المندوب الوطني للأخطار الكبرى حميد عفرة للنصر: الجـزائر تمتـلك مخـزونـات إستراتيجية واستعجالية هامة من مواد الإغاثة عبر الوطن

 

كشف المندوب الوطني للمخاطر الكبرى بوزارة الداخلية، عبد الحميد عفرة، أن العامل البشري هو المتسبب في كل الحرائق التي تم تسجيلها في الفترة الأخيرة ، و أشار إلى أن نسبة التأمين ضد الأخطار الكبرى والكوارث في الجزائر لا تتعدى الـ 10 بالمائة، بسبب غياب ثقافة التأمين، مؤكدا امتلاك الجزائر لمخزونات إستراتيجية واستعجالية هامة من مواد الإغاثة.

حاوره: عبد الحكيم أسابع

و تحدث عبد الحميد عفرة، الذي يرأس اللجنة متعددة القطاعات لتعويض المتضررين من حرائق الغابات، بإسهاب عن عمل الهيئة التي يترأسها ومشاريعها المستقبلية في هذا الحوار الذي خص به النصر.
rالنصر: في البداية بصفتكم رئيس اللجنة متعددة القطاعات لتعويض المتضررين من حرائق الغابات ما هي طبيعة هذه التعويضات التي ستمنح للمتضررين، هل ستكون عينية أم مالية؟
د.ح. عفرة: سيتم تقديم تعويضات عينية، لكل المنتوجات الزراعية من أجل إعادة تشجير المساحات المتلفة، أما الأضرار المتعلقة بإعادة تأهيل السكنات المتضررة، والأثاث المنزلي والأجهزة الكهرو منزلية التالفة، فستكون نقدية وفق ما قررته اللجنة الوطنية، فيما ستتكفل شركات التأمين بتعويض المركبات التي تعرضت للتلف.
rالنصر: إذا كان أصحاب البيوت التي لحقتها أضرارا، سيتلقون تعويضات مالية من أجل إعادة تأهيل بيوتهم وشراء الأثاث والأجهزة التالفة، فإن الوضع بالنسبة للفلاحين والمزارعين الذين سيتلقون تعويضات عينية عن الأشجار المثمرة سيكون صعبا لأن أشجارهم لن تثمر حسب التقديرات قبل مضي بضع سنوات.
 د.ح. عفرة: أكيد أن الدولة سترافق هؤلاء من أجل إعادة نشاطهم وفي تقديرنا ستتم مرافقة الفلاح منذ إعادة التشجير إلى غاية بداية الإنتاج.
rالنصر: برأيكم إلى أي مدى تنتشر ثقافة التأمين لدى الفلاحين وعامة المواطنين ضد الكوارث؟
د.ح. عفرة: رغم أن القانون رقم 03/12 الصادر في 2003 والذي بدأ سريان  المفعول في 2004 ، وهو قانون يجبر كل من يمتلك منزلا أو نشاطا معينا أن يقوم بتأمين نشاطه وممتلكاته، إلا أن نسبة التأمين ضد الأخطار الكبرى والكوارث لا تتعدى الـ 10 بالمائة، بسبب غياب ثقافة التأمين، وكون أن قانون التأمين سالف الذكر غير جذاب وتكتنفه الكثير من العوائق.
وعلى العكس من ذلك ففي تركيا مثلا فإن شركات التأمين قدمت تعويضات للمتضررين بأكثر من 50 مليار دولار، نظرا لتشبع المواطن التركي بثقافة التأمين.
rالنصر: هل تم تحديد أسباب الحرائق الأخيرة؟
د.ح. عفرة: لقد تبين أن العامل البشري هو المتسبب في كل الحرائق التي تم تسجيلها في الفترة الأخيرة، سواء بشكل عمدي – إجرامي أو غير عمدي، ولا توجد في الجزائر حرائق من مصدر طبيعي ( البراكين والصواعق ) لأنها منعدمة في بلادنا، والتحقيقات ما تزال متواصلة في الميدان وعلى مستوى الجهات القضائية مع 10 موقوفين مشتبه في تورطهم في هذه الحرائق.
وننبه هنا أنه إذا كان البعض يقول إن الزجاجات المنتشرة في الطبيعة تكون وراء نشوب بؤر للحرائق، فقد يكون ذلك صحيحا وبالتالي فإنها حرائق تسبب فيها العامل البشري الذي رمى الزجاج في الطبيعة بشكل غير عمدي.
rالنصر: هل لكم أن تضعونا في صورة المجهود الوطني الذي مكن من إطفاء تلك الحرائق المدمرة في ظرف قياسي و كان محل إشادة واسعة؟
د.ح. عفرة: أحيي من هذا المنبر  أعوان الحماية المدنية وأعوان الغابات وأفراد الجيش الوطني الشعبي الذين تدخلوا بصفة عالية المهنية وتمكنوا بوسائلنا وإمكانياتنا الوطنية من السيطرة على تلك الحرائق المهولة في ظرف زمني لا يتعدى ثلاثة أيام.
ولابد أيضا من توجيه تحية خاصة أيضا لتنظيمات المجتمع المدني وعموم المواطنين ومؤسسات القطاع الخاص التي جندت إمكانياتها إلى جانب الإمكانيات العمومية في الإطفاء.
ولابد من التنويه أيضا إلى أن تطبيق مخططات التدخل التي قمنا بتحضيرها مسبقا مع كل الولايات، إلى جانب تفعيل مخططات النجدة مكنت من السيطرة على الحرائق التي تجاوز عددها الـ 150 بؤرة في 16 ولاية  في وقت قياسي.
rالنصر: في مجال الإغاثة هل تملك الجزائر مخزونات إستراتيجية لمواجهة آثار ومخلفات مختلف الأخطار والكوارث المختلفة؟
د.ح. عفرة: نعم تمتلك الجزائر مخزونات إستراتيجية واستعجالية هامة من مواد الإغاثة، على غرار المخزن الوطني المتواجد على مستوى مدينة عين البنيان غربي الجزائر العاصمة، كما توجد مخازن على مستوى الولايات والبلديات تابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، إلى جانب مخازن تابعة لمصالح الحماية المدنية.
وتحتوي هذه المخازن على الأفرشة والأغطية والأدوية ومعدات ضخ المياه والمولدات الكهربائية وكذلك كل ما هو متعلق بمواد الصيانة والتنظيف وهي مواد مقننة ويتم إحصاء وجرد كل هذه العناصر بنظام محدد ويتم تعويض المخزونات التي توجه للإغاثة على المستوى الوطني والدولي ( التي تمنحها الجزائر للبلدان الشقيقة والصديقة التي تتعرض للكوارث ) بسرعة، ونحن نعمل على تطوير هذه المخزونات من الناحية الكمية والنوعية ومن بينها تزويدها بالكمامات ومكثفات الأكسجين تأهبا لمواجهة الأزمات الصحية.
rالنصر: لنعد للحديث عن الهيئة التي تديرونها، ما هي مهامها الأساسية؟
د.ح. عفرة: من المهام الأساسية للمندوبية الوطنية للأخطار الكبرى، التي أنشئت عام 2011، إعداد استراتيجية وطنية للوقاية والحد من أثار الأخطار الكبرى الـ 18المتضمنة في قانون الوقاية من المخاطر الكبرى التي تواجه بلادنا، إلى جانب التنسيق ما بين القطاعات ومختلف الأطراف المتدخلة في منظومة الوقاية من هذه الأخطار.
ومن بين المهام الأخرى للمندوبية، إنشاء بنك للمعلومات يخص إحصاء مختلف الأخطار الكبرى وكل الأضرار المترتبة عنها، حال حدوثها سواء المتعلقة بالضحايا من قتلى وجرحى أو بالأضرار  الاقتصادية، وتسليم تقرير عنها للسلطات العليا في البلاد.
كما نضطلع على مستوى هيئتنا بمهمة أخرى تتعلق بالتعاون الدولي في مجال الأخطار الكبرى باعتبار أن الجزائر صادقت على الاتفاقيات العالمية المتعلقة بهذا المجال على غرار ‘’اتفاقية باريس’’ في 2015 وكذا اتفاقية “ إطار سانداي” في 2015 أيضا.
ومن هذا المنطلق يتعين على بلادنا تبليغ كل المعطيات المتعلقة بالأخطار التي تتعرض لها عبر منصة رقمية موضوعة تحت تصرف البلدان التي صادقت على هذه الاتفاقيات.
وإلى جانب المهام السالفة الذكر فإن المندوبية الوطنية للأخطار الكبرى تضطلع بمهمة لا تقل أهمية، عن المهام السالفة الذكر وتتعلق بالأبحاث والدراسات.
rالنصر: هل لنا أن نعرف طبيعة هذه الأبحاث والدراسات، والمؤسسات التي تقوم بها؟
د.ح. عفرة: لدينا على مستوى المندوبية لجنة متعددة القطاعات، تعمل بالتنسيق مع مراكز البحث والدراسات، والجامعات مهمتها تحديد مشاريع البحث على ضوء عمل تشخيصي في الميدان، لاستدراك النقائص المسجلة أو القيام ببحوث استشرافية.
وفي هذا الصدد ترتبط المندوبية بعلاقة تعاون مع مركز البحث في التكنولوجيات الصناعية « سي آر تي إي» من أجل صناعة طائرة مسيرة، 100 بالمائة جزائرية تملك دقة تصوير عالية لاستعمالها في مكافحة حرائق الغابات، لاسيما في الحراسة وفي تحديد أماكن التدخل الاستعجالي.
كما لدينا مشروع بحث مع مركز البحث وتطوير التكنولوجيات المتقدمة، كذلك من أجل تطوير نموذج لنظام « ليدار »الخاص بالمراقبة والمتابعة، ورصد لكل ما هو غطاء غابي.
وهناك كذلك الكثير من الأبحاث والدراسات التي نقوم بها مع الجامعات في إطار تحضير أطروحات الدكتوراه المرتبطة بالأخطار الكبرى، ولدينا حاليا ثلاثة طلبة بصدد تحضير أطروحاتهم بالتنسيق مع المندوبية.
وإلى جانب ذلك لدينا مشروع بحث في إطار التعاون الدولي مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي « جايكا »يخص إعادة تأهيل البنايات القديمة لمواجهة الزلازل، علما أن الجزائر تتوفر على حظيرة سكنية معتبرة تتكون من البنايات التي صممت وبنيت قبل إحداث القواعد الجزائرية المضادة للزلازل، سواء تلك المصممة دون الأخذ بعين الاعتبار لهذه القواعد أو تلك التي تم تشييدها وفق معايير وقواعد مضادة للزلازل تجاوزها الزمن.
rالنصر: على ضوء نتائج الدراسات التي تقومون بإنجازها والمستجدات المتعلقة بالكوارث الطبيعية هل يتم تحيين الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الأخطار الكبرى والكوارث الطبيعية ؟
د.ح. عفرة:نعلم جيدا أن ظاهرة التغيرات المناخية هو خطر كبير بمفهوم القانون الجزائري وهو ينقسم إلى ستة مخاطر وهي التصحر والجفاف والرياح القوية وموجات الحر وموجات البرد والزوابع الرملية، والجزائر تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية في تحيين إجراءات الوقاية وإجراءات التدخل وكذلك إجراءات التعافي.
وعليه فإن الاستراتيجية الوطنية التي تضعها المندوبية الوطنية للأخطار الكبرى تأخذ بعين الاعتبار الماضي،  وتستنتج الدروس من المعطيات والخبرات من كل الأحداث الماضية كما تأخذ بعين الاعتبار كل التنبؤات المستقبلية بما في ذلك البحوث التي نقوم بها بالتعاون مع الجامعات و مراكز البحث كما نوظف نتائج البحوث والدراسات التي تُجرى عبر العالم، لاسيما من طرف اللجنة الدولية لخبراء المناخ الذين قدموا الكثير من النماذج التي تتوقع حدوث سيناريوهات للتقلبات الجوية إلى غاية سنة 2050 .
ومعلوم أن نتائج العديد من الدراسات والتنبؤات تشير إلى أن التقلبات الجوية ستستمر في التفاقم على غرار موجة الحر غير المسبوقة التي شهدتها بلادنا مؤخرا، حيث بلغت درجة الحرارة في الجزائر العاصمة على سبيل المثال 48 درجة.
rالنصر: على ضوء الآثار الكارثية التي تخلفها العوامل المناخية، هل يتم اللجوء إلى تحيين التشريعات الوطنية لمنع البناء في المناطق المعرضة للزلازل أو الفيضانات مثلا؟
د.ح. عفرة: بكل تأكيد، ولنا مثال في زلزال بومرداس الذي وقع يوم 21 ماي 2003 بشدة 6,8 درجات على سلم ريشتر، والذي يعد أحد الكوارث الكبرى التي شهدتها الجزائر، حيث شكلت هذه الكارثة الطبيعية، منعرجا هاما، في إعادة النظر في المنظومة الوطنية للمخاطر الكبرى والتفكير في مجابهة فعالة للمخاطر الزلزالية، حيث تم في سنة 2004، مراجعة القانون المتعلق بالتعمير وكذلك القانون المتعلق بالتأمين.
وعليه فكلما نتقدم في فهم المخاطر وكيف نلجأ إلى مراجعة القوانين وتحيينها وإصدار قوانين جديدة لنتكيف مع التطورات العلمية، حتى تكون لنا القدرة والفعالية في مجابهة مختلف الأخطار الكبرى والكوارث الطبيعية و التقليص بالتالي من آثارها.

تاريخ الخبر: 2023-08-13 09:25:28
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

مركز دراسات مصري : المغرب رائد إقليمي في مجال صناعة السيارات

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية