هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

Emblem-scales-red.svg
إن هذه الموضوعة أوهذا القسم مختلف عليها. راتى طالع الخلاف في صفحة النقاش. (مايو2016)

الجهاد أوالجهاد في سبيل الله هومصطلح إسلامي يعني جميع الأفعال أوالأقوال التي تتم لنشر الإسلام أولصد عدويستهدف المسلمين أولتحرير أرض مسلمة أولمساعدة مسلم ما والمسلمين، اتى هذا المصطلح في بدء الإسلام عندما ذكرت معركة بدر الكبرى في القرآن ثم تم تعميم هذا المصطلح ليضم أي عمل أوقول يصب في مصلحة الإسلام لصد عدوما يستهدف الإسلام عملاً أوقولاً.

والجهاد مراتب منها ما واجب على جميع مكلف ومنها هوواجب على الكفاية إذا قام به بعض المكلفين سقط التكليف عن الباقين، ومنها ما مستحب، فجهاد النفس وجهاد الشيطان واجبان على جميع مكلف وجهاد المنافقين والكفار وأرباب الظلم والبدع والمنكرات واجبان على الكفاية، وقد يتعين جهاد الكفار باليد على جميع قادر في حالات معينة. نطق ابن القيم :«إذا عهد هذا فالجهاد أربع مراتب : جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين.»

فالجهاد ينقسم إلى قسمين رئيسيين يتفرع تحتهما أقسامه الأخرى الكثيرة؛ هما على طبقة وفئة محددة من المسلمين على جميع مؤمن بالإسلام، تحت القسم الأول يندرج جهاد الطلب لفتح أراضي جديدة لا تعهد شيء عن الإسلام ويندرج تحته جهاد الدعوة وجهاد التعليم أيضاً، ويندرج تحت القسم الثاني جميع من جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الدفع؛ للدفاع عن أراضي الوطن من عدوخارجي أوالدفاع عن المسلمين.

تحدد أهداف الجهاد إلى هدفين لا ثالث لهما وتنحصر جميع أنواعه فيهما تقريباً، وهما جهاد الدفع وجهاد الطلب؛ أيقد يكون الجهاد إما جهاد في سبيل الدفاع عن المسلمين والإسلام والقرآن أوجهاد بغاية نشر تعاليم الإسلام وقوانينه على الحياة والمجتمع باعتباره دين صالح لكل الشعوب واللغات والإثنيات وباعتباره خلاص الأرض من جميع الظلمات.

لغويًا

الجهاد في اللغة : بذل الجهد والوسع والطاقة، من الجُهْد بمعنى الوُسع، أومن الجَهْد بمعنى المشقة وكلا المعنيين في الجهاد. وفي الشرع أوفي اصطلاح القرآن والسنة، يأتي بمعنى أعم وأضم، يضم الدين كله؛ وحينئذ تتسع مساحته فتضم الحياة كلها بسائر مجالاتها ولهذا يسمى حينئذ: الجهاد الأكبر. وله معنى خاص هوالقتال لإعلاء حدثة الله وهذا يشغل مساحة أصغر من الأولى ولهذا سُمِّىَ الجهاد الأصغر. وكما يقول الدكتور عبد العزيز القاري :

«فإن الجهاد بمعناه العام يضم حياة الفرد والمجتمع كلها بجوانبها المتنوعة الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصراع فيه يضم أعداء كثيرين يضم النفس وشهواتها والهوى ووساوس الشياطين؛ شياطين الجن والإنس، ووساوس هؤلاء الشياطين على نوعين نوع هدفه غرس الشبهات وآخر هدفه اتباع الشهوات؛ ومكافحة الأول بنشر الفهم والعقيدة السليمة، ومقاومة الثانى بنشر الفضائل والأخلاق الحميدة وموعظة الناس لتقوية إيمانهم. وكل هذا وذاك من الجهاد الأكبر.»

ولذلك فإن تسمية الأول بـالجهاد الأكبر سليم المعنى، تدل عليه نصوص الكتاب والسنة، وإن لم يصح الحديث الوارد فيه بخصوصه. ففي حصر مفهوم الجهاد في القتال خطأ في فهم الكتاب والسنة، فإن الجهاد فيهما اتى بمعنى القتال، واتى بمعنى أكبر من ذلك وأضم: نطق تعالى:Ra bracket.png فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا Aya-52.png La bracket.png نطق ابن عباس رضى الله عنهما:«وجاهدهم به أي القرآن.»

فالجهاد الكبير هنا ليس هوالقتال، وإنما هوالدعوة والبيان بالحجة والبرهان، وأعظم حجة وبيان هوهذا القرآن، إنه حجة الله على خلقه، ومعه تفسيره وبيانه الذي هوالسنة.

ونطق تعالى:Ra bracket.png يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ Aya-73.png La bracket.png في هذه الآية ليس المراد بجهاد المنافقين القتال، لأن المنافقين يظهرون الإسلام ويتخذونه جُنَّة والنبي لم يقاتلهم بل عاملهم بظواهرهم، وحتى من انكشف كفره منهم كعبد الله بن أبى بن سلول لم يقتله سياسة منه حيث نطق  :«لا يتحدث الناس حتى محمدًا يقتل أصحابه.» ولكن جهاد المنافقينقد يكون بالوسائل الأخرى، مثل كشف أسرارهم ودواخلهم وأهدافهم الخبيثة، وتحذير المجتمع منهم، كما اتى في القرآن.

ونطق تعالى:Ra bracket.png وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ Aya-69.png La bracket.png ولاشك حتى المراد بالجهاد هنا مفهومه الكامل المتضمن نوعيه الأكبر والأصغر، نقل ابن كثير عن ابن أبي حاتم بإسناده عن ابن عباس، نطق في تفسير هذه الآية:«الذين يعملون بما يفهمون يهديهم الله لما لا يفهمون» فتفسير الآية (الذين جاهدوا فينا) أي جاهدوا في ذات الله أنفسهم وشهواتهم وأهواءهم وجاهدوا العراقيل والعوائق وجاهدوا الشياطين، وجاهدوا العدومن الكفار المحاربين، فالمقصود: الجهاد في معهجر الحياة كلها، وفي حلبة الصراع الكامل.

وفي السنة النبوية بين النبي أنواع الجهاد بمفهومه الكامل فنطق:

«ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يعملون، ويعملون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهومؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهومؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهومؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.»

والمراد بجهاد القلب هنا هوبغضهم وبغض حالهم التي هي عقيدة الولاء والبراء؛ بدونها لا يصير الإنسان مؤمناً ؛ سمى النبي عمل القلب هذا جهادًا، كما سمى عمل اللسان جهادًا، ومن باب أولى حتى يسمى عمل اليد جهادًا؛ عن عبد الله بن عمرورضي الله عنه نطق:«اتى رجل للنبي فنطق:أجاهد،يا ترى؟ نطق : (ألك أبوان) نطق: نعم، نطق: (ففيهما فجاهد).» وأمثلة هذا من السنة كثيرة يسمى فيها بعض الأعمال الصالحة أويجعلها بمنزلة الجهاد؛ كقوله  :«الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله.» إلى غير ذلك يتضح لنا مدى اتساع دائرة الجهاد مرتبطة بمجالات الحياة كلها، إلى غير ذلك حتى عندماقد يكون هناك قتال سليم مع العدو، فإن جهاد جميع واحد بحسبه الطبيب بخبرته الطبية، وأهل الإغاثة بإغاثتهم، وأهل الإعلام بإعلامهم، وأهل الأموال بأموالهم، ويبقى بقية في البلد يقومون بشؤونها ويخلفون المجاهدين في أهليهم بالخير والرعاية والحراسة، لتستمر عجلة الحياة في الدوران.

المفهوم العام للجهاد

نطق ابن تيمية مبيناً المفهوم العام للجهاد ما نصه:«فالجهاد تحقيق كون المؤمن مؤمناً، ولهذا روى مسلم في سليمه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نطق: من توفي ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزوتوفي على شعبة من نفاق، وذلك حتى الجهاد فرض على الكفاية، فيخاطب به جميع المؤمنين عموماً، ثم إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين. ولابد لكل مؤمن من حتى يعتقد أنه مأمور به، وأن يعتقد وجوبه، وأن يعزم عليه إذا احتيج اليه، وهذا يتضمن تحديث نفسه بعمله، فمن توفي ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزونقص من إيمانه الواجب عليه بقدر ذلك، فمات على شعبة نفاق.»

وأما بالنسبة للحكم في جهاد العدوين الظاهر والباطن، فقد نطق القاضي أبوبكر بن العربي:«نطق فهماؤنا رضي الله عنهم: جهاد العدوالظاهر فرض من فروض الكفاية وهم الكفار، وجهاد العدوالباطن فرض من فروض الأعيان، وهوالشيطان.» ونطق عبد الله بن عمر:«إن سبيل الله جميع عمل صالح.» وكذلك نطق عباية بن رفاعة: «ادركني أبوعبس وأنا ذاهب إلى الجمعة، فنطق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار.» نطق بدر الدين أبومحمد العيني:«مطابقته للترجمة من حيث حتى الجمعة تدخل في قوله سبيل الله لأن السبيل اسم جنس مضاف فيفيد العموم، ولأن أبا عبس جعل السعي إلى الجمعة حكم الجهاد.»

وفي سليم مسلم من حديث أبي مالك الأشعري حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نطق:«وانتظار الصلاة إلى الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط» وعن أنس بن مالك نطق:«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل الشهداء عند الله المقسطون.» وفي السنن حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق:«الساعي على الصدقة بالحق كالمجاهد في سبيل الله.» ولذلك نطق عبد الرحمن السعدي مبيناً هذا المعنى العام للجهاد:

«أليس التفهم والتعليم والصبر على ذلك من أكبر الجهاد، أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للخلق من الجهاد،يا ترى؟ أليس تطبيق الحق ونصره، ورد الباطل وقمعه من الجهاد،يا ترى؟ أليس تعليم الجاهلين، وتنبيه الغافلين، وايقاظ المعرضين، ومعارضة المعارضين، ومجادلتهم من الجهاد،يا ترى؟ هل تتم الأمور بدون الجهاد،يا ترى؟ وهل يستقيم الهدى والاهتداء ويحصل الصعود والارتقاء إلا بالجهاد،يا ترى؟ طوبى لأهل الفهم، والدين والجهاد.»

