يزداد القلق في إسرائيل بشأن "جاهزية الجيش" بعد إعلان آلاف الضباط وجنود الاحتياط من مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية تعليق خدمتهم التطوعية، احتجاجاً على قوانين التعديلات القضائية التي تدفع بها الحكومة.

ومع إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على المضي قدماً في إقرار مشروع القانون رغم الاحتجاجات ضده، بدأت تتعالى أصوات من داخل المؤسستين العسكرية والأمنية بضرورة وقف التشريعات، مما أخرج خلافات نتنياهو وقادة في المؤسستين إلى العلن.

وخلال الأيام الأخيرة، برزت خلافات بين نتنياهو وحكومته من جهة وقادة في الجيش والمعارضة من جهة أخرى حول تقييم تأثيرات تعليق ضباط وجنود احتياط للخدمة في جاهزية الجيش. فبينما يحذّر قادة عسكريون من التداعيات، يفضل نتنياهو ألا تتحدث المؤسستان العسكرية والأمنية عن مدى جاهزيتهما لمواجهة التحديات.

وفي ذروة الخلاف، وجد قادة بالجيش، على رأسهم رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس سلاح الجو تومر بار، أنفسهم في مواجهة انتقادات حادة من داخل الحكومة ومؤيديها، وصلت إلى حد إعادة يائير نتنياهو نجل، رئيس الوزراء، نشر تدوينة للصحفي اليميني إيريز تدمر، كتب فيها إن هاليفي "سيُذكر على أنه أكثر رئيس أركان فاشل في تاريخ الجيش الإسرائيلي"، قبل أن يحذفها إثر انتقادات.

وتناولت محطات تلفزة إسرائيلية، بينها القناتان 12و13 (خاصة)، تفاصيل اجتماع ومكالمة "عاصفة" بين نتنياهو من جهة وهاليفي وبار من جهة أخرى بداية الأسبوع الجاري.

"يفيد أعداء إسرائيل"

في هذا السياق قال المحلل الإسرائيلي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" آفي يسسخاروف: "من الواضح أن هناك تأثيراً لاحتجاجات ضباط وجنود الاحتياط في الجيش، ليس من الواضح ما مستوى التأثير ولكنه بالتأكيد موجود، خصوصاً فيما يتعلق باحتجاجات الطيارين الاحتياط".

وأضاف أن "نتنياهو لا يريد أن يقول قادة في الجيش أي شيء في وسائل الإعلام عن وضع الجيش، فمن الواضح أن ما يقوله الجيش بات له تأثير في الاحتجاجات".

وانتقدت الحكومة حديث الجيش والمخابرات عن تأثير احتجاجات ضباط وجنود الاحتياط على تأثر جاهزية الجيش، معتبرةً أنه "يفيد أعداء إسرائيل".

وعادةً ما تقصد إسرائيل بكلمة "الأعداء" الفصائل الفلسطينية وإيران وحلفاءها، لا سيما جماعة "حزب الله" اللبنانية.

ضربة قاتلة

ومشدداً على أن "الجيش الإسرائيلي يخسر"، قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات في الجيش تامير هايمن، في بيان، إنه لا رابح من المواجهة الراهنة بين الحكومة ورافضي تعديلات القضاء.

وانتقد إصدار نتنياهو تعليماته لوزير الدفاع يوآف غالانت، بوقف حديث المسؤولين العسكريين عن جاهزية الجيش، معتبراً أن "الحل ليس في تعليمات للقادة، فالعاصفة تخترق قواعد الجيش من المجال المدني السياسي، ويجب التعامل معها في بؤرة تشكيلها".

أما مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هانغبي، فرفض في حديثه مع إذاعة الجيش، الاثنين، التعليق مباشرةً على ما إذا كانت جاهزية الجيش قد تضررت.

وقال هانغبي: "لسنا الوحيدين على المحك، يجب ألا ينكشف ذلك لآذان أعدائنا"، مشيراً بذلك إلى تقارير تقول إن "أعداء إسرائيل يستمدون التشجيع من الأحاديث عن تراجع جاهزية الجيش من أجل وضع الخطط لمهاجمة البلاد".

لكن هايمن قال في تصريحه إن "المشكلة لا تكمن في الخطاب الذي يُضعفنا أمام أعدائنا، بل في تداعي التلاحم وضعف اللياقة وعدم وجود دافع للتطوع، مما سيؤدي إلى ضربة قاتلة إذا مُرِّر قانون الإعفاءات العسكرية،" في إشارة الى مشروع قانون تدفع به الحكومة لإعفاء المتدينين اليهود من الخدمة العسكرية للتفرغ لدراسة الدين.

وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان، إنه بعد لقاء نتنياهو مع غالانت وهاليفي، الأحد: "أمر رئيس الوزراء بالحفاظ على لياقة الجيش واستعداده لمواجهة أي تحدٍّ، واتفق المشاركون في الاجتماع على ضرورة ترك الخلافات والسياسة خارج الجيش".

لكن زعيم المعارضة يائير لابيد، رد على البيان في تغريدة قائلاً: "إعلان رئيس الوزراء نتنياهو، أنه أصدر تعليمات لرئيس الأركان بالحفاظ على كفاءة واستعداد الجيش، هو محاولة مخزية وجبانة للتهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على الجيش وقادته".

وللأسبوع الـ33 على التوالي تواصلت الاحتجاجات في إسرائيل على قوانين التعديلات القضائية المثيرة للجدل.

وفي 24 يوليو/تموز أقر الكنيست (البرلمان) مشروع قانون "الحد من المعقولية" ليصبح قانوناً نافذاً رغم اعتراضات محلية وأخرى خارجية، لا سيما من الولايات المتحدة.

TRT عربي - وكالات