولتين خاصة فى هذه المرحلة التى تتزايد فيها المشكلات الدولية والتى تظهر فيها الحاجة من جانب كل من مصر والهند إلى أن تتزايد قنوات التواصل الثنائى لمواجهة المتغيرات التى تؤثر تأثيراً سلبياً على استقرار العالم».

وتابع شارما: «زيارة رئيس وزراء الهند تعكس العلاقات الثنائية القوية بين نيودلهى والقاهرة، حيث إن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين راسخة ومتجذرة منذ سنوات طويلة، ما انعكس على العلاقات القوية بين البلدين إلى التفاعل السياسى المستمر على أعلى المستويات».