21 يوما في الجحيم!!
21 يوما في الجحيم!!
… في كل أسبوع يتكرر المشهد في شوارع مدينة شارلستون الأمريكية, فتمر فيها سيارات ضخمة تحمل 950 شابا في سن الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة في طريقهم إلي جزيرة باريس, ليتلقوا دروسا في القسوة, يستغرق كل منها 11 ساعة يوميا.. وهناك تجري عملية قاسية لتجريدهم من إنسانيتهم: وتحجير قلوبهم, وتجميد عواطفهم, وبعد أن تحلق شعر رؤوسهم بالموسي, يجبرون علي تمرينات شاقة, مثل اجتياز نهر من الأوحال, والمرور من داخل أنابيب عفنة الرائحة, ويتلقون خلال ذلك أسوأ معاملة كلها إذلال وسباب..
وبعد ثلاثة أسابيع من الإقامة في هذه الجزيرة ـ جزيرة الجحيم ـ يرحل المجتمعون للقتال في فيتنام علي تلك المبادئ.
ويبلغ من قسوة هذه التمرينات أن مات ستة من المجندين من الإرهاق. وتوقف قلب بحار لقيامه بتمرينات شاقة وقضي مجلس عسكري بالسجن 15 عاما مع الأشغال الشاقة علي شاب لرفضه التوقف عن الغناء بعد أن أمره بذلك صف ضابط لا يتذوق النغم وفاحت رائحة الجحيم.. وتوالت الاحتجاجات, وزاد عدد المتمردين علي الخدمة العسكرية.
* وفي الناحية الأخري من الولايات المتحدة.. تنعكس صورة القسوة! والوحشية في معاملة المواطنين الأمريكيين الذين يرفضون الحرب في فيتنام.. ففي معسكر بندلتون يسجن 900 بحار من المتمردين تحيط بهم الأسلاك الكهربائية.
وقد كشف ضابطان هما الطبيب السابق لاري مكنماي وميرستاين القس السابق للمعسكر عن ألوان القسوة التي يعامل بها المعتقلون هناك حتي إنهم يلجأون إلي حقن أنفسهم بمواد غريبة حتي يغيبوا عن واقعهم فينسوا حالهم! ومصيرهم!
فضائح بالجملة
* واقترنت هذه الفضائح بفضيحة أخري بطلها صف ضابط محظوظ يدعي وولدريدج تبين أنه يدير منذ أعوام عصابة مثل عصابة المانيا المعروفة, مع فارق هو أن أعضاءها يرتدون الزي العسكري. وقد امتدت فروعها إلي أنحاء العالم, في كل مكان يوجد فيه صف الضباط الأمريكيون, مثل ألمانيا الغربية, حيث وضعت العصابة ماكينات للمقامرة وابتزاز أموال العسكريين الأمريكيين, دون أن يربح أحدهم دولارا واحدا, ولو مرة واحدة!. وقد ربحت العصابة من ذلك في ألمانيا الغربية وحدها, وفي عام واحد200 ألف دولار!.
وبهذه الدولارات أسس وولدريدج مع صديقين له شركة مساهمة باسم شركة ماريديم الممتدة, وهذا الاسم يكون من الحروف الأولي لأسماء زوجات الشركاء الثلاثة ـ ماري, وإديث, وإيما!. أما الغرض من هذه الشركة التي أودعت أموالها بنوك سويسرا تحت أرقام خاصة فهو بيع المواد الغذائية المختلفة بأسعار خيالية في أندية الضباط التي يشرفون علي إدارتها…
وربحت هذه الشركة أموالا طائلة من بيع المشروبات الكحولية في الأندية العسكرية في فيتنام حيث كان وولدريدج وعصابته يستخدمون الفتيات لتحريض صف الضباط علي شراء الشراب.
* ولم يكشف أمر هذه العصابة إلا أخيرا عندما حاول وولدرريدج تهريب 61 زجاجة من الويسكي إلي داخل الولايات المتحدة داخل الطيارة الخاصة بالجنرال كريجتون إبرامس القائد الأعلي في فيتنام. ولم يكن هناك صديقه القديم الميجر جنرال كارل تيرنر قائد البوليس الحربي للجيش الأمريكي ليخرجه من المأزق, فقد اتهم هو الآخر ـ بأنه باع لحسابه الخاص 688 قطعة سلاح تسلمها من بوليس شيكاغو لتوصيلها إلي الجيش لتدريب المجندين.. وقد ضبطت بعض هذه الأسلحة وهي مهربة في طريقها إلي ثوار هايتي. وضبط الباقي في أيدي المجرمين والمهربين.
ويسود الشعور في الولايات المتحدة الآن أن كل هذه الفضائح المشينة المتعاقبة, مضافا إليها مظاهرات السلام,والدعوة لوقف الحرب قد جعلت البنتاجون وكل ما ينتسب إليه أو يمثله أشبه بحصن محاصر, مهدد بالانهيار في أي وقت, وبخاصة من فرط ضخامته وانبعاجه..