تعهدت سلطة الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العام الجاري مرتين على الأقل بتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، إلا أن هذه الفترة سجلت "ارتفاعاً قياسياً" بالأنشطة الاستيطانية.

وتسلّمت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو مهامّها نهاية العام الجاري، لتطلق وفقاً للمعطيات أكبر عملية استيطان على الأقل منذ عام 2012.

وحسب معطيات حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية الرافضة للاستيطان فإنه منذ مطلع العام الجاري دفعت الحكومة الحالية مخططات لإقامة 12885 وحدة استيطانية في الضفة الغربية.

وأشارت المعطيات ذاتها إلى أن الحكومة الإسرائيلية نشرت أيضاً مناقصات لبناء 1289 وحدة استيطانية، ما يرفع إجمالي عدد الوحدات إلى 14044 وحدة.

نشرت الحكومة الإسرائيلية مناقصات لبناء 1289 وحدة استيطانية، (AA)

من جهتها قالت منظمة عير عميم اليسارية المختصة بشؤون القدس إنّ السلطات الإسرائيلية تبحث مخططات لإقامة 7082 وحدة استيطانية في القدس الشرقية.

وفي 26 فبراير/شباط الماضي كانت إسرائيل قد التزمت تجميد الاستيطان، وذلك في اجتماع فلسطيني-إسرائيلي عُقِد في مدينة العقبة الأردنية بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة الأمريكية والأردن ومصر.

كما جددت إسرائيل التزامها في اجتماع مماثل عُقِد في 19 مارس/آذار في مدينة شرم الشيخ المصرية.

لكن الوقائع على الأرض كانت مختلفة، إذ شهدت تلك الفترة تصاعداً في الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.

الاستيطان يجعل حل الدولتين صعباً

وقال الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان خليل التفكجي: "لم يُجمَّد الاستيطان بأي شكل من الأشكال".

الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان خليل التفكجي: لم يُجمَّد الاستيطان بأي شكل من الأشكال. (AA)

وأضاف: "عندما تذهب إلى الضفة تشاهد الجرافات الإسرائيلية تعمل ليلاً ونهاراً لتغيير الواقع الموجود، وفي نفس الوقت هناك فلتان للمستوطنين وإقامة بؤر استيطانية جديدة".

ويرى التفكجي أن ما يجري في الضفة هو "عملية تنفيذ واستغلال للظروف الدولية والمحلية لفرض أمر واقع على الأرض".

واعتبر الخبير الفلسطيني أن الاستيطان على الأرض "يجعل حل الدولتين، فلسطين إلى جانب إسرائيل، صعب المنال".

وقال عن ذلك: "لا توجد دولتان. إنّ قضية الدولة الفلسطينية غير موجودة في الرؤية الإسرائيلية إطلاقاً، حتى إنّ الجانب الإسرائيلي دائماً ما يتحدث عن دولة فلسطينية في مكان آخر".

ويعتقد أن "المستوطنات المنتشرة في كل أرجاء الضفة تجعل إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافية أمراً مستحيلاً".

تعهدت إسرائيل مرتين على الأقل بتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية لكنها لم تنفذ. (AA)

وفي السياق قال التفكجي إنّ "عدد المستوطنين وصل في العام الجاري إلى 506 آلاف مستوطن بالضفة و230 ألف مستوطن في داخل القدس الشرقية، وعملية إخلاء هؤلاء المستوطنين تُعتبر من وجهة نظر اليهود تطهيراً عرقياً، وبالتالي فإنّ تنفيذها بات مستحيلاً".

وبشأن الاستيطان في القدس الشرقية فقد لفت إلى أن "بين جميع الأحزاب الإسرائيلية اتفاقاً على أن المدينة هي عاصمة إسرائيل".

وأضاف: "ما يجري هو عملية إدماج بين القدس الشرقية والغربية، فيما يركز الجانب الإسرائيلي على نقطتين رئيسيتين، هما: أن القدس غير قابلة للتقسيم، وأن القدس الكبرى هي عاصمة إسرائيل".

الاستيطان في الضفة

دفعت الحكومة الحالية منذ بداية العام الجاري مخططات لإقامة 12885 وحدة استيطانية في الضفة الغربية.

شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً في الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية. (AA)

وحسب معطيات "السلام الآن" فإنّ أكبر هذه المخططات كان في مستوطنة معاليه أدوميم شرق مدينة القدس، حيث جرى إقرار 1475 وحدة استيطانية، ومستوطنة عيلي شمال شرق رام الله، حيث جرى إقرار 1081 وحدة استيطانية.

يضاف إلى ذلك مستوطنة كوخاف يعقوب وسط الضفة، حيث جرى إقرار 627 وحدة استيطانية، وجفعات زئيف شمال غرب القدس، حيث جرى إقرار 559 وحدة استيطانية.

كما جرى إقرار بناء 350 وحدة استيطانية في مستوطنة ألكناه القريبة من نابلس، و374 وحدة في مستوطنة كريات أربع في الخليل جنوبي الضفة، و380 وحدة في مستوطنة كيدوميم شمالي الضفة، إضافة إلى التوسعات في عديد من المستوطنات الأخرى.

أما في مدينة القدس الشرقية فتفيد معطيات منظمة عير عميم بأن اللجنتين الأولى التابعة لبلدية القدس الغربية، والثانية اللوائية التابعة لوزارة الداخلية، تبحثان مخططات لإقامة 7082 وحدة استيطانية في مناطق مختلفة بالمدينة.

يوجد فلتان للمستوطنين وإقامة بؤر استيطانية جديدة. (AA)

ووفقاً لمعطيات حركة "السلام الآن" فإن المشاريع الاستيطانية التي جرى إقرارها في الضفة خلال النصف الأول من العام الجاري هي الأعلى ضمن هذه الفترة الزمنية منذ عام 2012.

وقالت "السلام الآن" في تقريرها: "برز عام 2023 أعلى عام على الإطلاق من حيث الوحدات (الاستيطانية) المعتمدة".

أما عير عميم فقالت في آخر تقاريرها، التي وصلت إلى الأناضول نسخة عنها: " يستمر النشاط الاستيطاني في القدس الشرقية دون عوائق بوتيرة مذهلة".

وترفض الحكومة الإسرائيلية الإقرار بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ويقول مسؤولون في الحكومة إن الضفة الغربية جزء من أرض إسرائيل.

ويصرّ الفلسطينيون على وجوب إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية وأن تكون خالية من المستوطنات.

TRT عربي - وكالات