الجهاد بمعنى القتال

فضل الجهاد

في القرآن الكريم

ومن الآيات التي وردت في الحث على الجهاد:

Ra bracket.png وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ Aya-190.png La bracket.png


عن ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومجاهد حتى هذه الآية محكمة غير منسوخة، أي حتى حكمها باق ومستمر.

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسيره لهذه الآية:
وعندما نتأمل قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله [البقرة: 190] فإننا نجد حتى الحق سبحانه يؤكد على حدثة {في سبيل الله [البقرة: 190] لأنه يريد حتى يضع حداً لجبروت البشر، ولابد حتى تكون نية القتال في سبيل الله لا حتىقد يكون القتال بنية الاستعلاء والجبروت والطغيان فلا قتال من أجل الجاه، أوالمال أولضمان سوق اقتصادي، وإنما القتال لإعلاء حدثة الله، ونصرة دين الله، هذا هوغرض القتال في الإسلام.

{وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إذا الله لا يحب المعتدين [البقرة: 190] والحق ينهى عن الاعتداء، أي لا يقاتل مسلم مَنْ لم يقاتله ولا يعتدي.

وهب حتى قريشاً هي التي قاتلت، ولكن أناساً كالنساء والصبيان والعجزة لم يقاتلوا المسلمين مع أنهم في جانب مَنْ قاتل، لذلك لا يجوز قتالهم، نعم على قدر العملقد يكون رد العمل. لماذا،يا ترى؟ لأن في قتال النساء والعجزة اعتداء، وهوسبحانه لا يحب المعتدين. لكن قتال المؤمنين إنماقد يكون لرد العدوان، لا بداية عدوان.

يقول الشيخ محمد رشيد رضا أيضا في تفسيره تفسير المنار عن هذه الآية:
{وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم يقول أيها المؤمنون الذين تخافون حتى يمنعكم مشركومكة عن زيارة بيت الله والإعتمار فيه نكثاً منهم للعهد وفتنة لكم في الدين، وتكرهون حتى تدافعوا عن أنفسكم بقتالهم في الإحرام والشهر الحرام، إنني أذنت لكم في القتال على إنه دفاع في سبيل الله للتمكّن من عبادته في بيته، وتربية لمن يفتنكم عن دينكم وينكث عهدكم، لا لحظوظ النفس وأهوائها، والضراوة بحب التسافك، فقاتلوا في هذه السبيل الشريفة من يقاتلكم {ولا تعتدوا بالقتال فتبدأوهم، ولا في القتل فتقتلوا من لا يقاتل كالنساء والصبيان والشيوخ والسقمى أومن ألقى إليكم السلم وكف عن حربكم، ولا بغير ذلك من أنواع الإعتداء كالتخريب وبتر الأشجار، وقد نطقوا إذا العمل المنفي يفيد العموم.

علل الإذن بأنه مدافعة في سبيل الله، وسيأتي تفصيله في الآية التالية، وعلل النهي بقوله: {إن الله لا يحب المعتدين أي إذا الإعتداء من السيئات المكروهة عند الله تعالى لذاتها، فكيف إذا كان طالما الإحرام، وفي أرض الحرم والشهر الحرام،يا ترى؟

Ra bracket.png إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ Aya-36.png La bracket.png


ويلاحظ هنا حتى الأشهر الحُرُم هي شهور السنة القمرية اثنا عشر شهراً، ومن هذه الاثنى عشر شهراً أربعة أشهر حرم جمع حرام، وهي من الحرمة بمعنى التعظيم، يحرم فيها القتال، وهي: رجب وذوالقعدة، وذوالحجة والمحرم. {فلا تظلموا فيهن أنفسَكم أي فلا تظلِموا أنفسَكم في هذه الأشهر باستحلال القتال فيها، أوامتناعكم عنه إذا هاجمكم الأعداء. وقاتِلوا جميع من يقاتلكم من المشركين جميعا، كما يقاتلونكم معادين لكم جميعاً، ولوكان ذلك في الأشهر الحرم.

يقول الطبري في تفسيره جامع البيان:
وأما قوله: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة فإنه يقول جلّ ثناؤه: وقاتلوا المشركين بالله أيها المؤمنون جميعاً غير مختلفين، مؤتلفين غير مفترقين، كما يقاتلكم المشركون جميعاً مجتمعين غير متفرقين.
يقول الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار بخصوص هذه الآية:
{وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ؟،يا ترى؟ أي قاتلوهم جميعا كما يقاتلونكم جميعاً، بأن تكونوا في قتالهم إلبا واحداً لا يختلف فيه ولا يتخلف عنه أحد، كما هوشأنهم في قتالكم، وذلك أنهم يقاتلونكم لدينكم لا انتقاماً ولا عصبية ولا للكسب كدأبهم في قتال قويهم لضعيفهم، فأنتم أولى بأن تقاتلوهم لشركهم {وهم بدءوكم أول مرة [التوبة: 13].

من الحقائق التاريخية والدينية في الإسلام؛ حتى النبي وأصحابه قضوا في مكة ثلاثة عشر عاما يقابلون الظلم، ويتحملون الأذى بل العذاب من كفار قريش، ورغم ذلك لم يقاتلوا الكفار ولم يشهروا سيوفهم في وجوههم. وكثيرا ما كانوا يمضىون إلى النبي يستأذنونه في مقاتلة أعدائهم، ولكن لم يأذن لهم بالقتال، وإن أذن لهم بمغادرة مكة والهجرة إلى دولة مسيحية وهي الحبشة وملكها النجاشي، وقد هاجر إليه المسلمون المستضعفون مرتين في العهد المكي واحتموا به، وحماهم بالعمل وأمنهم من ظلم الوثنيين. وظل الأمر كذلك إلى حتى هاجر النبي والمسلمون إلى المدينة، وهناك وفي السنة الثانية بعد الهجرة إلى المدينة هبط القرآن بالإذن للمسلمين في قتال أعدائهم ولقاءتهم، وأول ما هبط من القرآن في الإذن بالقتال هوقول الله تعالى:

Ra bracket.png أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ Aya-39.png الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ Aya-40.png La bracket.png


وهاتان الآيتان واضحتان تمام الوضوح في حتى مشروعية القتال في الإسلام مرتبطة بنصرة المظلومين ودفع الظلم عنهم، وتمكينهم من حقهم في حياة آمنة مثل غيرهم، وهوحق لا يستطيع عقل منصف حتى يتنكر له أويرتاب في مشروعيته في يوم من الأيام. ولودققنا النظر في هاتين الآيتين فسوف نكتشف فيهما من عدل الإسلام وإنصافه واحترامه للآخرين ما يلي:

  1. أولا: تقرر الآية الأولى حتى المسلمين لم يبدأوا الكفار بالقتال، بل العكس هوالسليم، وأن الإذن للمسلمين اتى لرد الاعتداء والقتال الواقع عليهم بالعمل، وهذا ما يشير عليه العمل (يقاتلون)، المبني لما لم يسم فاعله، والذي يفيد حتى القتال واقع من غير المسلمين على المسلمين.
  2. ثانيا: يبين القرآن حتى المسلمين قوتلوا ظلما وعدوانا، وأنهم أخرجوا من ديارهم دون ذنب أوجريمة توجب إخراجهم من أوطانهم. إلى غير ذلك شرع القتال للمسلمين دفاعا وليس عدوانا، وهذا ما تقره جميع الشرائع والأعراف والقوانين.
  3. ثالثا: حتى القتال المشروع في هذه الآية هوقتال للدفاع عن الأديان السماوية بأسرها، وليس دين الإسلام فقط! وهذا ما يفيده قوله تعالى بعد ذلك مباشرة: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا [الحج: 40].

والآية لا تقتصر في ذكر السبب على تأمين مساجد المسلمين، بل ذكرت دور العبادة الأخرى لليهود والنصارى والمجوس، فهذا يعني حتى المسلم كما يقاتل من أجل تأمين المساجد، عليه كذلك حتى يقاتل أيضا لتأمين حرية العبادة في الكنائس والمعابد وغيرهما. نطق ابن عباس: "الصوامع: التي تكون فيها الرهبان، والبِيَع: مساجد اليهود، وصلوات: كنائس النصارى، والمساجد: مساجد المسلمين" أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم في التفسير. وقد علل شيخ الإسلام فخر الدين الرازي إدراج الكنائس والمعابد مع المساجد في خطة الدفاع الإسلامي في القرآن بأن الصوامع والبيع والصلوات مواضع يجري فيها ذكر الله تعالى، فهي ليست بمنزلة المعابد الوثنية. فالآية الكريمة وهي تأذن بالقتال دفاعا عن مواضع العبادة لا تأخذ في حسبانها المساجد فقط، وإنما تنظر كذلك إلى أماكن العبادة الخاصة بغيرهم.

وبذلك اتىت السنة النبوية؛ فخط رسول الله لأسقف بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم: "أن لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ألّا يُغَيَّر أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا شيء مما كانوا عليه؛ ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم، غيرَ مُثقَلين بظلم ولا ظالمين".

وعلى ذلك سار المسلمون سلفًا وخلفًا عبر تاريخهم وحضارتهم؛ منذ عهود الخلفاء الراشدين وهلمَّ جرّا:

فنص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في عهده لأهل القدس على حريتهم الدينية وأعطاهم الأمان لأنفسهم والسلامة لكنائسهم؛ وخط لهم بذلك كتابًا اتى فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما منح عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان؛ أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها: أنه لا تُسكَن كنائسُهم ولا تُهدَم ولا يُنتَقَصُ منها ولا من حَيِّزها ولا من صَلِيبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرَهون على دينهم، ولا يُضَارَّ أحد منهم... وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعمروبن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان وخط وحضر سنة خمس عشرة.»

