رسالة مفتوحة للفريق أول عبد الفتاح البرهان في الساعة الخامسة والعشرين.. حوار حول جدوى تشكيل حكومة مؤقتة!!


الرأي اليوم

صلاح جلال

رسالة مفتوحة للفريق أول عبد الفتاح البرهان في الساعة الخامسة والعشرين.. حوار حول جدوى تشكيل حكومة مؤقتة!!

«1»

* حرب 15 أبريل الممتدة لشهرها السادس اليوم تشكل تهديد جدي وخطر وجودي للبلاد، لا تحتمل التهريج السياسى والأحلام الصغيرة، والمزايدة بين القوى المتنافسة على السلطة والثروة، لقد أضعف حكم الإنقاذ مفاصل الدولة ومؤسساتها كافة خلال الربع قرن المنصرم، بالتسييس والموالاة للمحاسيب وإقصاء وتجريف الكفاءات وتفكيك تقاليد الخدمة المدنية المحايدة والمستقلة، فقد أقام المخلوع عمر البشير دولة كليبتوقراطية زبائنية حتى المشاش، قامت على كارتيل السلطوية  تحالف (الأمن- الفساد- النفوذ) قادتها نخب سياسية إنتهازية ومجتمعية وفى الأجهزة الأمنية (الجيش- الشرطة- الأمن) مثقوبة الضمير الوطني، كان هدفها الرئيسى الحفاظ على السلطة وحيازة كل الثروة مهما كانت التكلفة، سقط حزب الإنقاذ المحلول بفضل النضال المتراكم والنهوض الجماهيري الواسع وبلوغ الكتلة الشعبية الحرجة التى قادت تفاعلاتها إلى إنقسام الكتلة المسيطرة القرص الصلب فى النظام الشمولى فإنحازت اللجنة الأمنية لشعارات الجماهير من باب التقية والإنحناء للعاصفة والإنتقام من بعض زملائهم السابقين وإعادة إنتاج النظام تحت قيادتهم  وهم فى ذلك لم يختلفوا عن سيناريوهات  سقوط الأنظمة الديكتاتورية فى التاريخ *كما أوردها كتاب الانظمة السلطوية ترسيخها وإنهيارها* للمؤلفين بربرا غيديس- جوزيف رايت- إيريكا فرانتز، لقد أفسد إنفلات الجماهير وطلاقتها خطة اللجنة الأمنية الأولى فإنحنت بقبول الوثيقة الدستورية المؤقتة وقد حذرنا وقتها الحزب الشيوعي ولم نأخذه على محمل الجِد  بمنطق قبول المساومة الذى قمنا عليه عملت اللجنة الأمنية على كسب الوقت لمزيد من التدبير والتخطيط لإستعادة السلطة فإنتجت أربعة إنقلابات فلولية متتالية خلال عامين ونصف ويأتى من يحدثنا أنها قوات مسلحة غبشه!!!.

«2»

* لم تحسن قوى الحرية والتغيير ممثلة الثورة حُسن التصرف السياسى فى قيادة الإنتقال المعقد بالتكتيكات المناسبة والحنكة السياسية المطلوبة فقد إعتلى المهيجون للجماهير والنشطاء دون خبرة سياسية قيادة زمام الحكم فأثقلوا على الإنتقال بقضايا وحمولات زائدة وإنشغلوا بتكتيكات السلطة والسيطرة ، رغم إعلانهم عن قانون تفكيك النظام السابق والثورة المضادة، فقد فككوا منظموتهم الحاكمة بصراعات السلطة والنفوذ ودفعوا القوى المعادية للثورة للتوحد بإقصاء قوى إجتماعية كبيرة تفوق قدرة الإنتقال على السيطرة عليها وتحمل تداعيات تمردها ومعارضتها المرهقة  للبحث عن دور لهم فى الانتقال

لقد أغفلت الحرية والتغيير القاعدة الذهبية للإنتقالات الناجحة التوافق العريض والتنازلات البينية ، فالنظام الإنتقالى شرعيته تقوم على التراضى وإستقراره يقوم على التحالفات الهشة التى تحتاج إدارتها لخبرات سياسية لم تتوفر فى معظم وزراء الإنتقال والمتنفذين وسط التكتل الحاكم لهذا حدث ما حدث من تداعى يجب علينا أن نعيه ونواجه هذا القصور فى العملية السياسية القادمة لإكمال الإنتقال تحت قيادة مدنية كاملة مع إعادة الجيش وكل التشكيلات الحربية للثكنات لإنتظار الترتيبات الأمنية ال DDR .

«3»

* لقد قاد المخلوع عمر البشير حتى لحظة سقوطه دولة وطنية هشة، موجودة ولها قدرة نسبية على تقديم الخدمات Service Provider  بحدها الأدنى حفظت وجود المرتبات والأمن العام والتعليم والصحة بنسبة تشغيل تصل إلى 30% من الإحتياجات، *الآن الفريق البرهان فى المقابل فى ظل الحرب الراهنة يقود دولة فاشلة* بالكامل تحتوي كل مظاهر الدولة الفاشلة كما جاءت فى الكتاب وهى أقرب للإنهيار الشامل منها إلى التعافي، هذا الوضع الحرج لايحتمل مزيد من الأخطاء لإنقاذ وجود السودان كدولة ونظام،  ولايحتمل قِصار القامة عاطلى المواهب من هواة السياسة هذه مرحلة المحترفين وأصحاب الخبرات المجربة Proven Experience مع الإستقامة والنزاهة التى تضبط الطموحات فى السيطرة والنفوذ وتخضعها للمعادلة الوطنية للسودان وهو مهدد بأن يكون أو لا يكون، إنهيار الدولة فى السودان خطر ماحق ليست بشعب السودان فقط بل مهدد إقليمي فى منطقة تعانى من هشاشة وعدم إستقرار غير مسبوق تاريخياً، لذلك دول الإقليم والعالم والمنظمات القارية والدولية تراقب مشفقة على أمنها القومى ومصالحها في الاستقرار وهى تشاهد السودان ينحدر بسرعة الصاروخ نحو  هاوية بلا أسفل منظور، على القوى السياسية السودانية إدراك حساسية الظرف والنهوض لمستوى المسئولية والتصرف كالكبار رجال ونساء دولة بلا تهريج ومكايدات صغيرة وأحلام طائشة من كل أطراف العملية السياسية وقيادات المجتمع والقوى المدنية والنساء والشباب.

«4»

* القوات المسلحة نتيجة للشمولية الطويلة تحولت إلى حزب سياسى للحكم ونقابة مهنية مشغولة بإمتيازاتها، خاصة بعد أن ترك كبار الضباط العمل العسكرى من تدريب وجودة تسليح ومتابعة شئون منسوبيهم من ضباط الصف والجنود حتى صارت مهنة الجندى طاردة وغير مرغوبة مما أفقد القوات المسلحة المشاة، وأصبحت تعتمد على المليشيات فى واجباتها القتالية من كتائب ظل ودفاع شعبى وحرس حدود ودعم سريع، وإنشغل كبار الضباط العظام بقيادة مجالس الإدارات للشركات التجارية فى مجال الزراعة واللحوم والذهب حتى نافسوا القطاع الخاص وأرهقوا الخزينة العامة بالإعفاءات وعدم الإلتزام الضريبى دغمسة الحسابات التى لا تخضع للمالية والمراجع القومي، لقد قام الفريق البرهان تحت ضغط النقابة التى يقودها وإستجابة لرغبات عدد من المدنيين وبالتحالف مع صديقه قائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتى  إبن القوات المسلحة المدلل قام بانقلاب 25 اكتوبر 2021م هذا الإنقلاب ضد الإنتقال المدنى الديمقراطى الذى وضع الأساس للحرب الراهنة السلطة الشمولية المطلقة كما يقول أشقائنا المصريين (*زى الفريك لا تقبل الشريك*)، إنتهت لمواجهة مسلحة فى العاصمة بين قيادات الإنقلاب أبو راسين  على وزن أبوجيبين لناس كرة القدم مع الإعتذار للرجل الباهى الذى جاء عرضاً لتقريب الصورة وتوضيح المهزلة التى تعيشها البلاد  أنا منتمى لشعب المريخ النادى بالمناسبة وما بكره الهلال لولاه لما ظهرت مهارة المريخ بضدها تتبين الأشياء.

