قدم الراحل طلال مداح نشيد "يا حج يا مبرور" للشاعر سعيد الهندي، فكان مداح ضمن "البداية السعودية" ومن أوائل السعوديين في بث أعمال الحج التي ساهم في تكوينها مجموعة من المطربين، كالفنان سعد إبراهيم ومحمود وعبدالقادر حلواني وعبد الله السلوم ومحمد عبده وابتسام لطفي التي قدمت نشيد "الحج".

قدم عبد الله السلوم نشيد "واقف على باب الحرم" وهو أول نشيد إذاعي وتقول كلماته:

يا حج يا مبرور.. يا خامس الأركان

شهر الحرم والأمن.. جاء الحجيج فرحان

أهلاً بكم أهلاً حجاج بيت الله

فيه العباد تدعي.. يا رب اسقينا

بير الشفاء زمزم.. يشفي العليل فينا

أهلاً بكم أهلاً حجاج بيت الله.

أهيم بروحي

أما طارق عبد الحكيم فقدم رائعة "أهيم بروحي" ضمن استفاضة الأديب طاهر زمخشري "1906- 1987" والوله لمكة حتى صاغها طارق بلحن "الدانة"، الذي يعتبرونه أهل مكة ضمن تراثهم لتتوافق مع شوق وحنين زمخشري إلى البيت العتيق.

أهيم بروحي على الرابيه .. وعند المطاف وفي المروتين

وأهفو إلى ذكر غاليه .. لدى البيت والخيف والأخشبين

فاهدر دمعي بآماقيه .. ويجري لظاه على الوجنتين

ويصرخ شوقي بأعماقيه .. فأرسل من مقلتي دمعتين

شهدت فترة الأربعينيات والخمسينيات انتعاشة كبيرة لأهازيج الحج التي غناها كبار المطربين، ومنهم أحمد عبد القادر والكحلاوى وشافية أحمد وكارم محمود، وسيد إسماعيل، وعبده السروجي وفايدة كامل.

ومن أشهر أناشيد الحج "يا رايحين للنبي الغالي" للمطربة ليلى مراد، فهذه الأغنية لها طابع خاص، وعندما نسمعها نشعر بحالة من الحنين إلى الأماكن المقدسة.

إلى عرفات الله

غنت أم كلثوم قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي، "إلى عرفات الله" والتي كان قد كتبها بمناسبة ذهاب الملك أحمد فؤاد إلى مكة لأداء مناسك الحج، لتصبح من أجمل الأغاني الدينية التي قدمتها.

إلى عَرَفَاتِ اللهِ يا خَيْرَ زائِرٍ

عَلَيكَ سَلامُ اللهِ في عَرَفاتِ

ويومَ تُوَلِّي وُجْهَةَ البَيْتِ ناضِرًا

وَسِيمَ مجالي البِشْرِ والقَسَمَاتِ

على كُلِّ أُفْق ٍ بالحِجاز ِملائِكٌ

تَزُفُّ تحايا اللهِ والبَرَكاتِ.

القلب يعشق كل جميل

كما غنت أم كلثوم أغنية "القلب يعشق"، من كلمات بيرم التونسي، وألحان رياض السنباطي، وأشهر مقاطعها "دعاني لبيته لحد باب بيته لما تجلالي بالدمع ناجيته".

القلب يعشق كلّ جميلْ

وياما شُفتي جَمالْ يا عين

واللي صَدَق في الحبِّ قليلْ

وانْ دامْ يدومْ يومْ والاّ يُومينْ

واللي هَويتُه اليومْ.. دايمْ وصالُه دُومْ

لا يعاتب اللي يتوبْ، ولا في طبعُه اللومْ

واحدْ مفيشْ غيرُهْ.. مَلَا الوجودْ نورُه

دعاني لبّيتُه.. لحدّ بابْ بيتُهْ

وامّا تجلّى لي.. بالدّمْعِ ناجَيتُهْ

مَكَّة وِفِيها جبالِ النّورْ

الفنان محمد الكحلاوى اعتاد أن يحج مع فرقته كل عام، وأن يغني أناشيده الخاصة بالحج، حيث قدم ما يقرب من 20 أغنية دينية عن الحج ومناسكه وعبر خلالهم عن فرحة الحجاج.

كانت أغنية "اشتياق الحجيج" للفنان محمد الكحلاوي، من أولى أغاني الحج في الإذاعة المصرية، وكانت من تأليفه وتلحينه، وقدمتها الإذاعة عام 1936.

يا مسعد الحجاج

غنى كارم محمود أغنيته الشهيرة "يا مسعد الحجاج"، فيما غنى سيد إسماعيل "بشاير من الحبيب" كلمات مرسي جميل عزيز وألحان عبد العظيم عبد الحق، وجابر العزب غنى نشيد "خذوني معاكم"، وأيضًا السورية سعاد محمد غنت "طلع البدر علينا".

الموسيقار رياض السنباطي كان أحد أهم الملحنين الذين لحنوا أناشيد الحج ومنها أغنية غناها المطرب أحمد عبد القادر، كانت كلمات أغنية الحج تقول: "إمتى نعود لك يا نبي ونمتع الأنظار، والفرح يرجع يا نبي والطبل والمزمار"، وعندما غنى أحمد عبد القادر هذه الأغنية، بيع منها أكثر من مائتي ألف أسطوانة، وكان هذا رقما قياسيا بالنسبة لأي أغنية سجلت في هذا التوقيت المبكر من القرن الماضي.

عبرت هذه الأناشيد التي امتزجت فيها الألحان مع المشاعر عن مدى شوق الحجاج وتعلقهم وفرحتهم بالحج وزيارة الأراضي المقدسة، حيث يرددون هذه الأغاني الجميلة في وداع واستقبال الحجاج الذين أنعم الله ويسر لهم أداء هذه الفريضة.

الحج في التراث الشعبي

عرف التراث الشعبي في مختلف الدول أغاني الحج منذ زمن بعيد، ولا تزال بقايا هذا التراث تتردد بين الناس في الأجواء الاحتفالية التي تسبق وتتبع الحج.

تعد المطربة الكبيرة نجاة علي من أكثر المطربات اللاتي غنين للحج والحجاج، حيث غنت عن ذهاب وعودة الحجاج، من كلمات بديع خيري وألحان زكريا أحمد وأغنية "يا رايح جدة على زمزم"، ألحان محمد القصبجى، وعدد من المواويل عن الحج، هما "سيرى يا زمزم"، "يا اللي رايح تحج البيت".

أسندت الإذاعة المصرية عام 1938 للفنان فريد الأطرش أغنية كتبها بديع خيري بعنوان "محمل الحجاج" ليقوم بتلحينها وغنائها وتقول كلماتها: "عليك صلاة الله وسلامه شفاعة يا جد الحسنين دا محملك رجعت أيامه هنية واتهنت به العين"، وبالفعل لحنها فريد وغناها بصوته، وبعد مرور عام وتحديدا في عام 1939 شقيقته أسمهان عادت لمصر وغنت "محمل الحجاج"، وسجلت بصوتها لتذاع عام 1939 وتشتهر باسم "عليك صلاة الله وسلامه"، وتحصل على شهرة أكبر من الأغنية الأصلية بصوت فريد الأطرش.

أيضًا غنى الفنان وائل جسار أغنية "حج حجيج"، والتي يبدأ مطلعها بـ"حج حجيج بيت الله والكعبة ورسول الله، على زمزم إن شاء الله، ابني ينام يا سلام يا حمام، سيدنا محمد يجبر خاطره في الأحلام".