وخط لأهل لُد كتابًا مماثلًا اتى فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما منح عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل لُد ومن ولج معهم من أهل فلسطين أجمعين؛ أعطاهم أمانًا لأنفسهم، وأموالهم، ولكنائسهم، وصُلُبهم، وسقيمهم، وبريئهم، وسائر ملتهم: أنه لا تُسكَن كنائسهم ولا تُهدَم، ولا يُنتَقَص منها ولا من حيزها ولا مللها ولا من صُلُبهم ولا من أموالهم، ولا يُكرَهون على دينهم، ولا يُضَار أحد منهم.»

ولمّا ولج بيت المقدس حان وقت الصلاة وهوفي إحدى الكنائس، فنطق لأسقفها: أريد الصلاة، فنطق له: صلِّ موضعَك، فامتنع وصلّى على الدرجة التي على باب الكنيسة منفردًا، فلما قضى صلاته نطق للأسقف: "لوصلَّيْت داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي ونطقوا: هنا صلَّى عمر". ونقل المستشرقون هذه الحادثة بإعجاب كما خلق إميل درمنغم في كتابه "حياة محمد" فنطق: "وفاض القرآن والحديث بالتوجيهات إلى التسامح، ولقد طبق الفاتحون المسلمون الأولون هذه التوجيهات بدقة، عندما ولج عمر القدس أصدر أمره للمسلمين حتى لا يسببوا أي إزعاج للمسيحيين أولكنائسهم، وعندما نادىه البطريق للصلاة في كنيسة القيامة امتنع، وعلل امتناعه بخشيته حتى يتخذ المسلمون من صلاته في الكنيسة سابقة، فيغلبوا النصارى على الكنيسة"، ومثله عمل ب. سميث في كتابه: "محمد والمحمدية".

Ra bracket.png وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا Aya-75.png La bracket.png
Ra bracket.png أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ Aya-13.png La bracket.png
Ra bracket.png وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ Aya-39.png وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ Aya-40.png وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ Aya-41.png إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ Aya-42.png وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ Aya-43.png La bracket.png
Ra bracket.png وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ Aya-60.png وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ Aya-61.png La bracket.png


ومن الآيات التي تحث على الجهاد أيضاً:Ra bracket.png إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ Aya-111.png La bracket.png وفي هذه الآية ترغيب في الجهاد وقد نطق ابن القيم فيها:

يقول في كتابه حادي الأرواح ص79، 80.:
فجعل الله سبحان ها هنا الجنة ثمنًا لنفوس المؤمنين وأموالهم. إذا بذلوها فيه استحقوا الثمن. وعقد معهم هذا العقد وأكده بأنواع من التأكيدات:

أولاً إخبارهم بصيغة الخبر بأداة إن.

ثانيًا الإخبار بذلك بصيغة الماضي الذي سقط.

ثالثًا إضافة هذا العقد إلى نفسه سبحانه. وإنه هوالذي اقتنى من المبيع.

رابعًا أنه أبلغ بأنه وعد بتسليم هذا الثمن وعدًا لا يخلفه ولا يهجره.

خامسًا أنه أتى بصيغة (على) التي للوجوب. إعلامًا لعباده بأن ذلك حق عليه. أحقه على نفسه.

سادسًا أنه أكد ذلك بكونه حقًا عليه.

سابعًا أنه أبلغ عن محل هذا الوعد وأنه في أفضل خطه المنزلة من السماء وهي التوراة والإنجيل والقرآن.

ثامنًا إعلامه لعباده بصيغة استفهام الإنكار وأنه لا أحد أوفى بعهده منه سبحانه.

تاسعًا أنه سبحانه وتعالى أمرهم حتى يستبشروا بهذا العقد ويبشر به بعضهم بعضًا. بشارة من قد تم له العقد ولزم بحيث لا يثبت فيه خيار ولا يعرض له ما يفسخه.

عاشرًا أنه أبلغهم إخبارًا مؤكدًا بأن ذلك البيع الذي بايعوه به هوالفوز العظيم. والبيع هذا ها هنا بمعنى المبلغ الذي أخذوه بهذا الثمن وهوالجنة. وقوله {بَايَعْتُمْ بِهِ عاوضتم وثامنتم به. ثم ذكر سبحانه أهل هذا العقد الذي سقط العقد وتم لهم دون غيرهم وهم التائبون.

في الحديث النبوي

اتى في سليم مسلم، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن ابن ماجة عن سليمان بن بريدة حتى رسول الله كان إذا أمر أميرا على جيش أوسرية أوصاه في خاصته بتقوى الله تعالى ومن معه من المسلمين خيرا، ثم يقول:

اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا.

اتى في السنن الكبرى للبيهقي، وسنن أبي داود حتى رسول الله نطق:

انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله، لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا، ولا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا، وأحسنوا إذا الله يحب المحسنين [البقرة: 195].

اتى في جامع الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن ابن ماجه، ومكارم الأخلاق للطبراني، والرسالة القشيرية للقشيري عن أبي سعيد الخدري، حتى النبي نطق:

إذا من أعظم الجهاد حدثة عدل عند سلطان جائر.

عن ابن عباس نطق: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله". رواه الترمذي.

جعل الشرع المحافظة على الواجبات والفرائض من أفضل الجهاد؛ فعن أم أنس الأنصارية، أنها نطقت: يا رسول الله، أوصني. نطق:

"اهجري المعاصي؛ فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض؛ فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله؛ فإنك لا تأتين الله غدا بشيء أحب إليه من كثرة ذكره". رواه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال، والطبراني في المعجم الكبير والأوسط.

أبلغ النبي حتى سلامة النية وصفاء القلب عن قصد إيذاء الخلق وظلمهم من أفضل الجهاد؛ فنطق:

"أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد". رواه الدَّيْلَمي في الفردوس عن علي بن أبي طالب.

عن عبد الله بن مسعود، حتى النبي نطق:

"ما كان من نبي إلا كان له حواريون يهدون بهديه، ويستنون بسنته، ثمقد يكون من بعدهم خلوف يقولون ما لا يعملون، ويعملون ما تنكرون، من جاهدهم بيده فهومؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهومؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهومؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". حديث سليم رواه مسلم.

روي عن أبي هريرة في سليم البخاري (26)، سليم مسلم (83):

سئل رسول الله أي العمل أفضل،يا ترى؟ نطق: إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا،يا ترى؟ نطق: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا،يا ترى؟ نطق: حج مبرور.، حديث سليم

روي عن ابن مسعود في سليم البخاري (527) سليم مسلم (84).:

نطق: قلت يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله،يا ترى؟ نطق: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي،يا ترى؟ نطق: بر الوالدين. قلت: ثم أي،يا ترى؟ نطق: الجهاد في سبيل الله.، حديث سليم

روي عن أبي ذر في سليم البخاري (2518) سليم مسلم (136):

نطق: قلت: يارسول الله أي الأعمال أفضل،يا ترى؟ نطق: الإيمان بالله والجهاد في سبيله.، حديث سليم

روي عن أنس بن مالك في سليم البخاري (2796) سليم مسلم (1889):

نطق: نطق رسول الله : لغزوة في سبيل الله أوروحة خير من الدنيا وما فيها.، حديث سليم

روي عن أبي سعيد الخدري في سليم البخاري (2786) سليم مسلم (1888):

نطق: أتى رجل رسول الله فنطق: أي الناس أفضل،يا ترى؟ نطق: مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله. نطق: ثم من،يا ترى؟ نطق: مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله. ويدع الناس من شره.، حديث سليم

روي عن سهل بن سعد في سليم البخاري (2892) سليم مسلم (1881):

أن رسول الله نطق: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها. والروحة يروحها العبد في سبيل الله. أوالغدوة خير من الدنيا وما عليها.، حديث سليم

روي عن سلمان الفارسي في سليم مسلم (1913) والنسائي (39/6):

نطق: سمعت رسول الله يقول: رباط يوم وليلة. خير من صيام شهر وقيامه. وإن توفي فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان.، حديث سليم

نشأة الجهاد

فرض الجهاد في السنة الثانية من الهجرة ونادى لنشر العدل والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات بين الغني والفقير الحاكم والمحكوم القوي والضعيف الشريف والوضيع العالم والجاهل الحبر والراهب العابد والزاهد تحت شعار واضح وحديث:«يا أيها الناس إذا ربكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إذا أكرمكم عند الله أتقاكم.» فلا عنصرية بغيضة ولا طبقية مقيتة وعبر القرآن عن ذلك في سورة المائدة :Ra bracket.png يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ Aya-8.png La bracket.png أي يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله محمد كونوا قوامين بالحق، ابتغاء وجه الله، شهداء بالعدل، ولا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا، اعدِلوا بين الأعداء والأحباب على درجة سواء، فذلك العدل أقرب لخشية الله، واحذروا حتى تجوروا.