«5»

* السؤال المنطقى الذى يحتاج لإجابة منطقية أيضاً *لماذا فشل إنقلاب 25 اكتوبر 2021م فى تشكيل حكومة على مدى عامين*؟؟؟ الإجابة للأسباب التالية- مقاومة قطاعات واسعة من الشعب السودانى للإنقلاب قبل إذاعة بيانه الأول، واستمرار المقاومة بالمظاهرات والإضرابات طوال سنوات الإنقلاب المنصرمة، عدم إعتراف الإتحاد الأفريقى والأمم المتحدة والإتحاد الأوربى ودول الجوار الإقليمى والعالمى بالإنقلاب مما جعله معزول كالجمل الأجرب ، وعزل السودان عن كل مظان التعاون الدولى وأهدر فرص مليارية من إلغاء الديون وقروض ميسرة وإنفتاح على سوق المال الإقليمى والدولى وبرامج مساعدات لمواجهة مصاعب التكيف الهيكلى للإقتصاد وتأهيل للبنية التحتية خاصة الطرق والإتصالات والكهرباء والسكة حديد كانت هذه القطاعات أول ضحايا الإنقلاب  الغتيت المعادى لمصالح الشعب ، مما قاد إلى السير فى برامج الإصلاح الهيكلى كعملية فى القلب بلا مخدر وطبيب أخصائي ، زاد الإنقلاب معاناة الشعب السودانى وفشل فى إيجاد شرعية لتأسيس حكومة مدنية تكمل الإنتقال ، حتى جاءت الحرب التى زادت الأوضاع  ضغث على إبالة مثل حاطب ليل دكتور البونى يجمع مايقع تحت قبضته من جماعات الموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع حي  الله أستاذنا البونى حيثما يكون فى هذا الزمن الأغبر الذى يتصدى فيه الصغار للأمور الكبيرة

الصغار ليس بالعمر ولكن بالجهالة والحماقات المؤذية ، هل تغيرت الأوضاع للأفضل لتشكيل  حكومة مؤقتة للإنقلاب بإضافة شرعية الحرب!!  *لقد سقط البشير لأنه كان يقود دولة هشة والآن الفريق البرهان يقود دولة فاشلة Fial State* بكل المقاييس والمؤشرات العالمية  المتعارف عليها دولة سقطت فيها مؤسسات العدالة وأخفقت فى دفع مرتبات موظفيها ،وحفظ الأمن فى العاصمة القومية وأقاليم عديدة يقطنها 30 مليون من سكان البلاد  *حكومة مؤقتة أييه الجاية تقول عليها كما صدحت سيدة الغناء العربي أم كلثوم بتصرف*.

«6»

* *ما العمل يا سعادة الفريق البرهان*؟؟ كما تحتاج الحرب لشجاعة وقادة عظام يحتاج الإستقرار والسلام  كذلك فهو أصعب من الحرب لما فيه من تنازلات مؤلمة ومواجهة الخصوم على الطاولة عين لعين دون طيارة أو مدفعية أو صاروخ غير الإرادة والرغبة الصادقة فى السلام وإستعادة الأمان للأم المكلومة والطفل الذى ينتظر الحليب والمريض الذى ينتظر جرعة العلاج  لتوفير دماءنا وعرقنا للتعمير وبناء المستقبل الذى نستحق،  خريطة الطريق الصحيحة ياسعادة الفريق  لهذا المأزق الذى دخل فيه السودان تحت قيادتك دون مخاتلة او تردد هى كالتالي:-

*1- التوجه فوراً إلى منبر جدة بلا لجلجة ومناورات لإقرار وقف دائم للعدائيات مراقب دولياً بطريقة ترضيكم كطرفى حرب ، مع الإتفاق على ترتيبات أمنية بهدف واضح تشكيل جيش وطنى قومى ومهنى موحد ينفرد بالسلاح والسيطرة.

* 2- الإتفاق على آلية ذات كفاءة مهنية تضمن تدفق الإغاثات العاجلة من طعام ودواء ومعينات حياة لكل المحتاجين فى كل أنحاء البلاد خاصة فى مناطق الإعسار حد المجاعة فى كل من العاصمة الخرطوم والفاشر والجنينة ومدنى والأبيض وبقية أنحاء البلاد.

* 3- الإنفتاح بحسن نية Good Fiath على عملية سياسية شاملة ذات *مصداقية* يعنى ما كيرى فى إجتماعات مضروبة تحقق التوافق والتراضى الوطنى الممكن لتحقيق الإستقرار بتقديم كل أطراف العملية السياسية للتنازلات الضرورية للتوحد والإلتقاء .

* 4- تشكيل حكومة وطنية مدنية كمُخرج للعملية السياسية Out Come لمواجهة تداعيات الحرب المدمرة وإعادة الإعمار ذات قاعدة شعبية كافية وقبول إقليمي ودولى يعيد التعاون وإنعاش الإقتصاد الوطنى .

«7»

** ختامة

هذه هى خريطة الطريق الوطنية التي تضمن سلامة البلاد وتحقق مقاصدها فى الأمن والاستقرار والسلام الشامل والتحول الديمقراطى الكامل، وما عداه طريق الشيطان الذى يورد المهالك ويستهدف المطامع والأحلام البائرة على قارعة طرقات أحلام الشعوب المستباحة التى تنتظر الخلاص والفجر  الصادق ، أنى خيرتك فأختار إما هذه الخريطة، أو أبشر بمزيد من الإنحدار والتية ولبس الدرع كاملة لحرب أهلية شاملة لا تبقى ولا تذر، *ونغني جميعا كان لنا وطن ضيعه فريق أول يسمى عبدالفتاح البرهان* لم أذكر الفريق  حميدتى لانه يفترض ان يكون جزء من المكون العسكرى وأنت على قيادته وهو من رحم القوات المسلحة كما قلت لنا مراراً وتكراراً حتى تعلم كل الشطار منكم بالرهبة والترغيب، تعلمنا فى فن إدارة الأزمات الذى تقوم عليه معرفتى الأكاديمية *ما يكون متاح اليوم من فرصة وحلول غير مكتملة الجودة قد لا تجده على الطاولة غداً، أقرب مثال القضية الفلسطينية ما كان مطروح فى العام 1948م ورفضه أصحاب القضية سامحهم الله تحت شعارات القومية ورمى إسرائيل فى البحر، قبلوا فى أوسلوا ربعه وإحتفلوا به، غزة على أريحة ورام الله دولة غير قابلة للحياة ومازال الحبل على جرار التنازلات*،  منبر جدة أفضل الخيارات المتاحة أمامك، من يقول لك غير ذلك كذاب ومنافق صاحب غرض والتاريخ بيننا.

* نزار قباني بتصرف:

*إنى خيرتك فأختارى- بين الموت على صدر وطنك- أو على دفاتر أشعاري- لا توجد منطقة وسطى*

*بين الجنة والنارِ*.

#لاللحرب

#لازم_تقيف

15 سبتمبر 2023م

تاريخ الخبر: 2023-09-15 18:24:24
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

هذه أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق هدنة في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:25:18
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:24:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

هذه أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق هدنة في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:25:24
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية