الهند دولة صاحبة قدرات نووية وصاروخية، بل إن الهند استطاعت أن تكون الدولة الرابعة التى تصل إلى القمر، وهى من أسرع اقتصادات العالم نموا، والهنود يفتخرون بأنهم أصبحوا ينافسون على المستوى العالمى، ولِمَ لا؟ ورئيس الوزراء البريطانى ابن مهاجر هندى، والهند ليست نموذجا يلمع تتنافس عليه أمريكا والصين فقط، فالهنود (كأفراد) تتنافس عليهم الشركات العالمية فى أمريكا، وأوروبا، والشرق الأوسط، فهم يملكون التقنيات الحديثة لعلوم العصر الراهن.
لقد كان تجمع «بريكس» للدول الخمس (الصين، والهند، وجنوب إفريقيا، والبرازيل، وروسيا)، الذى عُقد قمته مؤخرا، أنجح من قمة مماثلة عقدتها أمريكا فى «كامب ديفيد» ضمت اليابان، وكوريا الجنوبية، ولم تحقق أهدافها لعدم اشتراك الهند فيها، وقد صممت أمريكا على انضمام الهند إليها، بعد أن كرمت رئيس وزرائها فى واشنطن بشكل مبالغ فيه، ودعته للحديث فى الكونجرس مرارا أكثر من مرة، كما أن التحرك الأمريكى والصينى نحو الهند التى تتعامل مع القضية بحذر يتم بناء على استشراف مستقبل الهند العالمى، ويراهن على أن يكون للحكمة الهندية دور لتراجع أمريكا والصين أنفسهما لمصلحة السلام العالمى، خاصة أن الهند لم تنضم إلى تحالفات إستراتيجية تعمل واشنطن على إقامتها فى مواجهة الصين.
أعتقد أن الأمريكيين مازالوا يلعبون على ورقة الاختلاف مع الصين لدفعها إلى معسكرها الإقليمى، حيث علاقات الصين مع الهند ليست على ما يرام، لكنهما يتجهان الآن إلى ترميمها بعد الاشتباك الأخير فى عام ٢٠٢٠، وقد تم حسم ٥ نقاط على الحدود، والبقية تجرى حولها مباحثات بين الطرفين، وأرى أن هناك صفحة جديدة بين الهند والصين، والمصالح الاقتصادية والتجارية قد تكون نقطة قوية ضد الخلافات الحدودية، فالهند اقتصاديا، وسياسيا أصبحت لاعبا مهما للسلام العالمى، فهى والصين (نحو 2٫8 مليار نسمة) تشكلان المنطقة الأكثر كثافة فى عالمنا (ثلث البشرية وحدهما)، وحسب موازين القوى الراهنة، فإن الهند (العاقلة) ستكون ميزانا حساسا لوقف الصراعات، (وقد ظهر ذلك فى التجمع الأخير للبريكس)، والدول الجديدة المنضمة إليه، وفى مقدمتها دول الشرق الأوسط، سيكون دورها حاسما .
* نقلا عن "الأهرام"