كما يفرض الإسلام على الأغنياء دفع جزء من أموالهم - الزكاة على المسلمين أوالجزية على غير المسلمين - ليتم توزيعه على فقراء الناس وضعفائهم وحرم أكل أموال الناس بالباطل من النهب والسلب أومن الربا أومن الغش أوالخداع، وكل هذه التعاليم والمبادئ تتعارض تماماً مع مصالح بعض الطغاة والجبابرة الذين استذلوا الناس واستعبدوهم، فأعربوا عداوتهم للإسلام والمسلمين فكانت وصية للمسلمين من إعداد العدة للقاءة تلك المخاطر فأمرهم الرب بذلك في سورة الأنفال :Ra bracket.png وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ Aya-60.png La bracket.png

ولما كانت رسالة محمد للناس كافة فكان لزاماً عليه السعي لحمل هذا الظلم عن الناس كافة ولقاءة هؤلاء الطغاة في أي مكان ومهما كلف الثمن فكان فرض الجهاد على المسلمين لتحقيق مقاصد الدين السامية، ليوصل الإسلام لأهل البلد التي رفض حكامها على الدعوة إلى الإسلام في بلادهم وأعربوا الحرب على الإسلام، فكان الجهاد على من حارب الإسلام، لا يهم حتى يدخل الناس في دين الإسلام ولكن المهم حتى ينعموا بالعدل والأمن تحت حكمه:Ra bracket.png يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ Aya-123.png La bracket.png

الهدف من الجهاد

غاية الجهاد هوحتىقد يكون في سبيل الله لا في سبيل الهيمنة على الناس، ولا في سبيل إكراههم حتى يخرجوا من أديانهم أوثقافتهم أوحضارتهم، ولا في سبيل الإفساد في الأرض ابتغاء الحكم والسلطة أوأي شيء آخر، بل هوفي سبيل الله كما نطق الله تعالى: Ra bracket.png وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا Aya-75.png La bracket.png، وسبيل الله هي التي وضحها الرسول فيما رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري نطق: «اتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنطق: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله،يا ترى؟ نطق: "من قاتل لتكون حدثة الله هي العليا فهوفي سبيل الله".» وحدثة الله هي الإسلام والدعوة إليه، ونشر الحق والعدل، ودفع الظلم، ورد العدوان، نطق الله تعالى: Ra bracket.png أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ Aya-39.png الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ Aya-40.png La bracket.png، فهذه الآية صريحة في القتال لأجل دفع الظلم ولأجل حتى لا تهدم دور العبادة التي أقامها صاحبوا جميع دين حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، نطق تعالى: Ra bracket.png وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ Aya-193.png La bracket.png، وغاية الجهاد أيضًا رد العدوان، نطق تعالى: Ra bracket.png وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ Aya-190.png وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ Aya-191.png فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ Aya-192.png La bracket.png، ويقول تعالى: Ra bracket.png الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ Aya-194.png وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ Aya-195.png La bracket.png، ويقول أيضا: Ra bracket.png وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ Aya-12.png أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ Aya-13.png La bracket.png.

فالآيات التي مرت تحدد النقاط التالية:

  1. شُرع القتال لدفع الأعداء، لا لذاته، ولا لحمل الناس على الإسلام.
  2. النهي عن الاعتداء فلا يُقتل من لا يحمل سلاحا ولا من استسلم، ولا تخرَّب الدور على أهلها، ولا تهدّم المدن.
  3. ملاحظة الفضيلة التي دل عليها الامر بالتقوى، فلا تُنتهك الاعراض، ولا يمثّل بقتيل.
  4. أن القتال ينتهي إذا انتهى المشركون عن فتنة المؤمنين في دينهم.
  5. لا قتال في الأشهر الحرم، فاذا اعتدى المشركون وقاتلوا وجب قتالهم.
  6. إن هجر الأعداء يقتلون بعضنا من غير ان نقاتلهم لهوهلاكٌ لنا. فاذا دققنا النظر في هذه المبادئ نجد حتى حرب الإسلام فاضلة في بواعثها، وعادلة في سيرها ومراميها.
يقول الشيخ محمود شلتوت:
"إن آيات القتال تدل على حتى سببه ينحصر في رد العدوان وحماية الدعوة وحرية الدين، وفي هذه الدائرة وحدها شرع الله القتال".

و

يقول الشيخ محمد أبوزهرة:
"الباعث على الحرب في الإسلام أمران: دفع الاعتداء وتأمين الدعوة الإسلامية لأنها دعوة الحق، وكل مبدأ سام يتجه إلى الدفاع عن الحرية الشخصية، يهم الداعي إليه حتى تخلوله وجوه الناس، وأنقد يكون جميع امرئ حرًا فيما يعتقد، يختار من المذاهب ما يراه بحرية كاملة، ويختار ما يراه أصلح وأقرب إلى عقله، وقد قاتل النبي صلى الله عليه وسلم لهذين الأمرين".

وأما عن حكمة مشروعية الجهاد فهي لإرساء مبادئ الخير والعدل والرحمة والتوحيد في العقيدة، والمتأمل يجد حتى (سبيل الله) في القرآن والسنة يتبلور ويتمركز في التوحيد في مجال العقيدة، والرحمة في المجال الأخلاقي، والعدل في مجال التشريع، يقول سبحانه وتعالى في العقيدة: ﴿وما أوفدنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون﴾ (الأنبياء: 25)، ويقول في مجال التشريع: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم من الممكن أنكم تذكرون﴾ (النحل: 90)، وحينما يتحدث عن السمة العامة للرسالة الإسلامية يقول سبحانه: ﴿وما أوفدناك إلا رحمة للعالمين﴾ (الأنبياء: 107)، ويحدد النبي هدف رسالته في قوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" رواه الإمام أحمد والبزار، فهذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية هي التي تظهر لنا غاية الجهاد، وحكمة مشروعيته.

ويتضح من هذه الآيات والأحاديث حتى هدف الحرب في الإسلام يتمثل في الآتي:

  1. رد العدوان والدفاع عن النفس.
  2. تأمين الدعوة إلى الله وإتاحة الفرصة للضعفاء الذين يريدون اعتناقها.
  3. المطالبة بالحقوق المسلوبة.
  4. نصرة الحق والعدل.

ومن شروط وضوابط الحرب:

  1. النبل والوضوح في الوسيلة والهدف.
  2. لا قتال إلا مع المقاتلين ولا عدوان على المدنيين.
  3. إذا جنحوا للسلم وانتهوا عن القتال فلا عداون إلا على الظالمين.
  4. المحافظة على الأسرى ومعاملتهم المعاملة الحسنة التي تليق بالإنسان.
  5. المحافظة على البيئة ويدخل في ذلك النهي عن اغتال الحيوان لغير مصحلة وتحريق الأشجار، وإفساد الزروع والثمار، والمياه، وتلويث الآبار، وهدم البيوت.
  6. المحافظة على الحرية الدينية لأصحاب الصوامع والرهبان وعدم التعرض لهم.

وأسباب القتال في الإسلام تتلخص فيما يلي:

  1. أولاً في دفع العدوان: فمن قاتلنا وبدأ العدوان علينا قاتلناه ورددنا عدوانه، يقول الله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إذا الله لا يحب المعتدين" (سورة البقرة: 190).
  2. ثانياً درء الفتنة عن المسلمين: فدين الإسلام يكفل حرية الاعتقاد، لقوله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" (سورة البقرة: 256)، لكن هناك من لا يؤمن ـ من غير المسلمين بترا ـ بهذه الحرية، ويعطي لنفسه الحق في إجبار الناس على التزام دين معين ـ في الغالب هودين الآباء والأسلاف ـ وبالتالي يقوم بتعذيب المسلمين ـ كما حصل من قريش في مكة ـ لصدهم عن الإسلام، وهذا نفهمه من قوله تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين" (سورة البقرة: 193). والمقصود بالفتنة: تعذيب المسلمين وإيذاؤهم حتى يرجعوا عن دينهم. كما حصل من أهل مكة، ومعنى قوله سبحانه: "ويكون الدين لله": أيقد يكون الناس أحرارا في اختيار الدين، فلا يكره أحد على هجر دينه إكراها، ولا يؤذى ويعذب لأجل دينه.
  3. ثالثاً تأمين حدود الدولة: إذ هناك من يتربص بالضعيف فيعتدي على أرضه وماله، ولا أدل على ذلك من حال الجزيرة العربية إبان بعثة النبي ، فلقد كانت أرض العرب مسلوبة من الفرس من ناحية ومن الروم من ناحية أخرى، وبعد البعثة وتأسيس الدولة الإسلامية وعاصمتها المدينة، لم يكن الرومان أوالفرس ليسلموا بهذا الوضع الجديد، فكان لابد من الاستعداد لمجابهة أي عدوان وصد أي اعتداء، وتأمين حدود الدولة الإسلامية، وهذا ما يفسر وقوع الفتوحات الإسلامية، التي لم يكن الغرض منها على الإطلاق إكراه أحد على تغيير دينه، ولكن الغرض منها هوتأمين الدولة وضمان حرية الاعتقاد للناس جميعا ليختاروا بعقولهم الدين الذي يقتنعون به دون تدخل من أحد.

فالأصل في فقه الفتوحات الإسلامية هوتبليغ دين الله للناس بالحكمة والموعظة الحسنة وتعريفهم كذلك بتعاليمه ورسالته العالمية دون حرب أواعتداء، ولكن حين يمنع المسلمون قهراً من القيام بواجب التعريف بدينهم، ويوم يحال بينهم وبين التعريف بتعاليمه وبعد رفض الأسلوب السلمي في توصيل أمور الدين إلى غير المسلمين في هذه البلد، فإن الإسلام قد رسم للمسلمين منهجاً واضحاً في التعامل مع حالات المنع التي تقابلهم في سبيل تبليغ رسالة الإسلام كما يلي :

  • إن اتى المنع مقروناً بإعلان حالة الحرب على المسلمين ومباشرة القتال معهم، فالحكم في مثل هذه المسألة: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا» ومع مثل هذه الحالة تطبق جميع القواعد والأعراف، وكل الجزاءات والضوابط والآداب المتعلقة بحالة الحرب، وفق القاعدة القرآنية:

Ra bracket.png الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ Aya-194.png La bracket.png

  • وإن وقف الأمر عند حالة المنع وعدم السماح للمسلمين بالاتصال بالناس بدون قتال أواعتداء على المسلمين، فالحكمقد يكون باستخدام الحوار، والمجادلة معهم بالتي هي أحسن، مع الصبر والمصابرة، واستخدام جميع الوسائل السلمية الممكنة مع الجهة الممانعة، حتى يفتح الله بينهم وبين المسلمين بالحق:

Ra bracket.png فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ Aya-15.png La bracket.png﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [29:46]

  • وإن أتيح للمسلمين تبليغ دعوتهم والتعريف بدينهم فالحكم مع هذه الحالة هوالسلم والمودة:

Ra bracket.png لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ Aya-8.png إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ Aya-9.png La bracket.png

أقسام الجهاد

  • جهاد الطلب وهوحتى تكون الدولة الإسلامية دولة مستقرة ثابتة، ثم تسعى لإزالة الأنظمة التي تمنع الناس من قبول الحق، وتجعل قبول الحق ممكناً بالنسبة للشعوب، فهذا جهاد يسمى جهاد الطلب، يعني: طلب العدوفي عقر داره.
  • جهاد الدفع هوقتال العدووصده عن بلاد الإسلام إذا دخلها أوهمّ بدخولها. يجب على أهل بلد هاجمهم العدوان يدفعوه (يقاتلوه)، فإن لم يستطيعوا دفعه، وجب على من بجوارهم حتى ينصرهم، فإن لم يقدروا وجب على باقي الأمة شيئا فشيئا فجهاد الدفع أوسع من جهاد الطلب وأعم وجوبا ولهذا يجب على جميع مسلم حتى يقف مع إخوانه المسلمين ولا يشترط في جهاد الدفع الإذن فالغلام يجاهد بدون إذن سيده والولد بدون إذن أبويه والغريم بغير إذن غريمه وبدون إذن الوالي أوالحاكم.

أساس العلاقة مع غير المسلمين

الإسلام مستمد من السلام؛ فالله هوالسلام، والجنة هي دار السلام، وتحية الإسلام السلام، وتحية الله والملائكة لأهل الجنة هي السلام. والمسلمون مطالبون بتعميم السلام، ومحاربة الإرهاب غير المشروع. والأصل في علاقات المسلمين بغيرهم هوالسلم لا الحرب، والباعث على القتال هوالحرب والعدوان، وإقرار الحرب ـ مع النهي عن الاعتداء ـ إنما هوللضرورة ودفع العدوان ومقاومة الغاصبين والمحتلين وطردهم من ديار المسلمين. فالأساس في التعامل هوالبر والقسط مع الناس جميعاً، ولوكانوا غير مسلمين، إلا إذا قاتلوا وحاربوا واضطهدوا، فهنا يشرع القتال، والحرب والجهاد ضدهم.

وقد ذكر ذكر الإمام شهاب الدين القرافي معنى البر الذي أمر الله به المسلمين مع غيرهم فنطق: "وأما ما أمر به من برهم ومن غير مودة باطنية، فالرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة، لا على سبيل الخوف والذلة واحتمال إذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته، لطفا منا بهم لا خوفا وتعظيما والنادىء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم في دينهم ودنياهم، وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم، وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم، وإيصالهم لجميع حقوقهم وكل خير يحسن من الأعلى مع الأسفل حتى يعمله ومن العدوحتى يعمله مع عدوه فإن ذلك من مكارم الأخلاق".

الفرق بين الجهاد والإرهاب

الإرهاب يختلف عن الجهاد اختلافا جوهريا في جميع شيء، في حقيقته ومفهومه، وأسبابه، وأقسامه، وثمراته ومقاصده، وحكمه شرعا. الإرهاب بمعنى العدوان، هوترويع الآمنين وتدمير مصالحهم، ومقومات حياتهم والاعتداء على أموالهم وأعراضهم، وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغيا وإفسادا في الأرض. أما "الجهاد" فهويهدف إلى الدفاع عن حرمات الآمنين، أنفسهم وأموالهم، وأعراضهم وإلى توفير وتأمين الحياة الحرة الكريمة لهم، وإنقاذ المضطهدين وتحرير أوطانهم وبلدانهم من براثن قوى الاحتلال.

نطق الشيخ محمد سيد طنطاوي إذا الفرق بين الجهاد في الشريعة الإسلامية وبين الإرهاب واضح كالفرق بين السماء والأرض، مشروحا حتى الشريعة الإسلامية تحض على الجهاد وتدعوإليه لأنه شُرع لأمرين هما:

  1. أولا: الدفاع عن الدين والمقدسات والنفس والوطن والعرض والمال وكل ما أمرنا الله تعالى بالدفاع عنه.
  2. وثانيا: لنصرة المظلوم.

أما الإرهاب فهوما ترفضه وتمنعه الشريعة الإسلامية لأنه يروع المدنيين الأبرياء الآمنين دون أي ذنب، وبالطبع الإسلام يرفض جميع أشكال الاعتداء على النفس الآمنة البريئة ويرى حتى من يعتدي على نفس واحدة ويقتلها فكأنما اغتال الناس جميعا. ونطق أيضا: ان الأديان والحضارات تتعاون وتتحاور فيما بينها عند العقلاء، ولا تتصارع كما يقول الأغبياء، فالمسلمون لا يؤمنون مطلقاً بالنظرية الفاسدة التي لا تهدف إلا للخراب والتصادم والتدمير ونشر الشر، فالحوار بين الأديان والحضارات لا يأتي إلا بالخير والنفع للبشرية لأن التعايش والتحاور والتعارف بين الأمم من حكم الله، كما نطق تعالى: Ra bracket.png يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ Aya-13.png La bracket.png

فالله لم يقل هنا يا أيها المؤمنون وإنما نطق يا أيها الناس فالنداء هنا عام لكل البشر.

يقول الدكتور مصطفى محمود في كتابه (الإسلام السياسي والمعركة القادمة) مشروحا الفرق بين الجهاد والإرهاب:
"ولا نخلط بين الإسلام السياسي والإرهاب فالإسلام يقوم كله على الحرية ويرفض الإكراه بجميع صوره والمناظر التي نراها من خطف الرهائن إلى تفجير العربات إلى نسف الطائرات إلى إطلاق النار على مخفر شرطة ليست إسلاما ولا أصولية بل جرائم يرتكبها مجرمون قتلة والإسلام اختبار واقتناع وسيلته الدعوة بالحسنى وهولا يحمل سلاحا إلا ردا على عدوان ولا يقاتل إلا دفاعا عن حق مغتصب وهودين الرحمة والمودة والسماحة والحلم والعفووالمحبة وهوسلام كله تحيته السلام وروحه السلام".

ومبادئ الإسلام لا تعهد الإكراه، ولا تقر العنف، ولذلك لم يجبر أحدا على الدخول فيه، بل جعل ذلك باختيار الإنسان.

يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه (جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج):
أحصيت أكثر من مائة آية تتضمن حرية التدين وتقيم صروح الإيمان على الإقناع الذاتي، وتقصي الإكراه عن طريق البلاغ المبين.

فالقرآن ينص بوضوح على حرية الدين والاعتقاد؛ كقوله تعالى: Ra bracket.png لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ Aya-256.png La bracket.png

يقول الشيخ إبراهيم القطان قاضي قضاة الأردن رداً على من نطق حتى الإسلام نُشر بالسيف:
وهذه الآية من أكبر الحجج التي تبيّن عظمة الإسلام، فهي نص صريح على ان مبدأه هوحرية الاعتقاد. وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان واحترام ارادته ومشاعره. لقد هجر أمره لنفسه فيما يختص في الاعتقاد. وحرية الاعتقاد هي أول حقوق الإنسان. ومع حرية الاعتقاد هذه تتسار الدعوة للعقيدة. إذا الإسلام هوالدين الوحيد الذي ينادي بأن لا إكراه في الدين، والذي يبين لأصحابه قبل سواهم أنهم ممنوعون من إكراه غيرهم على اعتناقه.

روى الطبري عن ابن عباس ان رجلاً من الأنصار ينطق له الحصيني كان له ابنان نصرانيان، وكان هومسلما، فنطق للنبي: ألا أُكرههما على الإسلام،يا ترى؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أما الذين يقولون ان الإسلام قد انتشر بالسيف، فإنهم من المغرضين المفترين على الله. ذلك حتى الجهاد في الإسلام انما فُرض لرد الاعتداء ولحماية العقيدة، لا ليكرِه أحداً على الإسلام.

و

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي رداً على خصوم الإسلام الذين نطقوا كذباً وافتراءً إذا الإسلام انتشر بحد السيف:
من الذي قهر وأجبر أول حامل للسيف حتى يحمل السيف؟! والمسلمون ضعاف ومغلوبون على أمرهم، لا يقدرون على حتى يحموا أنفسهم، إنكم تقعون في المتناقضات عندما تقولون: إذا الإسلام نُشِرَ بالسيف. ويتحدثون عن الجزية رفضاً لها، فنقول: وما هي الجزية التي يأخذها الإسلام من غير المسلمين كضريبة للدفاع عنهم،يا ترى؟ لقد كان المسلمون يأخذون الجزية من البلاد التي دخلها الفتح الإسلامي، أي حتى هناك أناساً بقوا على دينهم. وما دام هناك أناس باقون على دينهم فهذا مرشد على حتى الإسلام لم يُكره أحداً. وقول الله: {لا إكراه في الدين [البقرة: 256] علته حتى الرشد واضح والغيّ واضح، وما دام الأمر واضحاً فلا يأتي الإكراه. لأن الإكراه يأتي في وقت اللبس، وليس هناك لبس، لذلك يقول الحق: {قد تبين الرشد من الغي [البقرة: 256]. وما دام الرشد بائنا من الغيّ فلا إكراه.

Ra bracket.png قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ Aya-28.png La bracket.pngRa bracket.png وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ Aya-99.png وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ Aya-100.png La bracket.pngRa bracket.png وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا Aya-29.png La bracket.pngRa bracket.png قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ Aya-1.png لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ Aya-2.png وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ Aya-3.png وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ Aya-4.png وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ Aya-5.png لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ Aya-6.png La bracket.pngRa bracket.png نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ Aya-45.png La bracket.pngRa bracket.png فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ Aya-21.png لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ Aya-22.png إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ Aya-23.png فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ Aya-24.png إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ Aya-25.png ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ Aya-26.png La bracket.pngRa bracket.png قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ Aya-104.png وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ Aya-105.png اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ Aya-106.png وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ Aya-107.png La bracket.png

آية السيف والنسخ في القرآن

في حين لم ترد حدثة "السيف" في القرآن ولولمرة واحدة، أطلق بعض المفسرين "السيف" على الآية الخامسة من سورة التوبة، ناسخين بها جميع آيات الصفح والعفووالتسامح والسلام الواردة بالقرآن الكريم. نطق ابن كثير: وهذه الآية الكريمة هي آية السيف، ونزلت ناسخة لجميع الآيات التي فيها الصفح والكف عن المشركين، آمرة بقتالهم.

يقول ابن الحصار علي بن محمد الأنصاري المتوفى سنة (611هـ):
"إنما يرجع في النسخ إلى نقل صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوعن صحابي يقول آية كذا نسخت كذا. نطق: وقد يحكم به عند وجود التعارض المقطوع به مع فهم التاريخ ليعهد المتقدم والمتأخر، نطق: ولا يعتمد في النسخ قول عوام المفسرين، بل ولا اجتهاد المجتهدين، من غير نقل سليم ولا معارضة بيّنة، لأن النسخ يتضمن حمل الحكم، وإثبات حكم تقرر في عهده صلى الله عليه وسلم، والمعتمد فيه النقل والتاريخ، دون الرأي والاجتهاد. نطق: والناس في هذا بين طرفي نقيض فمن قائل: لا يقبل في النسخ أخبار الآحاد العدول، ومن متساهل يكتفي فيه بقول مفسر أومجتهد، والصواب خلاف قولهما.

و

يقول الإمام ابن حزم الظاهري المتوفى سنة (556هـ):
"لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر حتى يقول في شيء من القرآن والسنة: هذا منسوخ إلا بيقين، لأن الله عزوجل، يقول: {وما أوفدنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله [النساء: 64]. ونطق تعالى: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم [الأعراف: 3]. فكل ما أنزل الله في القرآن، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فرض اتباعه. فمن نطق في شيء من ذلك إنه منسوخ، فقد أوجب حتى لا يطاع ذلك الأمر وأسقط لزوم اتباعه، وهذه معصية لله تعالى مجردة، وخلاف مكشوف إلى حتى يقوم برهان على صحة قوله، وإلا فهومفتر مبطل…".

الجهاد بمعاني أخرى

الجهاد له أربع مراتب: جهاد النفْس، والشيطان، والكفار والمنافقين، وأصحاب الظُّلْم والبِدَع والمنكَرات:

جهاد النفس

تحدث الفهماء في نوعي الجهاد: الظاهر والباطن لأهمية النوعين خصوصاً الباطن:

يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي:
وهذا في جهاد العدوالظاهر وهوجهاد الكفار، وكذلك جهاد العدوالباطن، وهوجهاد النفس والهوى، فإن جهادهما من أعظم الجهاد، كما نطق النبي المجاهد من جاهد نفسه في الله.

ونطق عبد الله بن عمر لمن سأله عن الجهاد:«ابدأ بنفسك فجاهدها، وابدأ بنفسك فاغزها.» ونطق بقية بن الوليد:«اخبرنا إبراهيم بن ادهم حدثنا الثقة عن علي بن أبي طالب نطق: أول ما تنكرون من جهادكم جهادكم أنفسكم.» وروى سعد بن سنان عن أنس عن النبي «ليس عدوك الذي إذا قتلته ادخلك الجنة، واذا قتلته كان لك نوراً، اعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك.» ونطق أبوبكر الصديق لعمر حين استخلف:

«إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك. فهذا الجهاد يحتاج أيضاً إلى صبر، من صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه غلبه وحصل له النصر والظفر، وملك نفسه، فصار عزيزاً ملكاً، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك، غلب وقهر وأسر، وصار عبداً ذليلاً أسيراً في يدي شيطانه وهواه.»

ويستشهد الفهماء:

يقول أبومحمد عبد الله بن أبي مرة في بهجة النفوس (71- 72 /2).:
الجهاد الأصغر وهوجهاد العدو، وكذلك الأمر في الجهاد الأكبر وهوجهاد النفس، وقد أشار مولانا جل جلاله لذلك بقوله (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) فمهما كبر الأمر جعل الفرج فيه أكبر، لأن أمر الشيطان والنفس أكبر، فجعل في الشيطان والظفر به نفس الملجأ كما أبلغ عز وجل، وجعل في النصرة على النفس الأخذ في مجاهدتها على لسان الفهم، فنطق عز وجل (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وجعل سبب العون على مجاهدتها حقيقة الاستعانة به عز وجل بقوله تعالى (إياك نستعين).

فجهاد النفس أربع مراتب أيضاً إحداها: حتى يجاهدها على تفهم الدين الثانية: حتى يجاهدها على العمل به بعد فهمه الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يفهمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله البينات ولا ينفعه فهمه ولا ينجيه من عذاب الله. الرابعة: حتى يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله. فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين، فإن السلف مجمعون على حتى العالم لا يستحق حتى يسمى ربانياً حتى يعهد الحق ويعمل به ويفهمه فمن فهم وعمل وفهم فذاك يدعى عظيماً في ملكوت السماوات.

طليعة سرية خيالة لمجاهدين في حقبة صدر الإسلام.
مجاهدين أنصار الدين في مالي في فترة الراحة على ظهر دوشكا.

جهاد الشيطان

أما جهاد الشيطان فمرتبتان إحداهما: جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشك في الإيمان. الثانية: جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات، فالجهاد الأولقد يكون بعده اليقين والثانيقد يكون بعده الصبر نطق تعالى: Ra bracket.png وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ Aya-24.png La bracket.png فأبلغ حتى إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين، فالصبر يدفع الشهوات والإرادات الفاسدة، واليقين يدفع الشكوك والشبهات.

جهاد الظالمين والمعتدين

وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات فثلاث مراتب الأولى: باليد إذا قدر، فإن عجز انتقل إلى اللسان، فإن عجز جاهد بقلبه. فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد، ومن توفي ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزوتوفي على شعبة من النفاق. ونطق الشيخ عبد العزيز بن باز :«الجهاد أقسام : بالنفس، والمال، والنادىء، والتوجيه والإرشاد، والإعانة على الخير من أي طريق، وأعظم الجهاد : الجهاد بالنفس، ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي والتوجيه، والدعوة كذلك من الجهاد، فالجهاد بالنفس أعلاها.»

الجهاد باعتبار الآلة

جهاد اليد

مر جهاد الكفار باليد في مراحل متنوعة بحسب الحال الذي كانت عليه أمة الإسلام:

يقول ابن القيم في زاد المعاد (3/159):
أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى حتى يقرأ باسم ربه الذي خلق وذلك أول نبوته فأمره حتى يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ، ثم أنزل عليه (يا أيها المدثر قم فأنذر) فنبأه بقوله {اقرأ وأوفده بـ{يا أيها المدثر . ثم أمره حتى ينذر عشيرته الأقربين، ثم أنذر قومه، ثم أنذر من حولهم من العرب، ثم أنذر العرب قاطبة، ثم أنذر العالمين، فأقام بضع عشرة سنة بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال ولا جزية ويؤمر بالكف والصبر والصفح. ثم أذن له في الهجرة، وأذن له في القتال. ثم أمره حتى يقاتل من قاتله ويكف عمن اعتزله ولم يقاتله. ثم أمره بقتال المشركين حتىقد يكون الدين كله له. ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام : أهل صلح وهدنة، وأهل حرب، وأهل ذمة.
جهاد الكفار فرض كفاية
يقول ابن قدامة في المغني (9 / 163).:
والجهاد فرض على الكفاية، إذا قام به قوم، سقط عن الباقين معنى فرض الكفاية الذي إذا لم يقم به من يكفي أثم الناس كلهم وإن قام به من يكفي سقط عن سائر الناس. فالخطاب في ابتدائه يتناول الجميع كفرض الأعيان، ثم يختلفان في حتى فرض الكفاية يسقط بعمل بعض الناس له، وفرض الأعيان لا يسقط عن أحد بعمل غيره والجهاد من فروض الكفايات، في قول عامة أهل الفهم.
يقول بن باز في فتاوى ابن باز (7/335):
سبق حتى بينا أكثر من مرة حتى الجهاد فرض كفاية لا فرض عين، وعلى جميع المسلمين حتى يجاهدوا في نصر إخوانهم بالنفس والمال والسلاح والدعوة والمشورة، فإذا خرج منهم من يكفي : سلم الجميع من الإثم، وإذا هجروه كلهم أثموا جميعاً. عملى المسلمين في المملكة وإفريقيا والمغرب وغيرها حتى يبذلوا طاقتهم، والأقرب فالأقرب، فإذا حصلت الكفاية من دولة أودولتين أوثلاث أوأكثر سقط عن الباقين، وهم مستحقون للنصر والتأييد، والواجب مساعدتهم ضد عدوهم ؛ لأنهم مظلومون، والله أمر بالجهاد للجميع، وعليهم حتى يجاهدوا ضد أعداء الله حتى ينصروا إخوانهم، وإذا هجروا ذلك أثموا، وإذا قام به من يكفي : سقط الإثم عن الباقين.
جهاد الكفار فرض عين

والجهاد العين على المسلمقد يكون في أربع حالات:

1) إذا جاء المسلم الصف
2) إذا جاء العدووحاصر البلدة
3) إذا استنفر الإمام الرعية
4) إذا احتيج إلى ذلك الشخص
يقول ابن عثيمين في الشرح الممتع (8/10):
يجب الجهاد ويكون فرض عين إذا جاء الإنسان القتال وهذا هوالمواضع الأول من المواضيع التي يتعين فيها الجهاد ؛ لقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أومتحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير الأنفال/16، وقد أبلغ النبي صلى الله عليه وسلم : حتى التولي يوم الزحف من الموبقات حيث نطق: اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها التولي يوم الزحف. متفق عليه إلا حتى الله تعالى استثنى حالتين : الأولى حتىقد يكون متحَرّفاً لقتال بمعنى حتى يمضى لأجل حتى يأتي بقوة أكثر. الثانية حتىقد يكون منحازاً إلى فئة بحيث يذكر له حتى فئة من المسلمين من الجانب الآخر تكاد تنهزم فيمضى من أجل حتى يتحيز إليها تقوية لها، وهذه الحالة يشترط فيها : حتى لا يخاف على الفئة التي هوفيها، فإن خيف على الفئة التي هوفيها فإنه لا يجوز حتى يمضى إلى الفئة الأخرى، فيكون في هذا الحالة فرض عين عليه لا يجوز له الانصراف عنه.

الثاني: إذا حصر بلده العدوفيجب عليه القتال دفاعاً عن البلد، وهذا يشبه من جاء الصف في القتال ؛ لأن العدوإذا حصر البلد فلا بد من الدفاع ؛ إذ إذا العدوسيمنع الخروج من هذا البلد، والدخول إليه، وما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هومعروف، ففي هذا الحال يجب حتى يقاتل أهل البلد دفاعاً عن بلدهم. الثالث : إذا نطق الإمام انفروا والإمام هوولي الأمر الأعلى في الدولة ولا يشترط حتىقد يكون إماماً للمسلمين ؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة، والنبي صلى الله عليه وسلم نطق: اسمعوا وأطيعوا ولوتأمر عليكم عبد حبشي، فإذا تأمر إنسان على جهة ما صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذاً، وأمره مطاعاً.

جهاد اللسان

جهاد الدعوة

هوالذب عن السنة وحراسة العقيدة، ورد بدع وضلالات أهل الأهواء، ونفي انتحال الغالين وتأويل الجاهلين أفضل أنواع الجهاد، والسر في ذلك حتى الذب عن السنة حفظ رأس مال الإسلام، وهومقدم على قتال المشركين لأن فيه طلب كسب في الإسلام، كما نطق الوزير ابن هبيرة. ونطق محمد بن يحيى الذهلي:«سمعت يحيى بن معين يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله، فقلت ليحيى: الرجل ينفق ماله، ويتعب نفسه، ويجاهد، فهذا أفضل منه؟! نطق: نعم، بكثير.» ونطق شيخ الإسلام ابن تيمية :«من الحكايات المشهورة التي بلغتنا حتى الشيخ أبا عمروبن الصلاح أمر بانتزاع مدرسة معروفة من أبي الحسن الأمدي، ونطق: أخذها منه أفضل من أخذ عكا.» نطق الشيخ حامد الفقي معلقاً «من الافرنج أيام احتلالهم لبعض بلاد الشام ومصر في المائة السادسة.»

يقول ابن القيم في جلاء الافهام ص 582 ـ.581:
فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين واتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أممهم والناس تبع لهم، والله سبحانه قد أمر رسوله حتى يبلغ ما أنزل اليه، وضمن له حفظه وعصمته من الناس، إلى غير ذلك المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ الله وعصمته إياهم بحسب قيامهم وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، لأن ذلك التبليغ يعمله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن، فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم.

وفي تقرير هذا الأصل:

يقول عبد الرحمن السعدي في وجوب التعاون بين المسلمين صثمانية ـ.7:
الجهاد نوعان: جهاد يقصد به صلاح المسلمين، وإصلاحهم في عقائدهم وأخلاقهم وجميع شؤونهم الدينية والدنيوية، وفي تربيتهم الفهمية والعملية وهذا النوع هوأصل الجهاد وقوامه، وعليه يتأسس النوع الثاني، وهوجهاد يقصد به دفع المعتدين على الإسلام والمسلمين، من الكفار والمنافقين والملحدين وجميع أعداء الدين ومقاومتهم.

أما المفاضلة بين أنواع الجهاد:

يقول ابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل «211/4 ـ 212».:
الجهاد ينقسم اقساما ثلاثة: أحدها: النادىء إلى الله تعالى باللسان والثاني: الجهاد عند الحرب بالرأي والتقدير والثالث: الجهاد باليد في الطعن والضرب. فوجدنا الجهاد باللسان لا يلحق فيه أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر ولا عمر، أما أبوبكر فان أكابر الصحابة اسلموا على يديه، فهذا أفضل عمل وليس لعلي من هذا كثير حظ، وأما عمر فانه من يوم أسلم عز الإسلام وعبد الله علانية، وهذا أعظم الجهاد، وقد أنفرد هذان الرجلان بهذين الجهادين اللذين لا نظير لهما، ولا حظ لعلي في هذا.

وبقى القسم الثاني، وهوالرأي والمشورة، فوجدناه خالصاً لأبي بكر ثم لعمر. بقي القسم الثالث وهوالطعن والضرب والمبارزة فوجدناه أقل مراتب الجهاد، ببرهان ضروري، وهوحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ريب عند جميع مسلم في أنه المخصوص بكل فضيلة فوجدنا جهاده صلى الله عليه وسلم إنما كان في أكثر أعماله وأحواله بالقسمين الاولين من النادىء إلى الله عز وجل والتدبير والإرادة وكان أقل عمله الطعن والضرب والمبارزة لاعن جبن، بل كان أشجع أهل الأرض قاطبة نفساً ويداً، واتمهم نجدة، ولكنه كان يؤثر الأفضل فالأفضل من الأعمال، فيقدمه ويشتغل به، ووجدناه يوم بدر وغيره كان أبوبكر لا يفارقه إيثاراً من النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك واستظهاراً برأيه في الحرب، وأنسا بمكانه، ثم كان عمر من الممكن شورك في ذلك، وقد انفرد بهذا الحل دون علي ودون سائر الصحابة إلا في الندرة.

ثم نظرنا مع ذلك في هذا القسم من الجهاد، الذي هوالطعن والضرب والمبارزة، فوجدنا عليا لم ينفرد بالسيوف فيه، بل قد شاركه فيه غيره شركة العيان، كطلحة والزبير وسعد، ومن اغتال في صدر الإسلام كحمزة، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، ومن الأنصار سعد بن معاذ، وسماك بن خرشة، يعني أبا دجانه، وغيرهما، ووجدنا أبا بكر قد شاركاه في ذلك بحظ حسن، وأن لم يلحقا بحظوظ هؤلاء وإنما ذلك لشغلهما بالأفضل من ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤازرته في حين الحرب، وقد بعثهما على البعوث أكثر مما بعث عليا، وقد بعث أبا بكر إلى بني فزارة وغيرهم، وبعث عمر إلى بني فلان، وما نفهم لعلي بعثاً إلا إلى بعض حصون خيبر ففتحه. فحصل أحمل الجهاد لأبي بكر وعمر، وقد شاركا علياً في أقل أنواع الجهاد مع جماعة غيرهم.

جهاد التعليم

القيام بالفهم وتحصيله ونشره هي وظيفة المرسلين وهوأفضل أنواع الجهاد، ولا شيء يعدل هذه الوظيفة، فضلاً عن حلاوتها التي يجدها القائمون بها، وكلام السلف كثير في تقرير هذا الأصل، نطق أبوهريرة رضي الله عنه «لأن أفهم باباً من الفهم في أمر ونهي أحب إلي من سبعين غزوة في سبيل الله.» وعن يحيى بن أبي كثير الأزدي نطق:«سألت ابن عباس رضي الله عنه عن الجهاد، فنطق: ألا أدلك على خير من الجهاد،يا ترى؟ فقلت: بلى، نطق: تبني مسجداً، وتفهم فيه الفرائض والسنة والفقه في الدين.»

ونطق الحسن البصري:«ما من شيء مما خلق الله أعظم عند الله في عظيم الثواب من طلب فهم، لا حج، ولا عمرة، ولا جهاد، ولا صدقة، ولا عتق، ولوكان الفهم صورة لكانت صورته أحسن من صورة الشمس والقمر والنجوم والسماء والعرش.» ونطق مسروق:«لأن أقضي يوما بحق أحب إلي من حتى أغزوسنة في سبيل الله عز وجل.»

أطفال موريتانيون يتفهمون اللغة العربية اللغة التي هبط بها القرآن على محمد .

ونطق الإمام الشافعي:«ليس بعد الفرائض شيء أفضل من طلب الفهم، قيل له: ولا الجهاد في سبيل الله،يا ترى؟ نطق: ولا الجهاد في سبيل الله.» ونطق ابن المبارك لأصحابه وهوفي الغزو«هل تفهمون عملاً أفضل من هذا،يا ترى؟ نطقوا: لا نفهمه، نطق: بلى أنا أفهمه، رجل متعفف محترف أبوعيال، قام من الليل، فوجد صبيانه مكشفين فغطاهم، وثار إلى صلاته.»

وهذه النقولات الكثيرة دالة على توافق أئمة السلف في فهم مقاصد الشريعة، ومن أعظم الأدلة على تفضيل الفهماء على الشهداء قوله تعالى (ومن يُطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) فقد جعل الله منزلة الفهماء فوق منزلة الشهداء في الجنة، والعلامة ابن بطال لما ساق قوله عليه السلام في جوابه لما سئل: أي الناس أفضل،يا ترى؟ فنطق عليه السلام «مؤمن يجاهد في سبيل الله علق بقوله: ليس على عمومه، ولا يريد أنه أفضل الناس قاطبة، لأن أفضل منه من أوتي منازل الصديقين، وحمل الناس على شرائع الله وسنن نبيه، وقادهم إلى الخيرات، وسبب لهم مسببات المنفعة في الدين والدنيا، لكن إنما أراد عليه السلام أفضل عامة الناس، لأنه قد يحدث في خاصتهم من أهل الدين والفهم والفضل والضبط بالسنن من هوأفضل منه.»

ونطق ابن بطال مبينا فضل الفهماء على المجاهدين والشهداء:

«إن طلب الفهم ينبغي انقد يكون أفضل من الجهاد وغيره، لأن الجهاد لاقد يكون إلا بفهم حدوده وما أحل الله منه وحرم، ألا ترى حتى المجاهد متصرف بين أمر العالم ونهيه، ففضل عمله كله في ميزان العالم الآمر له بالمعروف والناهي له عن المنكر والهادي له إلى السبيل، فكما ان أجر المسلمين كلهم مذخور للنبي عليه السلام من أجل تعليمه لهم وهدايته إياهم سبيل الفهم، فكذلك يجب انقد يكون أجر العالم فيه أجر من عمل بفهمه.»

