المغرب وقمة “بريكس” في جنوب إفريقيا.. سيناريو “تيكاد” يعيد نفسه


 

في مناورة جديدة، أعادت إلى الأذهان سيناريو “تيكاد” بتونس، تشارك “البوليساريو” في اجتماع على هامش القمة الخامسة عشرة لمجموعة “بريكس” الاقتصادية التي تحتضنها جوهانسبورغ بين 22 و24 غشت الجاري، وذلك بدعوة رسمية من جنوب إفريقيا.

 

أوجه تقارب عديدة بين مشاهد ما وقع في تونس صيف العام الفارط، وما يحدث في جنوب إفريقيا صيف هذا العام، يوحي بأن من يحرك الخيوط خلف الكواليس هم الأشخاص أنفسهم.

 

يبرز حضور الجارة الشرقية للمملكة في مجريات القمتين معا ومآلاتهما في ارتباط مع المغرب؛ ففي منتدى التعاون الإفريقي الياباني “تيكاد” الذي أقيم بتونس العام الماضي، لعبت الجزائر دورا رئيسيا من خلال ضغطها على الرئيس التونسي قيس سعيد لدعوة زعيم جبهة “البوليساريو” ابراهيم غالي واستقباله استقبال الرؤساء، وهو ما رضخ له ساكن “قصر قرطاج” تحت تأثير المساعدات الاقتصادية الجزائرية، بالرغم من أن بلاده لا تعترف بالجبهة الانفصالية، بل وظل رؤساؤها المتعاقبون يتبنون على الأقل سياسة الحياد في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

 

آنذاك، أمّنت الجزائر نقل زعيم ميليشيا “البوليساريو” إلى تونس، وسخرت لذلك إمكاناتها المادية بما فيها الطائرة الخاصة التي كان على متنها رفقة الوفد المرافق له.

 

تلك الأزمة الدبلوماسية التي أشعل فتيلها سعيد بعد استقباله غالي، في خطوة وصفتها الرباط بأنها “خطرة وغير مسبوقة”، انتهت بمقاطعة المملكة للقمة واستدعاء سفيرها في تونس للتشاور، لترد تونس بالمثل، غير أن الفرق مع جنوب إفريقيا يكمن في أنها تعترف بـ”الجمهورية الصحراوية”، وتعادي  مصالح المغرب ووحدته الترابية.

 

وفي وقت يتبرأ فيه من نزاع الصحراء ويحصره بين المغرب و”البوليساريو” فقط، عاد “قصر المرادية” مجددا ووضع طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية رهن إشارة غالي في رحلته إلى جنوب إفريقيا للمشاركة في أشغال قمة “البريكس”.

 

وعلى غرار موقفه من “تيكاد” في نسخته التونسية، قاطع المغرب اجتماع قمة دول “بريكس” الجنوب إفريقية، لنفس السبب، في وقت أعلنت فيه حكومة الهند في بلاغ رسمي يوم الإثنين أن “جنوب إفريقيا وجهت الدعوات للمشاركة في أشغال القمة بمبادرة أحادية وبصفتها الوطنية”، وهو تقريبا نفس المبرر الذي تحججت به تونس عندما طوّقها احتجاج المغرب شهر غشت من العام الماضي، إذ بررت خطوتها التصعيدية بأن “الاتحاد الإفريقي هو مَن قام بدعوة زعيم “البوليساريو” ابراهيم غالي”.

 

قرار صائب 

 

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات، اعتبر في قراءته لرفض الرباط دعوة بريتوريا، أنه “قرار صائب”، موضحا في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “المملكة لا تحتاج إلى كثير من التفكير لكي تكون لديها قناعة أن أي منظومة جماعية ستستدعي فيها دولة معينة “البوليساريو”، ستكون الرباط خارجها”.

 

“نحن أمام قرار سيادي ثابت بالنسبة للمملكة المغربية وصائب، لأن الرهان على العلاقات الاقتصادية كيفما كانت على حساب الثوابت الوطنية لا يمكن التعامل به مع أي دولة كانت”، يضيف الشيات، متابعا وهو يقارب موقف المغرب المقاطع للقمتين، أنه “منطقيا، لأن المغرب يضع الأطراف المعنية بمسارات هذا التعاون ذي الطبيعة الاقتصادية في سياقاتها”.

 

واعتبر المحلل السياسي عينه، أن “الاستعمالات السياسية التي تريد بعض الدول مثل الجزائر وجنوب إفريقيا توظيفها في القارة الإفريقية بعلاقاتها الاقتصادية مع قوى معينة هو استغلال يمكن القول إنه ينم عن نوع من التنمر السياسي، بمعنى أنها تمارس نوعا من الوصاية على باقي الدول الإفريقية وتتعامل معها ككيانات تابعة لا استقلالية لديها”.

 

الجزائر وجنوب إفريقيا .. وجهان لعملة واحدة

 

“الجزائر وجنوب إفريقيا تتعاملان بادعاء مبدئية الدفاع عن حقوق الشعوب واستقلالها، وهذا أمر بعيد كل البعد عن الواقع التي تعرفه قضية الصحراء المغربية”، يشدد خالد الشيات، مؤكدا في حديثه لـ”الأيام24″، أن “علاقة التقارب التي تجمع بين جنوب إفريقيا والجزائر، باعتبارهما دولتان تمولان النزاعات، هو تحالف استراتيجي يجمع بين دولتين في منظومة واضحة جدا”.

 

المتحدث، يرى أن “التعامل المغربي مع الجبهتين بهذا الشكل هو طبيعي وعادي، بل نافع للمصالح الاقتصادية”، لافتا إلى أن المملكة “حاضرة في إفريقيا اقتصاديا وتجاريا، وتعتبر المستثمر الأول في غرب القارة، ولديها حضور قوي ونافذ في الشراكات الاقتصادية”.

تاريخ الخبر: 2023-08-23 21:10:29
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 63%
الأهمية: 73%

آخر الأخبار حول العالم

الاتحاد الأوروبي يقرّ بشكل نهائي ميثاق الهجرة واللجوء

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 15:26:11
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية