يشير الموت والدمار المذهلان اللذان أحدثتهما عاصفة البحر الأبيض المتوسط ​​«دانيال» في شمال شرق ليبيا إلى شدة العاصفة وضعف البنية التحتية في العديد من المناطق التي مزقتها الفوضى لأكثر من عقد من الزمان، ووصلت المساعدة الخارجية إلى المدينة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 89 ألف نسمة «درنة»، بعد أكثر من 36 ساعة من وقوع الكارثة. حيث تسببت ​​«دانيال» في فيضانات مدمرة، وكسرت السدود وجرفت أحياءها ودمرت العديد من الطرق، واكتشف عمال الطوارئ مئات الجثث في حطام درنة، ويخشى أن يرتفع عدد القتلى مع الإبلاغ عن أن 10000 شخص ما زالوا في عداد المفقودين.

أمطار هائلة

وغالبًا ما تحدث الفيضانات في ليبيا خلال موسم الأمطار، ولكن نادرًا ما يحدث هذا القدر من الدمار. وكان السؤال الرئيسي هو كيف تمكنت الأمطار من اختراق السدين خارج درنة - سواء بسبب سوء الصيانة أو بسبب كمية الأمطار الهائلة.

وقال كارستن هوستين، عالم المناخ والأرصاد الجوية بجامعة لايبزيغ، في بيان له، إن دانييل ألقى 440 ملم (15.7 بوصة) من الأمطار على شرق ليبيا في وقت قصير.

وقال: «ربما لم تتمكن البنية التحتية من التكيف، مما أدى إلى انهيار السد»، مضيفًا أن الارتفاعات الناجمة عن النشاط البشري في درجات حرارة سطح الماء من المحتمل أن تزيد من شدة العاصفة.

حيث أهملت السلطات المحلية درنة لسنوات. «حتى جانب الصيانة كان غائباً بكل بساطة. وقال جلال حرشاوي، الزميل المشارك المتخصص في ليبيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن ومقره لندن: إن كل شيء ظل يتأخر.

عدد أكبر

وأظهرت لقطات مصورة عشرات الجثث مغطاة بالبطانيات في ساحة أحد المستشفيات. وأظهرت صورة أخرى مقبرة جماعية مكدسة بالجثث. وقال وزير الصحة في شرق ليبيا إنه تم جمع أكثر من 1000 جثة، بما في ذلك 700 على الأقل تم دفنها حتى الآن. وقدرت هيئة الإسعاف في درنة عدد القتلى الحالي بـ 2300.

لكن تامر رمضان، مبعوث الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إلى ليبيا، قال إن من المرجح أن يكون عدد الضحايا أكبر، بالآلاف. وقال في مؤتمر صحفي للأمم المتحدة في جنيف عبر الفيديو من تونس إن ما لا يقل عن 10 آلاف شخص ما زالوا في عداد المفقودين.

و إن الوضع في ليبيا «مدمر مثل الوضع في المغرب»، في إشارة إلى الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة مراكش مساء الجمعة.



انهيار السدود

ووقع الدمار في درنة وأجزاء أخرى من شرق ليبيا مساء الأحد. وبينما ضربت العاصفة الساحل، قال سكان درنة إنهم سمعوا انفجارات مدوية وأدركوا أن السدود خارج المدينة انهارت. واندلعت فيضانات مفاجئة في وادي درنة، وهو نهر يمتد من الجبال عبر المدينة إلى البحر.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرها السكان على الإنترنت مساحات كبيرة من الطين والحطام، حيث جرفت المياه الهائجة الأحياء على ضفتي النهر. والمباني السكنية متعددة الطوابق التي كانت في السابق بعيدة عن النهر، تمزقت واجهاتها وأنهارت الأرضيات الخرسانية. وتركت السيارات التي رفعها الفيضان ملقاة فوق بعضها البعض.

وقام المستجيبون المحليون للطوارئ، بما في ذلك القوات والعاملون الحكوميون والمتطوعون والسكان، بالحفر بين الأنقاض بحثًا عن القتلى. كما استخدموا قوارب مطاطية لانتشال الجثث من الماء.

وقال وزير الصحة في شرق ليبيا عثمان عبد الجليل إنه يعتقد أن العديد من الجثث محاصرة تحت الأنقاض أو جرفتها الأمواج إلى البحر الأبيض المتوسط.



الإمدادات الطبية


وأرسلت حكومة غرب ليبيا ومقرها طرابلس طائرة تحمل 14 طنا من الإمدادات الطبية والعاملين الصحيين إلى بنغازي.

كما وصلت إلى بنغازي طائرة تقل مساعدات إنسانية وفرق إنقاذ من مصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة.

ولم يتضح مدى السرعة التي يمكن بها نقل المساعدات إلى درنة، على بعد 250 كيلومترا شرق بنغازي، نظرا للظروف على الأرض. ودعا أحمد أمدور، مسؤول بلدية درنة، إلى إنشاء ممر بحري لتوصيل المساعدات والمعدات.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند على منصة إكس، المعروفة سابقا باسم تويتر، إن الولايات المتحدة تنسق مع الأمم المتحدة والسلطات المحلية لتقييم أفضل السبل لاستهداف المساعدة الأمريكية الرسمية.

وقررت الجزائر، بتكليف من رئـيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إرسال مساعدات إنسـانية واستعجالية إلى ليبيا.

وسيتم إرسال المساعدات الإنسانية الهامة إلى ليبيا عن طريق جسر جوي مُكوّن من 8 طائرات تابعة للجيش الوطني الشعبي.

كارثة مأساوية

ووصفت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس الوضع في ليبيا بأنه «كارثة مأساوية».

وفي الوقت نفسه، لفتت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إلى اختفاء «أحياء بأكملها» في درنة حيث «جرفت المياه سكانها بعد انهيار سدين قديمين، ما جعل الوضع كارثيا وخارجا عن السيطرة».



العاصفة دانيال:


ضربت مناطق أخرى في شرق ليبيا، بما في ذلك مدينة البيضاء

غمرت المياه المركز الطبي في البيضاء، وهو المستشفى الرئيسي، وتم إجلاء المرضى

نزحت مئات الأسر ولجأت إلى المدارس والمباني الحكومية الأخرى في بنغازي وأماكن أخرى في شرق ليبيا.

ومن بين المدن الأخرى التي عانت منها هي سوسة والمرج وشحات، بحسب الحكومة