يمثل توافر الأراضي المناسبة مصدر قلق عند مصممي مشاريع الطاقة الكهربائية بمختلف أنواعها ومصادرها، لأن مساحة الأرض وموقعها ومدى توافرها من ضروريات المشروع، بحيث إنه قد تؤخر مباشرة العمل في المشروع. وقد يتنامى القلق إزاء اختيار واستخدام الأراضي لإنتاج الطاقة لسببين: أحدهما حول ما إذا كانت الأراضي المتوافرة تكفي لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية، والآخر هو القلق حول المساحة التي يمكن أن تشغلها تلك المحطات على حساب المناظر الطبيعية والغطاءات النباتية والمقومات البيئية. إن إنتاج وتوليد الكهرباء لهي عملية تحويل أشكال مختلفة من الطاقة إلى الكهرباء، بحيث يمكن استخدامها لتزويد وتغذية المنازل والشركات والمصانع وجميع المرافق فيها. وهناك عدة طرق لتوليد الكهرباء، ولكل منها متطلباتها ومميزاتها ومساوئها من مساحة الأرض. لكن ثـمـة سؤال يتردد في الأوساط العلمية: ما مصدر الطاقة الذي يستخدم أكبر مساحة من الأراضي؟
إن واحد ميجاواط لكل ساعة شهريا يمثل معدلا أو متوسطا لاستهلاك المنزل أو البيت في الولايات المتحدة، بينما يقارب معدل المملكة للقطاع السكني 1.4 ميجاواط للساعة شهريا. ولو أردنا أخذ معدل استهلاك منطقة الباحة السكني، على سبيل المثال، الذي يقترب من واحد ميجاواط لكل ساعة شهريا للإجابة عن السؤال المذكور مسبقا، سنستطيع الإجابة عن التساؤل بغض النظر على الظروف البيئية والعوامل الفنية والاقتصادية والتشريعات القانونية. وسنطرح مساحة كل مصدر بالمتر المربع على واحد ميجاواط، وبالتالي نستطيع مقارنة بعض الأنواع الشائعة لتوليد الطاقة ومساحة الأرض التي تتطلبها عادة: إن محطات طاقة الرياح تتطلب 99 مترا مربعا لكل ميجاواط، والمقصود هنا هو محطات الرياح التي تقام على الأرض مباشرة، بينما تتطلب محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية ما مقداره 19 مترا مربعا لكل ميجاواط. وفي الجانب الآخر، نرى أن محطات الطاقة الأحفورية أفضل حالا من الطاقة المتجددة ما عدا محطات مع تقنية احتجاز الكربون وتخزينه الذي يتطلب 21 مترا مربعا لكل ميجاواط. ولو كانت المحطة تستخدم الغاز الطبيعي مع تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، فتتطلب أقل من 1.3 متر مربع لكل ميجاواط. ونأتي إلى مصدر الطاقة الذي يتطلب أقل مساحة أرض لكل ميجاواط، ألا وهي الطاقة النووية، فهي تتطلب 0.3 متر مربع فقط لكل ميجاواط. ما يعني أنه المصدر الأكثر كفاءة والأدني طلبا لاستخدام الأراضي، فكل وحدة من الكهرباء (ميجاواط) من الطاقة النووية تحتاج إلى مساحة أقل بـ70 مرة من الأرض مقارنة بالفحم، وأقل بـ63 مرة من الطاقة الشمسية الكهروضوئية الموجودة على الأرض. وسيتعاظم هذا الرقم إلى 330 مرة إذا قورنت حاجة محطات الطاقة النووية من المساحة مع محطات طاقة الرياح. وعليه، نستطيع استنتاج أن متطلبات الطاقة المتجددة من مساحة الأراضي بصورة عامة أعلى من مثيلتها من الطاقة الأحفورية ما عدا الفحم، لكن الطاقة النووية تعد الأجدى من كل مصادر الطاقة الكهربائية.
إن الدول ذات المساحات الصغيرة جنحت نحو أخذ هذه النقطة في الحسبان، بحيث تستغل مساحات سطوح المنازل والمتاجر في تثبيت ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية، إلى جانب استغلال البحار والمحيطات في استخدام توربينات طاقة الرياح البحرية، لكن التكلفة الرأسمالية والتشغيلية لهما أعلى من تلك التي تستخدم طاقة الرياح الأرضية أو محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية التي تثبت على الأرض. وفي الختام، تظل مساحة الأرض مجرد عامل يؤخذ به في الحسبان من أجل تخطيط منظومة الطاقة الكهربائية، وقد يكون مؤثرا في الدول ذات المساحات الصغيرة أو الجزر أو المقاطعات المكتظة بالأحياء السكنية والمراكز التجارية والمجمعات الصناعية.
*نقلا عن صحيفة "الاقتصادية".
