الإنتقال نسخة البرهان


 

الإنتقال نسخة البرهان

خالد فضل

 

يبدو أنّ السيد قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان قد إلتقط الإشارات التي بعثتها الحكومة المصرية برئاسة الفريق عبدالفتاح السيسي،  ولا ندري إن كانت شارات أم تعليمات ، أو الوصفة التي جربها عبدفتاح مصر ويريد أن يكررها  عبد فتاح السودان وكل ذلك في إطار العلاقات الأزلية والتطابق في الحالات بين شعبي وادي النيل وكلو عند الشعبين (ثورة)! المهم أنّ السيد برهان السودان وفي أول زيارة خارجية له منذ تمكنه من الخروج من مقر قيادة جيشه في الخرطوم، وبعد 4أشهر على الحرب بين طرفي المكون العسكري السوداني (الجيش/الدعم السريع) ، صرّح من مصر بأنّه يسعى لإنهاء الحرب ، ويسعى لإستكمال الإنتقال الحقيقي وبناء الديمقراطية التي يرتضيها الشعب ، وأنّ جيشه زاهد في الحكم أو الإستمرار فيه .

استوقفتني صفة (الحقيقي) الملحقة بالإنتقال ، تذكّرت أننا في السودان  وأنّ كل شئ عندنا أصلي وتقليد ، رغم أنّ أحد المغنيين يبث الشجن ( والأصل ما ببقى صورة) نرقص ونبشّر ونتأوه مع الأصل الما ببقى صورة ! الآن يبشرنا قائد الجيش بالإنتقال الحقيقي ، ويا لها من بشارة، وسنسرح بخيالنا قليلا نحاول أن نرسم صورة حقيقية لإنتقال حقيقي أو كما قال ،

بسم الله نبدأ ، وشعار الثورة الباذخ هادينا حرية سلام وعدالة ، هل سمعتم البرهان في حديثه يذكر الثورة والراصتات الواقفين قنا والشفاتة والكنداكات ؟ ربما يكون دوي المدافع وأزيز المغيرات صبحا وليلا من ذوات الأجنحة وبعضها مسيرات بالريموت قد صك أذنيه فلم يعد يسمع صوت الثورة والثوار وهم يهتفون في طرقات الخرطوم العسكر للثكنات والجنجويد للحل.

ربما كانت مجنزرات الشرطة ورصاصات وبمبان (الطرف الثالث) التي أودت بحياة أكثر من 130 شهيد/ة منذ إنقلابه وخدنه السابق حميدتي على الإنتقال الديمقراطي ( المزيّف) بحسب منطوق البرهان عن سعيه للإنتقال الحقيقي ربما كان في أذن الرجل وقر فلم يسمع صوت الثوار يومذاك، لكنه الآن ومنذ 15أبريل يسمع دوي الحرب المرعب . ويذوق ويلات الزنقة الممضية !!ويصغى لهمهمة كتائب البراء وصحبه وهم يهرفون بأنّ سقوط المدرعات هو بالضبط سقوط للإسلام في أرض السودان ، ولا شئ عجيب في سودان العجائب التي لا تُحصى أو تُعد .

ولنا عودة قادمة للركن السادس في الإسلام ذلك الركن اسمه مقر سلاح الدرعات في الخرطوم ، ويا لويلات أهل السودان من عودة هذه الفئة من المهووسين للحكم والسيطرة تحت غطاء المدافع والطائرات المقاتلة والصواريخ المميتة ، نعود لثورتنا المؤؤدة بفعل إنقلاب المكون العسكري في 25أكتوبر 2021م ، ونتأمل في شعارها الخالد حرية سلام وعدالة ونقول جملة واحدة إنّ الإنتقال الحقيقي يكمن في تحقيق هذا الشعار النبيل ، فإذا كان البرهان سيسعى للإنتقال الحقيقي فالأمر ليس معجزا ، حرية تعني إخلاء سبيل جميع المعتقلين من جانب أمنه واستخباراته لرفضهم للحرب وقولهم لا للحرب ، والتهمة أن كل من قال لا للحرب هو بالضرورة مؤيد للمتمردين الجنجويد !.

شخصياً أقول لا للحرب ولست مؤيدا للجنجويد والمليشيات المقابلة ، مثلما لست مؤيدا لحكم العسكر أو تغولهم على ما ليس من اختصاصهم المهني وأعني به (الحكم) ، الحرية وهي قيمة أساسية وركن ركين للانتقال نحو الديمقراطية هي التميمة الأولى فما موقف قائد الجيش منها ، حرية التنظيم والتعبير والضمير والمعتقد وغيرها من حريات عامة وخاصة لا تخضع إلا لقانون ديمقراطي مستمد من دستور ديمقراطي لمجتمع ديمقراطي .

السلام   تلك القيمة التي باتت  نادرة في سودان الحرب والنهب والتدمير والسلب والقتل في المنازل بالقنابل الطائشة والطائرات الضهبانة , هو الآخر أساس متين للإنتقال الديمقراطي الحقيقي ، أمّا العدالة ؛ فتاريخ الظلم قديم لكن طلب العدالة أقدم ، إنّ القيمة الحقيقية للانتقال الحقيقي هي تحقيق العدالة ، وهذا بند يمتد ليشمل المحاسبة لمدبري انقلاب 30يونيو1989م وصولا لمدبري ومنفذي انقلاب 25اكتوبر2021م إلى مشعلي الحرب الضروس بين عسكر السودان 15 أبريل 2023م  وما تبع ذلك من جرائم لم تخطر على بال إنسان سوي مستقيم أخلاقيا ، تشمل العدالة انفاذ الحكم على قاتلي الثوار الذين أدانتهم المحاكم، ولم تنفذ فيهم الأحكام حتى هربوا من السجون رفقة رموز العهد المباد الذين أعلنتهم النيابة العامة متهمين فارين، وتطلب بعضهم المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كمتهمين بجرائم حرب في دارفور .

ولا تقف العدالة عند الجرائم الجنائية ، فهي رافعة للانتقال الحقيقي وتعني العدالة في التنمية والخدمات والتوظيف وغيرها من أوجه الحياة البشرية وهذا لن يتحقق إلا بانتقال ديمقراطي حقيقي يزيل التمكين لفلول العهد الفاسد المباد ، وتشمل إزالة التمكين كل مؤسسات الدولة بما في ذلك المكون العسكري بشقيه .

في هذا الانتقال الحقيقي المستند على أهداف الثورة وشعاراتها نتفق مع السيد البرهان ، فهل هو يعني ذلك أم لديه نسخة جاهزة أو توصية من دولة شقيقة لانتقال حقيقي من أعمدته التوم هجو وأحمد هرون !!

تاريخ الخبر: 2023-08-30 21:22:43
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية