وجه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، خطابا للشعب المغربي، وذلك عبر مقطع فيديو نشره على منصة إكس “تويتر سابقا”.

الخطاب الذي وجهه الرئيس ماكرون بطريقة مباشرة للشعب المغربي، وليس عبر قنوات رسمية، كان للحديث عن الزلزال الذي ضرب مناطق عديدة بالمملكة المغربية، إذ طالب الرئيس إعلام بلاده  بوقف الجدل حول عدم سماح المغرب لفرنسا بالمشاركة أعمال إغاثة ضحايا الزلزال بالقول إنه “ما كان يجب أن يكون”، مضيفا أن المغرب بقيادة الملك محمد السادس، دولة ذات سيادة لها كل الحرية في قبول مساعدة من يشاء.

توجيه ماكرون خطابا للمغاربة في هذا السياق العصيب الذي تمر به المملكة، لم يرق الكثير المغاربة، من بينهم سياسيون إعلاميون وأكادميون، حيث اعتبروا أن ماكرون تجاوز حدود اللباقة والبروتوكول والأعراف الديبلوماسية المتعارف عليها، وأن المغاربة ليسوا في حاجة إلى أقواله وخطاباته، مؤكدين أن الوحيد المؤهل دستوريا وشرعيا وتاريخيا لتوجيه خطاب للشعب المغربي هو الملك محمد السادس.

أمر غير مقبول

تعليقا على الموضوع، قال الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، إن الرئيس الفرنسي ماكرون هو “رئيس منحوس” بالدارجة المغربية، باعتبار أنه دائما ما يثير المشاكل في الوقت الذي يريد فيه أن يحلها، ويثير الحفيظة والغضب في الوقت الذي يريد التهدئة، وهذا في تقدير نورالدين ، يسري على تدبيره للشأن السياسي الداخلي لفرنسا، كما يسري على تدبير علاقاتها الخارجية، ليس مع المغرب فحسب ولكن حتى مع حلفاء باريس، مشيرا إلى الأزمات غير المسبوقة مع إيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة والتي بلغت حد سحب السفراء في بعض الحالات.

وبخصوص مخاطبة ماكرون الشعب المغربي بطريقة مباشرة وليس عن طريق قنوات رسمية، أكد عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية، في تصريحه لـ”الأيام 24″، أن مخاطبة رئيس دولة لشعب دولة أجنبية بشكل مباشر أمر غير مقبول، ولا يحترم الأعراف والقواعد المرعية في العلاقات الدبلوماسية بين الدول.

ولكن في حالة الرئيس ماكرون، فأستطيع القول أنه استدرك الأمر في نفس الخطاب، وفسر من المعني بالخطاب حين قال بأنه يقصد “العائلات التي تعيش بين فرنسا والمغرب”، بمعنى آخر يقصد المغاربة المقيمين بصفة طويلة في فرنسا إما للعمل أو الدراسة أو غيرها من الأسباب، وهم يقدرون بحوالي مليون مغربي، منهم من يحملون الجنسية الفرنسية، وبالتالي أعتقد أنه من حقه أن يخاطبهم مباشرة كجالية مقيمة فوق أرضه وخاضعين للقانون الفرنسي. وفق قول نورالدين .

احترام سيادة المغرب

وأضاف نائب مدير تحرير مجلة “الشؤون الخارجية”، أن ماكرون خلال تلك الكلمة القصيرة التي لم تتجاوز الدقيقتين، حرص على التأكيد على احترامه للقرار السيادي للملك وللحكومة المغربية وكرر ذلك مرتين، وأضاف أنه يقف إلى جانب المغرب اليوم وغدا، وأنه يضع المساعدات رهن إشارة الحكومة والشعب المغربيين على المدى الطويل، وفي المجالات التي تراها الحكومة المغربية مناسبة.

وأور المتحدث ذاته أن الموضوعية تقتضي أن نقول بأن كلمة الرئيس الفرنسي كان فيها الكثير من التضامن مع ضحايا زلزال الحوز، وكان فيها كثير من اللباقة والاحترام لملك المغرب وحكومته ولشعب المغرب، داعيا إلى إلى عدم خلط  كل الأوراق، وإلى التعامل بما يقتضيه المقام، وهذا لا يعني أنه ليست هناك قضايا استراتيجية بالنسبة للمغرب.

وسجل نور الدين أنه على فرنسا أن تقوم فيها بالمراجعات السياسية الضرورية، وعلى رأسها الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه الغربية، خاصة وأن فرنسا كانت شريكة لإسبانيا في جريمة تقسيم اراضي المملكة واقتطاعها سواء في الصحراء الشرقية او الغربية، وكما قلت دائما لولا تدخل الجيش الفرنسي لفك الحصار عن الجيش الإسباني في العيون في معركة إكوفيون سنة 1958 لكان جيش التحرير المغربي قد استكمل تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب قبل استقلال الجزائر التي تحتضن وتمول وتسلح الانفصاليين، مضيفا أن فرنسا كانت تعلم أن تحرير الصحراء الغربية المغربية كان يعني تحول جيش التحرير المغربي نخو تحرير الصحراء الشرقية التي ضمتها باريس إلى الجزائر الفرنسية آنذاك.

وبحسب المتحدث فإنه من الضروري الاستمرار في الضغط على فرنسا لتصحيح الخطأ التاريخي في حق المغرب وحدوده الحقة والتاريخية، ولكن بالأسلوب الذي يحفظ مصالح المغرب، ويتناسب مع مكانة المملكة المغربية، التي لها حضارة وعمق تاريخي يقدر لأزيد من 12 قرنا، ولها تقاليد دبلوماسية وبعثات وسفراء لدى الدول الأوربية منذ ما لا يقل عن أربعة قرون.