ونطق أبوالعباس القرافي في وجه تفضيل الفهماء على الشهداء:«بسبب طاعة الفهماء لله بضبط شرائعه، وتعظيم شعائره التي من جملتها الجهاد، وهداية الخلق إلى الحق، وتوصيل معالم الأديان إلى يوم الدين، ولولا سعيهم في ذلك من فضل الله تعالى لانبتر أمر الجهاد وغيره، ولم يبق على وجه الأرض من يقول: الله، وكل ذلك من نعمة الله تعالى عليهم.»

انظر أيضاً

  • الخليفة
  • الأحكام السلطانية
  • السلفية الجهادية
  • فقه عسكري إسلامي
  • خوارج
  • حرورية
  • الحشاشون

المصادر

  1. ما هوالجهاد ? بقلم حمدي شفيق. نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  2. ^ انظر (الأسرار المرفوعة) للملا على القارى/الحديث رقم 480، 481 / طبعة دار الخط الفهمية ببيروت 1405 هـ. وانظر في معنى الجهاد : الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق - الجهاد ط دار المعارف المصرية.
  3. ^ تفسير ابن كثير (3/337).
  4. ^ تفسير ابن كثير (4/393).
  5. ^ مسلم (في الإيمان / ص 70) - وقد عدد الإمام ابن القيم 14 مرتبة من مراتب الجهاد- انظر : زاد المعاد.
  6. ^ متفق عيه : البخارى (10/403) ومسلم (4/1975).
  7. ^ البخارى في النفقات (7/80) الحلبى بمصر.
  8. ^ جامع المسائل (361/9)
  9. ^ القبس في شرح موطأ مالك بن أنس(579/2).
  10. ^ رواه البخاري في الادب المفرد 192/1 واسناده حسن.
  11. ^ رواه البخاري كتاب الجمعة باب المشي إلى صلاة الجمعة 453/2
  12. ^ وكذلك رواه في كتاب الجهاد باب من غبرت قدماه في سبيل الله 29/.6
  13. ^ رواه أبونعيم في فضيلة العادلين من الولاة ص130
  14. ^ ونطق السخاوي: رجاله ثقات الا سعيد بن بشير فهوصدوق
  15. ^ الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة ص 183 ـ.2.182
  16. ^ تفسير التحرير والتنوير/ تأليف: شيخ الإسلام محمد الطاهر بن عاشور، [سورة البقرة: الآية 190].
  17. ^ تفسير المنتخب/ تأليف: لجنة من فهماء الأزهر، [سورة التوبة: الآية 36].
  18. أحمد الطيب. "مفهوم الجهاد فى الإسلام 2". إتحاد فهماء الدين الإسلامي في كوردستان. مؤرشف من الأصل فيثمانية مارس 2017.
  19. ^ تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ تأليف: السيوطي، [سورة الحج: الآية 40].
  20. ^ أخرجه أبوعبيد القاسم بن سلام في كتاب "الأموال" (ص: 244، ط. دار الفكر)، وأبوعمر بن شبة النُّمَيْري في "تاريخ المدينة المنورة" (2/584-586، ط. دار الفكر)، وابن زنجويه في "الأموال" (2/449، ط. مركز فيصل للبحوث)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/266، ط. دار صادر)، والحافظ البيهقي في "دلائل النبوة" (5/389، ط. دار الخط الفهمية)، وذكره الإمام محمد بن الحسن الشيباني في كتاب "السير" (1/266، ط. الدار المتحدة للنشر).
  21. "تحريم الاعتداء على الكنائس". دار الإفتاء المصرية. مؤرشف من الأصل فيثمانية مارس 2017.
  22. ^ رواهما الإمام الطبري في "تاريخه" (2/449، ط. دار الخط الفهمية). نسخة محفوظة 08 مارس 2017 على مسقط واي باك مشين.
  23. ^ ذكره ابن خلدون في "تاريخه" (2/225، ط. دار إحياء التراث العربي).
  24. ^ نقلاً عن التسامح والعدوانية، صالح الحصين، ص (120-121).
  25. ^ تخريج الحديث نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  26. ^ الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أوالرقم: 313,شرح الطحاوية - الصفحة أوالرقم: 361.
  27. "الغاية من الجهاد وحكمة مشروعيته". دار الإفتاء المصرية. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019.
  28. ^ تفسير تيسير التفسير/ تأليف: إبراهيم القطان، [سورة البقرة: الآية 195].
  29. ^ القرآن والقتال ص89، ط. دار الفتح.
  30. ^ العلاقات الدولية في الإسلام، ص98، ط. دار الفكر العربي.
  31. ^ شبهات وإجابات حول الجهاد في الإسلام، تأليف: أ. د. علي جمعة، الناشر: جمهورية مصر العربية، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، نشر سنة 2002م، سلسلة دراسات إسلامية، تصدر في منتصف جميع شهر عربي، العدد 83، ص: 19.
  32. ^ شبهات وإجابات حول الجهاد في الإسلام، تأليف: أ. د. علي جمعة، الناشر: جمهورية مصر العربية، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، نشر سنة 2002م، سلسلة دراسات إسلامية، تصدر في منتصف جميع شهر عربي، العدد 83، ص: 20.
  33. د. سالم عبد الجليل. "القتال عندنا لمن قاتلنا وليس لمن خالفنا". مسقط المستشار - عبد الرحمن هاشم. مؤرشف من الأصل فيسبعة مارس 2017.
  34. ^ بقلم أ. د. حامد بن أحمد الرفاعي، الأمين العام المساعد لمؤتمر العالم الإسلامي، رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار، من كتابه (شركاء... لا أوصياء) الفصل الثاني
  35. ^ أنوار البروق في أنواع الفروق/ تأليف: شهاب الدين القرافي. نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  36. الدكتور محمد سيد طنطاوي. "طنطاوي:الفرق بين الإرهاب والجهاد واضح". شبكة الإعلام العربية «محيط». مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019.
  37. ^ الدكتور محمد سيد طنطاوي. "شيخ الأزهر: الفرق بين التطرف والجهاد كالفرق بين السماء والأرض". صحيفة الشرق الأوسط. مؤرشف من الأصل في 17 نوفمبر 2015.
  38. ^ الإسلام السياسي والمعركة القادمة/ تأليف: د. مصطفى محمود، الناشر: دار أخبار اليوم، ص: 21-22.
  39. ^ تفسير تيسير التفسير/ تأليف: إبراهيم القطان، [سورة البقرة: الآية 256].
  40. ^ تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي، [سورة البقرة: الآية 256].
  41. ^ الإتقان في علوم القرآن/ تأليف: جلال الدين السيوطي. نسخة محفوظة 02 يناير 2017 على مسقط واي باك مشين.
  42. ^ نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه/ تأليف: ابن الجوزي. نسخة محفوظة 20 نوفمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  43. ^ انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم 4/ 458.
  44. ^ أحمد الطيب. "مفهوم الجهاد فى الإسلام 1". إتحاد فهماء الدين الإسلامي في كوردستان. مؤرشف من الأصل فيثمانية مارس 2017.
  45. ^ جامع العلوم والحكم (460 ـ489/1) باختصار.
  46. حكم الجهاد وأنواعه بقلم الشيخ محمد صالح المنجد. نسخة محفوظة 05 أكتوبر 2013 على مسقط واي باك مشين.
  47. ^ رواه مسلم (1910)
  48. ^ انتهى من زاد المعاد (3 /تسعة – 11).
  49. ^ فتاوى الشيخ ابن باز (7 / 334، 335).
  50. ^ الافصاح عن معاني الصحاح «280/1».
  51. ^ سير اعلام النبلاء «518/10».
  52. ^ قض المنطق ص 156
  53. ^ الفقيه والمتفقة (16/1)
  54. ^ جامع بيان الفهم وفضله ص60، ص.105
  55. ^ مجموع رسائل ابن رجب (36/1).
  56. ^ مصنف ابن ابي شيبة (540/4).
  57. ^ المدخل إلى السنن ص.310
  58. ^ شرح حديث جبريل لشيخ الإسلام ابن تيمية ص.610
  59. ^ شرح سليم البخاري (8 ـ7/5).
  60. ^ شرح سليم البخاري (50 ـ49/5).
  61. ^ الفروق (375/2).

وصلات خارجية

  • تسمية "الغزوات" في السيرة النبوية لا ينفي أهدافها الدفاعية - دائرة الإفتاء العام الأردنية.
  • إشكالية جهاد الطلب بقلم أ. د. حامد بن أحمد الرفاعي رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار.
  • الجهاد أنواعه وضوابطه منطق بقلم الشيخ سعد البريك.
تاريخ النشر: 2020-06-02 03:07:21
التصنيفات: جهاد, فقه العبادات, مصطلحات إسلامية, مصطلحات عربية في الشريعة الإسلامية, مصطلحات عربية, مصطلحات فكرية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, صفحات لا تقبل التصنيف المعادل, مقالات مختلف على حياديتها منذ مايو 2016, جميع المقالات المختلف على حياديتها, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P227, صفحات تستخدم خاصية P268, بوابة الفقه الإسلامي/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة علوم إسلامية/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, بوابة محمد/مقالات متعلقة, بوابة صحابة/مقالات متعلقة, بوابة السياسة/مقالات متعلقة, بوابة الأديان/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بوتين وشي جينبينغ: ماذا يريد كل واحد من الآخر؟

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 18:16:41
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 85%

صيباري مهاجم إيندهوفن يختار تمثيل المغرب بدلا من بلجيكا

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 18:16:25
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 63%

رسميا/ روجر فيدرير (41 سنة) يعلن اعتزاله

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 18:16:30
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 51%

الريان القطري يعلن فسخ عقد الكولومبي رودريغيز بالتراضي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 18:16:27
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

الحموشي يستقبل مديرة المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 18:15:35
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 45%

هالاند: "حلمي هو لمس الكرة 5 مرات وإحراز 5 أهداف"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 18:16:26
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

اتهام روبياليس باستغلال أموال الاتحاد الإسباني لإقامة حفلات خاصة

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 18:16:29
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

تحميل تطبيق المنصة العربية