من فاته حضور "عرفة" أو "عرفات" فاته الحج، إذ يعد ركنه الأعظم وعليه تتنزل الرحمات والمغفرة، وبه كانت أعظم خطبة جامعة حددت عدداً من معالم الدين الإسلامي.

والثلاثاء، يجتمع في مشعر عرفات ضيوف الرحمن في ثاني أيام الحج الستة، حيث يتقاطرون إليه في زمان واحد، "لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى" طالبين المغفرة والرحمة.

مكان عظيم ومكانة أعظم

وعرفة أو عرفات مسمى واحد عند أكثر أهل العلم للمشعر الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم المكي، على نحو 33 كيلومتراً مربعاً، يتجمع فيه عادةً أكثر من مليوني حاج.

و"عرفة" عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى "جبل الرحمة" الذي يبلغ ارتفاعه 30 متراً، يمكن الوصول إلى قمته عبر 91 درجة.

ويقع عرفات على الطريق بين مدينتي مكة المكرمة والطائف على بُعد 10 كيلومترات من مشعر "مِنى" الذى يقضي فيه الحجاج يوم التروية، اليوم الثامن من ذي الحجة.

ويتطلع الحجاج إلى الوقوف على "جبل الرحمة" بعرفات خلال أدائهم مناسك الحج، تأسياً برسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي وقف عليه وألقى منه خطبة الوداع الشهيرة. كما يحرص فيه حجاج بيت الله الحرام على الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى طمعاً في الرحمة والمغفرة.

وفي يوم عرفة ينتظر الحجاج أن يشهدوا "أفضل يوم عند الله"، حيث "لم ير يوماً أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة"، وفق الأحاديث الشريفة الواردة في ذلك.

ويضاف إلى ذلك الحديث الأبرز، حيث "ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاً غبراً ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي".

تاريخ مقدس

وشهد عرفة نزول آية من القرآن الكريم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي قوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" (المائدة:3).

ويوجد في عرفة مسجد نَمِرة (بني في القرن الثاني الهجري) الذي نزل به محمد (صلى الله عليه وسلم) يوم عرفة، وتحرك منه إلى مزدلفة.

وأعلنت رئاسة شؤون الحرمين أن خطبة عرفة لهذا العام ستُبثّ بعشرين لغة عالمية، أبرزها التركية والإنجليزية والفرنسية والفارسية والإسبانية والبرتغالية والأمهرية وغيرها، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

وتستهدف رئاسة شؤون الحرمين إيصال خطبة يوم عرفة إلى أكثر من 300 مليون شخص حول العالم، بترجمة مباشرة عبر منصة "منارة الحرمين"، (رسمية).

وفي عرفات أيضاً يقع مسجد الصخرات، أسفل جبل الرحمة على يمين الصاعد إليه، يحيط به جدار قصير وفيه صخرات كبار وقف عندها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في عرفة وهو على ناقته.

ويمضي "يوم عرفة" والعالم يتابع هذا المنظر الفريد عبر منصات التواصل الاجتماعي وشاشات التليفزيون لحجاج أتوا من كل فج عميق بزيّهم الأبيض، مرددين تلبيةً واحدة "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك".

TRT عربي - وكالات