الأنزيم..المحرك الوحيد للجسم البشري
الأنزيم..المحرك الوحيد للجسم البشري
الجديد في العلم
لم ير إنسان في حياته لكن مليارات من هذه الأجهزة الكيميائية تعمل في جسم الإنسان بصفة دائمة, ولو لم تقم الأنزيمات بعملها علي أكمل وجه فلن تستطيع رفع أصبع واحد من أصابعك. أو تبتسم أو تهضم وجبة من الوجبات. وتقوم بأي عمل جسماني آخر.
وجمع النباتات والحيوانات تحتوي علي جيوش من هذه المركبات الكيميائية المعقدة, ولا يعرف أحد الآن أنواع الأنزيمات المختلفة التي تعمل في الجسم البشري, ولكن أحد العلماء استطاع أن يحصي هذه الأنواع بعشرة آلاف نوع, ورغم أن الميكروسكوبات الإلكترونية تستطيع أن تكبرها مليون مرة, إلا أن الأنزيم يخدع العين البشرية دائما, لذلك يعمد علماء وأساتذة الجامعات إلي النظر إلي الأنزيمات خلال أشعة إكس, للكشف عن أسرارها.
يقول دكتور جوزيف كراوت أستاذ الكيمياء بمركز البحوث العلمية والمعهد الوطني للصحة العامة بالولايات المتحدة, لكي يقرب موضوع الأنزيمات إلي ذهن القارئ:
عندما تدلف إلي سيارتك فإنك تجد نفسك عادة محاطا بكتل صماء من البلاستيك والمعادن والزجاج, ولا شيء يحدث إلا بعد أن تضغط علي زر المحرك لتشعل شرارة, ويدور المحرك, وفي الحال تعمل جميع أجهزة السيارة من أسلاك ومسامير وأنابيب, والواقع أن الزر الذي ضغطت عليه كان الواسطة لتحريك المحرك. وقد استطاع أن يحول كتلة صماء من الحديد والنحاس والمعادن الأخري إلي شيء يتحرك ويتنفس, وبنفس المعني يمكن أن يقال إن الأنزيم هو محرك حركة ردود الفعل التي تجعل الجزيئات تقوم بعملها.
وفي الصناعة نري أن هذه الأنزيمات تحرك ردود الفعل التي تغير السكر إلي كحول, وتطري اللحوم وتصبغ الجلود وتحول اللبن إلي جبن, وتنقي الخمور, وتزيل البقع, ومثلها مثل الخميرة في صناعة الخبز, فإنها تجعل العجين يخمر, والأعمال التي تقوم بها الأنزيمات في المملكة الحيوانية والنباتية. وفي الصناعة, وفي الطب غير محدودة.
والعالم كراوت من أعظم علماء هذا العصر, واحد أقطاب الباحثين في الهيئة التي تبدو عليها الأنزيمات, وكيف تقوم بعلمها في الجسم البشري, وعن طريق عجائب الأجهزة الحاسبة [كومبيوترز] وتكنولوجيا أشعة إكس, يريد كراوت أن يري ما لم تره العين البشرية من قبل.. وفي ذلك يقول: لو استطاع الكيميائيون معرفة هندسة بناء جزيئات الأنزيمات. فإنهم سوف يستطيعون بناء أنزيمات حسب الطلب, وقد يعني ذلك تحقيق تقدم كبير في الطب والصناعة وفي الإنسان ذاته, فكل خطوة مسئولة عن سير الحياة في أدق الخلايا, وفي أضخم الحيوانات كالفيلة أو الحيتان يسيطر عليها أنزيم تكوينها ذو الأبعاد الثلاثة.
وعلي عكس الخلايا التي تعد وحدات ذاتية حية, نجد أن الأنزيمات جادة ساكنة عديمة الحركة, ولكنها من الناحية الكيميائية نشطة ومن الناحية البيولوجية ميتة, وهي في الواقع عبارة عن جزيئات كيميائية بالغة التعقيد تكون عادة نوعا خاصا من البروتينات .
وتصنع الخلايا الأنزيمات التي تقوم بخدماتها. أي أن الخلايا تصنع الأنزيمات التي تقوم بدورها في إدارة الفعل التي تنتهي في الخلية كمورد هام بإطعامها وإمدادها بكل ما هو ضروري لبنائها.
وكما تفعل كل البروتينات. فإن كل خلية تحتوي علي سلسلة من الأحماض الأمينية والمعروفة باسم قوالب البناء للحياة, ومنها عشرون نوعا مختلفا ولكي نعطي صورة واضحة للأنزيم, يمكن تخيل مسبحة كل حبة منها تمثل حامضا أمينيا, والخط الذي يربط كل حبة بأخري يمثل القيد الذي يربط الأحماض الأمينية بعضها ببعض! فإذا رفع الإنسان حبات المسبحة من طرف واحد ثم لفها علي هيئة كرة, فإن اللفة تمثل هنا تكوينا ذا ثلاثة أبعاد للأنزيم.
***
إن خطأ واحدا في سلسلة التفاعل الكيميائي قد يخرج الأنزيمات عن طريق عملها أو بسبب اضطرابها, فأنزيم واحد مختل قد يثير بعض أخطاء أخري تؤثر في غيرها. وأخيرا تموت الخلية, ويقول أحد الباحثين: إن الأنزيمات المختلفة التي تتجمع ببطء في جسم الإنسان قد تسبب شيخوخة الخلايا, وكل العقاقير الطبية لها تأثيرها المباشر علي الأنزيمات فإذا تعاطيت قرصا من الأسبرين فإن جزيئاته تذهب إلي الأنزيم, وتقوم بعمل ما يختفي علي أثره الصداع.
وإذا استطاع الإنسان أن يبعد الأنزيمات حسب الطلب, فإن الجينات المعدلة تستطيع والحالة هذه أن تنتج أطفالا عيونهم زرقاء أو بنية اللون, بل وستتحكم في جنسهم أولاد وبنات, حسب رغبة الوالدين, وتزيد من قدرة المخ, وتمد من حياة الإنسان بمعني أن الأنزيمات سوف تصبح المهندسين البيولوجيين لعالم الغد.