كل سنة وجميعكم بخير بمناسبة اقتراب السنة القبطيَّة الجديدة (1740 للشهداء)، مُتمنياً من الله أن يتحقق فيها كل الخير والسلام حسب إرادتِهِ الصالحةِ، وفي بداية العام لن أَجِد أَجمَل وأَكمَل من هذه الصلاة وهذه التسبحة التي من عُمقِ القلبِ، نقدمها لإلهنا المُحِب ربنا يسوع المسيح مُخلصنا، والتي فيها نُعَبِّر عن مشاعرِنا تجاهَهُ ونُقدم له الإكرام والسجود، طالبينَ منه بعض الطِلبات والصلوات القَلبِيَّة التي تصعد إلى عرشهِ وإلى قلبهِ الحنون، فنقدم له “إبصالية أدام” تُقال في بداية العام، في الفترة من عيد النيروز وحتى عيد الصليب.

أصلُ عيدِ النيروز:

يقول نيافة الحَبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر: “عيد النيروز هو أقدم الأعياد المصرية يَحتَفِل به المصريون كل عام في بداية سنَتِهِم طالبينَ أن تكون سنة مملوءة بالبركة والخير، والذي وَضَعَ التقويم المصري القديم (القِبطي) أحد علماء المصريين القدماء “توت”، الذي ولد في قرية “منتوت” (في مركز أبوقرقاص بمحافظة المنيا حالياً) وهي كلمة قبطية معناها (مكان توت)، وهو الذي اخترع الأَحرُف الهيروغليفية التي بدأت بها الحضارة المصرية القديمة؛ ولذلك فقد رَفَعَهُ المصريون إلى مَرتَبَةِ الآلهه ولَقَّبُوهُ (إلهُالعِلمِ والحِكمَةِ والمَعرِفَةِ)، ثم تَحَوَّلَ التقويم المصري القديم إلى التقويم القبطي (تقويم الشهداء) بعد عصر دقلديانوس، مع الاحتفاظ بأسماء الشهور المصرية التي تُنَظِّم الحياة الزراعية، فكانت سنة 4524 مصرية هي نفسها 284م السنة التي اعتلى فيها الامبراطور دقلديانوس عَرش الامبراطورية الرومانية الشرقية، والتي أصبحت السنة القبطية الأولى.

فِكرة عيد النيروز في المَسِيحيَّةِ:

جَعَلَ المِصريون الأقباط عيد النيروز هو بداية للسنة القبطيَّة وبداية عصر الاستشهاد، ومن خلال هذا الفِكر يقول نيافة الأنبا متاؤس: “أن معناه الروحي هو نُصرة داخلية بمعرفة ربنا يسوع المسيح، وهو غَلبة العالم وانتصار على الخطية، وطاعة لوصية الإنجيل”، ولذلك فقد اخترتُ لكم أعزائي القُرَّاء “إبصالية أدام لعيد النيروز” والتي تَتَوافَق مع روحِ عيد النيروز، وفيها نطلب بعض الصلوات السريعة والمُسمَّاه (صلاة يسوع)، أو (الصلاة القلبية)، او (الصلاة السَهمِيَّة)، وكل هذه المصطلحات يدور حولها فِكر”الإبصاليات” بصورةٍ عامةٍ.

فنجد بعض العبارات في هذه الإبصالية: (يسوع هو رجائي، يسوع هو مُعيني)، (أحببتُ وجهكَ، كَمِّلنا حسناً)، (إدركني سريعاً بمعونَتِك)، (أحرسنا ياربُمن إبليس)، (أقتل أفكاري المملوءة شراً)، (إنزع عنا آلام الخطايا)، وغيرها من التعبيرات البسيطة ولكنها عميقة التي نطلب فيها ربنا يسوع المسيح أن يعطينا النُصرة والغَلبة على الخطية والأفكار والشيطان، وبها نأخذ القوة في بداية السنة لنستطيع أن نُكَمِّلها في رِضا الله وبركتِهِ وعنايتِهِ.

تاريخُ “الإبصاليات” وأصلُ (صلاة يسوع):

يقول قدس أبونا الراهب أثناسيوس المقاري في كتابة (تسبحة نِصف الليل والسَحَر): إن إبصاليات الأيام هي صلوات وتوسلات قصيرة تخاطب الرب يسوع، وتدعوه (ربي يسوع) أو (ربي يسوع المسيح)، ومخاطبة اسم الرب يسوع في صلوات قصيرة قوية هو تقليد قبطي رهباني، نشأ أولاً في صحراءِ مصر وأتقَنَهُ الرهبانُ الأقباط، ثم انتقلَ إلى كل العالم المسيحي ليس بين الرهبان فقط ولكن بين الكثير من العِلمانيين، وهو ما يُسَمَّى (الصلاة القلبية) أو (الصلاة السَهمِيَّة)، واسم الرب بحسب الإبصاليات هو اسمٌ تَمَجَّدَ في أفواهِ القديسين وصارَ لهم ناصراً في جميع ضيقاتِهِم وخَلَّصَهم من جميع شدائدِهِم، وبه تَستنير عقولُهُم وترتفع إلى العَلاء قلوبُهُم، وهو اسمُ الخلاص به يفرح قلبُنا ويَتَهلَّل لسانُنا ويُعطي الفرح لنفوسِنا وهو سيفٌ به نَصرِع العَدو الشيطان.

صلاةُ يسوعَ أو الصلاةُ السَهمِيَّةُ عِندَ أباءِ الكَنيسَةِ:

يقول الآباء “الصلاة التي بلا انقطاع هي مناداةُاسمِ الربِ يسوع بالشفاهِ والفكرِ والقلبِ، مع تكوين صورةً

…