المدائح الدينية علي الأنغام الشعبية
المدائح الدينية علي الأنغام الشعبية
هناك الكثير من المدائح والترانيم الموضوعة علي أنغام أغاني شعبية أو أغاني مشهورة, مثل ترنيمة علي دير العدرا وديني, وترنيمة أخري موجودة في مخطوط قديم, مطلعها علي طريق السما وديني وهما وضعتا علي أنغام أغنية أم كلثوم علي بلد المحبوب وديني.
علي دير العدرا وديني
أمدح فيك بصوت رنان
تدعيني وأنا أجيك فرحان
أيا ريس وديني للعدرا
توضعها في بيتكم بركة
زاد فرحي والرب داعيني
يا شفيعة يا أم الديان
علي دير العدرا وديني
وأنا أديلك من ندري شمعة
علي دير العدرا وديني
والمديحة أو الترنيمة الأخري:
علي طريق السما وديني مشغول بالي وإبليس معاديني
يا يسوع بصوتك ناديني شوقي زاد وأنت تواسيني
يا يسوع أنا قلبي معاك طول الأيام مستني لقاك
تتمني عيني رؤياك أفرح بيك وأنت تعزيني
وقد وضعتا الترنيمتان علي أنغام أغنية أم كلثوم علي بلد المحبوب وديني:
علي بلد المحبوب وديني ذاد وجدي والبعد كاويني
يا حبيبي أنا قلبي معاك طول ليلي سهران وياك
وهناك ترنيمة أخري كانت متداولة في الأوساط الشعبية قديما والتي مطلعها:
يا مريم خبريني ع إللي قتل يسوع وقد صيغت علي أنغام الأغنية الشعبية القديمة يا بهية وخبريني ع إللي قتل ياسين.
يا مريم خبريني ع إللي قتل يسوع
قتلوه العبرانية علي الصليب مرفوع
وقف المسيح ربي بين عسكر وجنود
سأله الوالي وقاله أنت ملك اليهود
دخل بيلاطس البنطي وصرح ببيان
بعد البحث لم أجد علة في هذا الإنسان
وقد وضعت هذه الترنيمة علي أنغام الأغنية الشعبية القديمة يا بهية وخبريني ع إللي قتل ياسين:
يا بهية وخبريني ع إللي قتل ياسين
قتلوه السودانية من فوق ضهر الهجين
وياسين سايح في دمه وخايف منه الحكيم
وبهية في المحاكم شدت واحد وكيل
احكم بالعدل يا قاضي قدامك مظاليم
ومديحة يا ليلة بيضا ونهار سلطاني مدحك يا مريم يخزي الشيطان, ربما قد صيغت علي وزن كلمات ولحن الأغنية الشعبية يا ليلة بيضا يا نهار سلطاني يا حمامي يا ما عدي ولا جاني.
وفي خطاب أعده الراهب أنطونيوس السرياني (البابا شنودة الثالث) سنة 1957 بشأن مشروع جمع وتنقيح المدائح العربية يذكر هناك من المدائح الموضوعة علي نغمات أغاني شعبية, فمثلا المديحة المشهورة يا سلام ع العدرا روايحها عاطرة خارجة من الناصرة بفرح ومسرة هي مديحة موضوعة علي الأغنية الشعبية حمامة حلوة.. منين أجيبها والتي مطلعها: يا سلام علي الفلة.. روايحها هالة, وكذلك مديحة يا موالي ساعدوني وكذلك مديحة عروسة مع الدلال بيضة والتمن غالي والأخيرة علي الرغم من طابعها الأرثوذكسي لفظا إلا أنه من المرجح أنها وضعت علي نغمات إحدي الأغاني الشعبية.
وليس غريبا انتشار هذه الظاهرة فنجدها عند بعض كبار الموسيقيين والمغنين.
نري أن فيروز قد غنت بعض أغانيها علي ألحان مأخوذة من موتسارت, وبتهوفن وقدمت بعض الترانيم المعربة عن أعمال عالمية أجنبية.
وفي مصر تأثر سيد درويش بالموسيقي الدينية والموسيقي الكنسية سواء في اللحن أو في الصياغة أو أسلوب الأداء, ففي لحنه ياللي تحب الورد يتشابه مع اللحن القبطي سوتيس أمين.
وفي لحنه تجار العجم تأثر بالأداء الكنسي في المقطع أمان وكذلك استخدم محمد عبدالوهاب مقام الجهاركاه المصري وهو مقام كنسي قبطي شديد الخصوصية ولا يؤدي إلا في مصر, كما تأثر رياض السنباطي بالألحان الكنسية في بعض ألحانه منها سهران لوحدي وشمس الأصيل, وظهر تأثر فريد الأطرش بالألحان الكنسية في عدة ألحان منها جري إيه يا عزالنا.
ونري أيضا مقطع ياللي رضاك أوهام من منولوج سهران لوحدي كلمات أحمد رامي وألحان السنباطي وغناء أم كلثوم, يتشابه مع اللحن القبطي تنين أوثين الذي يؤدي في شهر كيهك وفي تسبحة نصف الليل.
ويتشابه أحد الألحان الدينية الإسلامية الشعبية والتي تقال أثناء مراسم تشييع جنازة أحد المسلمين وهو الله يا دايم هو الدايم ولا دايم غير الله مع اللحن القبطي:
كيرياليسون ثوك تيتجوم يا رب ارحم الذي يقدم في أسبوع الآلام وألحان الجمعة العظيمة.
وهذه المدائح الموضوعة علي ألحان أغاني شعبية ربما يرجع ذلك إلي جمال اللحن وقربه إلي وجدان الجماعة الشعبية, وإيجاد حالة من التمازج والتماهي بين ما هو ديني وما هو شعبي ليس هذا فحسب بل نري صبغ المسيحية بالصبغة المصرية, أو تمصير المسيحية, ويدلنا ذلك علي الروح القومية لدي الأقباط.
وقد تنسي الأغنيه الأصلية وتبقي المديحة أو الترنيمة التي تزداد انتشارا في الأوساط الشعبية, وقد تدخل مثل هذه المدائح والترانيم إلي داخل الكنيسة وتصبح تراثا مسيحيا, مثلما تخرج بعض المدائح الكنسية إلي الشعب لتصبح تراثا شعبيا قبطيا, وفي النهاية هو تراث شعبي مصري, ونري التمازج والتماهي بين ما هو ديني.
وندعو في نهاية بحثنا هذا إلي سرعة جمع التراث الشعبي القبطي من كل أنحاء مصر, وننادي بأن يفتتح قسم خاص بالتراث الشعبي القبطي ضمن جامعاتنا المصرية وضمن مواد معهد الدراسات القبطية, علي أن يقوم عليه أساتذة متخصصون في هذا اللون من التراث حفاظا علي هويتنا المصرية.