اليوم الخميس 24 أغسطس هو آخر يوم في الأسبوع الدراسي الأول، ولاحظت وجود رغبة في تطوير قدرات الطلاب في التعليم العام والجامعي، وأذكر وزير التعليم السابق الدكتور حمد آل الشيخ، وفكرته في تحويل الثانويات إلى أكاديميات ومجموعة مسارات في 2019، وبطريقة تمكنها من منح دبلومات معترف بها دولياً، وذلك على النحو المعمول به في المدارس العالمية الأميركية والبريطانية، التي تعمل في الداخل السعودي، وأنه سيضع خطة لتطوير المناهج الدراسية، بما ينسجم والتــــوجهات المستقبلية للتنميـــــة الوطنية والمتغيرات الدولية، وسيجعل شهاداتها معتمدة في كل مكان، وكانت المملكة قد شاركت خلال 2018، في اختبـــارات تشخيص حالة التحصيل العلمى لقرابة 97 دولة، واشتملت على مواد الرياضيات والعلوم والقراءة، ولم تكن النتائج السعودية مرضية، فلم يحقق 25 % من الطلبة الاتقان المطلوب في القراءة، و68 % لم يصلوا إلى المستوى المقبول في الرياضيات، و61 % لم تكن نتائجهم مقنـــعة في العلوم، ولا بد من الإشارة إلى أنه ورغم ما سبـــــق، يبقى التعليم السعــــــودي الأفضل عربياً وخليجياً، بالنظر إلى المخرجات ومقارنتها.
المشاريع التي لم يكملها الدكتور آل الشيخ، أصبحت في عهدة الوزير يوسف البنيان، القائد الإداري القادم من شركة سابك، والأخيرة من نماذج النجاح المبهرة على مستوى العالم، وبالتأكيد الإداري المتمكن أفضل من الأكاديمي أو الطبيب في التخطيط والإدارة الاستراتيجية، لأن الثاني والثالث قد يكونا روادا كبارا في تخصصاتهم، ولكنهم لا يستطيعون الخروج من دائرتها، بينما الإداري الخبير يعمل بطريقة الجوكر الذي يربح في كل جولة، ومن الأدلة المعروفة، الدكتور توفيق الربيعة، ونجاحاته في وزارات التجارة والصحة والحج والعمرة، رغم أنه متخصص في الحاسب الآلي.
الوزير البنيان أمامه ملفات عاجلة تحتاج إلى سرعة في حلها، من أبرزها، تأخر ترقيات المعلمين، وعدم الاهتمام بالكفاءات، وتأنيث التعليم الابتدائي بالكامل، واستنادا للأرقام العالمية فإن نسبة المعلمات في هذه المرحلة للجنسين، تصل إلى 80 % في المجتمعات الغربية، وتؤكد الدراسات المتخصصة أن الخصائص السيكولوجية والفيزيائية للمعلمات، تمكنهن من تدريس الطلبة بشكل أفضل من الرجال في هذه السن، إلى جانب تسريع تخريج أصحاب الكفاءات المطلوبة في سوق العمل، وبالشكل المتوافق مع مستهدفات رؤية 2030.
بالإضافة لما سبق، يمثل خفض القبول في التخصصات النظرية والأدبية بنسبة 70 %، وفي كل الجامعات السعــودية، وإلغاء السنة التحضيــرية البائسة بعــد أكثــر من عشـــرة أعوام على إقرارها، والتحول لنظام الثلاثة فصول جامعية اعتبارا من العام الحالي، كما هو الحال في التعليم العام، وكلها قرارات موفقة لضبط معدلات البطالة، ومعها بدأ العمل في وزارة التعليم بنظام الجامعات الجديد، وبما يضمن تجسير الفجوة بين المخرج التعليمي والاحتياج الفعلي، وبين نظام التعليم المحلي والأنظمة المشابهة في دول العالم المتحضر، الذي يعتبر التعليم السعودي متأخرا عنها بأربعة أعوام، وإضافة مقررات في الجوانب الإدارية والمهــــــارات الحياتية، والطلاب يحتاجون إلى التحلــــيل الكــــلامي والرقمي حتى يصلوا إلى القـــدرة على الإنجـــــاز والتميز، وهذه الأمــــور ممكنة وفي المتناول، إذا تمت حوكمـــة الصرف المالي، فالمملكة تصنف باعتبارها الأكثر إنفاقاً على قطاع التعليم في المنطقة العربية.
وزارة التعليـــم السعودية عمرها يزيد على الثمانين عاما، ويجوز أن نقول إنها وصلت لمرحلة النضج الكافية، واستوعبت الأدوات التي تحتاجها، ومن الأمثلة، قيامها بإدخال الخصخصة إلى التعليم، وتحديداً في مــلف المــدارس المستقلة، أو ما يعـرف بـ (الشارتر سكول)، وقد تم تسليم المشروع لشركة (أسيل) التعليمية، وفق ضوابط ومعايير قياس مدروسة بعناية، وحولت 25 مدرسة عامة إلى مستقلة، والوزارة تخطط لإنشاء مدارس ربحية وغير ربحية بهذه الطريقة، وبما لا يؤثر على جودة العملية التعليمية ويحيل التعليم إلى سلعة، ومراقبتها ضرورية حتى لا تستغل في أمور غير لائقة، لأن هذا النوع من المدارس في أميركا، يتم تحويله أحيانا إلى نوادٍ ليلية لتعظيم الأرباح.
واستنادا لدراسة نشرتها جامعة كامبريدج البريطانية، فالتحديات التي واجهت التعليم في دول الخليج بما فيها المملكة، خلال العشرين عاما الماضية، كانت في انتقالها من دول تعتمد في مداخيلها على إيرادات النفط، إلى دول تسير في طريق اقتصادات المعرفة، وتستثمر في رأس المال البشري، وحسب الإحصاءات المتوفرة، فإن عدد طلاب التعليم العام والجامعي في دول الخليج من الجنسين، يتجاوز 12 مليونا، وأكثر من سبعة ملايين من هؤلاء يدرسون في التعليم العام، وتقدر أعداد المعلمين في مجمل المراحل الدراسية بحوالي تسع مئة وستين ألفا، ولا بد من عمل خليجي موحد يهتم بتطوير المنظومة التعليمية، ويعتمد على دراسات ميدانية إقليمية لا دولية، واستحــــــداث وظيفة معلم باحث يفرغ المعلمين بمراتبهم المختلفة عليها، لإجراء بحوث تطوير التعليم، مثلما تفعل فنلندا، وتأديب طلاب التعليم العام والجامعي، وبأسلوب الخصم من درجات المواظبة، وبحيث يكون الرسوب فيها، إذا كانت الخصومات أقل من درجة اجتيازها.
نقلاً عن "الرياض"
