الواعظ والفقيه


من المشاكل التي أنتجها حراك (الصحوة) مشكلة عويصة وهي مشكلة الخلط في المصطلحات وتفسيرها لصالح (الصحوة) مما أدى إلى إنتاج رموز تتماهى معرفيا مع رجال العلم والفقه وليس لهم أي معرفة بالتشريع الإسلامي وأصوله الفقهية. ووصل حال الشعبوية بنا إلى أن نستفتي وعاظ (الصحوة) خصوصا أن يعرض الكثير من عوام (الصحوة)، مما أدى إلى تسلق الكثير من الوعاظ في تلك الفترة سدة الفتيا وورطوا كثيرا من شباب (الصحوة) في حركات العنف من القاعدة في أفغانستان إلى البوسنة ثم أحداث جريمة سبتمبر ثم حراكهم الإرهابي في أرض الحرمين، ثم سيرهم خلف كل ناعق من جماعات الإرهاب في كل مكان من العالم الإسلامي، كل هذه الآثام كان لها أشباه وعاظ مهجنين فكريا وسلوكيا ضالعين في التطرف والعنف، وهذه الطبيعة ليست جديدة على مجتمعاتنا المعاصرة بل هي موجودة بكثرة في تراثنا.

نقل ابن حجر في لسان الميزان قال: قال ابن قتيبة في اختلاف الحديث:
(( ...والقصاص: فإنهم يميلون وجوه العوام إليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير والغرائب والأكاذيب ومن شأن العوام ملازمة القاص ما دام يأتي بالعجائب الخارجة، عن نظر العقول)).

مادة اعلانية

يقول ابن الجوزي في كتاب القصاص والمذكرين: ((... إن عموم القصاص لا يتحرون الصواب ولا يحترزون من الخطأ لقلة علمهم وتقواهم)).

ومن تتبع كتب التراجم فسيكتشف أن أكثر المتهمين بوضع الحديث والكذب فيه هم القصاص والوعاظ وهم مشهورون بذلك.

ذكر ابن حجر في لسان الميزان قال ((روى الزبير بن عبد الواحد الحافظ قال: سمعت جعفر بن محمد الطيالسي يقول: صلى أحمد بن حنبل، وابن معين في مسجد الرصافة فقام قاص فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا: حَدَّثَنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عَن أَنس رضي الله عنه مرفوعا قال: من قال: لا إله إلا الله خلق الله من كل كلمة منها طيرا، منقاره من ذهب، وريشه مرجان، وأخذ في قصة طويلة فجعل أحمد ينظر إلى يحيى ويحيى ينظر إليه فقال: أنت حدثته قال: لا والله، فلما فرغ وأخذ قطعه أي: الدراهم، قال له يحيى: تعال من حدثك بهذا؟ فأنا ابن معين وهذا أحمد فإن كان، وَلا بد فالكذب على غيرنا فقال: أنت يحيى بن معين؟ قال: نعم قال: لم أزل أسمع أنك أحمق ما علمت إلا الساعة كأنه ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما، كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين غير هذا، فوضع أحمد بن حنبل كمه على وجهه وقال: دعه يقوم فقام كالمستهزئ بهما انتهى)).

من المعروف أن من يقومون بالوعظ كان يطلق عليهم القصاص ويطلق عليهم المذكرون لهذا الأغلبية العظمى ممن تصدر للفتيا والوعظ في مرحلة (الصحوة) هم من الوعاظ غير المعترف بهم من الناحية العلمية كفقهاء؛ لهذا صدر قرار بمنع الفتوى على وسائل الإعلام واستثني من ذلك أعضاء هيئة كبار العلماء. وهو قرار حكيم والسبب في هذا الاستثناء هو فوضى الفتوى وضعف الفتاوى التي واكبت مرحلة (الصحوة)، ومن المعروف أن الفوضى نعيم الفكر العامي (الصحوي) فبه يقدم قيادات الإسلام السياسي وأفكار الإسلام السياسي من غير حسيب ولا رقيب. فمهنة الواعظ هي المهنة الأكثر خطرا وتأثيرا من الفقيه بسبب تأثيرها في الجماهير والعامة (الصحوة) وقدرتها على تحريكهم، لهذا كان هناك ضابط على مجالس الوعظ وكان القاص أو الواعظ لا يعظ إلا بموافقة الخليفة ورضاه، فالوعظ من مكملات السيادة ودليل على الهيمنة والسيطرة على الخطاب العام.

تاريخ الخبر: 2023-08-16 09:09:08
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 93%
الأهمية: 100%

آخر الأخبار حول العالم

البرهان: لا مفاوضات ولا سلام إلا بعد دحر “تمرد” الدعم السريع

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 12:25:22
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

البرلمان المغربي يشارك في الدورة ال 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 12:25:19
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية