الزلزال يقيس “مواطنة” أثرياء المغرب وأرباب المحروقات والأبناك والمتاجر الكبرى والطرق السيارة والشركات


 

تضع مأساة الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مناطق بالمغرب مخلفا خسائر هائلة في الأرواح وفي الممتلكات، مواطنة عدد من أثرياء المملكة وكذا الشركات، أمام اختبار حقيقي، في وقت يكتب فيه المغاربة، من مختلف الأوساط والأعمار والفئات، قصة ملحمة تضامنية مبهرة توحدت فيها الأفئدة والسواعد للمساهمة في إغاثة المنكوبين والتخفيف من أهوال أعنف زلزال ضرب أفقر مناطق البلاد.

 

ومنذ اللحظات الأولى التي أعقبت الإعلان عن وجود ضحايا إثر الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز الجمعة الفائتة، هبّ المغاربة، بشكل عفوي، لمد يد العون والوقوف إلى جانب إخوانهم في هذه الفاجعة الأليمة. أشكال الدعم والتضامن، تنوعت حسب مقدرة كل فرد على حدة؛ ففضلا عن اقتناء مواد غذائية وأساسية وأفرشة وألبسة وأدوية وإرسالها إلى القرى والمداشر المتضررة، سخَّر آخرون سياراتهم لإيصال المساعدات مجانا، فيما توجّه الكثيرون إلى مراكز التبرع بالدم من أجل منح قطرات من دمائهم إلى الجرحى، بينما نجح مغربيان آخران في توفير الإنارة والأنترنت بإحدى المناطق المتضررة من الزلزال، عبر أقمار “سبيس إكس” وشبكة “ستارلينك”.

 

هذا المد التضامني الجارف الذي أحيى، من جديد، قيم التلاحم والوحدة والتآزر المجبول عليها الشعب المغربي، مخففا، نوعا ما، من فداحة المصاب الأليم، كان محط تقدير وإعجاب، على نطاق واسع، من قبل الصحافة الأجنبية وعدد من المتتبعين الذين أشادوا بالشخصية المغربية المتفردة وبتلاحمها في السراء والضراء؛ لكنه يقيس بالمقابل درجة الـ”تمغرابيت” عند الأشخاص الذاتيين الذين يراكمون الثروة، وأولئك الذين تتصدر أسماؤهم قائمة أغنياء القارة في مجلة “فوربس”.

 

ومثلما أظهرت، للعالم، هذه الكارثة الإنسانية أجمل ما في قلوب المواطنين البسطاء، أثبتت بالمقابل جشع شركات المحروقات والأبناك والمتاجر الكبرى والطرق السيارة ومتعهدي الاتصالات والمختبرات الخاصة وباقي الشركات، الذين يراكمون أرباحا فاحشة، لكنهم لم يبادروا إلى تقديم مساعدات للقوافل التضامنية التي شقت الطرق مواصلة الليل بالنهار لدعم الضحايا، الأمر الذي اعتبره رئيس مؤسسة مغرب الجهات سعيد الخمسي، “غير مقبول إطلاقا”.

 

وقال الخمسي في تصريح لـ”الأيام24″: “في وضعية الأزمات كهذه التي تمر بها بلادنا، يجب أن يكون التضامن جماعيا، وألا يقتصر على مؤسسات الدولة والمواطنين فقط، بل يجب أن يأخذ أبعادا أخرى ليشمل المؤسسات البنكية وشركات المحروقات والطرق السيارة والأسواق التجارية وغيرها”.

 

وحذّر المتحدث من تحول المأساة إلى أداة ربحية، مثلما هو الحال بالنسبة للمؤسات البنكية التي تقتطع من حسابات المتبرعين نظير تحويلها مساهماتهم إلى الصندوق الخاص بدعم متضرري الزلزال، منتقدا أيضا استخلاصها 10 في المائة من تحويلات مغاربة العالم للصندوق المذكور. وأردف الخمسي مستنكرا: “كيف يعقل أن مغربيا يريد المساهمة بـ100 درهم فقط، يقتطع البنك من حسابه 17 درهما؟!”

 

كما انتقد الفاعل المدني عينه ممارسات الأسواق التجارية الكبرى، لافتا إلى أنها تستخلص 20 في المائة كضريبة على القيمة المضافة عند اقتناء المتبرعين المواد الغذائية تضامنا مع الأهالي في المناطق المتضررة،

 

كذلك، توقف الخمسي ضمن حديثه مع “الأيام 24″، عند جشع أرباب المحروقات وشركة الطرق السيارة، مبرزا أن ” الآلاف المؤلفة من وسائل النقل التي تؤمن نقل المساعدات الغذائية والأفرشة وغيرها من المؤن، توجهت إلى المناطق المنكوبة، لكنها تؤدي ثمن الغازوال بسعر مرتفع وغير معفية من واجبات “لوطوروت”، مع العلم أننا في وضع خاص واستثنائي”.

 

وأضاف الخبير في التواصل السياسي، أن الفاعلين في قطاع الاتصال أخلفوا بدورهم موعدهم مع التاريخ، مشيرا إلى أن “المعروف هو أن أول ما يضرب في الأزمات هو نظام التواصل، وهذا بالضبط ما عشناه عقب حدوث الزلزال، ولقد كان هناك ضغط كبير من قبل مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بإطلاق الخطوط في الأماكن المنكوبة. الشركات لم تقم بذلك، فهل تعتقد هذه الشركات أن مواطنا في الحوز سيجري اتصالا ليحكي النكت مثلا؟!.. بل القصد من وراء تلك المطالب هو تمكين المواطنين هناك من سبل التبليغ عن حالات خطيرة أو ما شابه”.

 

هذه الصور القبيحة التي تخدش ملحمة التآزر الوطنية، تعود، وفق الخمسي، إلى عدة عوامل، أبرزها غياب قانون ينظم مثل هذا النوع من السياقات، موضحا أن “هناك اجتهاد قانوني في الجرائم التي تقترف أثناء أوقات الكوارث يعتبر عقوبتها مضاعفة وموجبة للتشديد، لكننا لا نملك قانونا يؤطر العمليات التجارية أثناء الكوارث”.

 

سعيد الخمسي، شدد ضمن تصريحه على أن هذه الممارسات “تضرب اللحمة الوطنية وروح التضامن الجماعية، وتولد شعورا سلبيا لدى المواطنين المتبرعين بالإحباط وانعدام الثقة”، متابعا: “الناس سيفقدون الثقة وسيتساءلون كيفاش واحد عندو الملايير لم يتضامن وأنا ما عنديش وأساهم؟”. على حد تعبيره.

تاريخ الخبر: 2023-09-12 18:10:53
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 71%
الأهمية: 73%

آخر الأخبار حول العالم

محامي التازي: موكلي كشف أمام المحكمة أشياء كانت غائبة عنا جميعا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 21:26:14
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

محامي التازي: موكلي كشف أمام المحكمة أشياء كانت غائبة عنا جميعا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 21:26:18
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية